أجرى التحقيق : فاطمة خشّاب درويش
fatima.k.darwish@
------------------------------------------------------------
لا شكَّ في أنَّ التربية اليوم أصبحت أصعب بفعل جملةٍ من المتغيّرات الّتي طالت مجتمعاتنا وبنيانها، وتخوض الأسر المسلمة اليوم معركة الحفاظ على القيم والمبادئ الإسلاميَّة، فضلاً عن الرّوابط والأواصر العائليّة التي تشكّل مجتمعةً عصب الحياة في حياتنا كمسلمين، فإذا كان هذا واقع الحال في المجتمعات العربيَّة والإسلاميّة، فماذا عن حال العائلات المسلمة في بلاد الغرب، والَّتي تعيش بدون أدنى شكّ نضالاً من نوعٍ آخر، نتيجة احتكاكها بشكلٍ مباشر مع المجتمعات الغربيَّة التي تختلف بنيتها وجوهرها عن تلك الإسلاميّة؟!
في هذا التّحقيق أعزّائي القرّاء، نسلّط الضّوء على واقع التّحدّيات التي يعيشها المسلمون في عددٍ من البلاد الأوروبيّة والغربيّة، لنرصد خلاصة تجارب معاشة للمسلمين في أكثر من بلد غربيّ عن قرب، ولا بدَّ من شكر كلّ الَّذين تعاونوا معنا وقدَّموا تجاربهم بصدقٍ وشفافيّة لمناقشتها والاستفادة منها.
صدام مع الأبناء
أولى التَّجارب من هولّندا الَّتي تعيش فيها مرسلة التَّجربة منذ زمن، وهي قد تزوَّجت وأنجبت ولدين في هذا البلد، ويبلغ عمر ابنها الأكبر 14 سنة، ومشكلتها تكمن في إقناعه بالتّعاليم الإسلاميّة، وتقول: "يطلب ابني مني دليلاً على أنَّ القرآن الكريم هو كلام الله، وقد حاولت أن أشرح له ذلك بشتّى الطّرق، إلا أنَّه متحرّر جدّاً في أفكاره التي كوَّنها من المجتمع الّذي نعيش فيه، وأواجه صعوبةً في إقناعه، حتى إنّه طلب أن يكون عنده صديقة، فعملت على توضيح المسألة له، بأنَّ الإسلام لا يجيز الصّداقات بين الجنسين، فكان ردّ فعله أن اعتبر أنَّ الإسلام يقيّد حركة الشّباب، ويمنعهم من فرصة اختبار الفتاة قبل الزّواج، حتى لا يكون الزّواج فاشلاً، كما حصل معي ومع والده".
الخطاب الدّينيّ المخيف
وهناك تجربة أخرى من كندا، حيث تعيش الأمّ مع ابنتيها (17 و18 سنة) منذ سنوات طويلة. تتحدَّث الوالدة بموضوعيَّة عن تجربتها الّتي أثمرت تفوّقاً ونجاحاً في الحفاظ على التّعاليم الإسلاميّة، من صلاة وصوم وأخلاق وصدق واجتهاد في المدارس، مشيرةً إلى أنَّ أولادها تربّوا على الصّراحة والمنطق، وعدم التّفرقة بين البشر، واحترام الأديان.
الّذين يعيشون في بلاد الاغتراب بحاجةٍ إلى رجال دين مثقَّفين علميّاً ودينيّاً، وبعيدين عن السياسة...
وتقول: "بذلت كلّ جهدي حتى تحافظ ابنتاي على الدّين الإسلامي، وكنت أحرص دائماً على أن يستمعا إلى أقوال المرجع السيّد محمد حسين فضل الله وخطبه، لأنّ الأولاد في هذه البلاد بحاجةٍ إلى الحجّة والمنطق في تفسير الأمور. بصراحة، نحن بحاجة إلى رجال دين مثقّفين علمياً ودينياً، وبعيدين عن السياسة. في الآونة الأخيرة، اختلطت الأمور ببعضها البعض، ولم تعد البنات قادرات على التّمييز ما بين السياسة والدّين، وعندما سافرت الصَّيف الماضي إلى لبنان، سمعت ابنتاي العديد من المواعظ الدينيّة التي تثير الخوف في النفوس، وقد ذهبت معهما لإحياء ليلة القدر في مسجد الإمامين الحسنين، وكان السيد علي فضل الله يحيي اللّيلة المباركة، وكانت فرحتي كبيرة عندما أعربتا عن راحتهما وفرحهما لسماع الكلام الواعي والمنفتح الّذي يشعر كلّ إنسانٍ برضا الله سبحانه وتعالى، فلا يكون ذلك الرّضا حكراً على أحد. للأسف، أحاول أن أصلح ما خرَّبه بعض المتديّنين، وأسعى جاهدةً للحفاظ على جوهر الدّين في حياة أسرتي ومع أولادي".
تجربة ناجحة من الدّنمارك
ومن الدّنمارك، حكاية أخرى تعيشها أسرة مسلمة منذ 19 سنة، مؤلَّفة من أولاد وبنات، خلاصتها أنَّ أساس التربية الصَّحيحة هو البيت، فهناك مسؤوليّة كبيرة تقع على الأب والأمّ لتهيئة أبنائهم وهدايتهم إلى الطّريق الصّحيح، وهناك تحدٍّ حقيقيّ يتمثَّل بكيفيّة جعل هؤلاء الأولاد حسينيّين، وأن يتعلّموا الدّروس والعبر من رسالة الحسين(ع).
تقول الأمّ: "بعد مرور هذه السّنوات، استطعنا بحمد لله أن نعلّمهم الكثير من تعاليم ديننا الحنيف، وقد التزموا الدّروس التي تقام في الحسينيّات لتنوّر عقولهم، رغم الضّغوط النفسيّة التي يتعرّضون لها من مجتمع غير مسلم، وضغوط أعداء الأمّة الإسلاميّة برمّتها".
وفي فرنسا.. جهود استثنائيَّة
وإلى مدينة مونبلييه جنوب فرنسا، حيث تعيش الحاجّة أم علي فقيه مع أولادها الثّلاثة (الولد الأكبر عمره 16 سنة، والثّاني 13 سنة، والفتاة 9 سنوات).
تعتبر أمّ علي أنَّ مشكلة المسلمين الأساسيَّة في فرنسا، تكمن في عدم وجود جمعيَّة إسلاميَّة تمكِّنهم من إحياء جميع المناسبات الدينيَّة، على الرّغم من حاجة الشّباب إلى التعرّف إلى الدّين الإسلامي الصّحيح، ليتمكّنوا من مواجهة حملات التّشويش على الإسلام الصَّحيح.
وتوضح: "أولادنا لديهم الكثير من التّساؤلات التي تحتاج إلى أجوبةٍ مقنعةٍ يفهمونها ومن ثمّ يشرحونها لغيرهم، عدا عن تعلّم اللّغة العربيّة، الّتي لا يكفي أن نعلّمها لهم في البيت. والمشاكل الّتي تواجهنا كأهلٍ هي حمل مضاعف علينا تجاه أولادنا، فنحن مطالبون بشرح السّلوك الإسلاميّ ومقارنته بالمجتمع الفرنسي، كما أنَّ ابنتي الّتي تبلغ من العمر الآن تسع سنوات مثلاً، لا يمكنها أن تتحجَّب، لأنَّ الحجاب ممنوع في المدارس... ولكنّه مسموح في الجامعة، مع وجود مضايقات تتعرَّض لها الفتاة المحجَّبة".
وتضيف: "نحن نبذل أقصى جهدنا لنربّي أولادنا على الطَّريقة الإسلاميَّة والدّينيَّة الصَّحيحة، ولذلك نسافر إلى لبنان كلّ صيفٍ لكي يعيشوا ما نقول لهم هنا في الغربة، وأيضاً نشجِّعهم على أن يلتقوا الأقارب، ويذهبوا إلى الصَّلاة في الجوامع والحسينيّات. والخلاصة هي أنَّ المجهود الّذي يقوم به الأهل في بلاد الاغتراب، وبخاصَّة الأهل الذين يتمسّكون بالمبادئ والأخلاق والانتماء والتربية والدّين الإسلامي الصّحيح، هو مجهود عظيم، لأنّنا نواجه مع أبنائنا مجتمعاً غير متديّن كليّاً، ولا يشجّع على الدين كلّه، وبخاصّة الدّين الإسلامي، وأيضاً، فإنَّ حياتهم الاجتماعيَّة لا ضوابط لها من حيث الحلال والحرام... وهذا أيضا صعب، ولكنَّنا نقوم بشرح الأمور بطريقةٍ مبسَّطة للشّباب المراهقين الَّذين يصادفون أوقاتاً حرجة مع رفاقهم في المدارس...".
مرحلة الطّفولة أساس لغرس القيم الإسلاميّة
تجربة غنيَّة تحكيها والدة عاشتها منذ 25 سنة في الدّنمارك، حيث رزقت بولد وبنت. ومن خلال تجربتها، تؤكّد أنّ السنوات السبع الأولى من حياة الطّفل هي الركيزة الأساسيّة في بناء شخصيّة مسلمة واعية واثقة ومتديّنة ومتمسِّكة بدينها وعقيدتها وحبِّها للإسلام عن قناعة، في الوقت الّذي يهمل الكثير من الأهل هذه الفترة الحسَّاسة والمهمَّة من عمر الطّفل.
وتقول: "لذلك، يجب التركيز أوَّلاً على الانتماء، من خلال تعلّم اللّغة العربيّة الصَّحيحة، لأنّ البعض، للأسف، يهمل اللّغة العربيّة، ويفتخر بأنَّ أولاده لا يتقنونها، والشّيء الآخر هو التردّد على التجمّعات الإسلاميّة، مع متابعة الأبناء، وتصحيح بعض المفاهيم الخطأ في سلوكيّات بعض المسلمين، كي لا تنفّرهم من الدّين".
وتضيف: "لا بدَّ من تعليم الأولاد، ومن سنٍّ مبكرة جدّاً، السّور القرآنيَّة القصيرة، مع شرحٍ بسيطٍ ومشوّقٍ لها، ومتابعة الطّفل باستمرار، وإعطائه المعلومة بشكلٍ بسيطٍ ومشوّق. والخلاصة، أنَّ الأساس إذا وضع على قواعد صحيحة، فكلّ شيءٍ بعد ذلك يكون صحيحاً".
مشكلة إقناع الأبناء بالغيبيّات بشكلٍ منطقيّ
تشرح أنفال الموسوي، وهي إعلاميَّة وطالبة ماجستير من أصل عراقيّ، ومقيمة في لندن، نشأتها في بلاد الغرب، حيث تزوَّجت وأنجبت ولداً (١٤ سنة)، وابنة (١١ سنة)، وعملت على تربية أولادها على الأسس الّتي نشأت عليها، وعلى التفكّر والعقل والوعي.
في بلاد الاغتراب، لا نجد منهجاً عقائديّاً مبسّطاً موجَّهاً إلى فئة المراهقين والشّباب...
وتقول: "أولادي من المتفوِّقين في دراستهم، وكذلك في اللّغة العربيَّة، ومن حفظة القرآن الكريم، لكن تواجهني مشكلة كثرة تفكيرهم، فابني يسألني عن العدل الإلهيّ، ويتساءل: إن كان الله عادلاً، فلماذا ولدت؟ فأنا لم أختر ولادتي بنفسي، فأين عدل الله؟ وإن أراد إنسان إنهاء حياته، فسيعاقبه الله.. فأين هي رحمته؟ ومن هذا النَّمط أيضاً، تواجهني مشكلة الفكر المادّيّ، وكيفيّة إقناع الأبناء بالغيبيّات بشكلٍ منطقيّ وسلس يتناسب مع عمرهم. وللأسف، لا نجد منهجاً عقائديّاً مبسّطاً موجّهاً إلى هذه الفئة العمريّة... وهناك مشاكل جمّة في المجتمع، وبخاصَّة مع المراهقين، في ظلّ وجود الأجهزة الذّكيّة والمدارس المختلطة والعلاقات بين الجنسين".
بعد استعراض هذه التَّجارب الغنيّة بواقعيَّتها وصدقها، كان لا بدَّ لنا من الاطّلاع على آراء النّاشطين في البلاد الغربيَّة، والَّذين يحملون همّ نشر الدّين الإسلامي بين الأجيال، والحفاظ على تعاليمه الأصيلة، فكانت لنا هذه المقابلة الخاصّة من أستراليا مع الأستاذة سوزان عون، وهي مدرّسة وشاعرة وناشطة اجتماعيَّة.
ـ تعيشين في أستراليا منذ زمن، متى بدأت هذه الرّحلة؟ وكيف تنظرين إلى طبيعة الحياة التي يعيشها المسلمون في بلاد الاغتراب بشكل غامض؟
ـ كانت هجرتي إلى أستراليا في نهاية العام 2008، ولم أتوقَّع وقتها أن أندمج في المجتمع، لأنَّ الحياة في أستراليا تختلف تماماً عن الحياة العربيّة، ولكنَّ نظام الدّولة الأسترالي الواعي والحكيم، الَّذي صُمِّم لاستيعاب المهاجرين ومدّ يد العون إليهم، جعل من أستراليا بلداً مميَّزاً ينعمُ أهله بالاستقرار والهدوء، عدا عن النّظام الراقي والسّياسة الإنسانيّة الّتي تُميّز أستراليا عن كلّ البلدان، إضافةً إلى العدالة الاجتماعيّة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، حيث لا يوجد أيّ تفرقةٍ طبقيّة ولا تمييز عنصريّ بين الأعراق أو الألوان أو الجنسيّات.
والمسلمون كغيرهم من المهاجرين، انخرطوا في الحياة، وكوَّنوا حياةً تليق بثقافة الدّين الإسلامي الحنيف، ما عدا فئة حاولت الانجرار إلى موجة العنف الّتي انتشرت في الآونة الأخيرة، ولكنّ الدّولة الأستراليّة الواعية كانت لهم بالمرصاد، وأستراليا بلد يسعى ليكوِّن مجتمعاً متعلّماً مثقَّفاً، لذا لا يوجد فيه فرق بين مسلم ومسيحي أو أي دين آخر، فالجميع هنا لديهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات ذاتها.
والحياة في أستراليا لها فضل كبير أيضاً في استمرار مسيرتي الكتابيّة، فالطبيعة الخلابة فتحت باب قريحتي على مصراعيها، لتستعر وتبدأ بالإفاضة من جديد، فأصدرتُ مجموعتين شعريّتين: "إليك الرحيل فاذكرني"، و"ليلى حتى الرّمق الأخير"، وأنا في صدد إصدار المجموعة الثّالثة بإذن الله.
ـ أودّ أن أسألكِ بدايةً عن عائلتكِ، وعن التّحدّيات الّتي لربّما عشتها وأنتِ متمسّكة بتعاليم الإسلام الأصيلة؟
ـ لا أنكر أنَّ الحياة في أستراليا تحتاج إلى وعي كبير، لحماية الأطفال وصونهم من الانجرار وراء أيّ خطرٍ اجتماعيّ حياتيّ تفرضه الحياة الغربيّة المتحرّرة. ويجب على الأهل البقاء على مسافة قريبة من الطّفل، لمد يدّ العون إليه إذا أحدق به الخطر.
لذا، كان عليَّ أن أكون شرطيّ السَّير لأسرتي، وأن أنظِّم لهم طريقة خوضهم الحياة العمليَّة والدراسيَّة والاجتماعيَّة، فبقيت معهم جنباً إلى جنب إلى أن اعتادوا خوض غمار الحياة بسهولة وسلاسة، بدون الشّعور بالخوف من مجتمعٍ جديدٍ وحياةٍ جديدة، وهذا يحتاج من المرء أن يكون ملمّاً باللّغة والقوانين.
ـ ماذا عن أبرز التّحدّيات الّتي يعيشها الأهل مع أولادهم في تلك البلاد؟ وإلى أيِّ مدى تؤثّر البيئة في هذه التربية؟
ـ أستراليا هي بلد الحريات الدينيَّة، ويمتلك فيها كلّ فرد الحريّة المطلقة بأن يعيش حياته الدينيّة كما يشاء، بشرط أن لا يتعارض ذلك مع نظام الدولة أو مع قوانينها. لذا، كنتُ دائماً المدرّسة الخاصّة لأولادي، أمدّهم بأيّ معلومة يحتاجونها، وذلك من خلال كوني مدرّسة لغة عربيّة وخرّيجة حوزة دينيّة.
أمّا أبرز التحدّيات، فهي اختلاف خليط الثقافات الموجودة في أستراليا عن الثّقافة العربيّة الإسلاميّة الموجودة في بلادنا، وهناك تعدّد اللّغات واختلاف العادات والتقاليد والأعراف، وهذه كلّها عوامل تفرض نفسها على كلّ مغترب، فيعانيها إلى أن يعتادها ويحفظها ويصبح ملمّاً بكلّ كبيرة وصغيرة، فيستطيع بعد ذلك أن يحفر طريق حياته كما يشاء.
ـ في رأيكِ، ما هي مقوّمات النَّجاح في تربية الأبناء في بلاد الاغتراب؟ وما هو التحدّي الأكبر؟
ـ مقوِّمات النجاح تختلف من شخصيَّة إلى أخرى، ومن أسرةٍ إلى أسرة، فلا يوجد هناك مقياس لذلك، فبعض الأسر ترى أنَّ عمل الطّفل في عمرٍ مبكر، أفضل من تعليمه، وهناك أسر ترى أنَّ العلم سلاح المرء الّذي لا يعرف كلّ من تسلَّح به الانهزام، وهناك أسر ترى في الدّين خلاص المرء، وحصانة للإنسان من الانجرار وراء مغريات الحياة المفسدة.
أمّا من وجهة نظري، فأنا أرى أنَّ العلم وسيلة لتحقيق أهداف كلّ فرد فينا، فبالعلم نخلق مجتمعاً مثقَّفاً يواكب التطوّر والنموّ الاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ والمدنيّ والسياسيّ. والبقاء على الحياد في هذه الأيّام، أقصد على ضفّة الجهل، والابتعاد عن محيط العلم الواسع، وعدم الإبحار في لُججه، لن يخلق أمماً متطوّرة، ولن يصنع أجيالاً واعية مثقّفة، إن كان في أستراليا أو في أيّ وطن آخر.
ولا يجب أن ننسى أنَّ ديننا الإسلاميّ الحنيف أمرنا بطلب العلم من المهد إلى اللّحد، وبطلب العلم ولو كان في الصّين، كما علّمنا رسولنا محمّد(ص).
ـ إلى جانب دوركِ الثقافيّ، كونكِ شاعرة متميّزة، ما هو الدَّور التّبليغي الذي تقومين به، إذا صحَّ القول، للأولاد والنّاشئة؟ وماذا عن هذه الخطوة وأهدافها؟
ـ دوري في أستراليا لا يقتصر على الدَّور التبليغيّ للأولاد، وعلى التّدريس، فدوري كامرأة مسلمة ملتزمة بدينها وحجابها، هو دور كبير، لإبلاغ العالم بأسره أنَّ موجة العنف الّتي ابتُليَ بها كوكب الأرض، لا علاقة للمسلمين بها، ونحن بريئون منها براءة الذّئب من دم يوسف(ع).
وأسعى من خلال وجودي في أستراليا إلى مدِّ يد المساعدة في تدريس اللّغة العربيّة وآدابها، كما أدرّس التَّجويد والعلوم القرآنيّة، عدا عن مشاركاتي في أيِّ نشاطٍ ثقافيٍّ أتلقّى دعوةً إليه، ويكون لي فيه فقرة شعريّة، أو كلمة أدعو فيها الجميع إلى اتخاذ لغة المحبّة والتّفاهم مبدأً وشعاراً، من خلال كوني شاعرةً وناشطةً اجتماعيّة.
ـ ختاماً، ماذا تقولين للأسر المسلمة الَّتي تعيش في بلاد الغربة وتتشاركين معها هذه التَّجربة؟
ـ من خلال وجودي في أستراليا، وجدتُ أنَّ اللّغة العربيَّة في خطر، فمعظم من هاجر إلى أستراليا، امتنع عن التحدّث باللّغة العربيَّة، وذلك لأسباب كثيرة، أوّلها أنَّ أكثر من هاجر وترك بلده، كان غير متمكّن من لغته الأمّ، لذا اللّغة العربيّة بخطرٍ كبير في بلاد الغربة، والأجيال القادمة لن تتكلّم بها.
اللّغة العربيّة في بلاد الغربة بخطرٍ كبير، والأجيال القادمة لن تتكلّم بها...
ومن هنا، أناشد أصحاب الأموال وأصحاب الهمم العالية الصَّادقة، إنشاء مدارس تعلّم اللغة العربيّة بطريقة صحيحة، فأنا قلقة جداً من الأيام المقبلة، وأقول: يجب تكثيف وهج المشهد الثّقافي العربيّ الاغترابي، فمن هم معي على هذا الخطّ والتّفكير، ويؤمنون بما أفكّر فيه، قلّة، ولهم مني كلّ الاحترام.
يجب أن تكون هناك رابطة أستراليّة لبنانيّة تُشرف على أسلوب تدريس اللّغة العربيّة في أستراليا، ووضع مناهج تلائم ظروف حياة التّلميذ المغترب من أصول عربيّة، وتقدّمه تقديماً محبَّباً إليه، ودعم الكتّاب والشّعراء والأدباء، لينقذوا ما يمكن إنقاذه.
أعزّائي القرّاء، بعد هذا العرض المستفيض لواقع حال التّحدّيات التي تعيشها الأسر المسلمة في بلاد الغرب، كيف تواجه هذه الأسر التحدّيات؟ وماذا عن الإشكاليّات العالقة التي تحتاج إلى أجوبة؟ ذلك ما سنجيب عنه في المقابلة المقبلة.
--------------------------------
مقتطفات - من التحقيق:
1- الّذين يعيشون في بلاد الاغتراب بحاجةٍ إلى رجال دين مثقَّفين علميّاً ودينيّاً، وبعيدين عن السياسة...
2- في بلاد الاغتراب، لا نجد منهجاً عقائديّاً مبسّطاً موجَّهاً إلى فئة المراهقين والشّباب...
3- اللّغة العربيّة في بلاد الغربة بخطرٍ كبير، والأجيال القادمة لن تتكلّم بها...
*********************
رابط التحقيق:
http://arabic.bayynat.org.lb/TahkikPage.aspx?id=20773

See Translation