العراق يودع ابناءه
ما هذا الابتلاء الذي حل بالعراق ففي كل يوم نجد مجموعة من العراقيين يشدون الرحال و يسافرون في ارض الله الواسعة و كل واحد منهم لديه اسبابه و التي هي بصراحة أسباب مقنعة ولا يمكننا انكارها او تجاهلها و على الخصوص عند فئة الشباب و الذين لم يروا يوم جميل في حياتهم فالنظام السابق ادخل البلاد و العباد في حربين طاحنتين و حصار طويل حرق الاخضر و اليابس و في مرحلة""العراق الجديد"" بات إنعدام الأمن و المليشيات الارهابية يطيح بأي بارقة أمل تظهر في الأفق و العراق يفرغ منه أهم شيء و هم شبابه و متعلميه و من يتابع مجرى الأحداث يجد أن هذه هي خطة مدروسة ففي بداية الحرب العراقية الإيرانية قام النظام السابق بمحاربة و طرد الكورد الفيليين بحجة أنهم ليسوا عراقيين و بأنهم ذو جذور و هوية إيرانية و ليس لهم دخل بالعراق لا من قريب ولا من بعيد و الكثير من أهلنا في بغداد و المحافظات الجنوبية يتذكر ما حدث للكورد الفيليين و كيف خرجوا من العراق و حرموا من اي مستند قانوني يثبت انهم عراقيون و بعدها حدثت هجمة شرسة بحق الكورد في كركوك أولا و بعدها ديالى و نينوى و قام النظام السابق بملاحقة الكورد و الاستيلاء على ممتلكاتهم و إجبار جزء كبير منهم على تغيير قوميتهم إلى القومية العربية و جعلهم ينتسبون للعشائر العربية المعروفة بتواجدها في هذه المحافظات مما اضطر الكورد في ذاك الوقت إلى الخروج من العراق مع بقاء عدد قليل منهم في إقليم كوردستان و هم متواجدين هناك حتى يومنا هذا و بعدها و خلال فترة قصيرة انتفضت عشائر الجنوب البطلة بوجه النظام السابق في الانتفاضة الشعبانية المباركة و لكن للأسف فشلت هذه الانتفاضة المباركة لأن المنتفضين كانوا اناس بسطاء عزل و النظام السابق لديه قوة عسكرية لا يستهان بها و بسبب هذه الانتفاضة حدثت مجازر بشعة و مخيفة و مقابر جماعية ارتكبها النظام السابق و بين فترة و أخرى يتم اكتشاف رفات هؤلاء الشهداء في مقابر جماعية هنا و هناك بالصدفة و في وقتنا الحاضر أصبح الخوف من العمليات الإرهابية التي تقوم بها المليشيات القذرة و القتل على الهوية سببا يذكره لك كل إنسان يريد السفر فرب الأسرة يخاف على أسرته من الخطف و القتل و الشاب يريد أن يعيش حياته بسلام بدل أن تحصد روحه سيارة مفخخة أو مجرم مسلح لأنه من هذه الطائفة أو تلك أو لأنه كردي القومية فمتى يعيش العراقي في وطنه بسلام و أمان من دون عنف و دمار و قتل ففي كل يوم يودع هذه الوطن ابناءه الذي يشتاق لهم و هم يشتاقون له
حسين علي غالب