كان سجن (أبوغريب) مقسما إلى سجن عسكري خاص وسجن مدني.
صدر أمر بتعيين مشرفين على سجن أبو غريب بتاريخ 15 / 3 / 1998، وهم:

النقيب عباس حسين علي، من الإستخبارات العامة
قاسم كريم حمد القيسي، من الأمن العامة
سعدون فرحان عبد الدوري، من جهاز الأمن الخاص
النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي، من مديرية المخابرات العامة
كان واجبنا، كما قال خالد، هو الإشراف على السجناء ومتابعة التنفيذ، مثلا إذا إنتهت مدة السجن وأن المسجون ما زال في السجن ولم يطلق سراحه، فإننا نقوم بالكتابة عنه وننتظر الأوامر التي تصلنا بشأنه.
تتبدل كل وجبة من المشرفين على السجن كل عشرة أيام.

وعندما أردت الذهاب إلى بيتنا في يوم 26 / 4 / 1998 قال لي مدير السجن يجب أن أبقى مع الآخرين، لأن مسؤولا كبيرا سيزورنا.
فوجئنا في الساعة السابعة والنصف عصرا بأن الحرس الخاص قد ملأ السجن، وعلمنا من خلال الحرس الخاص بأن قصي صدام سيزورنا. وبالفعل جاء قصي ورحبنا به ولا حظنا بأنه كان يعرف أو (يندل) المكان الذي جاء من أجله. فقال قصي لمدير السجن العقيد حسن العامري، أريد أن أتجول في السجن. كان عندنا في السجن تقريبا 2000 سجين، وهؤلاء وجهت لهم اتهامات باطلة، وأكثرهم فقراء من الجنوب بتهمة أنهم يشتغلون مع المعارضة أو أنهم يهربون من الجيش أو ينتمون إلى حزب معين، من أجل أن يطبقوا عليهم عقوبة الإعدام. وأكثرهم محكومون بعقوبات خفيفة وقسم منهم انتهت مدة حبسه وقسم آخر ينتظر الإفراج عنه. ولم يصلنا في حينه أي قرار بشأنهم من ديوان رئاسة الجمهورية، وقلنا لقصي نحن ننتظر أمر رئيس الجمهورية، لكي نتخذ الإجراءات بشأنهم.
قال قصي للعقيد حسن العامري:(إنتو لازم تنزلون بيهم عقوبة الإعدام الألفين واحد).
ألفي عراقي هذه كارثة.
قال قصي للعقيد حسن العامري:(إنت تنفذ الإعدام، وسوف يصلك أمر الرئيس بعدين).
قال له: (سيدي، إن هذا العدد كبير ولا نقدر أن نخلصه).
قال قصي:(هذا الأمر من قصي صدام، وأنك تنفذ ويأتيك الأمر).
أوعز العقيد حسن العامري بأننا سنبدأ بالإعدام في الساعة السادسة صباح غد. ثم قال قصي: (سأترك عندكم ضباطا من الجهاز الخاص يشرفون عليكم).
قال خالد الجنابي كانت لدينا في سجن أبوغريب خمس مقصلات. تنفذ بالعسكري عقوبة الإعدام والقسم الثاني شنقا.
يقول خالد الجنابي بدأنا بالإشراف على عمليات الإعدام والشنق لألفي عراقي شريف من الساعة السادسة صباحا وحتى الساعة التاسعة مساءا.

أمر قصي بإعدام الألفي عراقي من دون الرجوع إلى والده.
وبعد الإنتهاء من شنق وإعدام ألفي عراقي إتصلنا بقصي وأخبرناه بأن المهمة قد انتهت. فأجاب قصي: (أعطوا جثثهم إلى أهاليهم والآخرون أدفنوهم في المقبرة الخاصة (مقبرة الكرخ)). وضعت أرقام وليس أسماء لكل قبر للمدفونين بها.
ويستطرد خالد قائلا: لقد دامت عمليات تسليم ودفن الجثث ستة أيام. وأنا أعرف المقبرة جيدا وأستطيع تشخيص أسماء الشهداء الذين دفنوا بها من خلال قائمة أرقامهم.
ماذا أقول أن مجازر رهيبة جدا حدثت في سجن الحاكمية وسجن الرضوانية، والعراقيون لا يعرفونها.
وبناءا على ما تقدم أرجو من الإخوة العراقيين والعرب الذين تأثروا وحزنوا على طريقة إعدام صدام أن يحكموا، هم بالعدل على ما حدث ويراجعوا أنفسهم. هذه هي عدالة الله وحكمه.
رحم الله شهداءنا العراقيين بغض النظر عن مذهبهم وقوميتهم ودينهم
عاش شعبنا العراقي النبيل بكافة قومياته ومذاهبه وأديانه وأطيافه السياسية الوطنية.
د. عدنان جواد الطعمة
المصدر / صحيفة المشرق