“المُجرَّب لا يُجرَّب”، مقولةٌ تسري كـ”النار في الهشيم” بين مختلف الشرائح العراقية في توقيت انتخابي بامتياز. المقولة التي أطلقها في بادئ الأمر ممثل المرجعية الدينية، عبد المهدي الكربلائي، قبيل الدورة الانتخابية الماضية (نيسان 2014)، حملت يومها رسالةً واضحةً بأن “آية الله علي السيستاني غير راضٍ عن ساسة البلاد”، قبل أن تُترجم لاحقاً بـ”نصيحة” مكتوبة من السيستاني نفسه لقادة “حزب الدعوة”، دعاهم فيها إلى ضرورة “تغيير” رئيس الوزراء (حينها) نوري المالكي. ولأن “نصيحة” المرجعية كانت صريحةً وواضحةً أوّلاً، وبمثابة “فتوىً سياسية” ثانياً، وجد “الدعويون” أنفسهم أمام مأزق ترجمتها، لما للسيستاني من تأثيرٍ على المستوى الشعبي والسياسي، فاضطروا “غير راضين” إلى العزوف عن خيار المالكي، والاستقرار لاحقاً على طرح حيدر العبادي
هل البعثيين امثال ظافر العاني وحيدر الملا وصالح المطلك غير مشمولين وحزبهم دمر العراق من الجبل للوادي للهور ؟؟

متابعون لمواقف المرجعية يقولون إن الأخيرة أَملت على مدار أربع سنواتٍ من الحكم “تغييراً، ولو بسيطاً في سلوك المسؤولين”، في ظل الحرب على الإرهاب، والانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد، و”تحوّل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية”، بالتوازي مع عجز الحكومة عن مكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة. المرجعية هنا، وفق هؤلاء المتابعين، “ترفض التدخل في سياسة البلاد”، لكن ولأنه لا يمكن “السكوت عن الظلم”، بل يجب العمل على دفعه، فإن الموقف السياسي عادةً ما يكون “في لحظةٍ حسّاسة ومصيرية”، يهدف إلى إعادة “توجيه البوصلة لما فيه من مصلحةٍ للعراق”.

مواقف المرجعية في ذلك العام (2014)، وما تلاها حتى اليوم، مروراً بالأزمات التي عصفت بالعراق، تشير إلى دورها المؤثّر في الشارع، والذي لا يمكن من وجهة نظر المكونات السياسية الاعتراض عليه؛ بل عادةً ما يكون “مرتقباً”، ليجري على أساسه حسم التوجهات. ومع اقتراب المعركة الانتخابية (12 أيّار المقبل)، وباعتبارها دورةً مفصلية لـ”عراق ما بعد داعش”، فإن مقولة “المُجرَّب لا يُجرَّب” قد أعيد نبشها مجدّداً، بهدف “التسقيط”، و”حرق” مرشحين “كبار”، وفق ما يرى البعض.