خبر..
تتناول الوسائل الإعلاميَّة الاسلامية بين الفترة والأخرى موضوع "الاختلاط بين الرّجال والنّساء وحدوده الشّرعيّة"، وخصوصاً لجهة اختلاط النّساء والرّجال في المجتمعات الغربيّة، وتحديداً الأجيال النّاشئة من المسلمين في بلاد المهجر...
وقد عقد في الفترة السَّابقة العديد من المؤتمرات الإسلاميَّة حول هذا الموضوع ، ومنها مؤتمر في أميركا الشمالية، تحت عنوان "نوازل النّاشئة خارج ديار الإسلام"، وخلُص إلى تعريف "الاختلاط" على أنّه تعبير مجمل، منه ما يحلّ ومنه ما يحرم، فإن قصد به مجرّد اجتماع الرّجال والنّساء في أماكن مفتوحة لأداء عملٍ مشتركٍ دينيّ دنيويّ، وروعيت الآداب الشّرعيّة من الحجاب وغضّ البصر ونحوه، فلا حرج فيه، ومن ذلك اجتماع الرّجل والمرأة لشهود العيدين، وحول المشاعر في الحجّ وفي مجالس العلم المفتوحة، سواء أكان ذلك في المسجد أم في غيره، وخروج النّساء لقضاء حوائجهنّ في مجامع النّاس، مع تأكيد أهميّة الفصل بين الجنسين في المؤسّسات التّعليميّة...
وأضافت توصيات أحد هذه المؤتمرات، أنّه لا يندرج فيما يسوّغ من المصالح والحاجات فرض الفتيات في المحافل العامّة كمقدّمات للبرامج، أو مستقبلات للضّيوف ونحوه، وفي المجلس من الشّباب من يستطيعون أن يؤدّوا هذه الأعمال بالمهنيّة والاقتدار نفسهما، ولا يندرج فيما يسوّغ من المصالح والحاجات، جمع العوائل والأسر على موائد مشتركة مختلطة بمناسبة القيام ببعض الأنشطة الاجتماعيّة، كجمع التبرّعات أو وليمة عرس ونحوه...
وتعليق..
إنّ الاختلاط في الإسلام له حدوده وضوابطه، كي لا تضيع الأمور وتسقط الضّوابط، فيؤثّر ذلك سلباً في السّلامة الفرديّة والجماعة، وتؤدّي إلى الوقوع في الأخطاء والمحرّمات، فيسقط المجتمع وينهزم معنويّاً وأخلاقيّاً. ومع ذلك، فالإسلام لا يضيّق على المرأة في شيء، بل يعمل على تحصين جوِّها، ويتيح لها ممارسة دورها الإنسانيّ والحضاري، بعيداً عن كلّ استغلالٍ مهما كان...
ويرى سماحة الفقيه المجدّد السيّد محمد حسين فضل الله(رض): أنّنا نفهم من الحدود الشّرعيّة الّتي تحكم علاقة الرّجل بالمرأة في التّشريع الإسلاميّ، أنّها لا تشجّع أيّة علاقات بين الرّجل والمرأة خارج نطاق البيت الزّوجيّ.
وهذا الفهم لا يعني أنّ الاختلاط شرّ كلّه، وأنّ اللّقاءات شرّ كلّها، غير أنّنا يمكن أن نعيش الحاجة إلى بعض الأجواء المشتركة في العمل الاجتماعيّ، أو العمل الإسلاميّ، أو العمل الثّقافيّ.. وهذه الأجواء لا بدَّ لنا من أن نحصّنها بكثيرٍ من القيود والشّروط الّتي تبعدها عن أن تكون أداةً للانحراف الأخلاقي...
من جهة ثانية، لم تكلّف المرأة شرعاً بألاّ تنظر إلى الرّجل، ولم يحرَّم عليها أن ينظر إليها الرّجل في دائرة ما هو حلال من النّظر بين الطّرفين، ولا سيّما إذا كانت هذه المسألة تعيش في دائرة ضروريّات الحياة العامّة، أو في ضرورات الدّافع السياسيّ والجهاديّ والثّقافيّ الّذي قد تحتاج المرأة المسلمة فيه أن تنطلق في دائرة حجابها الشّرعيّ، لتتحدّث مع الرّجال في ما يتعلَّق بالشّؤون الرّساليّة العامّة الّتي تفرض مشاركة المرأة في كثيرٍ من الحالات...
[تأمّلات إسلاميّة حول المرأة، ص:56-57].
وفي معرض جوابه عن سؤال حول الحدود الشّرعيّة لمسألة الاختلاط، يقول سماحته(رض): المرأة حرّة كالرّجل، ومسألة الاختلاط من حيث كونه عاملاً مساعداً على ارتكاب الخطأ أو الانحراف، لا يختصّ بالمرأة وحدها، بل يشمل المرأة والرّجل معاً، فكما لا يجوز للمرأة أن تختلط مع الرّجال بالنّحو المؤدّي إلى المعصية، مهما كانت صغيرة، فكذلك لا يجوز للرَّجل الاختلاط بالنّساء.. ومسألة الاختلاط لا بدّ من أن ترتكز إلى الجديّة الّتي تبعد الأجواء عن واقع المزاح والهزل وما أشبه ذلك... [مسائل فقهيّة، فكر وثقافة، عدد:542].
مؤسسة سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (ره)
التاريخ: 01 ربيع الأول 1433 هـ الموافق: 24/01/2012 م