النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    4 █ ▄ السيد و التراث ▄ █ أطروحات المرجع فضـــــل الله عن"التراث عموماً"و"الشيعي خصوصاً"

























    سلسلة السيد والتراث –
    الجزء الأول

    1. كل ما تركه الآخرون يمثل تراثا، أما قيمة هذا التراث فإن القِدم لا يصلح أساسا لتقديره إيجابيا، على أساس أن كل قديم يمثل قداسة خاصة في وعينا، ولكن الله علمنا أن ندرس كل شيء، من خلال ما نملكه من المقاييس العقلية والإسلامية، التي تميز بين الصحيح والفاسد.
    استفدنا من معلومات هذه السلسلة من كتاب العلامة السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه الموسوم بكتاب حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع الصادر عن دار الملاك في طبعته الثانية لسنة2001م. صفحة 477 ومن حوار الصحفية نسرين صادق مع فضل الله في قناة "الآن" الفضائية 29 أبريل 2009.


    2. هناك اتجاه متطرف تجاه التراث يدعو إلى مصادرته وإهماله كليا، باعتبار أنه يعطل نمونا وتقدمنا الفكري، لأنه يجعلنا مشدودين إلى فكر الماضي وأسلوبه وآفاقه، بحيث يخلق لنا شخصية تاريخية، تنظر للحاضر بعين الماضي، وتعتبر التاريخ أساسا لكل النظرة العامة للأحداث والمتغيرات. إن الانشداد للتراث يضع شخصيتنا في قالب جامد.

    3. إن هؤلاء يقولون إن علينا أن ننطلق إلى جو الحداثة الذي ينفتح على تطورات العصر لينشأ لدينا فكر جديد ينطلق من المعاناة الفكرية المعاصرة وينشأ عندنا أسلوب جديد في ما استحدثه التقدم الفكري في دائرة الأساليب وهكذا تولد لدينا شخصية جديدة تملك الحداثة في قاعدتها الفكرية وفي تطلعاتها الروحية.

    4. هناك رأي آخر متطرف يدعو إلى الاستغراق في التراث، وذلك بأن نعتبر الذين تقدمونا من علماء ومفكرين وفلاسفة هم أقرب إلى الحقيقة، باعتبار أنهم أقرب إلى مصادرها ومنابعها في الرموز الروحية والفكرية، التي كانت تجسد لنا الحقيقة، ولاسيما الحقيقة الإسلامية.

    5. يقول هذا الاتجاه: كلما كان الصحابة أو العلماء أو المفكرون أقرب إلى العصر الأول أو العصر الثاني للإسلام الذي عاش فيه الأئمة عليهم السلام كلما كانوا أقرب إلى الحقيقة، ولذلك فإن علينا أن ننفتح على التراث، وأن ننظر إلى الواقع من خلال المفاهيم التي يؤكدها، سواء في نظرته الفقهية أو الكلامية أو الفلسفية أو السياسية أو الاجتماعية.
    6. يقول الاتجاه المتطرف مع التراث إن علينا أن نرفض كل ما جاءت به المعاصرة والحداثة من أفكار وأساليب؛ لأنها انطلقت من مواقع كافرة تعتبر المادة أساسا وقاعدة فكرية وتتحرك في مفاهيم الضلال التي تغفل دور الحقائق الدينية، ولاسيما الإسلامية.


    7. هناك فكرة في تأكيد هذا الاتجاه (أي الاتجاه الأول) تقول: "كم ترك الأول للآخر" في مقابل من يقول: "ما ترك الأول للآخر من شيء". ونحن عندما نواجه هذه المسألة بطريقة علمية واقعية فإننا لا نقف مع الذين يهملون التراث بالكلية، ولسنا مع الذين يؤكدون أن التراث هو كل شيء، بحيث يقف التقدم عنده.

    8. إننا ننظر إلى التراث على أساس أنه يمثل الخطوط الفكرية المتنوعة في قواعدها وأساليبها ومضمونها من خلال اجتهادات الذين حركوها، سواء كان ذلك في المجال الكلامي أو الفقهي أو الفلسفي أو السياسي أو في المجالات الأدبية والفنية المتنوعة.

    9. التراث جهد الآخرين الذين عاشوا في الماضي، وجهد الآخرين لا يمثل الحقيقة إلا من خلال قناعاتهم، فيما يرونه. إننا كمسلمين، نرى الحقيقة في كتاب الله من خلال أنه النص: "الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" (فصّلت: 42)، فليس هناك شك في أن القرآن كتاب الله، ولكن كلمات القرآن تبقى خاضعة لاجتهاد المفسرين والعلماء، مما لا يسمح لنا التوقف عند ما اجتهد به العلماء وما فسر به المفسّرون القرآن باعتباره يمثل الحقيقة الكاملة.

    10. قد نستطيع أن نكتشف كثيرا من الأخطاء في هذا التراث، كما اكتشف الذين عاشوا في داخل حركة هذا التراث في الماضي أخطاء بعضهم البعض، وهكذا فإننا لا نستطيع أن نعتبر الأفكار التي انطلقت من خلال الاجتهاد في أحاديث النبي (ص) تمثل الحقيقة.

    11. هناك منطقتان لمعالجة مسألة السنة النبوية الشريفة، هناك منطقة الصدور: هل هي من النبي (ص)؟ والمنطقة الثانية هي منطقة المضمون: كيف نفهم مضمون كلام النبي (ص) من خلال أحاديثه؟ وهكذا بالنسبة إلى الأئمة (عليهم السلام) في دائرة الشيعة الإمامية الذين يرون أن الأئمة (ع) هم خلفاء النبي (ص) وأنهم معصومون عن الخطأ، فإن المسألة هنا هي: هل صدر هذا عن الإمام، أو لم يصدر؟ وكيف يصدر؟ وكيف نفهم ما صدر منه؟

    12. نحن نعتقد أن كل ما جاءنا من تراث فقهي وكلامي وفلسفي هو نتاج المجتهدين والفقهاء والفلاسفة والمفكرين، من خلال معطياتهم الفكرية، ولا يمثل الحقيقة إلا بمقدار ما نقتنع به من تجسيده للحقيقة، على أساس ما نملكه من مقاييس الحقيقة.

    13. إننا نعتبر أن كل الفكر الإسلامي – ما عدا الحقائق الإسلامية البديهية – هو فكر بشري، وليس فكرا إلهيا، قد يخطئ فيه البشر في ما يفهمونه من كلام الله وكلام رسول الله (ص) وقد يصيبون. إننا ندعو إلى دراسة التراث دراسة ناقدة نعيش فيها شخصيتنا الفكرية ونعيش فيها انفتاحنا الفكري الذي عاشه الأقدمون فيما مارسوه من تجربتهم الفكرية.

    14. إننا نعتقد أنه من الضروري جدا أن ننظر إلى التراث المنطلق من اجتهادات المفكرين – أينما كانت مواقع تفكيرهم – نظرة بعيدة عن القداسة في حياتهم ومؤهلاتهم الروحية والعلمية في حياة الناس الآخرين فيمن قد يكونون على مستوى المراجع أو الأولياء في تقواهم لله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك شيء ومسألة الفكر شيء آخر.

    15. نعتقد أن إغفال التراث هو خطأ كبير، كما هو الحديث عن الاستغراق في التراث خطأ كبير، فمن الضرور ي أن ننفتح على كل معطيات عصرنا، سواء تلك التي انطلقت في دائرة الفكر المادي أو التي انطلقت في دائرة الفكر الديني أو في أية دائرة من الدوائر الحائرة بين ما هو الدين وما هو الكفر، حتى ندرس كل ركائزها وقواعدها ومعطياتها من موقع الحرية الإنسانية التي تبحث عن الأصالة من موقع القناعات الأصيلة للفكر.

    16. لابد من الدخول في المقارنة بين ما لدينا من تراث، استطاع أن يؤثر تأثيرا لا شعوريا في تركيبتنا الذهنية والشعورية والعملية، وبين ما عندنا من معطيات فكرية جديدة في الواقع المعاصر، لنستخلص من خلال هذه المقارنة المنهج الجديد الذي يملك الأصالة في مواقعه الفكرية، ويملك الحداثة في أساليبه وتطلعاته.

    17. إننا ننطلق من فكرة حاسمة في هذا المجال، وهي أن القداسة تكون للحقائق التي لا يختلف فيها الناس، وكل شيء يمكن أن يقع فيه فلابد للناس أن يدرسوه من قاعدة الاستقلال الفكري، الذي يبحث عن الحقيقة من خلال قناعته، وبذلك فإن كل شيء قابل للنقد، وكل شيء قابل للدراسة، وكل شيء قابل للانفتاح سواء كان قديما أم حديثا.

    18. عندما ندر س القرآن الكريم فإننا نجد فيه دراسة لكل الماضي ونقدا للكثير منه، وتأكيدا على الحقائق الجديدة وتوجيها للإنسان لأن يبقى في حالة انفتاح فكري دائم متحرك، وتأكيدا لكل الناس بأن الجيل الحاضر لا يتحمل مسؤولية الجيل الماضي، كما أن على كل جيل أن يكسب فكره وعمله بنفسه، وذلك ما توحي به الآية الكريمة: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تُسألون عما كانوا يعملون" (البقرة: 134).

    19. نحن نعتقد أن الذين يتحدثون عن مصادرة التراث هم المنبهرون بمظاهر الحضارة الحديثة التي هي نتاج حضارات قديمة، استطاعت أن تركز لها قواعدها، حتى أمكنها أن تتحرك وأن تنطلق، وإن الذين يتحركون في دائرة الاستغراق في التراث هم أناس يعيشون قداسة الماضي ويغفلون عما حفل به الحاضر من تطورات إنسانية، وإن كان للماضي دخل فيها، ولكن كان للطاقات الإنسانية المنفتحة على الله وعلى الحياة وعلى الإنسان الدور الكبير في هذا المجال.


    يتبع القسم الثاني ...





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    افتراضي

    سلسلة السيد والتراث الجزء الثاني "التراث الشيعي"






























    سلسلة السيد والتراث – الجزء الثاني "التراث الشيعي"

    التراث الشيعي

    20. إننا نتصور أن هناك مشكلة كبيرة في تاريخ الشيعة، لأنه لم يكتب بلغة علمية موضوعية، تراعي موازين الصحة والخطأ والصواب في هذا الاتجاه. إننا نلاحظ أن هناك نوعا من أنواع الخلل في هذا التاريخ.

    21. عندما ندرس تاريخ الأئمة (ع) فإننا نجد أن الذين كتبوه كانوا يتحدثون عن المواقع الغيبية في شخصية الأئمة (عليهم السلام) في ما هي المعجزات التي ينقلونها أكثر من الخصائص الذاتية لهم، وأكثر من الجوانب الحركية التي تحكم مسيرتهم وعلاقتهم بالأحداث والأوضاع أو الذين كانوا يعيشون في ساحات الأئمة قريبا منهم.

    22. مثلا، عندما ندرس تاريخ الزهراء (ع) فإننا نجد كتابا في "بحار الأنوار" يفرد لموضوع زواجها وزفافها في السماء والأرض حجما كبيرا في الصفحات، وعندما ننطلق إلى حياة الزهراء مثلا كيف كانت مع النبي في المدينة أو مكة، وكيف كان نشاطها؟ فإننا لا نجد إلا أحاديث صغيرة وصغيرة جدا.

    23. وهكذا عندما نواجه أحاديث كثيرة عن الأئمة (عليهم السلام) في تاريخهم الشخصي وفي تاريخهم الحركي والعملي. وهذا ما نلاحظه في محاولتنا لدراسة حياة الأئمة المتأخرين، كالإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري (عليهم السلام) فإننا نجد نقصا فوق العادة في المعطيات، بحيث أننا لا نستطيع أن نتمثل الصورة التفصيلية لشخصياتهم من خلال ما يكتب في التاريخ.

    24. عندما ندرس تاريخ الأئمة فإننا نجد فيه ركاما هائلا لا يميز بين القضايا التي تمثل الصورة المضيئة المشرقة للأئمة (ع) في ما هي خصائصهم الحقيقية، وبين الصورة الأخرى التي تسيء إلى شخصياتهم.

    25. عندما ندرس مثلا بعض مواقف الأئمة مع بعض الخلفاء – ولاسيما العباسيين- فيما تمثله سيرة الإمام الصادق أو الإمام الكاظم (عليهما السلام) فإننا نجد أن هناك أحاديث لا تتناسب مع مقام الأئمة ولا تتناسب حتى مع أسلوب التقية؛ لأن للتقية كما علمنا الإمام مواقع معينة.

    26. إننا ندعو إلى تنقية التراث الشيعي بالطريقة التي يختفي فيها التنافر بين ما يحمله الشيعة عن الأئمة (ع) من عقائد وأفكار، وبين ما يتمثل في حياتهم من قضايا وأوضاع، ثم نحاول أن نلاحق القضايا التفصيلية الحياتية في حياتهم التي تعطينا صورة حقيقية عما هي شخصية الإمام (ع) في ذاته بعيدا عن الجانب الغيبي.

    27. نحن لا نريد أن نتحدث عن إهمال الجانب الغيبي، ولكننا نتصور أن الجانب الغيبي ليس الجانب الأساس في هذه الشخصيات، ولذلك نجد أن القرآن لم يتحدث عن شخصيات النبي (ص) والأنبياء (عليهم السلام) من الناحية الغيبية، بل تحدث عن شخصياتهم من الناحية العملية الواقعية في ما كانوا يفكرون به، وما كانوا يتحركون فيه، وما كانوا ينطلقون فيه من خلال الدعوة.

    28. إننا ندرس القرآن كله الذي نزل على رسول الله (ص)، وهو معني بأن يؤكد شخصية رسول الله (ص) في ذهنية الناس، باعتبار أنه يمثل الرسول الذي أقام دعائم الإيمان بالرسالة على عناصر شخصيته من خلال علاقته بالله، فإننا لا نجد أي شيء غيبي في هذا المجال.

    29. نحن لا نريد أن نهمل الغيب، كما قلنا، فنحن قوم نؤمن بالغيب، ولكننا نعتبر أن الله أعطى الغيب هامشا صغيرا، حتى في حياة الأنبياء والأئمة، وليس الهامش الشامل المستغرق في ذلك كله. هذه النقطة لابد أن نلاحظها بشكل دقيق.

    30. قد يقول قائل: ماذا نفعل؟ فالتاريخ لم يترك لنا سوى هذه القضايا المحدودة في حياة الأئمة، ولم يعطنا فكرة، ربما لأن المؤرخين كانوا يهتمون بهذا الجانب، ولم يهتموا بالجوانب الأخرى. لأن المؤرخين - خصوصا من الشيعة – كانوا يهتمون بتأكيد مسألة الغيب في حياة الأئمة لتأكيد إمامتهم، باعتبار تلاقيها مع ذلك الخط.

    31. إن علينا أن ندرس كل كلمات الأئمة الفقهية والفلسفية والأخلاقية إضافة إلى أحاديثهم الخاصة مع الناس، مما تمثله كتب الحديث الأربعة وغيرها من الكتب التي استطاعت أن تنقل لنا كل تراث الأئمة والفقهي والفكري وما إلى ذلك. إننا نلاحظ أن هذه الأحاديث لم تدخل في الوعي التاريخي الشيعي، بحيث تمثل نقاطا تعالج شخصيات الأئمة (ع).

    32. إننا عندما نريد أن ندرس مثلا، أحاديث الإمام زين العابدين (ع) فإننا نجد أن تاريخه (ع) يتحدث عن المأساة في كربلاء وعن الدعاء وعن بعض النقاط الأخلاقية، وعن قضية عتقه للعبيد، وتنتهي القضية عند هذا الحد.

    33. الإمام زين العابدين كشخصية استطاعت أن تدخل تاريخ الثقافة الإسلامية في تلك المرحلة من خلال دراسة أسماء الذين درسوا على الإمام زين العابدين وتتلمذوا عليه. إننا نستطيع أن نخرج من خلال دراسة هؤلاء فنجد أن الإمام زين العابدين (ع) كان أستاذ المرحلة الإسلامية في ذلك الوقت.

    34. عندما ندرس مثلا تاريخ الإمام الباقر (ع) فإننا نجد أن الذين يكتبون هذا التاريخ مثل الشيخ المفيد وغيره، يتحدثون عن الإمام الباقر كمصدر أوسع من مصادر التاريخ، فحين نقرأ تاريخ الطبري مثلا، نرى أن كثيرا من الأحداث التاريخية التي كان يرويها الطبري عن المرحلة التي سبقت الإمام الباقر (ع) كان ينقل فيها الأحاديث عن الإمام الباقر، باعتباره مصدرا تاريخيا من أوثق المصادر، بينما لا يشير الناس إلا إلى الطبري ولا يشيرون إلى مصادر الطبري.

    35. إننا نستطيع أن ندخل كلمات الأئمة (ع) في تاريخهم، باعتبار أنها تمثل فكرهم ونظرتهم إلى الأمور، وتفسر كثيرا من تصرفاتهم ومواقفهم مع كل الناس، الذين كانوا يتحركون في عصرهم. هناك نقاط نستطيع أن نلتقطها عندما نريد أن ندرس كلمات الأئمة وأحاديثهم في كل المجالات، لنعتبرها في مضمونها مجسدة للخصائص الفكرية التي تمثلها شخصية الأئمة، ولا مانع أن تكون هذه الخصائص خصائص الرسالة.

    36. عندما نقول إن الأئمة ينطلقون من الله وينطلقون من الغيب هذا لا يعني أن لا خصائص فكرية لديهم، غاية ما هنالك أنهم يختلفون عن الآخرين في أن خصائصهم الفكرية هي خصائص الإسلام، وليس فيهم شيء غير الإسلام، ولكن هذا لا يمنع أن تكون لهم خصائصهم الفكرية والشخصية الذاتية.


    37. إننا في دراسة واسعة لكلمات الأئمة (عليهم السلام) وأحاديثهم نستطيع أن نكمل بها تاريخهم، هذا من جهة، وعندما نريد أن ندرس أيضا التاريخ الشيعي في هذا المجال فعلينا أن ندرس حركة التشيع، وكيف انطلقت، وما المؤثرات التي استطاعت أن تترك تأثيرها في تكوين شخصياتهم ونظرتهم للأمور؟

    38. عندما نريد أن ندرس تاريخ الشيعة وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) مثلا، حتى في مسألة الحديث عن آخر الزمان، نستطيع أن نأخذ من ذلك الانطباع بأن هناك نوعا من الانفعال الشيعي، الذي كان يسيطر على بعضهم، فيحاولون أن يثوروا قبل نضوج الثورة ويشعرون باليأس في بعض الحالات وبالإحباط في حالات أخرى.

    39. نستطيع أن نفسر كلمات الأئمة (عليهم السلام) التي كانت تتحدث عن الإمام القائم قبل ولادته وعن آخر الزمان وعن الانتصار بأنها تمثل نوعا من أنواع الأسلوب السياسي والعملي الذي كان يريد أن يرفع الروح المعنوية عند الشيعة.

    40. إننا نعتقد أنه لابد من كتابة تاريخ إسلامي شيعي جديد نحاول من خلاله أن ندرس معنى التشيع في حركة هذا التاريخ، حتى لا يكون التشيع مجرد عنوان يوضع في الواجهة، ونجد كل الواقع بعيدا عنه، حتى في تأثير التشيع سلبا أو إيجابا في وعي الشيعة من خلال السلبيات التي تواكب تاريخ كثير من المجتمعات الشيعية في العالم، التي ربما انطلقت في مسيرتها التاريخية في الأحداث، على أساس أن يكون التشيع مجرد انفعال بمآسي أهل البيت أو بفضائلهم بعيدا عن الإسلام، وبعيدا عما هي الحركة الإسلامية والواقع الإسلامي.


    يتبع القسم الثالث والأخير ...





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    افتراضي

























    سلسلة السيد والتراث – الجزء الثالث

    "التراث الشيعي"


    41. إذا استطعنا أن ندرس التاريخ الشيعي بهذا الحجم وبهذه الطريقة وبهذا المنهج، فإننا نستطيع أن نكتشف كثيرا من نقاط الضعف، لنحولها إلى نقاط قوة، إذا كانت لا تزال تترك تأثيرها على الذهنية المعاصرة، ونستطيع أن نستزيد من نقاط القوة في الماضي، لتتحول إلى حجم كبير من القوة في الحاضر والمستقبل.

    42. كل التجارب التي انطلقت لكتابة التاريخ كانت تجارب فردية، وقد لا نجد في هذه التجارب شيئا من الإبداع، فالكثير منها كان يتحرك وينطلق على أساس محاولة تغيير بعض أساليب التاريخ الماضي، ولكن المشكلة أن الشيعة لم يتحولوا حتى الآن إلى مؤسسة تؤكد الجانب التاريخي والثقافي والسياسي بطريقة منهجية وعلى أساس التخطيط.

    43. من الضروري جدا محاولة دراسة التراث، من حيث أنه يمثل الواجهة الثقافية للفكر الشيعي في كل نقاط الضعف الموجودة في التراث أو نقاط القوة، ولذلك فإن علينا عندما نريد أن نقدم التشيع في صورته المشرقة التي لا تبتعد عن الحقائق الإسلامية الأصيلة، فإنه لابد لنا من التدقيق في كل ما تركه لنا الآخرون من هذا التراث.

    44. إن بعضا ممن كتب في هذا التراث كانوا متخلفين في فكرهم وكانوا منحرفين في بعض خطوطهم الفكرية والروحية، وقد يكون بعض هذا التراث يمثل دليلا على جهل الذين كتبوه، ولهذا فإننا نتصور أنه لابد أن تكون لنا هيئة تدرس انعكاسات هذا التراث على الصورة التي يقدمها عن التشيع.

    45. مسألة التراث الشيعي ليست ملكا للشيعة وإنما نجد هناك كثيرا من الناس غير الشيعة ممكن يملكون هذه الكتب، كما في مكتبات أوربا وأميركا وغيرها من المكتبات، التي يبادر فيها بعض المستشرقين أو غير الشيعة إلى نشر هذه الكتب.

    46. إن علينا أن نفكر بإيجاد دراسة أمام كل كتاب، فمثلا كتاب بحار الأنوار نجده يشتمل على الصدف واللؤلؤ والحجارة والرمل وعلى كل شيء، لأن صاحبه الذي نحترمه كثيرا لم يلتزم بصحة كل ما فيه، بل سعى فيه إلى جمع كل التراث الذي يتصوره مفيدا ونافعا.

    47. إنني كنت آمل أن يكتب بعض الدارسين مقدمة لكتاب بحار الأنوار، بحيث يشرح فيها ما هي موازين الصحة أو عدم الصحة في الحديث؟ ما هي موازين الفكر الشيعي؟ وأن يقول للناس: هذا تراث شيعي يمثل كثيرا من المواقع الفكرية التي تمثل أصحابها، تماما كما هو التراث السني في كثير من أمثال هذا الموضوع.

    48. إن عليكم أن لا تعتبروا أن التراث الشيعي يمثل الحقيقة الشيعية، في ما هي ركائز الحقيقة الشيعية، وإنما يمثل كل ما يفكر به المجتمع الشيعي، وكل ما وضعه الآخرون على الشيعة وكل ما وضعه المنحرفون أيضا.

    49. إننا عندما نكتب مقدمة في كتاب الكافي الذي يتخذ الكثيرون منه أداة للقول إن الشيعة يقولون بتحريف القرآن أو يقولون بالغلو أو ما إلى ذلك، عندما نكتب مقدمة في هذا المجال وفي كتاب بحار الأنوار فإننا نستطيع أن نقوم بجهد نوضح فيه المسألة ونخفف من العوامل السلبية التي قد تنتج من خلال ما يشتمل عليه هذا الكتاب أو ذاك من نقاط الضعف.

    50. إننا نتصور أن التراث الشيعي استطاع أن يحفظ الفكر الشيعي في خصائصه الأساسية في مسالة الإمامة، واستطاع أن يحقق الخط الشيعي في مسألة الرفض للواقع الظالم، كما أنه استطاع أن يعطي الآخرين انطباعا عن عمق الفكر الفلسفي الشيعي، وعن امتداد الخط الخط الفقهي الشيعي، مما جعل كل المثقفين في العالم من المسلمين وغير المسلمين يشعرون بأن التشيع يتميز بعمق قواعده الفكرية وبشمولية ساحاته الفقهية والأخلاقية وما إلى ذلك.

    51. إن التراث الشيعي وعلى الرغم من وجود السلبيات استطاع أن يحفظ أصالتهم في ما هو الفكر الشيعي، واستطاع أن يعطي انطباعا كبيرا عن ضخامة الفكر الشيعي وأصالة التاريخ والعقيدة الشيعيين.

    52. إن خصوصية التراث الشيعي هي العمق وخصوصيته هي مسألة الرفض للواقع الظالم، مما جعله يعيش العقدة أمام كل حالات الظلم وإن كان لذلك بعض السلبيات، التي تجعله معزولا في نشاطاته عن كثير من الواقع، لأنه لم يواجه الواقع بالطريقة التي يستطيع من خلالها أن يتحرك بواقعية.


    53. إننا نقول لكل شبابنا الذين يتحركون في الدائرة الثقافية في نطاق إحياء هذا التراث الإسلامي المتحرك في خط أهل البيت (عليهم السلام) في ما هي الدائرة الإسلامية الشيعية إننا نريد أن نقول لهم: ليتكامل بعضهم مع بعض، حتى لا تتكرر الجهود التي قد تتحرك في دائرة واحدة من دون أية فائدة.

    54. نحن نعتقد أن على المؤسسات التي يتحرك فيها كل هذا الجيل الذي يقوم بعملية التحقيق أو بعملية الإحياء أن تعمل على الاختيار الصائب المميز للكتب التي تنشرها، ولا يكون الربح هو كل شيء في المسألة.

    55. على المؤسسات التي يتحرك فيها كل هذا الجيل الذي يقوم بعملية التحقيق أو بعملية الإحياء عندما تجد أن هناك مصلحة لنشر كتاب معين قد يشتمل في بعض مواضيعه على بعض السلبيات فإن على هذه المؤسسات أو على المثقفين الشباب الذين يقومون بعملية الدراسة أو التحقيق أن يقدموا أمام هذا الكتاب دراسة تتحدث عن سلبياته وإيجابياته، وتتحدث عن كونه لا يمثل الحقيقة المطلقة لما عليه الشيعة في العالم.





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني