هذا هو بيان اليعقوبي بشأن الأحداث الجارية. وبغض النظر عن مدى إقتناعي بتحرك الأخ مقتدى وأتباعه، إلا أنني لمست أن خلافاً عميقاً بين الأخ مقتدى وأتباعه وخط اليعقوبي الذي يعتبر أحد فروع تيار السيد محمد صادق الصدر. بحيث وصل الأمر ببعض "الذين ملأوا قلب الأخ مقتدى قيحاً" من المقتدائيين أن يشتموا الشيخ اليعقوبي.

المشكلة أنني لم أوفق أن أجد خطاً واضحاً في صياغة بيان الشيخ اليعقوبي مما يشير إلى تأييد واضح لحركة الأخ مقتدى واتباعه من "جيش المهدي".السبب ربما يتحمل مسؤوليته مواقف الخط المقتدائي من أغلب أطياف الواقع الشيعي. كم كان جميلاً لو تحرك هذا التيار بعقلانية أكثر وكسب قلوب وعقول أطياف الواقع الشيعي العراقي، بدلاً من عواطف الواقع السني المتعصب.

نحتاج إلى بلورة إستراتيجية واضحة وموحدة وخطاب واضح موحد يوقع عليه هؤلاء الذين أصدروا بياناتهم نقول من خلالها ماذا نريد. ألا يمكن أن يصدر بيان واحد يوقع عله كل هؤلاء المراجعة والأشخاص يوحدون كلمتهم من خلاله، بعيداً عن عدم إعتراف الشاهنشاه حائري بالآخرين، أو عدم تفاهم قائد هذا التيار مع توجهات ذلك الحزب مثلاً أو أتباع هذا الخط مع مؤيدي ذاك الإتجاه؟؟ بدلاً من عشرات البيانات من عشرات المراجعة والشخصيات، كل يتحدث بلغة وخطاب مختلف عن الآخر. هل يستطيع اي أحد أن ينسق بين هؤلاء ويكتب بياناً يوقع عليه جميعهم.

بيان الشيخ اليعقوبي برايي لا يخلو من نقاط -أراها إيجابية- ينبغي التوقف عندها.

نص البيان

اصدر سماحة الشيخ العلامة محمد اليعقوبي البيان التالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ
الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ -البقرة:155-
﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ -البقرة:156-
﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ -البقرة:157-
لقد ابتلى شعبنا المؤمن الموالي لأهل البيت بألوان المصائب والمحن وتكالبت عليه قوى الشر والبغي والعدوان من الكفار والمنافقين والحاسدين وساعدهم في تنفيذ مآربهم الجهلة والمرتزقة والمتحجرون وفي جميع الأحوال يدفع هذا الشعب الممتحن الثمن الباهض الذي لم يذهب سدى لأنه يولّد وعياً وثورة ورسوخاً للإيمان في الدنيا والمقامات الرفيعة في الآخرة التي لا تُنال إلا بمثل هذه البلاءات ولا زالت الجرائم الفضيعة ترتكب في حق أهلنا ومقدساتنا في النجف وبغداد والكوت والعمارة والبصرة والناصرية وغيرها .
وكان آخرها ما جرى اليوم في مدينة الكوت الحبيبة حيث أودى القصف الجوي الأميركي بحياة (75) بريئاً وجرح حوالي (150) مما يندى له جبين الإنسانية ويضع عليها وصمة عار لا تنسيها الأيام .
لقد طالبنا باستمرار أن يسود منطق الحكمة والتعقل في معالجة الأمور وتحل المشاكل بالحوار البناء وأن يتخلى الجميع عن أنانيتهم وأغراضهم الشخصية وعنجهيتهم ولا يكون لهم إلا هدف واحد هو رضا الله تبارك وتعالى ورفع الظلم والحيف والحرمان عن هذا الشعب المضطهد المغلوب على أمره حتى تستعاد حقوقه ويعيش حياة حرة كريمة .
وقلنا إن لغة السلاح لا تنفع بل تضر وتولد مشاكل معقدة وتهدد كيان الأمة بالاضمحلال اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ولا يرضى أي مخلص غيور بهذه النتيجة.
ومن أجل ذلك بادرنا إلى تحريك المجلس السياسي الشيعي لاتخاذ كل الوسائل وسلوك كل القنوات الفعالة للضغط على أصحاب القرار حتى يوقفوا نزف الدم الحرام في البلد الحرام وليصونوا المقدسات ويعودوا إلى مائدة الحوار والتفاهم وهم ساعون في هذا الطريق بلا كلل أو ملل ومــا دعوتهم للتظاهرات اليوم الخميس 12/8/2004م إلا حلقة من هذه السلسلة من المساعي الحثيثة التي تستهدف إظهار الاستنكارالشعبي العارم لهذه الجرائم ولهذه الطرق الوحشية في معالجة الأمور ولا شــك إن استمرار مثل هذه الفعاليات الجماهيرية تؤدي إلى إقناع الأطراف المعنية بإلقاءالسلاح جانباً واحترام إرادة الشعب واللجوء إلى الحوار في حل المشاكل العالقة وقد حرمنا القـــتال بين المسلمين مهما كانت مبرراته , وإذا حصلت مشكلة لا بد من التعامل معها بالصبر وسعة الصدر وقوة التحمل حتى نتجاوزها ونحلها من دون خسائر أو تقليلها على الأقل أما أن يكون الحل الأول هو اللجوء إلى القتل والتدمير فهذا من أكبر المحرمات في الشريعة ويوجب الخلود في جهنم .
لقد نصحنا جميع الأطراف المعنية في وقت مبكر وقبل أن تتدهور الأمور إلى هذاالحد إلا أن إصلاح العملية السياسية وإجراءها بالشكل الذي يرضي جميع شرائح الشعب ويكفل مشاركتهم بصورة حرة ونزيهة في التعبير عن آرائهم هو الحل الجذريللمشكلة الأمنية بحيث لا يبقى مبرر لقوات الاحتلال بالبقاء ولكل من يقوم بأعمال إرهابية أو تمرد على النظام الاجتماعي .
ولابد أيضاً العمل الجدي بتحسين الأوضاع المعيشية للناس وإيجاد فرص العمــل للعاطلين وتمكين العناصر الكفوءة المخلصة النزيهة في إدارة البلاد .
هذا باختصار هو المنطق الحكيم في فهم المشكلة وكيفية علاجها ولا بد أولاً وقبل كل شيء من إيقاف نزف الدم وإلقاء السلاح وبدء الحوار الوطني المخلص لإنقاذ البلد والشعب من دوامة هذه الكوارث المهولة .
النجف
محمد اليعقوبي