[align=center]هل يسمح بنقد الخطاب العلمائي؟؟!

السيد عبدالله الغريفي

[/align]

في زحمة التحديات الروحية والأخلاقية، وفي زحمة التحديات الفكرية والثقافية، وفي زحمة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يكون الحديث عن (العلماء) وعن (دور العلماء) في التصدي (لقضايا الأمة المصيرية) حديثاً هاماً جداً، وضرورياً جداً... فالعلماء- وأعني علماء الدين- هم المفصل الأخطر في تكوين الأمة، وفي حركة الأمة، ولذلك فإن (خطاب العلماء) يشكل (الخطاب المفصلي) في كل قضايا الأمة الروحية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذا ما يعطي للخطاب العلمائي خطورته وفاعليته وإنتاجيته في تحديد الرؤى والتصورات والمواقف، على كل المستويات، وهذا ما يعطي للخطاب العلمائي مسئوليته الكبيرة.
ومن هنا كانت التحديات أمام هذا الخطاب كبيرة جداً وكانت المواجهات لهذا الخطاب كبيرة، وكانت الإثارات والإشكالات كبيرة، وإلا لماذا هذه الضجة المفتعلة ضد الخطاب العلمائي لأنه قال كلمته في- قضية من قضايا الأمة-.

والسؤال المطروح هنا هل أن (خطاب العلماء) في مستوى تحديات المرحلة؟

في البدء أود أن أحدد معنى (خطاب العلماء)..كلمة (الخطاب) تعني مجموعة أفكار (مكتوبة أو منطوقة) توجه إلى الناس، تحمل رؤى معينة، والخطاب قد يمثل شخصاً أو جماعة أو نظاماً أو حزباً أو مؤسسة أو جمعية أو منظمة، فيقال: خطاب فلان، خطاب العلماء، خطاب المثقفين، خطاب الأدباء، خطاب الحزب، خطاب الجمعية، خطاب الدولة...
فالخطاب العلمائي أو خطاب علماء الدين هو الخطاب الذي يعتمده العلماء في معالجة قضايا الإيمان والعقيدة، وقضايا الفكر والثقافة، وقضايا الأخلاق والسلوك وقضايا الحياة المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية..
هل أن خطاب علماء الدين هو نفسه خطاب الدين أم هما شيئان مختلفان؟
نحن نجد في أدبيات الفكر العلماني المعاصر هذا اللون من التعبيرات:
• نقد الفكر الديني/نقد الخطاب الديني.
• نقد الخطاب الإسلامي.
• نقد العقل الديني...إلخ
هؤلاء يتعمدون الخلط بين (خطاب الدين) و(خطاب الدينين)، وبين (خطاب الإسلام) و(خطاب الإسلاميين) بقصد إثارة الشكوك والإشكالات حول (الدين) نفسه، وحول (الإسلام) نفسه.. لا شك أن (خطاب الدينين وخطاب علماء الدين) هو محاولة جادة للتعبير والتجسيد لخطاب الدين، وأن (خطاب الإسلاميين وخطاب علماء الإسلام) هو محاولة جادة للتعبير والتجسيد لخطاب الإسلام...
إلا أنه يجب الانتباه إلى نقطة هامة جداً وهي:
إذا قلنا (خطاب الدين أو خطاب الإسلام) فنعني (النص الديني والنص الإسلامي) أي (القرآن الكريم والسنة المطهرة) ودخل في السنة - وفق رؤيتنا - ما صدر عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام..
وأما إذا قلنا (خطاب الدينين أو خطاب علماء الدين) أو إذا قلنا (خطاب الإسلاميين أو علماء الإسلام) فنعني (التفسير للنص) أو (الرؤية الاجتهادية في فهم النص) وقيمة هذا (التفسير) وهذه (الرؤية) بمقدار ما يقتربان من التعبير الصادق للنص، وفي ضوء هذا التعريف، يترشح لدينا مجموعة فوارق بين التعبيرين والصيغتين...
النص معصوم وأما تفسيرات النص فهي غير معصومة، إلا إذا كان التفسير صادراً عن المعصوم نفسه.
النص مقدس وأما تفسيرات النص فغير مقدسة، إلا أنها تحمل (احتراماً وقيمة) بمقدار تجسيدها وتعبيرها عن النص..

النص مرجعية تشريعية، إلا أنها تشكل (حجة شرعية، يجب اعتمادها متى توفرت على (شروط الحجية). وتؤكد هذه الفوارق لا تعني التقليل من قيمة (خطاب العلماء)، ما دام يمثل التعبير الصادق (لخطاب النص)، وما دام يعتمد الأدوات الشرعية الصحيحة في فهم خطاب النص، ولذلك فخطاب العلماء حجة شرعية على كل من لا يملك إمكانات الوصول إلى فهم خطاب النص.

* هل يسمح بنقد الخطاب العلمائي؟

من الطبيعي أنه يسمح بنقد الخطاب العلمائي بينما لا يسمح بنقد (خطاب النص )

* من هو المؤهل لممارسة هذا النقد لخطاب العلماء؟

كل من يتوفر على (كفاءات النقد) يسمح له بنقد الخطاب العلمائي.

* ما هي كفاءات نقد الخطاب العلمائي:

الكفاءة العلمية التخصصية إذا كان النقد يتناول (المستوى العلمي للخطاب) كما هو الشأن في كل التخصصات الأخرى.

الكفاءة الفكرية والثقافية إذا كان النقد يتناول (المستوى الفكري والثقافي للخطاب)

الكفاءة اللغوية والأدبية إذا كان النقد يتناول (المستوى اللغوي والأدبي للخطاب)

الكفاءة الفقهية الشرعية إذا كان النقد يتناول (المستوى الفقهي والشرعي)

الكفاءة السياسية إذا كان النقد يتناول (المستوى السياسي للخطاب)

الكفاءة الموضوعية إذا كان النقد يتناول (المستوى الموضوعي للخطاب)

وكفاءات أخرى.
.
ومن أهم شروط النقد:

أ‌- توفر الدوافع النظيفة.

ب‌- ممارسة الأساليب النظيفة.