اللاتوازن في الشخصية الاسلامية العراقية
2/6
عمق النظر واحادية الطرح

اول نموذج عن اللاتوازن لهذه الشخصية ساتطرق اليه هو ما ساسميه
الطرح احادي الجانب وهو لاتوازن في طرح الرؤى اي طرح لرؤية ما من زاوية واحدة او اكثرلكنها لا تفي وهذا ما يؤدي الى خلل كبير في الصورة المرسومة وبالتالي يستتبع مواقف من الطرف المتلقي لا تحمد عقباها في احيان كثيرة ، رغم ان الرؤية عند الشخصية التي تطرح هذا الطرح رؤية جيدة - احيانا - ومن اكثر من زاوية يُستشف ذلك وببساطة من النقاشات الجانبية التي تدخل بها الشخصية ذاتها ولكن عندما يكون مقود الحوار ليس بيدها .
الشواهد على هذا عديدة ولكني ساختار نموذجين مهمين جدا من حيث تاثيرهما ، لعب الاول منهما دورا سلبيا كبيرا لمدة حوالي عشرة اعوام والثاني بدأ منذ اشهر ولايزال يلعب دوره التهديمي .
ولكني اشير قبل هذا الى مسالة مهمة وهي انقسام الخطاب الى خطاب تعبوي وفكري ، تقبل من الاول بعض وربما الكثير من الاحادية في الطرح على ان يتدارك ذلك بشكل ما ، بخطاب اخر او من خلال الخطاب الفكري الاكثر اتزانا وتوازنا .
الشاهد الاول في طرح الموقف من الهجرة الى البلدان الغربية ، فقد كان في الاعم الاغلب استحضارا لفتوى حرمة التعرب بعد الهجرة مرفقا باحيان كثيرة بشواهد لانحرافات مهاجرين سابقين بكذا وكذا ، هذا من جهة القائمين على الامر التوجيهي في الوسط الاسلامي ، كشخصيات علمائية او موجهين اسلامين حركيين ، وبكل تاكيد من اناس اخرين ارعبتهم الصورة المرسومة , وهذا الطرح كان ناظرا الى الموضوع من زاوية واحدة وهي القلق على المستقبل من حيث الالتزام الشكلي- والقلق فقط - وبشكل تعميمي مخل ومركزا عليه و متغافلا لنقاط مهمة كثيرة افقدته توازنه واستتبعت اخطارا جسيمة رغم انه بحد ذاته لاغبار عليه ، في حين ان الاعم الاغلب من الناس كان مع الهجرة الى البلدان الغربية غير عابيء بكل التحذيرات لانهم كانوا منطلقين من هم الخلاص من كابوس مرعب يعيشونه يوميا في بلدان الجوار كايران وسوريا والاردن ..،
ماذا كانت نتيجة هذا الطرح الاحادي الجانب....؟ مع ملاحظة ان مااناقشه هنا ليس من ناحية فقهية فهذا ليس محله ، انما النقاش منصب على البعد النفسي ، الاجتماعي ، السياسي لاحقا ...الخ
* ضرب جمهور الناس هذه التحذيرات بعرض الحائط وكانت الرغبة بشكل تصاعدي من حيث الاعداد الغفيرة او الحماس الى درجة التعرض الى المهالك كما في السفينة المتوجهة الى استراليا او على ثلوج جبال اوربا وروسيا وضياع مئات الوف الدولارات في جيوب النصّابين.
* تدني شديد لايمان جمهور الناس بالشخصيات التوجيهية انفة الذكر لاسيما بعد ان علم الناس ان الكثير من هؤلاء المانعين كانوا من السباقين الى منافي التعرب او لحقوا بهم في الشوط التالي.
* عشوائية الهجرة ثم الاضطراب الشديد في مستوى تلافي اخطارها بعد حدوثها كنتيجة طبيعية لهذه العشوائية وضعف الاستعداد ثم التخطيط لاحقا .
* لم تعط الهجرة الا قليلا مما كان يمكن لها ان تعطيه لاسباب كثيرة منها بعض ما ذكرت اعلاه.
* ردة فعل عنيفة تجاه البلدان الاسلامية التي مكث بها العراقيون يعانون من سوء الظروف ،وعند الانعتاق منها حملوا معهم ملأ القلب حقدا عليها وعلى نموذجها لاسيما الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى الكثير من المانعين من جنة الغرب الكافر.
وهنا جملة اسئلة تطرح نفسها دفعة واحدة...
هل استُشرف الموقف من هذا الخطاب قبل توجيه ....؟
هل استُشرفت الاثار المتربة عليه..........................؟
هل اعد لطرح خطاب مواز يتدارك اثاره الجانبية ويكمله؟
هل اعدت دراسة لتلافي اثار الموقف منه ...................؟
هل..........؟ وهل ........؟ وهل .......؟ وهل...............؟
كل الاجابات واحدة يجيب الواقع بدلا عني وعنك ............لا
باستثناء بعض الشخصيات وحديثي ليس تعميما بل عن ظاهرة او اشبه بالظاهرة لا تنفي وجود نماذج نجت منها .
الشاهد الثاني في طرح التصور لعراق ما بعد صدام من قبل الرافضين للحل الامريكي الذي يجري - وانا من الرافضين لهذا الحل جملة وتفصيلا - ولكن الحديث ليس عنه بل عن طرح التصور لعراق مابعد صدام .
تاتي سيل التوقعات كقطع الليل المظلم ، استبعاد كامل للمشروع الاسلامي ، خلق صراعات اسلامية اسلامية ، شيعية شيعية ، فئوية ، كرزاي جديد ، محاولة امركة الثقافة العراقية ، تطبيع مع اسرائيل ، تمييع المجتمع ، نهب الثروات ، ارتهان القرار السياسي للارادة الامريكية ، صعود الانتهازيين ، تلميع نماذج من رجالات الحكم الحالي ، كسر ارادة الشعب ، ايجاد ديمقراطية مزيفة ، معبر للسيطرة على المنطقة وخطوة متقدمة لتركيع سوريا وايران وانهاء القضية الفلسطينية.........الخ
كل هذه صحيحة او بالاصح ما يُراد لها ان تكون ، اما المتلقي لهذه الرؤى فشخص ينزف دما منهم من هاجر من العراق منذ ماينيف على عشرين عاما منهم منذ انتفاضة 1991 يصرخ للرجوع لاحضان البلد ورؤية الاهل والاحبة او لتكون اغفاءة جفنه الاخيرة في ارض الوطن وليتوسد ترابه للمرة الاخيرة والى قيام الساعة ، حُلُم عمره ان يرى عراقا بلا صدام .
ما هو رد فعل المتلقي تجاه هذا الطرح ؟ - وقد اصبح الطارح له يعرفه قبل البدء بطرحه - ولكنه يحتسب ماسيلاقي في جنب الله .
امتعاض شديد يصل الى حد التلاسن احيانا والاتهام بالتشائم والحزبية الضيقة ووووووو، الاتهام بتفضيل بقاء صدام ونظامه الاجرامي , الاحباط الشديد ، السوداوية.......الخ هذا الان اما الغد فالعاقبة ادهى وامر .
نعود الى الخطاب
هل كانت هذه كل الصورة ؟
هل هذا كل ما يمكن ان يطرح في هذه الظروف؟
هل يتحمل الواقع كل هذا التركيز على الصورة الضبابية والسوداوية ؟
هل هذا الخطاب من الممكن ان يساهم بخلق شخصية قادرة على مواجهة التوقعات المطروحة؟
وهل .... وهل .....وهل ....؟
اين الرؤى المستقبلية المنبثقة من تخطيط الخط الرافض لهذا الذي يراد بنا ..؟
اين الاستعداد ...؟
اين الخطاب القادر على خلق روح التخطيط والعمل لايجاد المشروع الذي ضحت من اجله مئات الالاف بدماءها بعرضها بمالها ... بكل شيء...؟ لم نره لحد الان ولازلنا نأمل.
انه الخطاب اللامتزن غير القادر على اعطاء كل جوانب الصورة وخاصة اهم جوانبها التي تستطيع ان تمنح القدره على العطاء.
والى لقاء قادم في نماذج اخرى

احمد الاسدي
[email protected]