النظام الأقاليمي البرلماني الفيدرالي..نظرة اخرى لجمهورية العراق الجديد
بقلم: رياض الحسيني/ كاتب وسياسي عراقي – كندا-
www.geocities.com/numnmat
كثيرا ما تقدمت جهات عدة سواء اكانت اكاديمية او حزبية او مستقلين بمقترحات عدة حول شكل الحكم الذي سيكون مناسبا للامة العراقية مستقبلا. وفي الوقت الذي زاد فيه اللغط بين اغلب الاطراف الحزبية القومية والمؤدلجة من جهة والدينية من جهة اخرى حول طبيعة النظام الذي سيحكم وشكله فضلا عن جوهره، ففي النهاية لن يتحقق شئ على ارض الواقع الا من خلال التوافق ورأي الاغلبية سواء اكان شكل الحكم مركزيا او فيدراليا او مطعما بين هذا وذاك.
بطبيعة الحال ان اعطاء نوعا من السلطة والمشاركة الفاعلة لعموم الشعب انما هي خطوة جديرة بالاهتمام نحو تحقيق الاهداف المرجوة من أي نوع من الانظمة، والتي ينشد من وراءها الجميع العدل والعيش بطمأنينة. والامر كذلك فهو لا يخرج من اطار الدمقرطة التي يصبو اليها الجميع وتنشدها كل المعسكرات والتلاوين.
وما دمنا متفقين على ان النظام الاصلح هو حكم الشعب لنفسه بغض النظر عن طبيعة الحكم، فيجدر بنا حينئذ الاستفادة من تجارب الامم الاخرى في مسيرتها نحو الازدهار والاستقرار، والتي انفقت فيها سنوات من الحرمان والقهر ومرارة السلطة. بيد ان ابقاء الحبل على غاربه امر في غاية السذاجة ليصل الى التبلد احيانا. التجدد شئ انساني جميل شريطة ان يكون هذا التجدد نحو الافضل والاصلح. ودولة العراق ليس بشاذة عن تلك القاعدة خصوصا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ما عانته الامة العراقية من ذل وضيم وتسلط من قبل اغلب الحكومات المركزية التي تعاقبت على ادارة دفة الحكم من بغداد. لذا فالمشاركة الشعبية مطلوبة بعد التجارب
المريرة، والمراقبة الشعبية لسير الامور في البلاد مطلوبة ايضا، بل حتمية ولا تنازل عنها. ومن بعد كل ذلك يصبح عقلانيا الاخذ بكل المقترحات والدراسات والتلاقح فيما بينها للوصول الى انجع الحلول، ومن ثم الخروج الى النور كأمة متكاتفة قادرة على حكم نفسها بنفسها دونما حاجة الى رقيب او شرطي من امة اخرى.
ووسط كل تلك الامال الكبار في بناء عراق جديد ينعم فيه الجميع بالرغد والكرامة في ظل العدالة الاجتماعية، يبرز اقتراح النظام البرلماني الاقاليمي، الذي جاء من ابتكار شخصي لن يكون الاخير في هذا المضمار حتما.
ببساطة يتألف هذا النظام الذي هو عصارة تفكير شخصي كما اسلفنا من اقاليم خمسة تم الاخذ بنظر الاعتبار في هيكلتها الطبيعة الديموغرافية، وسايكلوجية المجتمع الذي سيؤلف كل منها. علاوة على ذلك، تم الاخذ بنظر الاعتبار مجاورة المناطق الواقعة ضمن الاقليم الواحد لبعضها البعض فضلا عما يجمعها من الوشائج الاجتماعية والمنافع الاقتصادية والسياسية. والتفصيل الاتي يترجم الاقتراح بصورة اكثر اسهابا.
النظام الفيدرالي البرلماني الاقاليمي: هو نظام ديمقراطي يترجم حكم الشعب لنفسه من خلال المؤسسات التشريعية والسلطات التنفيذية التي يسنها باعتباره مصدر السلطات والتشريع. يتخذ هذا النظام اسلوب الانتخابات الحرة والنزيهة في مجمل تفاعلاته السياسية. كماويؤكد هذا النظام على المنحى الجغرافي الاداري للفيدرالية بعيدا عن القومية والدين والمذهب والحدود المناطقية او اي شكل من اشكال التعصب.
الأقاليم الخمسة التي تؤلف دولة العراق الفيدرالية وعناوينها المختصرة:
1. بغداد –كركوك (اقليم العاصمة)
2. الموصل –صلاح الدين – الانبار (اقليم نينوى )
3. البصرة - السماوة - الناصرية – العمارة (اقليم الرافدين)
4. دهوك – اربيل – السليمانية (اقليم كوردستان)
5. النجف – كربلاء - الديوانية – واسط - بابل- ديالى (اقليم الفرات الاوسط)
خطوط عريضة:
1. تلحق مدينة كركوك بالعاصمة العراقية بغداد لتشكلان اقليم اداري واحد طالما ان المشروع برمته يعتمد النظام الاداري والجغرافي للفيدرالية. هنالك اكثر من سبب لالحقاء مدينة كركوك بالعاصمة واولها التركيبة السكانية الاثنية التي تمثل محافظة كركوك. ثانيا الثروة النفطية التي ستكون عاملا مؤثرا في استقرار العراق كدولة وازدهار العاصمة كواجهة سياسية وحضارية لعموم اقاليم العراق والشعب العراقي، خصوصا لو علمنا ان الاقاليم الاربعة الاخرى تتمتع بثروات طبيعية عدا العاصمة.
2. كافة وزارات الدولة يكون مقرها بغداد والتي تمثل كافة الاقاليم الجغرافية الخمسة. من الضروري انشاء دوائر في كل اقليم تابعة للوزارات لتنظيم العمل وخلافه.
3. . تشترك المناطق الواقعة ضمن الاقليم بثروات الاقليم وتصرف تبعا للحاجة والضرورة التي يحددها برلمان الاقليم. ويأتي ذلك بعد مصادقة مجلس الشعب عليها الذي يرفعها بدوره الى مجلس الوزراء للبت النهائي في تنفيذها. اما ما فاض عن ثروات الاقليم فيحوّل جزء منها الى صندوق الدولة الفيدرالية الذي انشأ لهذا الغرض، بينما يحفظ الجزء الاخر في صندوق الاقليم. الغاية من الصندوق هي المساعدة في معالجة المشاكل التي تعاني منها بقية الاقاليم. وما ذلك الا بسبب تمركز الثروات في طرف وانحسارها عن طرف اخر.
رئيس الدولة الفيدرالية:
رئيس الدولة ينتخب انتخابا جماهيريا ومباشرا عبر صناديق الاقتراع. حيث تستمر الفترة الرئاسية مدة اربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. ويشترط في ترشيحه موافاته للشروط التي يسنها المجلس التشريعي لهذا الغرض.
رئيس الحكومة الفيدرالية:
يتم انتخاب رئيس الحكومة الفيدرالية من قبل مجلس الشعب (برلمانيا). وباختياره يحصل على ثقة الشعب في اختيار أعضاء حكومته اضافة الى رؤوساء الاقاليم الخمس. ويشترط في تقدمه للانتخابات تزكية المجلس التشريعي من حيث موافاته للشروط.
الحكومة الفيدرالية:
تتكون الحكومة الفيدرالية التي تمثل دولة العراق الفيدرالية من رؤساء البرلمانات في الاقاليم الخمسة، فضلا عن الذين يتم اختيارهم من قبل رئيس الحكومة الفيدرالية الذي تم انتخابه للتو من قبل البرلمان الفيدرالي (مجلس الشعب). مقر الحكومة هو بغداد باعتبارها عاصمة دولة العراق الفيدرالية الموحدة.
رئيس البرلمان الاقاليمي:
يتم انتخابه من قبل برلمان الاقليم انتخابا مباشرا عبر صندوق الاقتراع، وبعد موافاته للشروط التي تسنها السلطة التشريعية.
البرلمان الاقاليمي:
1. يتم انتخاب برلمان الاقليم عن طريق الترشيح والاقتراع المباشر من شعب الاقليم. وبذلك تشترك المناطق الواقعة ضمن الاقليم باختيار النواب الذين يقع على عاتقهم لاحقا اختيار رئيس حكومة الاقليم الذي يفوض لمنصب وزير في حكومة الدولة الفيدرالية بعد موافاته للشروط وتزكية المجلس التشريعي. علاوة على ذلك يكون نواب البرلمان الاقاليمي ممثلين شرعيين لشعب الاقليم في مجلس الشعب.
2. التمثيل في البرلمان الاقاليمي يكون تبعا للعدد السكاني للمنطقة الانتخابية، على فرض ممثل لكل خمسين الفا. اما عن مقار الوزارات الفرعية الادارية فيخضع لقانون تؤكد شرعيته الحكومة الفيدرالية في بغداد بالتشاور مع حكومة الاقليم.
مجلس الشعب:
ويتكون مجلس الشعب (البرلمان الفيدرالي) من اعضاء البرلمانات الاقاليمية، ومقره العاصمة بغداد.
المجلس البلدي:
مهمة المجلس البلدي تتمحور حول خدمة اهالي البلدة اداريا وسياسيا واجتماعيا. بحيث لا يزيد عددهم على السبعة أشخاص ينتخبون رئيسا لهم من بينهم.
1. يحق لرئيس المجلس البلدي ان يجدد فترة انتخابه لفترتين انتخابيتين فقط. كما يحق له الترشيح لمنصب برلماني الاقليم بعد انتهاء فترة رئاسته للمجلس البلدي دونما حاجة لفترة زمنية فاصلة. مع الاخذ بنظر الاعتبار استحالة الجمع بينهما.
2. يفترض لكل منطقة ادارية يزيد عدد نفوسها على الخمسين الفا وواقعة ضمن الاقليم الفيدرالي ان يكون لها مجلس بلدي يتم انتخابه لمدة اربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة أخرى فقط، عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر. ويكون لهذا المجلس المنتخب عمدة او رئيس يكون بمثابة الممثل الرسمي لكافة مواطني المنطقة امام الحكومة الفيدرالية في بغداد وبرلمان الإقليم. وبذلك يكون لكل منطقة انتخابية شخصين يمثلان المنطقة ادارية منتخبان من جمهور المنطقة. احدهما برلماني المنطقة والاخر عمدتها.
توضيح: بعد ما ورد اعلاه يتبين لنا ان الانتخاب سيكون انتخابا هرميا وبايجاز:
1. شعب الاقليم ينتخب ممثلي برلمان الاقليم مباشرة.
2. شعب الدولة الفيدرالية ينتخب رئيس الجمهورية الفيدرالية مباشرة.
3. القاعدة الشعبية للمنطقة تنتخب رئيس المجلس البلدي واعضاءه مباشرة.
4. البرلمان الاقاليمي ينتخب رئيسا له انتخابا حرا ومباشرا.
5. رئيس البرلمان الاقاليمي يعتبر وزيرا منتخبا شعبيا، وليس منصّبا من قبل رئيس الوزراء. وهذا بحد ذاته يعتبر نصرا شعبيا يقود الى مزيد من الديمقراطية والانعتاق. بمعنى ان كل اقليم قد قدّم وزيرا ينوب عنه في مجلس الوزراء. وبذلك يعتبر رئيس كل برلمان اقاليمي نائبا لرئيس مجلس الوزراء في حدود اقليمه فقط، شريطة ان يحظى بتزكية المجلس التشريعي وموافيا للشروط القانونية والدستورية المشرعة لهذا الغرض.
6. برلمانات الاقاليم الخمس تشكل ما يسمى (مجلس الشعب)، فيما هو البرلمان الفيدرالي للجمهورية العراقية الفيدرالية.
7. البرلمان الفيدرالي ينتخب رئيس الحكومة الفيدرالية، الذي يحق له اختيار اعضاء حكومته الاخرين والذين يشكلون فيما بعد مع رؤوساء برلمانات الاقاليم الخمس ما يسمى بمجلس الوزرءا للحكومة الفيدرالية.
بعد هذه الخطوط العريضة لشكل الحكومة وهيكلتها فان الامر لا يخلو من نكتة حكم الشعب لنفسه، بينما يبقى الاقتراح برمته في نهاية الامر بحاجة الى تدقيق محايد ودراسة جدية ودراية قانونية وتعديل ايجابي.