عواد البندر قرر اعدام 11 شابا عراقيا بتهم جاهزة هي “العمالة”
[align=justify]عندما غادر علي ذياب نعيمة، الطالب في كلية الطب البيطري، دار والده الواقعة في محلة الكرامة في مدينة الكوت، بتاريخ 20/ 5/ 1988 لاداء واجب الزيارة الى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف ودعه والده بقبلة على جبينه وطلب منه ان يدعو له وللعائلة بالصحة والرزق وان يعود سالما في اليوم التالي، غير ان الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، اذ لم يعد “علي” لا في اليوم الثاني ولا الثالث فاخذ القلق والده الذي راح يبحث عنه ويسأل كل الذين ذهبوا معه الى الزيارة لعل احدهم يطمئنه على مصير ولده. اضطر بعدها الى البحث في ردهات المستشفيات و”ثلاجات حفظ الجثث” ومراكز الشرطة والدوائر الحكومية ذات العلاقة في زمن النظام البائد، مثل الاستخبارات العسكرية، دوائر المخابرات، مقرات الجيش الشعبي، ومقرات الحزب المنحل، الا انه لم يجد شيئا او اشارة تدله على ابنه “علي”. فأشار عليه البعض ان يتقدم ببلاغ الى شرطة واسط، لعل وعسى، رغم تضاؤل الامل، ان تتوقف عيناه عن ذرف الدموع، ففعل بما اشير اليه، وابلغ شرطة واسط في 28/ 5/ 1988 بأن ابنه “علي” (خرج بتاريخ 20/ 5/ 1988 من داره ولم يعد وانه يريد ان يعرف مصيره) شرطة واسط وكأجراء رسمي عممت اوصاف “علي” على مديريات شرطة وامن المحافظات ببرقية اوضحت فيها “ان علي طويل القامة، حنطي البشرة، شعر راسه اسود، يرتدي بنطلون جوزي وقميص ابيض نصف ردن” وعلى الرغم من مضي سنة وشهر على هذا الاجراء الا ان احدا لم يبلغ السيد ذياب نعيمة بشيء عن مصير ولده “قرة عينه علي” فقصد العاصمة بغداد وقدم طلبا الى “مدير الامن العام” يسأل فيه عن مصير ابنه ولان “الامن العامة” معتادة على ذر الرماد في العيون وتضليل المواطنين الذين فجعوا بابنائهم واخوتهم وآبائهم، بعثت اعماما الى مديريات امن بغداد والنجف وكربلاء والشعبة الرابعة ومديرية الشؤون العامة تطلب فيه تزويدها بالمعلومات المتوفرة لديها عن “المدعو علي ذياب نعمة دايش من سكنة محافظة واسط مهنته طالب في جامعة الموصل ومن مواليد 1969 والدته تدعى حميدة جلود حسن، تشير المعلومات بأنه خرج من داره يوم 20/ 5/ 1988 وذلك لزيارة العتبات المقدسة ولم يعد لحد الآن”... كان ذلك في 29/ حزيران 1989، الا ان اجابة جميع هذه الدوائر كانت: لا تتوفر لدينا معلومات عن المدعو (علي ذياب نعيمة).
السؤال بعد كل هذا اين اختفى علي؟
للاجابة، تشير الاضبارة الخاصة التي حصلت “المؤتمر” عليها الى ان “علي” ومجموعة من شباب العراق القي القبض عليهم من قبل “السلطات الامنية” واودع التوقيف وهم في طريقهم الى اداء مناسك الزيارة للعتبات المقدسة في النجف وكربلاء.
وتقول مذكرة رفعها “ضابط التحقيق/ الامن العامة/ الشعبة الخامسة” في 29/ 5/ 988 الى قاضي تحقيق الامن “بهذا اليوم تم القبض على العناصر المدرجة اسمائهم ادناه كونهم من عناصر منظمة “العمل الفارسية” ويرومون الهرب الى جانب العدو الفارسي راجين توقيفهم فترة مناسبة بغية اكمال التحقيق مع التقدير..
الاسماء: 1. راجي حمادي طعمة 2. عدنان جبار حسين 3. انذار جويد فتحي 4. علي ذياب نعيمة 5. هيثم محمد بريسم 6. حسين جاسم حسن 7. فاضل عزيز حسين 8. حبيب كريم ظاهر 9. عباس خيرا الله علي 10. كمال الدين حميد مجيد 11. علي حميد مجيد.
وقد همش القاضي على طلب ضابط التحقيق “قررت توقيفهم لغاية 13/ 6/ 1988 وفق المادة 156/ 157 التوقيع ضابط التحقيق في 29/ 5/ 1988.
تشير (صحيفة اعمال موقوف) التي نظمتها “مديرية الامن العام” والتي الصقت صورة “علي” الى انه لديه ثلاثة اشقاء هم حسن وعباس ومحسن (طلاب) واربع شقيقات فاطمة ، رقية، زينب، مريم (اطفال) وانه في المرحلة الثانية من كلية الطب البيطري في جامعة الموصل (عربي - مسلم) من مواليد 1969 (غير متزوج).
اما اسباب توقيفه فهي محاولة الهروب خارج القطر والانتماء الى منظمة “العمل الفارسية” كل هذه المعلومات تؤكد ان “مديرية الامن العامة” التي بعثت اعمامها السابق الى مديريات الامن في بغداد وعدد من المحافظات كانت تخدع هذه المديريات والمواطنين وتدعي كذبا، انها لا علم لها بالقاء القبض على المواطن علي ذياب نعيمة في وقت كانت فيه قد القت القبض عليه اثناء توجهه الى العتبات المقدسة والبسته تهمة الانتماء الى (منظمة العمل الفارسية ومحاولة الهرب الى ايران)!
في مقدمة التقرير المعنون “اخبار المعلومات الاولى” الذي كتبه ضابط التحقيق وبعث منه نسخة الى دائرة شؤون السلامة الوطنية واخرى الى رئاسة محكمة الثورة (للاطلاع). اشار الى انه “نتيجة لمتابعتنا المستمرة للعناصر الحاقدة والمعادية والتي تحمل نفسا معاديا وتروم خدمة اسيادها في نظام “الدجل القابع في قم وطهران تم تشخيص مجموعة من العناصر المعادية والتي ترتبط بمنظمة “العمل الفارسية” العميلة وتطالع كراسات المنظمة وتتابع احاديث (...) محمد تقي المدرسي وبعد ان توفرت لديهم النية للهروب الى الجانب المعادي كون اغلبهم من الهاربين من الخدمة العسكرية تم القبض عليهم في احدى السيطرات اثناء توجههم الى ايران عن طريق المنطقة الشمالية.. وتم ادراج الاسماء الحادية عشرة التي اشير اليها سابقا... الا ان التقرير لم يذكر اسم المنطقة او المدينة التي القي القبض عليهم فيها مما يؤكد ان الموضوع بمجمله مجرد تهمة ملفقة وجاهزة يمكن اطلاقها ضد اي عراقي يلقى القبض عليه وهو يتجه الى زيارة العتبات المقدسة.
ويشير “التقرير النهائي” الذي اعده ضابط التحقيق نفسه في الفقرة السادسة الى ان المتهم علي ذياب نعيمة كانت لديه علاقة صداقة مع المدعو ياسين خضير، شغله طالب في اعدادية صناعة الكوت والذي كان يحدثه بأمور دينية وعن التأريخ الاسلامي وبعدها فاتحه بالانضمام الى منظمة العمل الاسلامي وسلمه شريط كاسيت يحوي حديث لـ (....) محمد تقي المدرسي وبعدها فاتحه برغبته بالهروب الى ايران والعمل مع كوادر المنظمة فوافق على ذلك..
ولم يذكر التقرير تاريخ مفاتحة ياسين خضير الى علي ذياب للانضمام الى “المنظمة” او محاولة الهروب الى ايران! الا ان ضابط التحقيق قال في “الخلاصة” (تبين من سير التحقيق انهم ارتكبوا جرما ينطبق واحكام المواد “156 و157 من ق. ع” عليه نرتأي احالتهم بموجبها ومحاكمتهم بمقتضاها...).
بتاريخ 5/ 9/ 1988 صدر “قرار التجريم” عن رئاسة ما يسمى بـ “محكمة الثورة” المرقم 1119/ ج/ 1988 والتي تشكلت برئاسة عواد حمد البندر وعضوية العميد الحقوقي داود سلمان شهاب والعميد الحقوقي طارق هادي شكر واصدرت “باسم الشعب القرار الآتي...”
في اليوم نفسه اي 5/9/ 1988 صدر “قرار الحكم” وجاء في الفقرة (4) منه “الحكم على المجرمين كل من عدنان جبار حسين وعلي ذياب نعيمة دايش بالاعدام شنقا حتى الموت وفق المادتين 175/ 2 و298/ 289 من ق. ع بدلالة قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 137 في 13/ 12/ 1983 ومصادرة اموالهما المنقولة وغير المنقولة”...
“قرار صدر باتفاق الآراء وافهم علنا في 5/ 9/ 1988”.
بتاريخ 18/ 10/ 1988 صدرت شهادة الوفاة بحق الشهيد “علي” وزملائه المرقمة 38965 ط 3 التي تشير الى ان الحالة التي ادت الى الوفاة مباشرة هي “الاعدام شنقا حتى الموت”.
ومن خلال ما تقدم نكتشف ان النظام المجرم البائد ودوائره الامنية الوحشية كانت قد قررت اعدام المواطن علي ذياب وعشرة من شباب العراق واعدمتهم فعلا بتاريخ 18/ 10/ 1988 عن طريق احالتهم بواسطة مديرية الامن العامة والتي حاولت غش وخداع والده بأنها لا علم لديها بمصير ولده عندما ارسلت تعميمها بتاريخ 29/ 6/ 1989 الى مديريات الامن تطلب فيه اعلامها عن مصير الشهيد علي ذياب” فهل من جريمة افظع وابشع من هذه الجريمة..
المؤتمر.[/align]