طرح الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي، السبت، 12 فكرة لـ”اعادة بناء” الحزب بعد الأزمات التي تعرض لها، مشيرا إلى ان ما حصل في 2018 من فقدان الحزب لرئاسة الوزراء ودخوله بقائمتين الى الانتخابات لا يرقى الى ان يكون “مفترقا”.


وقال المالكي في بيان، إنه “نعيش في هذه الأيام مرحلة جديدة من عمر عراقنا العزيز، ومن أهم معالمها ـ على المستوى الوطني ـ مخاضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، و ـ على المستوى الدعوي ـ مخاضات ولادة مرحلة إعادة بناء حزبكم المبارك حزب الدعوة الإسلامية”.

وأضاف أن “مرحلة إعادة بناء “الدعوة” فكرياً وتنظيمياً وسياسياً بحاجة الى تعاضد جهود جميع الدعاة؛ منتظمين ومنقطعين؛ سواء في البعد التنظيري والتخطيطي، أو في البعد العملي والميداني”، مبينا أنه “لايمكن لهذه الجهود أن تتكلل بالنجاح؛ إلًا بالتوكل الحقيقي على الله تعالى، وتجاوز الأعباء النفسية للمرحلة السياسية والدعوية السابقة وأخطائها، ومانجم عنها من واقع داخل “الدعوة”؛ لا سيما مسار الإنتخابات البرلمانية ونتائجها؛ لأن المراجعة الموضوعية الشجاعة رهينة الأجواء النفسية السليمة والعلاقات البينية الطبيعية بين الدعاة”.

وتابع أنه “ربما أفرز حرص “الدعاة” على حركتهم المباركة؛ نوعاً من الشعور بالإحباط والحزن حيال ما وُصف بالتراجع والخسارة في نتائج “الدعوة” السياسية؛ وهو شعور إيماني وإنساني طبيعي، ودليل على شعور “الدعاة” العالي بالمسؤولية تجاه “الدعوة” ومبادئها وكيانها”، مشيرا إلى أن “من حق “الدعاة” أن يتألموا بسبب مآلات الأمور خلال السنوات الأربع المنصرمة، وأسلوب مشاركة “الدعاة” في الانتخابات الأخيرة، و عدم اندماج القائمتين اللتين يتقدمونهما، وغياب الوضع التفاوضي المشترك الذي يخدم أهداف الدعوة”.

واردف المالكي أنه “ما ينبغي أن نؤكد عليه لإخواننا الميامين هو أهمية التوازن في هذا الشعور؛ فلا إفراط ولا تفريط؛ لأن التوازن هو المنطلق الحقيقي للسير قدماً نحو العودة الى أصالة نظرية “الدعوة” ومبادئها، وإعادة بناء كيانها الفكري والتنظيمي ومشروعها السياسي. أما الاستغراق في حالة التلاوم وتوزيع الشبهات، وتعميق الشعور بالإحباط؛ فإنه لا ينسجم مع طبيعة الداعية، وشخصيته الشجاعة، وتاريخه المثقل بالمحن والتضحيات، وقدرته المستمرة على الاستنهاض والنهوض”.



ولفت إلى أن “طبيعة العمل السياسي و التنافس على السلطة والتداول السلمي لها؛ تعني أن أي حزب لايمكن أن يبقى على رأس السلطة الى الأبد؛ مهما بلغ هذا الحزب من القوة والحجم. بل أن من البديهي أن تؤدي مخرجات الممارسة الديمقراطية الى أن يكون الحزب يوماً على رأس الحكومة، وآخر مشاركاً فيها، وثالث في المعارضة. وكل هذه المواقع لا تفرحنا ولاتحزننا؛ إلّا بمقدار تحقيق مرضاة الله تعالى والتمسك بمبادئ دعوتنا المباركة وخدمة شعبنا الكريم من خلالها. ومن يعتقد أن طريق العمل الإسلامي والممارسة السياسية ليس فيه خسارة أو ضريبة أو عقوبة أو نضال؛ فليتنح عن الطريق، ويفسح المجال لمن ينهض بالواقع من جديد”.

وخاطب المالكي اعضاء وقيادات حزب الدعوة بالقول: “لايغيب عنكم أن حجم المحن والأزمات التي تعرض لها حزبكم المجاهد؛ لأسباب خارجية ـ غالباً ـ وداخلية ـ أحياناً ـ في الأعوام 1971 و1972 و1974 و1979 و1980 و1981 و1987 و1999؛ وصولاً الى العام 2014؛ كانت كل واحدة منها كفيلة بأن تدفع الخصوم والمنافسين للمراهنة على إنهيار “الدعوة” ونهايتها؛ إلّا أن ما سميناه سابقاً بقدرة الدعوة المستمرة على المراجعة والنهوض؛ كان كفيلاً بتجاوز كل تلك المحن والصعوبات والأزمات؛ وإن بقيت رواسب بعضها تُتعب “الدعاة” وتشغلهم. وقد أشارت نشرات “الدعوة” وأدبياتها الى هذا اللون من المحن، وأساليب تجاوزها، و الى إمتلاك “الدعوة” دينامية القدرة على ذلك”.

واعتبر أن “حصل داخل “الدعوة” خلال العام الحالي ( ٢٠١٨)؛ هو مجرد مفترق؛ لايرقى في حجم معاناته الى المحن التي سبق أن تعرض لها الحزب. وإذا كان “الدعاة” قد أخفقوا في بعض النتائج السياسية؛ فهو مجرد جولة ضمن معترك العمل. و أمام “الدعاة” مستقبل طويل للكدح. وأجزم أننا ـ بفضل الله وحكمة إخوانكم ـ تجاوزنا معظم تبعات الأزمة، وحاصرنا كثيراً من مواطن الخلل، ومنعنا المزيد من التشضي والتراجع”، مبينا أن “مفترق العام 2018 هو مفترق للإعتبار والتأمل والدراسة؛ ليكون الإعتبار مدخلاً لمرحلة إعادة البناء. وهو ما يدعونا أيضاً الى نبذ كل الحالات السلبية التي تحول دون المراجعة الموضوعية واكتشاف مكامن الخلل وأسبابه ومخرجاته، والنهوض مجدداً بعزيمة أكبر وبعقل علمي أعمق”.

ودعا المالكي في نقاطه الـ12 التي طرحها لاعادة بناء حزب الدعوة “التحضير لمؤتمر الحزب القادم؛ بمضامين ورؤى ودراسات رصينة؛ لتكون مداخل لصدور قرارات عملية مهمة وأساسية عن المؤتمر والاهتمام بموضوع الدعاة المنقطعين عن التنظيم، والمبادرة بالتحرك عليهم لضمان عودتهم الى تنظيمات الحزب؛ فمعظمهم طاقات تنظيمية وفكرية و إعلامية وجهادية وميدانية كبيرة، ولا بد من الإستفادة منهم في مشروع إعادة بناء الحزب”.

وحث المالكي على “إعادة تدوين نظرية “الدعوة” وثوابتها الفكرية وأساسيات ثقافتها؛ بما ينسجم مع تطورات الواقع وتحولاته، وتدوين خطة للإنتاج الفكري المستقبلي”، مشددا على ضرورة “مأسسة الحزب وإعادة بناء هيكله التنظيمي؛ بما ينسجم ومتطلبات الواقع، وسياقات عمل المؤسسات الحزبية العالمية المتطورة”.

وطالب المالكي بـ”تعديل النظام الداخلي؛ بما ينسجم ونظرية “الدعوة”، وتحولات الواقع، وقانون الأحزاب في العراق”، مشيرا إلى أن “التكامل السياسي والفكري والإعلامي مع تنظيمات الدعاة الأخرى؛ وصولا الى إيجاد صيغ عملية لإعادة توحيد الدعاة في إطار واحد”.

ودعا إلى “تدوين مشروع الحزب السياسي وحراكه المستقبلي داخل الحكومة والبرلمان، وعلاقاته وتحالفاته الداخلية والخارجية. ويستوعب المشروع التحضير لانتخابات مجالس المحافظات وانتخابات العام 2022 وتدوين السياسات الإعلامية ووسائل تنفيذها بمنهحية حديثة و أدوات متطورة”، مؤكدا على أهمية ”

واقترح المالكي “إعادة بناء تنظيمات الحزب، وإيجاد آليات عملية لتنشيطها وتقويتها وتوسيعها؛ عبر الانفتاح على الشرائح الاجتماعية المختلفة؛ كالطلبة والشباب والمرأة والعشائر وذوي المهن والموظفين والكفاءات العلمية وإيجاد آليات لتنشيط الجانب الدعوي الديني؛ لا سيما على مستوى المساجد والحوزات والحسينيات والجامعات والندوات والإعلام الديني المتجدد”.

وحث المالكي على ضرورة “بناء أجيال جديدة من القادة والمدراء الدعاة؛ من خلال أكاديمية متخصصة بهذا الجانب والاهتمام بالجانب البحثي والتخطيطي؛ عبر مركز دراسات مركزي يعني بالبحوث الستراتيجية والتنظيمية والفكرية ذات العلاقة بفكر الحزب ومسيرته وعمله وحضوره في الدولة”