هذه قصيدة جاءت رداً على أحد الشعراء الوهابيين
ولكن لضآلته وضلالته أثرت عدم ذكر اسمه الحقيقي فسمّيته حارث



يا حارثُ الشعرُ فيما بينَنا نَسَبُ ** قد قلتَ شعراً و لكنْ أمرُهُ عَجَبُ
و كلُّ حَرْفٍ فإمّا دَوْحَةٌ غُرِسَتْ ** وَسْطَ الجِّنانِ و إمّا في لَظى حَطَبُ
فكيفَ تنطِقُ بالإفْكِ الذي نَسَجَتْ ** خيوطَهُ أيدي مَن خانوا و مَن كَذِبوا
و أنت تعلمُ إســــرائيلَ غايتَها ** بعدَ العــــراقِ ستلقى حَتْفَهـــا حَلَبُ
قد أوقدوا النِّفْطَ ناراً في مَرابعِنا ** نِفْطَ الجّزيرةِ لا جادَتْهُمُ السُّحُبُ
فاللهُ يحكــــمُ فيما بيننا فغـــــداً ** يَلقى المُضِــــــلُّ سعيراً نارُهُ تَثِبُ
هذي الملوكُ كأحجـــارٍ مُسَنَّدَةٍ ** في صورةِ البَغْلِ لكنْ ما لها ذَنَبُ
فروجُهُــــمْ و بطونٌ من معاويةٍ ** و هُــمْ لكُــلِّ بلاءٍ ماحِـقِ نُصُبُ
باسمِ العروبةِ حُكّامُ تسيّرُهُمْ ** سياسةٌ ليس للإســلامِ تَنتسب؟
لم يحكُموا بكتابِ اللهِ تحكمُهُـمْ ** مَكائِدُ الغَـــرْبِ و التَّدْليسُ و الكَذِبُ
و الغَرْبُ ينعمُ في خَيراتِ أمَّتِنا ** و الناسُ تَسحقُها الوَيْلاتُ و النُّوَبُ
و الشَّعبُ يأكلُ جوعاً يستقي ظَمَأً ** و الهَمُّ يُثْقِلُهُ و الأَيْنُ و الشَّغَبُ
و في الخليجِ نعيمٌ مُسْكِرٌ سَرِفٌ ** و في العراقِ و مِصْرَ الأمْنُ مُسْتَلَبُ
و للبَغايا حقوقٌ خابَ جاحِدُها ** فالسِّجْنُ و القَتْلُ و الإذلالُ و الحَرَبُ
كأنَّ حكّامَنـــا للشَّــعبِ تطلُبُـهُ ** ثأراً فَعَـــــزَّ على إدراكِــــــهِ الطَّلَبُ
قد أمعَنوا الظُّلْمَ والترهيبَ لا رُحِموا ** ما حلَّ بالشّعبِ عند اللهِ نَحْتَسبُ
و أنتَ يا حارثٌ تبكي على حَلَبٍ؟ ** لِمْ لا تَثوبُ إلى تحريرِهـــا العَرَبُ
أما اكتفيتَ بما ذاقتْ قُرى حَلَبٍ ** مِن الدَّمارِ وقد حاقَتْ بها الكُرَبُ؟
فَصِرْتَ تستنهضُ الأعرابَ نُصْرَتَها ** كأنَّهُمْ ما وَفَوا للغَـدْرِ وانقلَبوا
مَنْ ذا أتى بِقُرودِ الغابِ يجمعُهُمْ ** إغراءُ مَوْزَةَ والأموالُ والسَّلَبُ؟
باسْمِ الجّهادِ تَنادَوْا ما لهُمْ شَرَفٌ ** و لا ضميرٌ و لا دينٌ و لا حَسَبُ
مِثْلَ الذّئابِ ولا ذِئْبٌ كَخِسَّتِهِــــــمْ ** أباهُمُ كانَ إبليسٌ إذا انتَسَـــبوا
شريعةُ الغابِ باسْمِ الدّينِ تحكُمُهُمْ ** فيها البَغاءُ جِهادٌ و الزِّنا حَسَبُ
و الذَّبْحُ عندهمُ والقَتْلُ مُفْتَرَضٌ ** مِثْلُ الصَّلاةِ كذاكَ الإثْمُ يُحْتَقَبُ
ولا يُراعونَ شَيْخاً لا ولا امرَأَةً ** ولا رضيعاً و ما في قَتْلِهِمْ عَتَبُ
حتى المقابرُ لم تأمَنْ جِنايتَهُمْ ** بزَعْمِهِمْ: رَبُّكَ الحِيطانُ والقُبَبُ
فَيَنبِشونَ قبوراً ضَمَّ مَضْجَعُها ** أسمى النفوسِ إذا ما ميزتِ الرُّتَبُ
يا قبرَ حِجْرٍ شهيداً مِثْلَ نازِلِهِ ** مِمّا لَقيتَ فباسْمِ الدّينِ يُرْتَكَبُ
مَعاشِرٌ سَفهاءٌ لا خَلاقَ لهمْ ** لها الدِّياثَــــةُ أمٌّ و الضَّــــــلالُ أبُ
إفعَلْ كما شِئْتَ إنَّ الذَّنْبَ مُغْتَفَرٌ ** بعدَ المَماتِ شهيداً سوفَ تُحْتَسَبُ
قومٌ تُمَرِّضُهُمْ صِهيونُ إنْ جُرِحوا ** و إنْ قَضَوا فإلى الجنَّاتِ مُنْقَلَبُ
مَهازِلٌ تُضحِكُ الثَّكْلى طَرائِفُها ** خَوارجٌ ما لهم أصْلٌ ولا نَسَبْ
و أنتَ يا حارثُ الباكي على حَلَبٍ ** تدعو إلى نَصْرِ قومٍ ذِكْرُهُمْ وَصَبُ
هذي فلسطينُ لم تنهضْ لِنُصْرَتِها ** و لا الخليجُ إلى تحريرهِ تَثِبُ
قِفْ بالخليجِ تَرَ الشّيطانَ في دَأَبٍ ** يَبني أساطيلَ يُغشي مَوْتُها السََّرِبُ
جاسوا خلِالَ دِيارِ المسلمينَ فَما ** رَفَّتْ عيونٌ لكمْ أو حُرِّكَ الذَّنَبُ
ما ذنبُ بَشّارِ لولا أنّـــــهُ بَطَــــلٌ ** منه الصَّهايــنُ و الأذنابُ تَرْتَعِبُ
في حَرْبِ تمّــــوز آيـــــاتٌ لِمُدَّكِـــرٍ ** والعُرْبُ نصرَ بني صُهيونَ تَرْتَقِبُ
حتى إذا حانَ نصرُ اللهِ وانكشفتْ ** سَوْءاتُ حُكّامُكُمْ واستعجَمَ السَّبَبُ
أعلنتمُ ضِــــدَّ حِـــزْبِ اللهِ ثورتَكُــمْ ** إنَّ اليهودَ بهـــذا الحِزْبِ قد نُكِبوا
بنو سعودٍ لقد ثارتْ حَفيظتُهُمْ ** فاستَنْفروا كُلَّ وَحْشِ الغابِ فانتَدَبوا
مِنْ كُلِّ أشعثَ ذي طِمْرَيْنِ ليس لَهُ ** دينٌ ولا خُلُقٌ و العِرْضُ مُسْتَلَبُ
جاءوا إلى حربِ سوريّا فما رَبِحوا ** و اللهُ أركسَهُمْ عَدْلاً بما كَسَبوا
ستندمونَ غداةَ الحــــقِّ يَمْحَقُكُمْ ** و إنَّ ربَّــــكَ بالمِرْصـــادِ فارتَقِبوا
و قلتَ يا حارثُ المَشؤومُ طالِعُهُ ** تَستنفِرُ العُرْبَ: أرجو العُذْرَ يا حَلَبُ
إنَّ المَجوسَ استباحَتْ طُهْرَ عِفَّتِها ** ما ذلك الصَّمْتُ ثوروا أيُّها العَرَبُ
يا حارثٌ إنَّما للجَّهْـــــلِ أوعيــــةٌ ** و أنت أوسعُها و الجَّهْــــلُ ما يَهِبُ
قلتَ: المَجوسُ؟ فماذا صانِعٌ عُمَرٌ ** يومَ الفتوحاتِ إنْ هذا هـــو الكَذِبُ
أ ما علِمْتَ بلادَ الفُرْسِ قد فُتِحَتْ ** عَهْدَ الصَّحابةِ حيث النّصرُ و الغَلَبُ؟
و الدينُ سادَ بتلكَ الأرضِ وانطفأتْ ** نارُ الضَّلالِ و عَمَّ الخَيرُ و النَّشَبُ
نُبـــــوءةٌ عن رسولِ اللهِ يذكرُها ** إنْ شاءَ حــــــارثُ لكنْ داؤهُ الكَلَبُ(1)
و الفرسُ عاشوا قروناً في تَسَنُّنِكُمْ ** منها أئمتُكُمْ و العِلْــــمُ والكُتُبُ
سُدْتُمْ بأعلامِهِمْ لولاهُمُ اندَرَسَتْ ** منكمْ مَعالِمُ فوقَ النَّجْمِ تَنتصِبُ
مَهْدُ الحضاراتِ لم تَبْخَلْ بِنائِلِها ** على الدَّنيِّ و مَن بالجَّهْلِ يَحْتَطِبُ
و الناسُ في دينِنـــا طُرّاً سَواسيةٌ ** و المُتَّقونَ لها التَّكْريمُ مُكْسَتَبُ
فلا تَقُلْ إنَّهُمْ فُرْسٌ مَجوسُ فقد ** كَفَّرْتَ قوماً بدينِ اللهِ قد رَغِبوا
و لا تُكَفِّـــرْ عِبـــــاداً يَنْطِقونَ بها ** شَهـــادَةً هي عند اللهِ تُكْتَتَبُ
و استبصَرَتْ بعدَ ألْفٍ فارسٌ فغدت ** شيعيةً و لأهلِ البيتِ تَنْتَسِبُ
صاروا مَجوساً؟ لُعِنْتُمْ مَعْشراً خَبُثَتْ ** منها الأُرومَةُ زَيْفٌ أنَّكُمْ عَرَبُ
إيرانُ مُسلمةٌ والَتْ أبا حَسَنٍ ** و أنتمُ لابنِ هندِ القاسِطِ الذَّنَبُ
شَتّانَ بين بَني الزّهراء فاطمَةٍ ** و بين مَنْ لِبَني سُفْيانَ قد نُسِبوا
سَيعلَمُ النّاصِبيُّ الوَغْدُ عاقبةَ الـ ** ظُلْمِ المُجَلّي وَشيكاً تُكْشَفُ الحُجُبُ
(1)- الكَلَب داء الجنون