تركيز متشددي "الدولة الإسلامية" منصب على قتل أبناء الطائفة الشيعية التي تمثل أغلبية في العراق ويعتبرونها فئة ضلت عن صحيح الدين. لكن خلال هجومهم الأخير بالشمال كانت الأقليتان اليزيدية والمسيحية هما المستهدفتين.

بغداد/ المسلة: سامو إلياس علي، لاجيء يعول تسعة أطفال لكنه يعجز عن التفكير فيما هو آت. فاستغاثات النساء والأطفال أثناء وأدهم بأيدي مقاتلي "الدولة الإسلامية" بشمال العراق لا تفارق أذنيه.
وعلي من الايزيديين الذين فر عشرات الآلاف منهم من سنجار وقرى أخرى آوتهم سنين طويلة أمام زحف "المتشددين" الذين يعتبرون أبناء الأقلية الإيزيدية من "عبدة الشيطان" وعليهم أن يعتنقوا الإسلام وإلا كان مصيرهم الموت. ويجلس اللاجئون بلا حول ولا قوة في مخيمات بالمنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق.
وقتل عناصر "داعش" المئات من ابناء الشيعة في مناطق الموصل وتلعفر وتم ترحيل الالاف منهم قسريا، في عملية تصفية عرقية وطائفية هي الاكثر مأساة في تاريخ المنطقة الحديث.
وبعد ما رأوه من مسلحي "الدولة الاسلامية" الذين لا يتورعون عن قطع الرؤوس وتنفيذ إعدامات جماعية.. يفضل أبناء الشيعة والطائفة الايزيدية الهجرو والابتعاد قدر المستطاع عن الاماكن التي تتواجد فيها "داعش" والتنظيمات الاسلامية المتطرفة.
وأتاحت الضربات الجوية الأمريكية على مواقع "الدولة الإسلامية" بعض الطمأنينة في قلوب النازحين، لكن ذلك ليس كافيا.
و منذ عشرة أيام.. طوق مقاتلو "الدولة الإسلامية" علي وأبناء قريته فجأة في جنح الليل. كانت لحاهم كثة وكانوا مسلحين بالبنادق الآلية وبعضهم كان ملثما.
وبدأ مقاتلو "الدولة الإسلامية" يحفرون خنادق.. سرعان ما تبين أنها مقابر جماعية.
وقال علي (46 عاما) الذي كان يملك محل بقالة "لم نفهم. ثم بدأوا يدفعون الناس في تلك الخنادق.. كانوا أحياء."
توقف برهة إذ لم يتمالك دموعه ثم قال "بعد فترة سمعنا أصداء أعيرة نارية. لا أستطيع أن أنسى ذلك المشهد. نساء وأطفال يصرخون طلبا للنجدة. لم يكن أمامنا إلا أن نركض حتى ننجو بأرواحنا. لم يكن هناك ما يمكننا أن نفعله لهم."
وبحسب متابعة "المسلة" وتطورات الاحداث، وتقرير لـ"رويترز" تمكن بعض الايزيديين من الفرار. وتواترت روايات عن مشاهد مماثلة في أجزاء أخرى بالشمال حيث يقتل الشيعة على الهوية من قبل افراد "داعش" والتنظيمات الموالية له.
وتحدث مسؤولون عراقيون عن قيام متشددين بقتل 80 يزيديا على الأقل في قرية كوجو لأنهم رفضوا اعتناق الإسلام. وخطفت نساء وأطفال.
وكان يبدو أن تركيز متشددي "الدولة الإسلامية" منصب على قتل أبناء الطائفة الشيعية التي تمثل أغلبية في العراق ويعتبرونها فئة ضلت عن صحيح الدين. لكن خلال هجوم "الدولة الإسلامية" الأخير بالشمال كانت الأقليتان اليزيدية والمسيحية هما المستهدفتان.
والايزيديون هم أتباع ديانة قديمة منحدرة من الزرادشتية وقد انتشروا في شمال العراق وهم يشكلون جزءا من الأقلية الكردية بالبلاد.
وكانت أغلب قراهم قد دمرتها قوات صدام حسين. وبعضهم اقتاده ضباط مخابرات صدام.
والآن يتملكهم شعور بأنه لا حول لهم ولا قوة مرة أخرى. فأقرانهم الأكراد هجروهم.
وقال داود حسن (26 عاما) الذي يعمل في اصلاح السيارات "ألقوا بالنساء والأطفال تحت الأرض. كانوا أحياء. ما زلت أسمع صراخهم. كانوا يحاولون رفع رؤوسهم حتى يتنفسوا".
وأضاف "كانت لدينا بيوت ومتاجر. أحرقوا كل ممتلكاتنا. لم يعد لدينا شيء".
لكن مطامح "الدولة الإسلامية" تزداد يوما بعد يوم، فقد سيطرت بالفعل على معظم أنحاء الشمال وعلى موارد منها حقول نفط مما سيساعدها على تمويل الخلافة التي أعلنتها.
قال حسن وهو يقف إلى جوار خيام مؤقتة كانت نساء يبكين داخلها "ربطوا يدي امرأة في مؤخرة سيارة ورجليها في سيارة أخرى ومزقوها جزءين".