يبث و منذ مدة قصيرة برنامج من على القناة العراقية تحت اسم ( الاعلام المغرض )،يحاول مقدموه نقاش اكاذيب هذا الاعلام من خلال اعادة بثها كشاهد على مصداقية البرنامج . وهذه غلطة شنيعة يجب ان تتوقف. فمقدم البرنامج يحاول تكذيب اكذوبة واحدة من خلال اعادة بثها كلها.وإذا كان لا بد من تكذيبها، فيجب أن يكون بطريقة ذكية بحيث يتم فضحها ونفيها، وفضح الجهات التي صنعتها وروجتها ولا بأس بأسلوب ساخر، وبدون إعادة إنتاجها وتقديم خدمات مجانية لنشرها.
أهداف الإعلام المغرض | عبد الصاحب الناصر
Propaganda
كتبتُ كثيرا عن اهداف الاعلام المغرض المضلل، و الموجه بفاعليته و تشويشه للحقائق، و عن الهدف الوحيد الذي يهم هذه الماكنة العظيمة، و يحدد نجاحها ام فشلها، لحد الآن هذا الاعلام يحقق نجاحاً باهراً و نحن الضحايا نهيء له هذا التوسع و الانتشار.
في البدء اود ان اشرح ثلاث مصطلحات مهمة من جوهر العملية الاعلامية Propaganda
الدعاية الموجهة ، وهي حملة اعلامية لها هدف واحد واضح المعالم ينشر و يترك الخبر ليتفاعل بين الناس البسطاء فيؤدي مفعوله و تنتهي مهمته.
الاعلام المتحايل publicity stunt
الاعلام المتحايل و هو البدعة الاعلامية التي خطط لها لتقلب الحقيقة و لتوصل للناس وجهة نظر ابعد ما تكون عن الحقيقة و مفعولها عادة محدد التوقيت .
الصحوة و نقيضها اوهام illusions, & disillusions
وهو خلق الاوهام بين الناس و تهتم بتشويه الحقائق و تبذيراو تسخيف اي صحوة انسانية لو نمت في مكان معين في تلك الايام كحاضنة للتشويش الاعلامي.
لابد من اعادة كتابة هذه الجملة حتى لو كررتها آلاف المرات .
ان الاعلام المتحايل وهي( البدعة الاعلامية) التي خطط لها لقلب الحقيقة و لتوصل للناس وجهة نظر ابعد ما تكون عن الحقيقة و مفعولها لا يهمه ما يحدث بعد نشر دعايته الموجهة (المغرضة). هدفه و مهمته نشرها فقط !
و يتوهم كثير من الناس الطيبين ان نقاشهم من خلال كتاباتهم للردود و الانتقاد انما يشرحون للناس الحقيقة. لكن هذه العملية بحد ذاتها هي اعادة نشر الاكذوبة وتدويرها وتوسيع قاعدتها من خلال نقاشها، و هذا ما يسعى له الاعلام المتحايل. فهو لا يدخل او يشارك او يبحث في نقاش اكذوبته و لا يرغب في اعطاء اجوبة للمنتقدين الا في حالة تكرار اكذوبته سعيا لتوسيع نشرها .هنا نحن من يخدم الاعلام المتحايل من عدم فهمنا لسياسته الاعلامية.
يبث و منذ مدة قصيرة برنامج من على القناة العراقية تحت اسم ( الاعلام المغرض )، يحاول مقدموه نقاش اكاذيب هذا الاعلام من خلال اعادة بثها كشاهد على مصداقية البرنامج . وهذه غلطة شنيعة يجب ان تتوقف. فمقدم البرنامج يحاول تكذيب اكذوبة واحدة من خلال اعادة بثها كلها.
بث الصورة و الصوت و سي جي المصاحب .فادخلنا البرنامج في خانة الاوهام publicity stunt من خلال المعلومة المتحايلة وساعدنا بإعادة نشرها بذريعة نفيه وتكذيبه.
لمن نوجه نحن اعلامنا بتكذيب المعلومة المتحايلة؟
نوجهها للعراقيين اولا، و للاخرين ثانيا و هذا هو عكس المطلوب . لان من نوجه لهم هذا البرنامج هم عراقيون متابعون لمحطات الدعايات المغرضة، و هل ينقصهم الفهم وهل هم بعيدون عن ما يدور في العراق من الارهاب؟ كلا .
لماذا اذن نذكرهم بهذه المحطات و نجلب انتباههم اليها لسماعها و متابعتها؟ هل نحن في خلاف عقائدي او سياسي او مبدئي مع الارهاب؟ هل نطمح لاصلاحهم. هل نتوخى تنبيه ضمائرهم؟ كلا.
اتمنى على الاخ محمد عبد الجبار ان ينتبه لهذا البرنامج و اعادة النظر في توجيه فاسفته ، والانتباه لاهدافه و من ثم ايقافه حالا.
مهمة النقاش و الحوار مع من له فهم يختلف عن فهمنا و وجهة نظر مختلفة لوجهة نضرنا مهما نكون بعدين عن بعضنا ، لان المشترك بيننا هي الوطنية و المصلحة العامة . فما هي المشتركات بيننا و بين الارهاب؟ لا توجد اية مشتركات. فلماذا إذنْ نجادلهم و نحاول اصلاحهم و هم من يرفض الاصلاح أساسا. قبل بدء الحرب على صدام سنة 2003 أُطلقتْ ثلاثة اكاذيب مدوية خطرة و مخيفة على شكل،
publicity stunt
الاولى، ان صدام اشترى 500 طن من الكيك الاصفر (يورانيوم) من نيجيريا.
الثانية، ان صدام اشترى 500 انبوب المنيوم للمفاعل الذري .
الثالثة، ( الخمسة و الاربعون دقيقة)، اي ان صواريخ صدام النووية تحتاج الى 45 دقيقة فقط لتصل الى اراضي الولايات المتحدة.
و قامت الحرب و لم يجدوا ما يسمى اسلحة الدمار الشامل (WMD) و ركز كل الاعلام الغربي و كل السياسيين الطامحين للمناصب و مرتزقة السايسة على شرح هذه الاخطار ( الاكاذيب ) و لم تتوانا اي محطة تلفزيون او وكالات الاخبار للتطوع بشرحها و تحليل اخطارها و تخويف الناس بممخاطرها و حجمها و ابعادها ، وكلف كل خبراء الدفاع و الحرب و استضافوهم للترسع في مخاطرها على بلاد الغرب .
تطوع و كتب السفير جو ولسن مقال نشرته النيويورك تايمس،(وهوالسفير الذي تفاوض مع صدام الاغبر لاطلاق سراح الرهائن الاطفال).
وكذب في مقاله شراء الكيك الاصفر من نيجيريا وهو من ارسلوه الى نيجيريا ليتحقق في الامر .
احرج الرجال الذين وضعوا هذه الاكاذيب بقيادة ( سكوتر ليفي، الصهيوني) مدير مكتب دك جيني نائب الرئيس،و هم من زرعوها في فم الرئيس بوش الابن. بعد هذه الفضيحة اتفقوا على ضرورة ان يغيروا الموضوع برمته و يحولوا مجرى النقاش. فنشروا مقال باسم مستعار ان جو ولسن السفير السابق في زمن كلنتن كتب مقاله عن حقد و ارتزاق مالي .و افاد المقال ان زوجته السيدة فاليري بليم ولسن، الموظفة (البسيطة !) في المخابرات الامريكية (سي أي إيه CIA)، هي من ارسلت زوجها ليستفاد من اجور هذه السفرة ماديا، اي انهم نشروا اسم زوجته و مهمتها الاستخباراتية و عملها في ال سي اي اي وهو مخالف للقوانين الامريكية. سميت هذه اللعبة باللعبة العادلة (fair game).
و لاختصار الوقت، نجح جو ولسن وزوجته باصرارهم على كشف الحقيقة و مقاضاة الذين زوروا الاكاذيب و هم في مكتب نائب الرئيس و حكم على سكوتر ليفي و اثنان من مساعديه. ما يهمني هنا هو تغير اللعبة بعد افتضاح الكذبة الاولى بكذبة اخرى و هكذا. فالإعلام المتحايل يبث الكذبة و تنتهي مهمته.
لقد وقعت الحرب و تم احتلال العراق و نسيت كل الاكاذيب و لتعمل آلاف الافلام لتكذبها، و ليكتب الآلاف مثل جو ولسن مقالاتهم لتكذيب السبب وراء الحرب على العراق. فما الفائدة بعد أن وقع الفاس بالراس ؟
هذا هو الاعلام المتحايل، لا يجب نقاشهم لكي لا نوسع اكاذيبهم من خلال اعادة بثها و توسيع نشرها. وإذا كان لا بد من تكذيبها، فيجب أن يكون بطريقة ذكية بحيث يتم فضحها ونفيها، وفضح الجهات التي صنعتها وروجتها ولا بأس بأسلوب ساخر، وبدون إعادة إنتاجها وتقديم خدمات مجانية لنشرها.
و هذا التوجه موجود حتى بيننا في الصحف الورقية و صحف الانترنت ، ونهرع نحن نتبرع لمناقشتهم و؛انهم مواطنون صالحون و لا يحملون اي غيض على شعب العراق ، كم كاتب او شخص كتب اكذوبة عن هذا السياسي او ذاك و نشرها و تبين فيما بعد عدم مصداقيتها فهل سمعتم او قرائتم منهم اعتراف او اعتذار او اعدة تكديب ؟ لقد زرعوا الاكذوبة و انتهت مهمتهم .
تبدأ نهاية حياتنا في ذلك اليوم الذي نصمت عن قول الحقائق المهمة . عن الدكتور مارتن لوثر كنج