سألتُ يوماً فقيراً أنْ يُحَدِّثني=عن فكرةٍ رَوحُها يَشفي من الحَزَنِ
فقال لي : ليس في داري وحقِّكَ من=كأسِ يليقُ بذاكَ الكوثَرِ العَدَني
فقلتُ في أي كأسٍ أنتَ مالِكُهُ=ضَعْها وكُنْ من أولي الألبابِ والفِطنِ
فالروحُ إن صَفِيَتْ يوما بجوهرِها=فلا يضيرُ بها شيئٌ مِنَ البَدَنِ
حَدِّثْ أخاكَ عن الحبِّ الذي اشْتهرَتْ=بهِ عباقِرُهُ من سالفِ الزّمنِ
وعن جمالٍ إلى علياهُ متّجِهٌ بُراقُ شوقِ تجلِّي أمرِهِ اللَّدُني
وعن منازلَ كانتْ قبلُ آهلةً=فأصبحتْ دارسَ الأطلالِ والدِّمَنِ
وكيفَ أصبحتِ الأسبابُ مُمْكِنةً=على وُجُوبِ فراقِ الأهلِ والوطنِ
وكيفَ نقرأ في أعماقنا ألَقاً=من الصفاءِ ونطوي صفحةَ المِحَنِ
ياكمْ وقفتُ على نفسي أُفَتِّشُ عن=نفسي فلم أَرَها فيها ولم تَرَني
وأشتكي زمناً مَرَّ الشبابُ بِهِ=مَرَّ الحنيفيّةِ السمحاءِ بالوَثَنِ
لَكَ المشيئةُ ياربَّ الوجودِ ويا=من أرتجي نصرَهُ بالسرِّ والعَلَنِ
وأستقي بدعائي فيضَ رحمتِهِ=أَمْراً من الغيبِ لا مِنَ المُزُنِ