ما هي الصلة بين سعر الدولار الأمريكي و اسعار البترول؟


لفهم طبيعة و أسباب العلاقة بين سعر العملات و بالأخص اسعار الدولار و اسعار النفط قد يفيد أولا تذكر الحقائق التالية:

البترول يتم تسعيره بالدولار. كل البترول في أي مكان في العالم الآن يسعر بالدولار و لكن بعض الدول تشترط أن تسلم العائدات باليورو. تسلم العائدات باليورو ليس معناه أبدا تسعير البترول باليورو، ولايوجد بترول في العالم الآن يتم تسعيره باليورو. معظم البلدان تسلم عائدات النفط بالدولار الأمريكي. شركات النفط العالمية تستثمر في بلدان متنوعة، و هذا يعني أن تكاليفها تكون بالدولار الأمريكي أو بعملات مختلفة في الوقت الذي يباع فيه بترولها في الأسواق العالمية بالدولار. أحد أسباب انخفاض سعر الدولار هو زيادة العجز في الميزان التجاري الأمريكي. بمعنى أن زيادة الفرق بين ما تصدره الولايات المتحدة وبين ما تستورده يسهم في خفض الدولار الأمريكي.

ما هو تأثير خفض سعر الدولار الأمريكي على المدى القصير؟

أثر خفض قيمة الدولار على البعد القصير يختلف عن أثر خفضه على المدى الطويل اختلافاً جذرياً، ولكن كلا منهما ينتج عنه ارتفاع سعر البترول. فانخفاض سعر صرف الدولار على المدى القريب يساعد على زيادة المضاربات في سوق البترول الآجلة، و يرفع الطلب على البترول الأمر الذي يرفع سعره و يضخم عجز ميزان المدفوعات الأمريكي، و ذلك يؤدي بدوره إلى خفض سعر العملة الأمريكية، وهكذا ....

و ترجع زيادة المضاربات في النفط في هذه الحالة إلى أسباب عديدة أهمها أن خفض سعر صرف الدولار يجعل أي سلعة مقيمة بالدولار الأمريكي أرخص، بمعنى أن مكسبها أعلى من غيرها. و منها كذلك أن خفض سعر الدولار الأمريكي يتبعه انخفاض في سعر الفائدة، مما يجعل الوسائل المرتبطة بأسعار الفائدة أقل جاذبية للمستثمرين. و هناك عوامل أخرى أدت في الفترة الأخيرة الى زيادة المضاربات في بورصات البترول منها أزمة الرهن العقاري التي جعلت المستثمرين و المضاربين يبتعدون عن الاستثمار في العقارات و قطاع المصارف الذي يمول للسوق العقاري.

ما هو تأثير انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية على المدى البعيد؟

بما أن البترول يتم تسعيره بالدولار، ، فإن خفض قيمة العملة الأمريكية يؤدي إلى خفض القدرة الإنتاجية و زيادة الطلب على النفط. انخفاض الإنتاج و زيادة الطلب يؤديان إلى ازدياد سعر البترول.
مثلا خفض سعر صرف العملة الأمريكية يخفض القيمة الشرائية لصادرات النفط، الأمر الذي يخفض الاستثمارات في مجال انلاستكشاف و التنقيب و الصيانة، و بالتالي خفض الطاقة الإنتاجية عما ستكون عليه لو كان سعر الدولار الأمريكي عاليا.

في الطلب: ينتج عن انخفاض الدولار الأمريكي زيادة الطلب على النفط في الدول التي ترتفع اسعار عملاتها مقابل الدولار لأن البترول يصير أرخص في هذه الحالة. فمثلا، إذا كان سعر صرف الدولار يعادل اليورو، وكان سعر النفط 100 دولار أمريكي ، فإن سعر النفط يساوي 100 يورو كذلك. فإذا انخفض سعر صرف الدولار وأصبح اليورو يعادل 2 دولار و ظل سعر البترول كما هو، فإن سعر النفط سيصير 50 يورو فقط. بالنسبة الأوروبيين قلت أسعار البترول بمقدار النصف بسبب خفض قيمة العملة الأمريكية.
أما ما حدث في أمريكا فإن انخفاض سعر الدولار الأمريكي أسهم ، اضافة الى عوامل أخرى، في زيادة الطلب على النفط. فقد نتج عن خفض الدولار الأمريكي ارتفاع تكاليف العطلات في أوروبا، او ذلك أجبر آلاف العائلات الأمريكية على قضاء الإجازات داخل أمريكا ، او ذلك أدى الى زيادة الطلب عليه.

الخلاصة فإنه يمكن القول إن السياسات الأمريكية المالية الداعمة دولار ضعيف أسهمت، ومازالت و ستظل في رفع سعر البترول. وإذا قرر أحد أن يلوم أمريكا على سياساتها فإن ذلك يعني بالضرورة أن ضعف الدولار هو صفة "قوة" وليس ضعف ! المصدر Exchange Rates