وأخيراً اعترفت السعودية باغتيال جمال خاشقجي، بعد أكثر من أسبوعين من الإنكار والكذب ومحاولة تضليل الرأي العام والقول بخروج جمال من مبنى قنصليتها في إسطنبول على لسان وليّ عهدها بنفسه، ليبتلع بعد تأكيد الأدلة التركية مقتل خاشقجي كل ما قاله من قبل بدون خجل وبقوة عين يدعي فيها وهو المجرم الأول، البراءة من دم خاشقجي.‬

لا يهم إن كانوا قد اغتالوه أو قتلوه، فالمسألة برمتها هي عملية تصفية منظمة ومتعمدة بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى، تؤكد أن ثقافة الاغتيالات والاعتقالات وتكميم الأفواه وإرهاب المعارضين حتى النساء منهم، أصبحت ثقافة رائجة لابن سلمان، وديدن هذا العهد الملكي السعودي الذي وصل لأدنى درجات الانحطاط وهو يمارس مثل هذه الجرائم والغدر الشائن بحق مواطنيه داخل وخارج بلادهم دون مراعاة للقواعد الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول!!‬

جاءت الرواية السعودية بشأن الكيفية التي تمت بها تصفية خاشقجي سطحية وساذجة، لا يسندها منطق ولا يصدقها عقل، اللهم إلا لدى من باعوا ضمائرهم، واستبدلوا المبادئ بالمصالح وصفقات المال والسلاح، ليؤكدوا قولاً وفعلاً أن السياسة لعبة بلا مبادئ.‬ واخيرا مصادر تركية ترجح وصول راس الضحية الرياض بعد ان طلبه ولي العهد بنفسه لينتشي بالخمر فرحا كما فعل اجداده الامويين بالمعارضين

نسي ابن سلمان ما قاله لمجلة بلومبيرج من أن خاشقجي دخل القنصلية السعودية بإسطنبول وخرج منها ليثبت البيان السعودي الركيك والكاذب أن وليّ العهد يكذب، إنه منافق به خصلة من كذب، بل كل صفات المنافق الأفاك، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال تصديق ما جاء في البيان السعودي لأن كل مقدمات الروايات السعودية حول هذه القضية التي شغلت العالم، جاءت كلها كاذبة ومضللة، تنطوي على استهتار وقح بحقوق المواطن السعودي البسيط، وبالقيم الإنسانية والدينية، ما دام هناك من علماء الدين السعوديين من أمثال السديس يزيّن له الباطل ويجعله حقّاً، دون أن يجرؤ على قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر!!‬

لن يرتاح ابن سلمان من غدره البغيض بخاشقجي وتخلصه البشع منه، مهما حاول التنصل من جريمته النكراء وتحميلها لأشخاص غيره.. ستزداد معاناته وتكثر التساؤلات والشكوك حول المستقبل المظلم الذي ينتظر السعودية تحت قيادته الشيطانية.. ستطارده روح خاشقجي في صحوته ومنامه، لتسأله بأي ذنب قتلت؟.. لقد أفسدت يا بن سلمان على خاشقجي دنياه.. وأفسد عليك دنياك وآخرتك.‬

قتل ابن سلمان خاشقجي بعد أن استعصى عليه، وأراد دفنه بكامل أسرار وتفاصيل الجريمة النكراء ليلفها الغموض ويطمرها مع الوقت، لكن يقظة الأمن التركي والادعاء العام هناك، وكشفه يومياً عبر تسريبات لأجزاء من الجريمة، وإثبات ارتكابها داخل القنصلية السعودية بإسطنبول منذ بداية التحقيقات، هي التي أدت إلى إقرار السعودية بارتكاب الجريمة، في تقاطع واضح وصارخ مع موقفها السابق حولها، وحالة الإنكار التي دمغت تصريحاتها بهذا الخصوص منذ البداية. ‬