بغداد/المسلة: استنهضت مقاطع فيديو جديدة، وتظاهرات لعائلات الضحايا من
الطلاب في قاعدة سبايكر، في الايام القليلة الماضية، الالام والآمال بين العراقيين
الذين يرون ان هذه الملف بدى وكانه طوي في ملف النسيان، ولم يُصرّح عن تفاصيله الا
في الآونة الاخيرة، وعلى استحياء، بعد ضغوط من اهالي المغدورين المطالبين بالكشف عن
تفاصيل واحدة من ابشع جرائم "الابادة الجماعية" التي شهدها العراق بعد 2003.
ويكشف مقطع "الفيديو"، لأحد الناجين من المذبحة أن عناصر من تنظيم
"الدولة الاسلامية" المعروف بـ"داعش" وافراد من العشائر المنتمين اليه، أو
المتعاطفين مع الارهاب، نفذوا العملية بدم بارد.
ولم يعد هناك مفر من القول ان "الجريمة" ارتكبت بدوافع طائفية، ما
يتوجّب السعي الحثيث، محليا واقليميا ودوليا، لتصنيفها كواحدة من "الجرائم ضدّ
الإنسانية".
وفي هذا الصدد يطالب عراقيون، بإنشاء محاكم مختصة، على غرار المحاكم
التي أقيمت في يوغسلافيا وروندا.
ان المثير في قضية مذبحة "سبايكر"، ان تنظيم "داعش" الارهابي يتبجح
بإقدامه على اعدام نحو 1700 طالباً في كلية القوة الجوية في العراق، ويعدها
"انتصارا" له وقصاصا من "المرتدين" و"الخارجين على الدين"، على ضوء مفاهيمه، فيما
اعتبرت اوساط عربية وعالمية، المذبحة، "جريمة كبرى تضاف الى ما اقترفه هذه التنظيم
الارهابي عبر سنوات في العراق وسوريا ومناطق أخرى."
واعلن التنظيم الارهابي عن المذبحة من خلال حسابه في "تويتر" في ليلة
عيد الفطر الفائت، وارفقها بعدد من الصور التي تصوّر رجالاً مسلحين يطلقون نيران
اسلحتهم على شباب عزّل تمددوا على مسار واحد في منطقة زراعية.
حفلات
الاعدام
وتعدّ حفلات الاعدام الجماعية، والتمثيل بالجثث وقطع الرؤوس احد
الأساليب التي يعتمدها تنظيم القاعدة، لغرض زرع الخوف والرعب في قلوب الخصوم وسكان
المناطق التي يحتلها.
وجاء في حساب بإسم "ولاية صلاح الدين" على موقع "تويتر" أنه تمت تصفية
1700 عنصر "شيعي" في الجيش من أصل 2500، أما الباقي فقد تم العفو عنهم بناءً على
أوامر زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي بالعفو عن مرتدي أهل السنة"، لكن الحساب لم
يحدّد تاريخ الواقعة.
واظهرت صورة اخرى احد المسلحين وهو يوجه سلاحه الى رؤوس الطلاب، فيما
التراب والدخان يتطاير فوق الاجساد.
وبحسب التنظيم فان الاعدام نُفّذ في قاعدة "سبايكر" شمال تكريت (175 كم
شمال غرب بغداد) بعدما عُزل الطلاب "السنة"، واطلق سراحهم، في مسعى من التنظيم الى
اثارة الفتنة الطائفية في البلاد.
وعلى رغم ان مصدرا في شرطة صلاح الدين، اكد بعيد حصول المذبحة، ان طلاب
القوة الجوية المحتجزين في القصور الرئاسية بتكريت لازالوا على قيد الحياة، مشيرا
الى ان ارهابيي "داعش" يحاولون مبادلتهم بإطلاق سراح عدد من الارهابيين المعتقلين،
الا ان اظهار صور القتل في حساب "داعش" الرقمي، يدل على دموية هذه التنظيم وسعيه
الى ارتكاب اكبر المجازر بحق الابرياء.
ويقدّر عدد مقاتلي "داعش" في العراق بين خمسة وستة آلاف، بحسب الارقام
المتداولة في وسائل الاعلام، كلهم يحملون افكاراً تكفيرية وطائفية، وغارقة في جرائم
القتل، وتبني التعصب المذهبي والسياسي والارهابي.
ولا يفرّق التنظيم الارهابي في القتل بين الطوائف والمذاهب، ففي حين
يبّرر قتل "الشيعة" باعتبارهم "كفاراً"، يعتبر قتل "السنة" امر جائز اذا ما ثبت
انهم "مرتدون".
واعتبر المواطن أمير الربيعي ان هذه الجريمة، "حلقة في قائمة الحروب
العبثية والمقابر الجماعية والغازات الكيماوية والسيارات المفخخة والانتحاريين ضد
الشعب العراقي".
افناء الانسان
ولا تقتصر ردود الافعال تجاه المذبحة على العراقيين، فقد اعتبر الناشط
المدني الكويتي عمار العلي، ان "داعش تسعى الى افناء الانسان مهما كان، سنة، شيعة،
حضر، بدو، شباب، طلابا وموظفين"، داعيا الجميع الى "التصدي لهذا التنظيم
الارهابي".
فيما يفضح الاكاديمي العراقي نعيم الزبيدي، سياسة "داعش" التكفيرية
الحاقدة، "فبينما طلاب المناطق الغربية يدرسون في الوسط والجنوب ولا يتعرّض لهم
احد، يُذبح ويُسحل (عبد الزهرة) في نينوى".
وفي الاحاديث اليومية، غالبا ما يستخدم العراقيون كنية "عبد الزهرة " في
اشارة الى افراد "الطائفة الشيعية".
وكان الاسبوع الاول من شهر يونيو، 2014 شهد تحرير الآلاف من طلاب جامعة
الأنبار في الرمادي من العشرات من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام
(داعش) الذين اقتحموا الجامعة بعد تفجير مركز أمن جامعة الأنبار والجسر الرابط
بينها وبين مدينة الرمادي قبل اقتحام مبناها من جهة الأقسام الداخلية.
وبحسب مصادر متابعة لفعاليات "داعش" في الفلوجة والموصل، فان "اشد افراد
هذا التنظيم شراسة وتكفيرا وحبا للقتل واسالة الدماء هم الدواعش السعوديون الذي
يسعون الى زيادة اعدادهم الى جانب افراد من جنسيات مختلقة".
قصة النجاة من
المذبحة
وفي حصيلة متابعة "المسلة" للمذبحة، ان شقيق "أمية الجبارة" يروي قصة
أحد الناجين القلائل من "مذبحة سبايكر"
واسمه علي حسين كاظم، والذي واجه مصير الاعدام على يد تنظيم "داعش" في مدينة تكريت
شمال غرب العاصمة العراقية، بغداد، وقد كان منزل الشيخ خميس الناجي الجبارة في
ناحية العلم ملاذه الآمن، بعد رحلة طويلة عانى فيها الكثير.
يقول علي "بعد تعرّض مدينة تكريت للهجوم، قررنا الخروج من القاعدة رغم
الرفض الذي جوبهنا به من قبل القيادات في الفرقة الذهبية، وبعد مغادرتنا، وقعنا
رهينة بأيدي افراد (داعش) الذين نقلونا الى منطقة القصور الرئاسية المطلة على نهر
دجلة والذي يفصل مدينة تكريت عن ناحية العلم".
وتابع القول "قاموا بتفريقنا الى مجاميع، بعدها بادروا بسحب اول عشرة
افراد من المجموعة الاولى تمهيداً لاعدامهم، وقد كنت من ضمن اولئك العشرة، حين
انطلق وابل الرصاص صوبي وصوب رفاقي".
وأكمل "لم تصبني رصاصاتهم، بل غمرتني بدلاً عنها دماء رفاقي".
وبإعدام الجميع توقفت حفلة الاعدام، وعن ذلك يقول علي "غادر القتلة
المكان فور تأكدهم من اتمام مهمتهم، لكنهم كانوا على مقربة من المكان حيث كان
مستحيلاً علي الحركة او الفرار ومغادرة المكان".
واكمل علي "بعد ليلتين من الحادث، وبعد ان تأكدت من مغادرتهم المكان
تماماً، بدأتُ بالزحف ليلاً نحو دجلة، ويداي مربوطتان خلف ظهري، كان همي الاول فك
وثاقي، حاولت الاستعانة ببعض الصخور او الحافات الحادة التي صادفتها اثناء توجهي
نحو الضفة، لكنني فشلت".
ومع شيوع انباء المذبحة، تحرّك الأهالي بعد أنباء تفيد بأن أبناءهم
محتجزون لدى بعض عشائر تكريت وكان في ظنهم أن بإمكانهم تسوية الأمر "عشائريا" لكن
الأيام والأسابيع مرتّ من دون بارقة أمل، وكانت الشرارة التي أججت الموقف حدّ
النزول إلى الشارع بتظاهرات ندّدت بالصمت ومطالبة بالكشف عن مصير الطلبة المدنيين"
هي عثور "الرعاة" على مقبرة جماعية تبعد عن "سبايكر" نحو 15 كم وتضمّ نحو 200 جثة
مجهولة الهوية مدفونة قرب سطح الأرض وعليها آثار أعيرة نارية، وهو ما عزّز الظنّ
بأنها تعود لطلبة القاعدة الجوية.
ان غالبية هؤلاء الطلاب من مناطق العراق الجنوبية الفقيرة التي يغلب
عليها الطابع العشائري، ولذلك لا عجب أن هدّد أهاليهم بمهاجمة سجن الناصرية المركزي
وتصفية الإرهابيين المحتجزين فيه، ما لم يتم الإفراج عن الأسرى من قبل عشائر صلاح
الدين والمجاميع المسلحة.
وكان أكثر من (80) نائباً وقّع على طلب تقدّموا به إلى رئاسة مجلس
النواب، لمعرفة ما الذي جرى في قاعدة سبايكر من مذابح لـ 1700 طالب أعزل.
وأطل مشعان الجبوري هذا الاسبوع من على "قناة الشعب"، كاشفا عن أسماء
الجناة في مذبحة سبايكر واغلبهم من اقارب الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ومن
عشيرة البو عجيل وإرهابيي "داعش".
ويقول الكاتب حسين باجي الغزي لـ"المسلة" ان "الجبوري عرض وقائع معززة
بالصور ولا اعتقد انه يغامر بالافتراء".
وتابع القول "الدور الان علينا، وعلى الحكومة وذوي الضحايا لملاحقتهم
والاقتصاص منهم".
الجناة
اسماء الجناة الذين ارتكبوا المذبحة بحسب
ما أورده مشعان الجبوري لوسائل الاعلام:
ناصر الامونة واسمه الكامل ناصر خالد عبد
بكر، و اسم والدته امونة ثامر
محمود خضير هزاع الطبيج العجيلي
ببيبش العجيلي
إبراهيم سبعاوي ابراهيم الحسن
صقر مزاحم عبدالله المحمود
زياد خلف حمادي العجيلي
عماد الهدلة
زيد البتو
علي مناف
علي زيدون البدري
زياد خلف حمادي العجيلي
خليبص العجيلي وولده عبد العزيز
فراس ابراهيم دحام حميد الناصري
قصي سفيان أسعد العزاوي
مخلص ذياب حمد العبيدي الملقب ابو
علي
معاذ علي سلمان ولقبه معد العذيره
معاوية ثاني ضامن الناصري
حاكم مصلح ذنون بطان الملقب حاكم
البخو
مشعل نزهان شاهين النمر
خالد نفوس علي
نجاح موسى عطر
قاعدة سبايكر
تقع قاعدة سبايكر بين مدينتي بيجي و تكريت وتحولت الى قاعدة للقوة
الجوية في صلاح الدين وتتمركز فيها قوات من الجيش العراقي لاسيما "سوات".
سميت القاعدة على اسم سبايكر (
Michael Scott Speicher ) هو اسم طيار في البحرية الأمريكية كان يقود
الـ F18 التي سقطت من ابان حرب "عاصفة
الصحراء" في ليلة 17/1/1991، حيث اقلع الطيار من على متن حاملة الطائرات الأمريكية
"ساراتوغا" في الخليج العربي واسقط غرب الانبار وظلت جثته مفقودة نحو اربع سنوات
الى ان عثر على اجزاء من بقايا جثمانه وارسلت الى اميركا لتحليل الـ DNA ليتم التعرف عليه.