من(من الشعراء:بدر شاكر السياب وحسون احمد البحراني ونازك الملائكة)نظم اول قصيدة نثر في الادب العربي؟




بقلم:د.علي حسون السنيد
انشغل فقهاء الشعر العربي في سبعينات القرن الماضي في تسمية اول شاعر عربي نظم القصيدة النثريه او الشعر الحر واستقر الرأي عند بعضهم على ان(الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته هل كان حبا؟)و(الشاعرة نازك الملائكة في قصيدتها:الكوليرا)هما اول من نظم الشعر النثري او الشعر الذي تخلص من القافيه لكون قصيدتهما آنفة الذكر قد نظمتا عام1947,هذا الرأي قد اثار حفيظة واستنكار الشاعر حسون البحراني الذي اثبت بالدليل القاطع انه قد سبقهما في ذلك بنحو عامين من خلال قصيدته(الريف الكئيب)التي نظمها عام1945 ونشرتها المجلة الشعريه الدوريه(شعراء النجف عام1945)ثم اعيد نشرها عام1954في جريدة السياسه البغداديه وقد قدم لها صاحب الجريدة بهذه العباره(انها من روائع الشعر المنثور لشاعر شاب لم يبلغ الثامنة عشر من عمره.
كان الشاعر حسون البحراني من الرعيل الاول لشعراء سوق عكاظ(سوق الشيوخ)الذين تتلمذوا على راعي الحركة الادبيه والثقافيه في سوق الشيوخ وهو سماحة الشيخ محمد حسن بن الشيخ باقر آل حيدر
وتتلمذ سماحة الشيخ محمد حسن آل حيدر مع اخيه الاكبر
سماحة الشيخ جعفر آل حيدر وسماحة الشيخ صادق آل حيدر على يدي آية الله العظمى الشيخ باقر آل حيدر كما درس الثلاثه في مدارس النجف الاشرف
ومن الذين تتلمذوا على يدي راعي الحركة الادبيه في سوق الشيوخ وكانوا الرعيل الاول لها في سوق الشيوخ كل من:1-رقيب احمد اليوسف 2-3-وحمدي مجيد الحمدي 4-وسالم الحسون 5-وحسون البحراني6- وجعفر الخياط 7-والشيخ محمد الشيخ جعفر الشيخ باقر آل حيدر 8-والشيخ شاكر الشيخ صادق الشيخ باقر آل حيدر 9-والشيخ جميل الشيخ صادق الشيخ باقر آل حيدر 10-والملا عبدالحميد حسن السنيد
11-ومصطفى جمال الدين 12-وعبدالكريم حمد حمود السنيد 13-ورشيد مجيد السعيد وغيرهم وكان منهاج الدراسة حافلا بالشعر والادب والنحو والصرف وتفسير المعلقات بعد حفظها وكان مكان انعقاد الدرس في ديوان آل حيدر الذي لازال عامرا الى يومنا هذا ومن الاختبارات التي كانت تجرى لهم ولغرض معرفة من تتقد قريحته الشعريه ويرتجل الشعر ارتجالا حيث طلب منهم الشيخ محمد حسن آل حيدر ان يبتدعوا فكرة او موضوعا ثم يبدء اولهم بارتجال البيت الاول ثم يتبعه الثاني بارتجال البيت الشعري الثاني وعلى نفس القافيه فكان الموضوع هو التغزل بفتاة جميلة تسمى(تقيه)فأبتدء اولهم قائلا:


هام قلبي بتقيه......حين لاحت في العشيه
فتبعه الشاعر الثاني قائلا:
حين لاحت تتهادى...كقناة اسليه
وتبعه الباقون وبالتتابع:
نظرتني ثم قالت...مت عزيزا ويك في
انا لا انسى ومانا...قد تقضى بالثويه
وليال مشرقات...سبقتني مع تقيه
حيث لا واش يرانا....وهي تسقيني الحميه
اتخذت قلبي مغنا...دون وادي القادسيه
فوربي حلفة ...هي اصدق من كل الي
مارأت مثلك عيني...رود حسن اريحيه
ادلال منك هجري...ام ملالا ياتقيه
فأنا المفتون فيها ....وهي ليلى العامريه
فبروحي افتديها...بل وافدي ابوي
علما ان هذه القصيده هي ارتجاليه وهي ليست منسوبة لاي شاعر بل الى مجموعة شعراء الرعيل الاول في سوق الشيوخ وللاسف هي غير مدونة ونقلها لي حيث كان يحفظها ظهرا عن قلب(جدي لامي المرحوم حنيش الشيخ حسين الدبوس)
ننشر لكم نص اول قصيدة نثر في تاريخ الادب العربي
لشاعرنا حسون البحراني:



الريف الكئيب
صور تذوب
في ذلك الافق الملفع بالشحوب
وعلى الروابي الغارقات
بصمتها الساجي العجيب
وتلوح قطعان الرعاة
تمشي ويمشي من وراء ثغائها راع هزيل
راع كأشباح الليالي الحالكات
يخوض في لج الحياة
بلا دليل
وهناك في اقصى الطريق
كوخ عتيق
كوخ تعابثه الرياح
فلا يفيق
جمدت به الايام والزمن الصفيق
وببابه ام تمد الطرف للماضي السحيق
للامنيات
وقد خبت...هلا تعود
لم لا تعودي ياليالي العذاب
وتعود ايام الشباب
ام لا تعود...؟
ونباح كلب جائع ملأ الفضاء
وتعود اطيار المساء
مذعورة الاوصال تستبق الضياء
وهناك اطفال عراة
نهب الضنى اجسامهم
وبلا اناة
يلهون في ذر التراب
على وجوههم البريئه
ابدا كما تلهو بهم ايدي الحياة
واتى الظلام
وتجاوبت اصداء رعد من بعيد
(نذر شديد...نذر شديد)
وتراكض الاطفال
وامتد السكون
صمت مريب
صور تذوب
في ذلك الريف الكئيب
في ذلك القبر العجيب
واصبحت سوق عكاظ(سوق الشيوخ)تكنى بالنجف الاشرف الثانيه حتى اضحت منافسة لها ومن تلك الكوكبة الاولى لشعراء وادباء سوق الشيوخ منذاع صيته عربيا فنلاحظ الدكتور مصطفى جمال الدين والشيخ جميل آل حيدر اصبحا اسمين لامعين في الشعر العربي واشتهرت سوق الشيوخ بانها مدينة للشعر والادب ولم تحظى اي من محافظات العراق بما حظيت به مدينة سوق الشيوخ باعداد الادباء والشعراء والبلاغة المشهودة لشعراء سوق عكاظ فعلى سبيل المثال لا الحصر ادرج لكم قصيدة للشاعر حسون البحراني نظمت عام1969 :
اشباح المصير
لا تسأليني من اكون وما غدي ولمن اغني
ولمن حياتي قد وهبت ومن ترى يحتل ذهني
ولمن ترى كانت شموعي والظلام يلف سجني
ولا تسأليني كيف كيف ففي يدي لويت غصني
وعصرت روحي خمرة وسقيت من عصفت بدني
واذبت ايامي لمن طبعت على عيني حزني
قلقي يعذبني ورحلاتي تطول بلا تمني
ولقد دفنت تطلعي ودفنت قيثاري وفني
ودفنت عمري في التراب وان تأخر فيه دفني
ونحمد الله كثيرا ان تلك الكوكبة الخالدة من شعراء سوق الشيوخ قد قامت بدورها على اكمل وجه فساهموا في ظهور شعراء اقحاح بعدهم لازالوا يصولون ويجولون في سوح الشعر والادب كما صال وجال اسلافهم من الرعيل الاول,فطوبى لهذه المدينة المعطاء في ماضيها وحاضرها والاكيد ان مستقبلها سوف لن يختلف عن ماضيها وحاضرها