بغداد ـ محمد الهادي
في ظل الأزمة المالية التي يمر بها العراق، والحرب التي يخوضها ضد تنظيم "داعش"، تسيطر كثير من الأحزاب والكتل السياسية والفصائل المسلحة التي تشكلت قبل عامين، على مئات العقارات والبنايات والمواقع في العاصمة بغداد والمناطق الإستراتيجية والصناعية، دون أن تدفع إيجاراتها المستحقة.
فيما تفكر الحكومة ببيع جزء من ممتلكات الدولة لسد العجز في موازنتها، بعد أن شرعت مؤخرا بـ"إزالة التجاوزات على عقاراتها" التي تقدر بأكثر من 600 الف عقار.

ووجه مجلس الوزراء، أول من أمس الثلاثاء، بازالة التجاوزات على عقارات الدولة.
وقال المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان تلقت "العالم"، نسخة منه، إن "مجلس الوزراء وخلال جلسته الاعتيادية، اكد على ضرورة قيام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بازالة التجاوزات الحاصلة على املاكها وحمايتها من اجل المحافظة على املاك وعقارات الدولة".
وكان معاون الأمين العام لمجلس الوزراء، رحمن عيسى حسن، ترأس مؤخرا اجتماعاً تنسيقيا، للتداول بشأن مشكلة التجاوزات المتكررة على عقارات وأراضي وممتلكات الدولة.

وقال بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء، إن الاجتماع الذي عقد بمبنى الأمانة العامة بحضور ممثلين عن وزارة الإعمار والإسكان ودائرة عقارات الدولة وقيادة عمليات بغداد وأمانة بغداد، ناقش السبل الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة والخروج بعدد من التوصيات، أهمها إيجاد حلول شاملة لحل هذه المشكلة تلتزم بتنفيذها الجهات المعنية، كلاً حسب اختصاصه.
كما حدد الاجتماع عدداً من الحالات التي تخص التجاوز على أراضي مملوكة للدولة في بعض المناطق، ومحاولة تقسيمها وبيعها خلافاً للقانون.
وقالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار نجيبة نجيب، إن الفوضى التي عمّت العراق بعد 2003 وغياب الدولة ساهم بشكل كبير باستيلاء الأحزاب والكتل السياسية على العقارات في المحافظات كافة.
وأضافت نجيب في تصريح لـ"العالم"، أن "ضعف الأجهزة الرقابية وانعدام سيطرة الدولة على الممتلكات هي التي فسحت المجال لهيمنة الأحزاب وحتى الفصائل المسلحة لاحتلال البنايات والقصور والعقارات العامة، فضلاً عن وجود بعض الجهات الرسمية التي تستولي على عقارات لكنها غير مرخص لها بشغل هذه الأماكن"، مشيرة الى أن "لو كانت هناك إجراءات صارمة لما تمكن هؤلاء من الاستيلاء عن الأملاك العامة".

وتابعت بالقول: "لو كانت الدولة العراقية الآن جديّة في هذا الملف فيمكنها أن تأخذ أجر المثل من كل تلك الأحزاب والهيئات التي شغلت الممتلكات العامة منذ عام 2003، ويمكن لها أن ترفع دعاوى قضائية للقضاء العراقي وتغريمهم ما انتفعوا به من تلك الأبنية".

وتؤكد، أن "الأحزاب اليوم في العراق لديها أملاك طائلة وليست فقيرة".
وأكدت نجيب عدم وجود إحصائيات دقيقة لحصر تلك الممتلكات ومعرفة عددها وكم يمكن أن تعود بالنفع على الدولة في حال استغلالها.
وتورد عضو اللجنة الاقتصادية، عن الحكومة أنها شرعت بدراسة فكرة التصرف بأكثر من 600 ألف عقار تابع للدولة ضمن خطتها لمواجهة الأزمة المالية بفعل تراجع أسعار النفط.

من جانبها، وصفت زميلتها في ذات اللجنة النائبة نورة البجاري، حجم الفساد والصفقات المشبوهة في هذا الملف بأنه "أكبر ملف فيه فساد"، مؤكدة أن "قسماً من تلك العقارات والقصور والبنايات تقدّر بمليارات الدولارات، فيما باعت الحكومة بعضها بأثمان بخسة، على أساس أنها أسعار الدولة، أو في المزادات التي تعلن عنها، وهي أيضاً يشوبها الفساد حيث لا تخضع لمعايير المزادات الحقيقية، وتخضع لمصالح أشخاص متنفذين في الدولة".

وأضافت البجاري في حديثها لـ"العالم"، أن "الشخصيات السياسية التي جاءت عام 2003 أعطلت لنفسها الحق بالاستيلاء على ممتلكات الشعب العراقي وأخذ تلك الأملاك بصفة غير قانونية".
وأضافت البجاري، أن "بعض الأحزاب السياسية والشخصيات استولت على هذه البنايات الكبيرة، وكأنها ملكٌ لهم، وادعت أنها تضحي لأجل البلد، ولها الفضل في تغيير النظام السابق ومن ثم تمت السيطرة على الكثير من العقارات بهذه الحجة".
وتابعت "استولى بعض المتنفذين على بيوت كبيرة لمسؤولين في النظام السابق تم التجاوز عليها، وبعضها زوّروا لها سندات وتم شراؤها من الدولة بأسعار زهيدة لا تساوي شيئاً".
وأكدت البجاري أن "نحو 600 ألف عقار تمتلكها الدولة هي الآن مستغلة من قبل متنفذين وأغلب الكتل لا تريد فتح هذا الملف كونه يضرب مصالحها"، موضحةً أن "بعض العقارات تم بيعها لأشخاص وأحزاب سياسية".
وتشغل الكتل السياسية وبعض الأحزاب، المقرات الحكومية دون دفع المستحقات المالية لها، أو تدفع إيجارات زهيدة أقل بكثير من السعر الحقيقي لهذه البنايات .