تستمر التظاهرات في البصرة جنوب العراق لليوم التاسع على التوالي، وامتد لهيب الاحتجاجات الى ست محافظات اخرى ليصل الى ذي قار والنجف وبابل وكربلاء وميسان والديوانية وأيضا العاصمة بغداد منذرة بصيف ساخن.

رافق هذه التظاهرات قطع في طرق الرئيسية عن طريق إحراق الإطارات من قبل المحتجين، ومحاولة حرق وتخريب طالت بعض المنشآت الحكومية.

ففي البصرة تحديداً ، المحافظة التي انطلقت منها شرارة التظاهرات ، شهدت ميناء ام قصر اكبر موانئ العراق غلقاً من قبل المحتجين ، وذلك عقب زيارة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، للمحافظة ولقاءه بالقادة الميدانيين .

وفي ضوء ذلك، أكد وزير النفط العراقي، جبار اللعيبي، في بيان له أن المتظاهرين حاولوا اقتحام أحد المواقع النفطية في حقل غرب القرنة 2، وتسببوا في إحراق بعض أبنية البوابة الخارجية.

وتشكل الموارد النفطية للعراق 89 بالمئة من ميزانيته، وتمثل 99 % من صادرات البلاد، لكنها تؤمن واحدا بالمئة من الوظائف في العمالة الوطنية، لأن الشركات الأجنبية العاملة في البلاد تعتمد غالبا على عمالة أجنبية.

وتعتبر البصرة مركز صناعة النفط في العراق، حيث تنتج نحو 95% من صادرات البلاد، كما أنها المنفذ البحري الوحيد للعراق، ويتم شحن من موانئ البصرة كل كمية الخام المصدر للأسواق العالمي

جاء ذلك مرافقاً لغلق منفذ سفوان الحدودي مع الكويت صباح السبت من قبل المتظاهرين ليعاد فتحه بعد ايام، وهذا هو ثالث منفذ اغلق أثر التظاهرات التي تشهدها محافظات الجنوب بعد غلق ميناء ام قصر، اذ اغلق في وقت قريب منفذ الشلامجة الحدودي مع ايران حتى اشعار آخر الذي يصل طاقة عبوره الى 1000 شاحنة يوميا من قبل الجانب الايراني .

ومنفذ الشلامجة يقع شرق محافظة البصرة ويبعد عن مركز مدينة البصرة حوالي 30 كم، حيث تدخل المئات من الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع إلى البصرة يوميا عبر هذا المنفذ، اضافة إلى الزوار الإيرانيين القادمين لزيارة العتبات المقدسة في العراق.

اما في النجف فقد اقتحم متظاهرون غاضبون مطار النجف الدولي في أول يوم تشهد فيه هذه المدينة تحركا احتجاجيا ، مما ادى الي ايقاف الحركة الجوية هناك ،فيما سارعت وزارة النقل العراقية إلى تحويل الطائرات من مطار النجف إلى بغداد وباشرت بنقل المسافرين براً. لكن في وقت لاحق استأنف المطار رحلاته الجوية ، لكنه بعث برسالة غير مطمئنة للدول الامر الذي دفع الخطوط الجوية الكويتية عن إلغاء رحلاتها المتجهة إلى مدينة النجف ، وذلك اعتبارا من اليوم (السبت) وحتى إشعار آخر، بسبب الظروف الأمنية المربكة في مطار النجف.

اذ قالت الخطوط الجوية الكويتية إنها ستقوم بتغيير الحجز لرحلات طيران أخرى متجهة إلى النجف، أو إعادة التذاكر بدون أي رسوم على العملاء.

كما أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن حالة الاستنفار القصوى على الحدود الشمالية، وقالت مصادر إن الداخلية نشرت القوات الأمنية "احترازياً" بسبب الأحداث والمظاهرات التي يشهدها جنوب العراق.

وذكرت شركة الخطوط الملكية الأردنية في بيان لها أنها علقت أربع رحلات أسبوعيا إلى مدينة النجف بسبب الوضع الأمني في مطارها. وحذت شركة فلاي دبي حذوها. وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أنه سيجرى تحويل لمسار الرحلات الإيرانية المقررة لمدينة النجف إلى بغداد.

اما العاصمة فقدت شهدت تظاهرات في ساحة التحرير وفي منطقة الشعلة ، ليصل تداعيات الامر الى محاصرة المتظاهرين لمصفى الدورة النفطي اليوم حسب شهود عيان لمواقع صحفية عراقية

وأشار مصدر إلى أن” المتظاهرين رفعوا شعارات مطالبة بتحسين الخدمات والطاقة الكهربائية ومحاسبة سراق المال العام”.

البصرة تتحدث

أكد رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة البصرة، محمد المنصوري أن:" قطع الطريق باتجاه الموانئ من قبل المتظاهرين سيؤثر بشكل كبير على حركة الموانئ التجارية" .

وقال المنصوري الجمعة ان :"هناك تدخلات من قبل الخيرين مع المتظاهرين لتهدئة الأوضاع وفتح الطريق أمام مرور الشاحنات التي توقفت بسبب منعها من قبل المتظاهرين".

وأوضح ان:" توقف الشحنات ومنعها من المرور سيؤثر بشكل كبير على حركة التجارة في الموانئ العراقية وسيدفع التجار إلى تحويل بضائعهم إلى منافذ أخرى وهذا سيؤثر على الجانب الاقتصادي لمدينة البصرة ".داعيا في الوقت ذاته إلى تهدئة الأمور واللجوء الى لغة الحوار من قبل ممثلين عن المتظاهرين مع الحكومة المحلية .

حسب اقتصاديون

الخبير الاقتصادي ، همام الشماع يقول اثناء حديثه لـ(وان نيوز) ان :" اغلاق الموانئ والمنافذ الحدودية والمطارات سيشل الحركة الاقتصادية في البلاد بشكل عام ،لاسيما اذا ما تم التعرض الى آبار النفط مما يؤدي الى ايقاف الانتاج الذي يحتاج الى عدة اشهر الى اعادته من جديد". معتبراً هذه الموجة مدمرة للاقتصاد العراقي.

ويضيف:" اغلاق المنافذ الحدودية سينذر بشحة البضائع مع ارتفاع كبير في الاسعار في المناطق التي تشهد موجة التظاهرات".

ويعتقد ان :" العراق سيشهد كارثة اقتصادية فيما لو توقف انتاج النفط في الموانئ الجنوبية ،لاسيما وان الموازنة تعتمد بشكل كلي على ايرادات النفط التي تشكل البصرة منها نسبة كبيرة".

وهذا ما يذهب اليه ايضاً الخبير في الشأن الاقتصادي ،باسم أنطوان اذ يقول لـ(وان نيوز) ان :" ان التظاهرات حق مشروع لكن يجب ان تُذهب هذه العملية، وتكون قيادات التظاهرات واعية ومدركة لما قد نصل اليه من بعض التصرفات التي من شأنها ان تعرقل الاقتصاد العراقي".

ويشير الى ان :" ايرادات ميناء ام قصر من جمارك فقط تبلغ 25 مليار دينار شهرياً، واغلاقه سيؤثر على العمالة والنقل ويسبب خسائر للدولة".

وتتواجد في ميناء ام قصر الشمالي أكثر من 500 شاحنة على مختلف أرصفتها والبالغة 14 وعلى مدار اليوم لنقل مختلف تلك الحمولات. ويبلغ حجم الايراد المالية لميناء ام قصر الشمالي وحده في العام الماضي 2017 ،170 مليار دينار.

ويذكر ان الاحتجاجات في العراق دفعت بالمجلس الوزاري للأمن الوطني لعقد اجتماع طارئ برئاسة رئيس الحكومة حيدر العبادي لمناقشة الوضع الأمني.

فيما توجه العبادي إلى البصرة، آتيا من بروكسل حيث كان يشارك في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، واجتمع مع قيادة العمليات العسكرية للمحافظة.

قد توقف الاحتجاجات تصدير النفط

هذا ما يؤكده الاكاديمي الاقتصادي ، محمد عبد الرحمن، في تصريح له أن :"الاحتجاجات الشعبية التي عمت محافظات جنوب ووسط العراق قد تصل إلى حد قطع تصدير النفط".

وأضاف أن "نسبة البطالة في العراق وفق إحصائيات غير دقيقة وصلت إلى 30 %".

وأوضح أن "تشغيل قطاعات الصناعة والسياحة بشكل منظم سيخفف من نسبة البطالة الموجودة بين الفئة الشبابية في البلاد".

وعن تأثير الاحتجاجات الشعبية على القطاع النفطي وتصديره، أفاد عبد الرحمن بأن "المظاهرات الحالية توجه رسائل إلى الحكومة وقد تصل إلى قطع تصدير النفط وهذا له تأثيرات سلبية على القطاع النفطي في العراق".

وأردف يقول: "الشركات الأجنبية التي تعمل في قطاع النفط سحبت موظفيها ومستشاريها جراء التوتر الحاصل في المناطق التي تشهد الاحتجاجات الشعبية"، مشيراً إلى أن "عملية سحب الموظفين ستؤثر على الاستثمار في البلاد".

يذكر ان السلطات الأمنية فرضت مساء حظر التجوال من يوم السبت في البصرة وكربلاء والنجف إلى أشعار آخر غير مسمى.

فيما شهد العراق تراجع بشكل حاد خدمات الإنترنت في البلاد وانقطعت الاتصالات عبر تطبيقات فايبر ووتس آب. ويقول مراقبون محليون إن انقطاع خدمات الأنترنت محاولة من الحكومة لمنع الاتصالات بين المتظاهرين ومحاولة لمنع انتشار رقعة الاحتجاجات في عموم العراق.