غفا في عينِــكَ الأرقُ *** وطرفُكَ ســـاهدٌ قلق

تؤمّلُ وصلَ من تهــوى *** وطيفُكَ شـاردٌ فرق

خــلا من كـــلّ نيّرةٍ *** دُجُنٌّ حـــاردٌ حَنِــق

كأنَّ عيونَــهُ سُــمِلَت *** نجومٌ ليس تأتـــلق

فماءُ العــينِ ينبثــــق *** ونارُ الشـوقِ تحتــــرق

ونجوى الهمّ يخنقهـا *** حسـيسٌ بالشجى غَرِق

لمن تشكو وفي الأفـقِ *** خيول الهـــمّ تســتبق

أسرّح نــــاظراً فيهـــا *** بمن يستعجل السَّـبَق

فألفيهــــــــا سواسيــــةً *** بقلبٍ كلُّهُ حُـــــــرَق

******

يقول منادمي أسِفــاً *** ودمعُ العـينِ يتسـق

أراك مطلّقَ الدنيــــا؟ *** كأنّ نعيمَــها رَمَـق

شبابٌ أنت والأيـّـــامُ في عيــــن الفتى شـــفق

ولم يعلم كفــاه أسىً *** بأني والحشى مِــزَق

حريبٌ ما له وطــــنٌ *** ولا صحبٌ وقد شـنقوا

أطوف الأرضَ من بلــدٍ *** إلى بلــدٍ ولا أثـــق

بمن حولي وقد خُلِقوا *** ذئاباً وِرْدُهــا العَـلَق

قصارى رفدِهم جَــدَبٌ *** وأزكى مدحـهم مَلَق

وطبــــعٌ موحشٌ وقفٌ *** على أنفاسِهِ الحَمَـق

يكاد الوصـفُ يخنقني *** ويعصر قلبيَ الحَنَـق

رعى الرحمــنُ قافيةً *** بذاك الوصـف تختنق

تنفّس أيها الشـــفق *** فليلُ الجـور منطبق

وعيشٌ رَغْـــــدُهُ نكدٌ *** ووِرْدٌ صـــفوُهُ رَنَق

وشعبٌ يشتكي البلوى *** وطاغٍ جاهــلٌ نَزِق

سجينٌ أنت يا بلــدي *** قتيلٌ ما بـــه رَمَق