-
نحن من يصنع الطغاة
لا اظن ان هناك شعبا اخر في كوكب الارض وربما في المجموعة الشمسية ، على فرض ان هناك حياة بشرية عليها ، يمكن ان ينافسنا نحن ابناء بلاد ما بين النهرين، في فن صناعة الطغاة ، فهي صناعة عراقية 100% ومن ينفي ، عليه يقع عبء الاثبات .فالاصل في حكم هذه البلاد هو للطغاة وحكم غيرهم هو الاستثناء ، فنحن مع القوي حتى يضعف وضد الضعيف حتى يقوى.هذه هي بلادنا وهذه هي حقيقتنا وهذه هي سايكولوجيتنا . هذا ما يقوله التاريخ ، فلماذا نستحي من تاريخنا . وهذه هي الحقيقة ، فلماذا نستحي من حقيقتنا . ، فنخن متخصصون في صناعة الطغاة بكامل المواصفات .ولا شك انها من اصعب الصناعات ، فمن السهل ان تصنع طائرة اسرع من الصوت ،ولكن من الصعب ان تصنع طاغية قادرا على ابادة الآلاف من ابناء شعبه بالاسلحة الكيميائية دون ان يرف له جفن. او تذرف عيناه دمعة ، او يتعكر مزاجه ، ويحارب لربع قرن في الاتجاهات الاربع دون ان يكل او يمل ، ويقطع الالسن ويذبح اصحابها بالسيف نهارا جهارا ، ثم تحمل العرب العاربة والمستعربة الرؤوس المقطوعة في العقد الاخير من القرن العشرين وهي ترقص وتردح وتهز فرحا بمشاهد ذبحها الهمجي ،. طاغية يكذب علينا ونصدقه ونكذب عليه ويصدقنا ويذبحنا ونرقص له ، فهذه مهارات ، دربناه عليها شيئا فشيئا خطوة فخطوة . فكلما اتقن درسا منها احتفينا به وهتفنا له بأعلى اصواتنا (بالروح بالدم نفديك يا جلاد ) وكلما زاد ظلما وجورا زدناه رقصا وردحا وحبورا ، وتنافس شعرائنا على مديحه بالقصائد العصماء ، و(هوّس) له شيوخنا ورؤساء افخاذنا (اتشور والله اتشور، بيك ارسوم من اهل البيت ، اتشور والله اتشور....) واطلق عليه واعضونا (جزاهم الله خير الجزاء)كل اسماء الله الحسنى وزادوا عليها عشرة . باختصار نتعب عليه كثيرا ، الى ان يصبح طاغية بكامل المواصفات، ليس هناك فترة محددة لكي يكون بكامل المواصفات لانها تختلف باختلاف امكاناته ومواهبه فقد تستغرق سنة او بضعة سنين . والويل كل الويل لمن تخور قواه ويسقط سيفه من يديه ويفشل في تعلم دروس الاستبداد ، لا نكتفي بترقين قيده واعتباره راسبا ونخلي سبيله فيعود لعياله ونرحم بحاله، فهذا من المحال ، فمصيره محتوم القتل والتمثيل والسلخ والسحل ورميه في دجلة (الخير) بلا قبر ولا كفن. هكذا فعلنا بنوري السعيد ونجله صباح وفيصل الثاني وعبد الاله وهكذا فعلنا بعبد الكريم قاسم ، والقائمة تطول ، فعقوباتنا له تمتد الى ما بعد الموت ، لها اول وليس لها اخر، فتطال عائلته وعشيرته لتصل الى سابع جار. هذه صنعتنا جيل يسلمها لجيل وطا غية يسلمها لطاغية، فنحن حاضنون عاشقون جاذبون لجلادينا طاردون لاحرارنا وعلمائنا ومفكرينا ومبدعينا . فاين عمالقتنا من امثال الجواهري و البياتي و عزيز السيد جاسم وبلند الحيدري و هادي العلوي و زينب و الدكتور عبد الجبار عبدالله والقائمة تطول وتطول؟.
الحقيقة التي ليس من المصلحة الوطنية اخفائها ، اننا شعب يميل تاريخيا الى العنف الدموي الذي نكاد لا نرى له مثيلا في بعض صنوفه في بقية شعوب الارض ،فمثلا التمثيل بالجثث وذلك بتقطيع اوصال الميت وتوزيعها الى الكلاب او ترك جثة القتيل دون دفنه لتفترسه الكلاب والذئاب ، اوسلخ جثة القتيل كما حصل لجثة عبد الاله بعد قتله في صبيحة الرابع عشر من تموز. ونبش قبر عبد الكريم قاسم واخراج جثته ورميها في دجلة بعد ربط رجليه في ثقل من الطابوق . او اذابة المعارضين في احواض السيانيد .او اطلاق الكلاب والنمور الجائعة لافتراسهم واحدث الاساليب ما قامت به عصابات القاعدة الاجرامية هو تفخيخ الجثث لتنفجر على ذويها عند محاولتهم اخلائها . الحقيقة لم نجد لد ى شعوب اخرى بما فيها افغانستان التي انطلق منها تنظيم القاعدة جريمة التمثيل ، فجثة الميت محترمة لدى كل الشعوب بصرف النظر عن سبب موت صاحبها . يذكر ان وفدا عراقيا من الضباط القوميين الذين قادوا ثورة تموز1958قام بزيارة القاهرة واللقاء بالرئيس المصري جمال عبد الناصر في الايام الاولى للثورة ، قدم رئيس الوفد هدية وضعت في غلاف يشبه غلاف الساعة اليدوية الى عبد الناصر قائلا له( انه اصبع نوري السعيد، يسرنا ان نقدمه هدية لسيادة الرئيس ) ، فاشمئز عبد الناصر كثيرا من هذه الهدية وانبهم كثيرا ووعدهم ان ثوارا بمثل هذا المستوى ، لابد ان يكون مصير ثورتهم الفشل ، وانصرف غاضبا ، وامر بدفن الاصبع في احد مقابر القاهرة ،وفعلا وقع ما وعدهم به . تصوروا هذا مستوى النخبة !! فكيف بمستوى الرعاع ؟!! ، هذه شواهد من التاريخ الحديث التي اعتقد الكثير من المثقفين العراقيين انها لن تتكرر،الا ان الاحداث التي شهدها العراق بعد سقوط الدكتاتورية واعمال السلب والنهب التي سميت بالحواسم وجرائم القاعدة والعصابات التي وقعت بشكل اكثر عنفا ودموية من كل سابقاتها في التاريخ ، تؤكد ان سايكولوجية الشعوب لاتفقد خواصها تماما ، وانما قد تسبت ولكنها لاتموت ، فتنهض عندما تتوفر مناخاتها المناسبة ، هذه شواهد من التاريخ القريب ، اما الشواهد من التاريخ البعيد فتضيق بها كتب التاريخ . ولناخذ مصدرا واحدا تسهيلا للقاريء الكريم وهو كتاب( تاريخ العنف الدموي في العراق) لمؤلفه باقر ياسين . مراجعة باسم عبد الحميد حمودي .وهو يصف هذا التاريخ( ان العنف والسلوك العدواني بصوره المتعددة يكاد ان يكون الصفة المرافقة لنشاطات الانسان منذ بدء الخليقة، لكنه يجد في تاريخ العراق ، منذ اقدم العصور وحتى اليوم شيئا مختلفا ، فهذا التاريخ لايزدحم بأحداث العنف الدموي والظلم والقسوة والشراسة فحسب بل ان تلك الاحداث تميل على نحو ظاهر للاتصاف بالمبالغة والتطرف والتصعيد اللامعقول في اداء هذه المعاني جميعا ، والايغال في تطبيقها وممارستها الى الحد الاقصى ، اي المبالغة بالعنف الدموي والمبالغة بالقسوة والظلم والمبالغة في الشراسة والدموية ) صفحة 18 و19 . ويضيف في الصفحة 199 ( ان مسيرة العنف الدموي في هذه البلاد تسير بمنهج واحد لا يتغير وهي مازالت متواصلة دون توقف مدفوعة بالنوازع السايكولوجية العدوانية ذاتها ، والاسلوب والمنهج التصعيدي المتفجر ذاته ولا يتغير فيها سوى التسميات وتاريخ السنين واسماء الاشخاص )
من كل ما ذكرنا نريد ان نذكر حكامنا الذين اوكلنا لهم حكمنا بملىء ارادتنا وجئنا بهم ليتولوا امرنا لاتفرحوا عندما نهتف لكم ونمجدكم و(نهوس ) لكم او عندما نردح لكم او عندما نلقي على مسامعكم قصائدنا العصماء التي قد يكفي بيت واحد منها ان يصنع سبع طغاة فعندما نفعل ذلك اعلموا انا ذاهبون معكم الى الدكتاتورية ، يعني انا ذاهبون معا الى الهاوية ، الى الخراب الشامل ، الى انهار الدم لاتعيدوا علينا مشاهد الدكتاتورية فصور صدام وجدارياتها ماتزال اثارها شاخصة فلا تذكرونا بصنعة نريد ان نهجرها لم تجلب لنا غير البلاء كما نقول للقائمين على العملية السياسية في بلادنا عليكم ان تأخذو سايكولوجية الشعب وميله الى صناعة الطغاة نصب اعينكم وانتم ترسمون المنظومة السياسية العراقية فكلما وزعتم الاختصاصات بين مؤسسات السلطة وصممتم نظام رقابة متبادل وفعال بين هذه السلطات ومنعتم انفراد اي شخص في اتخاذ القرارات ذات الاهمية الوطنية وشرعتم تشريعات تمنع تمجيد الحكام (طالما هم في سدة الحكم ) ومنعتم استمرار رؤساء السلطات الثلاث لاكثر من دورة انتخابية واحدة . وقمتم ببناء دولة مؤسسات قوية يحترم فيها القانون ويردع المتجاوزون عليه ودعمتم منظمات المجتمع المدني لتاخذ دورها الحقيقي في اعادة اعمار ثقافتنا المجتمعية التي نسفها جبروت الطغيان كلما جنبتم البلاد والعباد من صناعة دكتاتورجديد عن طريق الانتخابات قد يعيدنا الى الايام السوداء تحت عباءة من نوع جديد . فالتاريخ يقول ان بامكان الطغاة ان يتسللوا عن طريق الانتخابات او عن طريق الانقلابات وعلينا ان نتعظ من شواهد التاريخ . فمسيرة الطغيان عندنا نحن العراقيين تبدا بقصيدة شعر من العيار الثقيل تقرا في حضرة الحاكم او( بهوسة) مصحوبة بردح حلزوني او بصور كبيرة للحاكم تغزو الشوارع والساحات . وتنتهي ربما بسقوط تمثال !!! اذن احذرونا ... فنحن مع القوي حتى يضعف وضد الضعيف حتى يقوى . ونحن من يصنع الطغاة !!!
-
مصنع الطغاة
الحقيقة المرة هي ان المواد الاولية التي يعتمد عليها هذا المصنع هو الشعب العراقي فهو الذي ينتج انا وجبات متعددة من الطغاة وهذا الامر راجع الى ثقافة الشعب العراقي فأنهم ينظرون الى الرئيس وكأنه ولي نعمتهم والمتفضل والمتكرم عليهم وهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولاضرا فالرئيس هو دائما صاحب المكارم وصاحب المنجزات وهو القائد الضرورة الذي اذا فقد ينهار العالم وليس العراق فقط اذلك فكل رئيس يأتي يضرب على هذا الوتر والجماعة مصدكين امن يصير الفاس بالراس
-
المقال جميل جدا لكنه يتكلم عن الواقع الحقيقي للشعب العراقي للآسف؟؟
تسلم يأخي
لكن هل سنبقى كذلك نصنع ونمجد ونمتدح من يسرقنا ويقتلنا وينهب ثرواتنا؟
والله الظاهر أحنة العراقين ما صيرنة جارة؟.؟.؟.
-
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد للشعب يوما ان ينتصر تقبل مرورى واحترامى