- ما الذي حصل عليه العراق اليوم في مُؤتمَر باريس للسلام والأمن في العراق؟


الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم
مع هذه الدائرة المُوسَّعة والنوعيَّة على مُستوى وزراء الخارجيّة لهذا العدد من الشخصيات فمكسبٌ أن يسمعوا صوت العراق، ورسالة العراق، وما يحصل فيه، وفي الوقت نفسه هم أنفسهم أوصلوا إلينا رسائل مُتعدِّدة كانت رائعة، وهي شجب داعش، والوقوف معنا ضدَّ داعش، واعتباره خطراً ليس فقط على العراق إنما على كلِّ دول العالم حتى على بلدانهم، وأعلنوا عن استعدادهم للمُشارَكة، ودعم العراق من كلِّ النواحي، وحُدِّدت بمحاور مُتعدِّدة، فالجانب الميدانيّ العسكريّ هو الغطاء الجويّ، وإعادة بناء القوات المُسلّحة، والجانب الخدميّ والإنسانيّ وبناء المُدُن المُخرَّبة.




- البيان الختاميّ لهذا المُؤتمَر تضمَّن الحديث عن إنهاء وجود تنظيم داعش في العراق فقط، هل يكفي بالنسبة لكم، أعني عدم الحديث عن الجانب السوريّ.


الجعفريّ: أنا استمعت إليهم، فما كانوا يُجزِّئون ما يتواجَد في العراق، عمَّا يُمكِن أن يتواجَد في البلدان الأخرى؛ لكنَّ الأرض العراقيّة هي المُلتهـِبة، والشعب العراقيّ الآن هو المُنتهَك، ومن الطبيعيِّ أن يتوجَّه الخطاب إلى العراق، لكنهم شعروا أنَّ داعش لم تتواجد في العراق كأول بلد، وقد لا تكون آخِر بلد.


- هل سيكون تدخـُّل في الجانب الآخر؟


الجعفريّ: هناك ضوابط وقوانين يُراعونها، ولا يُريدون أن يدخوا بطريقة الانتهاك إنـَّما بطريقة المُساعَدة، نعم.. عندما تكون الحكومة العراقيّة بوعي يُمثـِّل الشعب تطلب مُساعَدتهم، فهم -بالتأكيد- سيدخلون.




- هل تطلبون كعراق هذا الأمر؟


الجعفريّ: ليس لنا أن نتحكَّم في أراضي الآخرين، فلها سيادة، وحكومة، ومن غير الصحيح أن نطلب بدلاً عنهم، لكنَّ السياق الميدانيَّ هو سدُّ المنافذ، ومنع تسرُّبهم من أيِّ بلد سواء كان سوريّة أم أيِّ بلد آخر هذا منطق طبيعيّ، فالتداخُل في الأراضي غير التدخـُّل في شؤون الدولة الأخرى.
فحين تدخل فرق ومجاميع من داعش في أحداث (درعا) كان هؤلاء يُمارِسون هذا العمل في سوريّة قلنا لهم: الذي يجري الآن في سورية يُشكِّل غداً، أو بعد غدٍ خطورة، فقد كانت عندما ترتفع وتيرة الأعمال الإرهابيّة في سوريّة كانت تـُلقي بظلالها على العراق إذ تصعد نسبة التفجيرات والمشاكل، وهذا مُترابـِط.




- أنتم تعتبرون الخطر مُشترَكاً، لكن هل هناك مُواجَهة مُشترَكة، أو تنسيق ميدانيّ مع الحكومة السوريّة؟


الجعفريّ: لم يكن أحد يتحدَّث باسم سورية.




- بالنسبة إلى العراق، لا لسورية؟


الجعفريّ: نحن كنا نتكلم باسم العراق، ويجب أن نردع داعش، ونردَّ غائلة الخطر الذي يأتينا، ونمتدّ معه إلى كلِّ مُدُن العراق، أمّا عن سوريّة فلم يكن لدينا حقُّ اتخاذ القرار نيابة عنهم.




- هل هناك تبادُل معلومات.. نـُشِرَ في بعض الصُحُف مُوخـَّراً معلومات أميركيّة استخباراتيّة رُبَّما تكون وصلت إلى الجانب السوريِّ من خلال الحكومة العراقيّة، أو الأجهزة الأمنيّة، أو غيرها.. هل هذا صحيح؟


الجعفريّ: لا أعلم بها، لكنَّ المعلومات تلعب دوراً كبيراً في مثل هذه الحرب؛ لأنَّه يُمكِن رصد حركة هؤلاء من أين ينطلقون، وإلى أين يتجهون، وما هي مُقوِّماتهم، ومصادرهم.




- هل العراق على استعداد للعب دور الوساطة غير المُباشِرة.


الجعفريّ: أنا أؤكِّد على ضرورة تبادُل المعلومات.




- حتى مع النظام السوريّ؟


الجعفريّ: ضرورة تبادُل المعلومات بين البلدان.




- من الخلافات التي ظهرت في المُؤتمَر هو مسألة إيران.. هل أسِفتم كحكومة عراقيّة لعدم حضور إيران هذا المُؤتمَر، وكيف ستـُحَلُّ هذه المسألة.


الجعفريّ: نعم، إلا أننا لم نقف موقفاً حادّاً، عبَّرنا عن رأينا بكلِّ حرية، واستنكرنا هذا الشيء، وقلنا: إنه ليس صحيحاً، وكان يجب أن تحضر إيران؛ لأنها دولة جوار، وساعدت، وساهمت في إرساء الأمن في العراق.


- كان هناك تصريح لافت اليوم للسيِّد مُقتدى الصدر يحذر من التعاطي مع الأميركيِّين، ويدعو إلى تحرُّكات شعبيّة ضدَّ هذا التعاون؟


الجعفريّ: وجه نظر مُحترَمة، لكن هناك سياق جويّ، ليس فيه عمليّة هتك لوجود شيء على الأرض، ولا تدخـُّل في شؤوننا. المحذور هو أن تصير إرادة على الأرض تتقاطع مع الإرادة الوطنيّة.
نحن نـُريد كشف مواقع، ورصد، وتصوير تحرُّكات داعش على الأرض؛ حتى نـُسهِّل على أبناء القوات المُسلـَّحة، ونـُقلـِّل من ضحايانا، وحتى نـُحقـِّق أهدافاً مُعيَّنة.
نحن نرفض أيَّ نوع من أنواع التواجُد الذي يُشكـِّل تدخـُّلاً في الشؤون الداخليّة للبلد، أو يتقاطع مع الإرادة الوطنيّة.




- لستم بحاجة إلى تدخـُّل، ووزير الخارجيّة الأميركيّ تحدَّث عن استعداد دول عربيّة لإرسال قوات بريّة، مَن هي هذه الدول؟


الجعفريّ: لم يطلب أحد، ولم يصدر هكذا طلب، نحن ركـَّزنا كثيراً على القوات الجويّة، وتأمين الغطاء الجويّ لحركة القوات المُسلـَّحة العراقيّة.


- هل القوات العسكريّة قادرة اليوم على مُواجَهة الخطر بغطاء جويّ فقط؟


الجعفريّ: بكلِّ تأكيد القوات المُسلَّحة، وقوات البيشمركة، والحرس الوطنيّ، وقوات الحشد الجماهيريّ، والوتيرة مُتصاعِدة في التعبئة، والتطوُّع.




- ألا تتخوَّفون من فوضى السلاح في هذا الإطار؟


الجعفريّ: نحن بصدد الإحكام بالتعبئة المُتنوِّعة العدد بأن تكون تحت غطاء القوات المُسلَّحة العراقيّة، والحرس الوطنيِّ العراقيِّ؛ حتى لا تحدث فوضى، ونحن نتحاشى هذه القضيّة، ونعمل على تلافيها.


- كيف تـُقيِّمون دور السعودية اليوم مُقارَنة بالمرحلة الماضية إذ كان هناك انتقادات مُتبادَلة، واتهامات بخاصة عندما كان السيِّد نوري المالكيّ رئيساً للوزراء، هل تغيَّرت السياسة اليوم؟


الجعفريّ: هناك فرصة لتغيير الموقف، وشرعنا فيها، وكان الموقف إيجابيّاً جدّاً سواء كان بلقائنا في جدّة، أم لقائنا اليوم.
التقينا أكثر من مرّة معالي الأخ وزير الخارجيّة سعود الفيصل، وتتمّة لحديثنا الذي حصل سنلتقي كذلك في نيويورك.
علينا أن لا نكتفي بأن نتوقـَّف عند قوة العلاقة أو ضعفها، إنما نتحرَّك لنصنع من العلاقة الضعيفة علاقة قويّة، وهي لا تكون بطريقة سحريّة إنما بجهود وبحُسن نوايا.
السعوديّة الآن عزمت، وقد أكّد لي مرة ثالثة ورابعة أنَّ قرارهم فتح سفارة في بغداد لا رجعة فيه.




- متى ستُفتَح السفارة العراقيّة في السعوديّة؟


الجعفريّ: ستـُفتـَح.


- هل هناك موعد لإرسال السفير؟


الجعفريّ: إرسال السفير يعتمد على تهيئة بناية السفارة.




- لكنَّ القرار السياسيَّ اتـُخِذ؟


الجعفريّ: القرار قطعيّ.




- فيما يتعلّق بتركيا التي تتردَّد حتى الآن في المُشارَكة في التحالف. كيف تـُقيِّمون هذا الأداء؟


الجعفريّ: تركيا شارَكت في الحضور في جدّة، واليوم كانت موجودة، وشارَك السفير.




- لكنها لم تـُوقـِّع البيان الختاميّ؟


الجعفريّ: يجب أن نـُقدِّر ظروفها، ولا يجوز تحميلها فوق ما تتحمَّل؛ لأنَّ لها ظروفها الاستثنائيّة التي تجعلها تتردَّد في الإفصاح عن ذلك.




- وهل هناك بوادر في هذا الإطار كزيارات مُتبادَلة، وتنسيق مُشترَك، ما الذي سيحصل؟


الجعفريّ: بكلِّ تأكيد صدرت إشارات لي لزيارة، وأكثر من دولة أعطت إشارات سواء على مُستوى استضافتنا أم زيارة العراق، وقد رحَّبنا بها.
بعد أن ينتهي تشكيل الحقائب الوزاريّة قد نـُباشِر بزيارات نتوقـَّع أن يشهد المسرح العراقيُّ مع دول المنطقة حركة مكوكيّة بيننا وبينهم بعد العيد.




- البعض يصف السيِّد إبراهيم الجعفريّ بأنـَّه عرَّاب الحكومة الحاليّة، لماذا هذا التأخير في تعيين حقيبتي الدفاع، والداخليّة؟


الجعفريّ: لست عرَّاباً لأحد، ولكن إن كان لي شرف أن ألعب دوراً أساسيّاً في الحالة الوطنيّة العراقيّة بغضِّ النظر عمَّن هو الحاكم، والوزير، ورئيس البرلمان.
يهمُّني كثيراً أن أدفع عجلة الحكم العراقيِّ نحو الأمام؛ لأني أعتقد أنَّ أبسط أنواع التعبير عن إخلاصي لشعبي ولبلدي هو أن أرسي قاعدة الحكم.
أمّا مواعيد إتمام تسليم حقيبتي الدفاع والداخليّة فأنا أظنُّ أنه خلال يومين، وأقصاها أربعة أيام ستجدها تشقُّ طريقها إلى النور.


- هل هناك أسماء معروفة؟


الجعفريّ: تتردَّد أسماء، لكنها إلى الآن لم تُحسَم بشكل نهائيٍّ.




- ما هو الجدول الزمنيُّ الذي تتوقعونه لهذا التدخـُّل، وكيف ترى الأمور، هل نتجه إلى مُواجَهة على ضوء هذه المحاور في المنطقة، مُواجَهة كبرى أم تسوية كبرى، كيف ترى المرحلة المُقبـِلة؟


الجعفريّ: هناك تحالف غربيّ - عربيّ، ولحدٍّ ما هناك مُعارَضة إيرانيّة لهذا التحالف.
المسألة في العراق ذات سجال عسكريّ ميدانيّ سنعمل على إيجاد أجواء أكثر إيجابيّة، أو أقلّ سلبيّة من الأجواء الحاليّة، وقد بذلنا جهداً في هذا الاتجاه، وسنـُواصِل بذل الجهد، ونتمنـّى أن لا يكون العراق محطة تقاطع، أو تشنـُّج بين الإرادات الدوليّة، والإقليميّة، إنـَّما يكون محطة التقاء.
تُوجَد فرص للعب دور لتخفيف هذه الأزمة.


- هل أنتم مُتفائِلون في هذا الإطار؟


الجعفريّ: يهمُّنا العراق بالدرجة الأساسيّة.


- هل سيكون لروسيا دور في التحالف؟


الجعفريّ: وزير الخارجيّة الروسيّ كان حاضراً.


- وكانت وجهة النظر الروسيّة أنه يجب أن يمرَّ كلُّ شيء عبر مجلس الأمن؟


الجعفريّ: هذه وجهة نظر؛ على كلِّ حال شارَك، ومثـَّل دولة روسيا، وتحدَّث، وشجب داعش، وأيَّد دعم العراق.
نختلف على الآليات، ونختلف على القنوات التي نـُوصِل بها هذا الدعم، ولكنَّ النتيجة أنَّ المكسب بأن تكون كلُّ هذه الدول مُتفِقة على دعم العراق، ومُحارَبة داعش.


لقاء الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيِّ مع قناة فرانس24 15/9/2014