منع مؤسسة كتب"السيد فضل الله"في معرض"العتبةالعلوية"|.."سلامة"فكرية"أم"ثارات فتنوية"؟!
|..... وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ.فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.....|
http://eldoctor.files.wordpress.com/2010/07/1235.jpg
http://www12.0zz0.com/2017/03/15/02/434324650.jpg
معرض"العتبة العلوية" للكتاب يمنع المؤسسة الناشرة لكتب المرجع فضل الله من المشاركة فيه
بحجج تنظيمية واهية تخفي خلفها ذهنية متخلفة وعقد نفسية وعقلية تضليلية بائسة
ما عشت أراك الدهر عجباً !!.. ماهو المسوغ الشرعي والقانوني لمنع كتب آية الله العظمى المرجع الراحل السيد فضل الله (طيب الله ثراه) في معرض الكتاب الدولي الذي تقيمه العتبة العلوية في النجف الاشرف ؟!! ومن المسؤول عن هذا القرار المتسرع الذي ينطلق من عقدة مرضية تجاه الرجل الذي قضى عمرة في خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن منهج أهل البيت " عليهم السلام " !!
ماهكذا تورد يالجنة السلامة الفكرية وأمين العتبة العلوية الإبل ! إنها سابقة خطيرة أن يحجر على فكر فقيه من فقهاء ال محمد حمل النجفف هما أساسيا إلى جانب همومه الكبيرة ، هذا القرار مستنكر ومدان ولا يمت إلى العقلانية والحكمة بصلة ، والأنكى من ذلك أن يتم عرض كتب تحمل الفكر الإلحادي وأخرى تنشر الخرافة وأخرى تسب بعض العلماء وتشيع الفتن ، فما هذه المفارقة العجيبة الغريبة ، مطلوب من أهل العقل والحكمة منع مثل هذا التداعي الثقافي والأخلاقي أن يحدث في النجف حاضرة العلم والعلماء ، وأملنا بالعلماء أن لايسمحوا بمثل هذه التصرفات لانها تساهم في التفرقة والشقاق .(1)
معرض العتبة العلوية يخشى فكر فضل الله..منذ زمن طويل يزيد على النصف قرن، كان السيد محمد حسين فضل الله أحد أقطاب الوعي الإسلامي، الى جانب الامام الشهيد محمد باقر الصدر وثلة من الرموز الحركية الإسلامية التي نشرت الوعي في الأمة.
وعلى امتداد تاريخه، كان الراحل الكبير السيد فضل الله، يقف في الواجهة ضد الاستكبار وضد إسرائيل في خطبه ومحاضراته وكتاباته، كان صوت الشيعة الأعلى في العالم، ورجل الحوار الفكري والعقائدي في مواجهة التيارات الوضعية التي تكيد للاسلام وللتشيع. وكان الجبهة المتقدمة ضد الفكر الوهابي، حتى خططت السعودية لإغتياله عدة مرات، وقد انجاه الله منها، كما تعرض لمحاولات اغتيال من قبل الاجهزة المخابراتية ومن الاجهزة الإسرائيلية.
لم يترك ساحته، ولم يتخل عن منبره فيما كانت القنابل تتهاوى على بيته، وينتشر القناصة في طريق ذهابه وايابه الى المسجد.
ذات مرة قلت له: (سيدنا إن الأحداث متصاعدة ويجب أن تغير من برنامجك اليومي).
أجاب بثقة وهدوء: (عندما ينتظرني الناس في المسجد، لا يمكن أن أتخلى عنهم، لا يمكن لي أن أكون أقل شجاعة منهم).
درس بليغ دخل في أعماقي، وهزني بعنف، رأيت فيه عالم الدين الصادق مع نفسه الى أبعد الحدود، إن ما يكتبه ويتحدث به، يؤمن به وينفذه بالفعل وعلى الأرض، وليست هي عبارات للمتاجرة او كلمات للإعتياش، إنه المبدأ الذي آمن به وتمسك به وقرر أن يمضي عليه صادقاً واثقاً ثابتاً.
في فورة المواجهات الحادة مع إسرائيل، وتصريحاته النارية ضدها وضد الاستكبار العالمي وضد الوهابية وفكرها التكفيري، انطلقت هجمة مسعورة لتشويه السيد فضل الله، كان يقودها جماعة من الخرافيين والمتخلفين، ونجحت الهجمة، فهم يمتهنون لعبة الدين ويحترفون فنونها.
كان السيد فضل الله رحمه الله الوجه المشرق للشيعة في العالم، وكان هؤلاء الوجه المشوه الذي يلقي بضرره على التشيع. ولقد كانوا يجدون في حركته المنفتحة على الانسان والعالم ونشره للفكر الإسلامي الأصيل وللوعي الحركي، ما يشكل تهديداً لوجودهم القائم على الخرافة والتخلف والعبث بعقول البسطاء، فكانت الحرب الظالمة عليه، وهي في حقيقتها حرب على مدرسة الامام الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره.
لم يقتل رصاص القناصين السيد فضل الله، ولم تصرعه التفجيرات ومحاولات الاغتيال، ولم يغيبه الموت، فكتبه تنتشر وفكره يتجدد يواكب الحياة ويفتح مغاليقها. فلم يجد المتخلفون من أعداء الوعي الإسلامي، سوى محاصرة تراثه الفكري، فكانت العملية القمعية في معرض الكتاب الذي تقيمه العتبة العلوية، حيث منعت كتبه ومعت مشاركة دور النشر المسؤولة عن طباعة مؤلفاته في معرضها.
زمن غريب، ومسؤولون أكثر غرابة عن الشأن الشيعي الرسمي، في الوقف الشيعي وفي إدارة العتبة العلوية، فالتراث الذي يشكل مفخرة للعقل الشيعي يتم منعه. والأكثر بؤساً أن يتولى امثالهم إدارة هذه المؤسسات الحيوية وهم لا يدركون أن العالم صار مفتوحاً وان الكتاب والفكرة لا يمكن حصارها. لكنه الأفق الضيق الذي يجعل صاحبه يعيش وهم التسلط، وكأنه يملك العالم بأسره حين يتحكم بقاعة مغلقة.(2)
فـــــي عهود " الديكتاتورية " كانت هيئة رقابة تفتي بما يسمح بنشره أو حجبة وتظهر الأسطر أو الصفحات المحذوفة مليئة بالنقاط للإشارة الى قرار الرقابة وكانت هيئة الرقابة تشكل عادة من رئيس الوحدة الإدارية ومسؤول الوحدة العسكرية في المنطقة ويستعان بشخص ثالث كأن يكون أمين المكتبة العامة أو غيره من المهتمين بشؤون الثقافة وبإستثناء الأخير الذي قد يكون ملما ببعض شؤون المعرفة ولو بالنسبة فإن بقية المكلفين بهذه المهمة كثيرا ما يكونون من غير المؤهلين لمثل تلك المهمة غير الجليلة على أية حال وتصبح الرقابة حالة مزاجية تتلاءم مع مستوى من الثقافة هابط في العادة .
في عهد صدام أصبح الكتاب بحد ذاته مشكلة بل مصيبة وحقا كم كتاب أودى بمقتنيه لا بمؤلفه وأرسله الى الآخرة مع أن الكتاب الممنوع عادة لم يكن متوفرا في العراق والكتب بشكل عام تستورد تحت ضوابط الرقابة الصارمة لوزارة الثقافة والإعلام والكتاب الذي تجده في أي مكتبه هو نفسه في الأغلب يباع في المكتبة التابعة لدائرة الصحافة والمطبوعات بوزارة الإعلام ومع ذلك كان الكتاب تهمة مكتملة الأركان ولأن الناس تعرف هذه الحقيقة فكم دفنت في باطن الأرض من الكتب والمطبوعات وفي كل حملة تفتيش ومصادرة لممتلكات كانت الكتب هي أول المواد المصادرة أو بالأحرى ضبطها كأدلة جنائية .
اليوم وبعد أربعة عشر عاما على إسقاط نظام صدام تبدو أمور كثيرة بأنها كانت مرفوضة لا بنفسها وإنما لأن صدام ونظامه قد فعلها مضافا اليه العنوان الملحق به كالسني أو البعثي أو العلماني أو غيرها من الأوصاف .
تنقل مصادر متواترة على صفحات التواصل الاجتماعي خبر منع كتب السيد محمد حسين فضل الله والسيد كمال الحيدري من معرض الكتاب الدولي في النجف وبقرار من لجنة السلامة الفكرية .. في عهد صدام كانت هناك هيئة اسمها لجنة السلامة الوطنية تناوب على قيادتها فاضل البراك وبرزان التكريتي ولم يقتصر المنع على كتبهما بل على من كتب عنهما أو تتبع خطاهما والجهل يصل بصاحبه الى حد منع كتاب ينتقد الحيدري لأنه جاء على ذكره ويذكرني هذا الموقف المضحك بفيلم عن القمع في أمريكا اللاتينية عندما يعثر ضابط الشرطة على كتاب " العائلة المقدسة " لماركس وأنجلز فيتصوره الكتاب المقدس " الانجيل " فيثني عليهم ويقول : نعم مثل هذا الكتاب يستحق القراءة لا الكتب الشيوعية ..
ميزة تسجل للمكتبات العامة والخاصة عند الشيعة فضلا عن محلات بيع الكتب حتى في المدن المقدسة وهي إنتشار الكتاب الآخر سواء أمهات الكتب التقليدية أو حتى تلك التي تهاجم الشيعة وتطعن فيهم فضلا عن الكتب العصرية عن مختلف العلوم وفي معرض الكتاب الجاري في النجف اليوم حتى كتب ابن تيمية والنجف كما نعلم كانت ستعلن قبل أعوام عاصمة الثقافة الإسلامية .
وما تتباهى به المؤسسة الدينية عندهم أنها تزعم لنفسها الإجتهاد ويسمى مرجعها مجتهدا وتعدد المراجع يعني تعدد المجتهدين وإختلافاتهم الفكرية .
لم تتوقف الحملة على فضل الله بمختلف الوسائل والأساليب بل حتى بالدنئ منها وأذكر هنا مثالين أحدهما قيام مؤسسة الامام علي في لندن بإستئجار مرتزق رخيص يبيع قلمه لمن يدفع " صار نائبا الآن على قائمة التحالف المدني " فشن حملة سوقية لاذعة في جريدة عربية مختصة بالإعلانات والدعاية بما في ذلك إعلانات العاهرات والطريف أن هذا النائب الليبرالي الديمقراطي ومن يدري قد يصبح اليساري يعترض على بعض آراء فضل الله التاريخية والإجتماعية ويناقشها ويرد عليها بطريقته البذيئة المعروفة والآخر قيام رئيس ما يسمى برابطة أهل البيت العالمية بكتابة سلسلة مقالات في نفس الفترة في جريدة الحياة السعودية وهي مقالات مدفوعة الثمن تذهب في نفس الإتجاه في النيل من فضل الله مع أن المستعممين عادة يحرصون على عدم إظهار الخلافات الشيعية الداخلية الى العلن فكيف وفي جريدة سعودية .
واليوم يتعرض الحيدري لنفس الهجمة وبنفس الأساليب التسقيطية ذلك ليس لأنه أثار أسئلة مشروعة ومهمة تتناول التراث الشيعي أو لأن فضل الله قبله طرق أبوابا لم تكن مفتوحة أمام قضايا إجتماعية كثيرة فضلا عن تناوله لأمور تاريخية فكل هذه تدخل في باب الإجتهاد والإختلاف في الرأي ويمكن أن ترد بما يدحضها ويثبت بطلانها وهذا من صلب عمل العلماء .
ما يخشى عليه هو موقع القيادة ومكاسبها وإمتيازاتها المادية والمعنوية معا وما يمكن أن تجذب الأفكار من أنصار ومريدين أو تفتح عقول الناس على حقائق لا يلتفتون اليها وأولها وأهمها المواقف السياسية خاصة وأن فضل الله كما يبدو يخيف الآخرين من قبره والحيدري يرعبهم من منفاه .
سابقة غير معتادة ولا تبشر بخير ومن أبرم قرارها يثبت بأنه ذو عقل صغير ومحدود فمع وجود الشبكة العنكبوتية وفيها كل هذه الآثار التي يريدون منعها وطمسها لا يفعل الجاهل الأمي الذي قام بهذه الخطوة سوى أن يلفت الانتباه الى ما فات الناس الإطلاع عليه من هذه المنجزات الفكرية والعلمية على أن كون القرار بالمنع صادر عما يسمى بلجنة السلامة الفكرية المجهولة فمن ذا الذي يمكن أن يجد في نفسه الكفاءة لينصبها رقيبا على أفكار الناس وما ينبغي عليهم اجتنابه وما يستحسن قراءته وهو لا بد قد قرأ ما يوصي بمنعه فلماذا لا يدع الناس يقرؤون(3)
شانئك هو الأبتر..سيدي فضل الله..أرادوا أن يطفئوا نورك بفتاواهم، فإذا بفضائح تزوير الأدلة تزكم الأنوف، وفوق هذا لم يُتعبوا أنفسهم ليقرأوا صفحة.. نعم صفحة واحدة فقط مما كتبت.. فليقفوا غدا بين يدي الذي لا يغيب عنه ما أسروا وما أعلنوا ليواجههم بالحقيقة الصعبة: أين كنتم من قولي: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)؟ ونسي الناس من مات منهم، وأما من بقي منهم فينتظر الضياع في متاهات النسيان!سيدي فضل الله.. أرادوا أن يطفئوا نورك بأفواههم ، فإذا بخطيبهم المفوّه وقد أصيب بجنون العظمة .. أعلن مرجعيته فلم يخرج إلا بفضيحة تزوير شهادة الاجتهاد.. وباسم من؟ باسم ذات المرجعية التي أصدرت فتوى الإضلال! ونسي الناس ذاك الخطيب.. إلا أن يقول قائل: قرأ عندنا فلان!
سيدي فضل الله.. أرادوا أن يطفئوا نورك بأموالهم، فضخّوا ما ضخّوا في أسواق الفتاوى والخطابة والتأليف وتجييش عبيد الدرهم والدينار.. حتى إذا فرحوا بما أوتوا، وظنوا أنهم مانعتهم أموالهم من سنن الله وآياته، فإذا بك تزداد شموخا وألقاً وأنصاراً.. وإذا بالملايين تقرأ لك.. وتستمع إليك .. وتنشر لك .. وتتحسر على رحيلك .. وتترضّى عليك .. وتستسخف أعداءك! ونسي الناس شانئوك.. وغدوت أنت الكوثر.
سيدي فضل الله.. ها هم من جديد.. يلقون حبالهم وعصيهم ـ في معرضهم ـ قائلين: بعزة الجهل والتخلف والعصبية إنا لنحن الغالبون.. وقد قالوا من قبل لكبرائهم: أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين.. ولكن هيهات هيهات لما تَمنّون وتوعدون.. وستعلمون أي منقلب ستنقلبون، إذ نبذكم الناس وراء ظهورهم ساخرين، فهل لمساعيكم أن تحجب نور الله المبين؟
ذلك فضل الله.. أيها الناس.. إن كنتم لا تعلمون!(4)
مع السلامة الفكرية، فضل_الله فوبيا ..عندما درسنا أنواع ال"فوبيا" في الطب النفسي، لم يتطرق الدكتور لبحث فوبيا الفكر او "رهاب الفكر"! ربما لأن المجتمعات الغربية التي استوردنا الكتب الطبية منها، وصلت إلى ما هي عليه من الرقي العلمي بعد اجتثاث هذه الفوبيا اللعينة..و ربما تم تصنيف فوبيا الفكر ضمن ال"أكروفوبيا" بمعنى رهاب المرتفعات، فأنت عندما تنفتح بعقلك على فكر جديد يصارع الخرافة والتخلف بجرأة الحجة العلمية، تشعر بالخوف والقلق على موروثك الذي تعبدت به، حتما ستشعر بأنك تقف بقدميك على حافة مكدساتك المعرفية البالية، ويجتاحك رهاب المرتفعات كلما كبرت تراكماتك، وقد يدفعك جبنك للنزول سريعا وقلبك يخفق بشدة لتحذر أشباهك من هذه التجربة وتدعوهم لمحاربة المرتفعات وتأسيس جبهات ومواقع وصفحات تحرض ضد كل ارتفاع في سماء الفكر!.
يبدو أن الأمر أصبح محرجا للبعض بعد موجة الاستنكار التي اجتاحت الأوساط الثقافية إثر "تحجيم" حضور مؤلفات سماحة السيد محمد حسين فضل الله في معرض الكتاب في النجف الأشرف، فانتشرت صور متفرقة تثبت لنا وجود مجموعة متفرقة من كتب السيد ضمن أجنحة مكتبات غير معنية بمؤلفات السيد أساسا..ولكن سرعان ما اتضحت ملابسات القضية، فالمنع لم يكن لكتب السيد المنتشرة رغما عن أنف الجميع في مختلف المكتبات والمعارض في العراق، وإنما كان الهدف تحجيم وتسخيف حضور هذه المؤلفات وعدم إعطائها حجمها اللائق، خصوصا مع تفوق الطرق الفنية في العرض التي يعمل بها المشرفون في دور نشر مؤلفات السيد مثل "دار الملاك والمركز الإسلامي الثقافي"، إلى جانب الأسعار المدعومة التي تؤكد أن الغرض ليس المتاجرة بالفكر فهي تحمل رسالة "زكاة العلم نشره"، بعد هذا لا يسعنا إلا الأسف على الواقع الثقافي وضيق الأفق الذي جاوز حد ضيق المعرض بمؤلفات السيد فضل الله!.(5)
التفتيش الفكري !!..في العام الماضي مُنِع مركز ابن إدريس الحلّي للتنمية الفقهية والثقافية من المشاركة في المعرض السنوي للكتاب الذي تنظمه العتبة العلوية ، وذلك بذرائع عديدة ومتنوعة ، وأُبلغ المركز الاسلامي الثقافي (إحدى الواجهات الثقافية لمؤسسة السيد فضل الله) مَنْع عدد من كتبي التي يعرضها المركز ، كان منها ( على ما أتذكّر) : كتاب (مطارحات في قضايا قرآنية ) و( صناعة الأدلّة ) و( الإثبات القضائي).
واذا كان ثمّة مبّررلمنع الكتابين الأوّلين كون الأول ينتصر لعددٍ من أفكار ورؤى السيد فضل الله ، والثاني يناقش مقولة الولاية التكوينية ومنهج الاستدلال عليها ، وتحديداً منهج السيد كمال الحيدري قبل تحوِله الفكري ، يوم كان أحد أنصار هذه المقولة ، فانّي لا أفهم ماهو مبرّر منْع كتابي ( الإثبات القضائي) ، وهو كتاب فقهي يبحث في مسائل الشهادة ، وكان عبارة عن محاضرات السيد فضل الله التي ألقاها على عدد من طلابه !!!
وفي هذه السنة وسّع المسؤولون عن المعرض قرار المنع ، ظنّاً منهم أنهم يحصّنون ابناء الأمة من الانحراف الفكري الذي يزعمون ، في وقت لم تُمنع فيه كتب أخرى تنتمي لدوائر ثقافية غير اسلامية !!
قرار بائس ، من بائسين ، يكشف بؤسهم وإفلاسهم ،هداهم الى القرار السليم ، وشافاهم من أمراضهم النفسية وهوسهم.
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر منع كتب الراحل السيد فضل الله والسيد كمال الحيدري ومركز ابن إدريس الحلي ، الى درجة وصف الموقف بالفضيحة ، لتطلع علينا جهات تدّعي أن الخبر مكذوب ، ولي على ذلك عدّة تعليقات :
١/ منع المركز الاسلامي الثقافي من الاشتراك بالمعرض ، وهو أحد مؤسسات السيد فضل الله حقيقة ، وقد تواصل المسؤولون عن المركز لتحصيل الموافقة عدة أشهر مع الجهة المنظمة للمعرض دونما نتيجة .
وحظر الجهة الممثلة للسيد الحيدري حقيقة أيضاً ، وليست من الخيال ، والأمر ذاته مع مركز ابن إدريس الحلي .
٢ / اعتذار السيد الشيباني مدير المعرض يثبت حقيقة منع هذه الواجهات الثقافية .
وقد اضطر للتبرير ، بدعوى ضيق المكان ، في وقت إتسع مكان المعرض لبيع غير الكتب !!!
٣ / وجود لجنة للتفتيش على الكتب حقيقة ، وليست وهماً أو دعوى مكذوبة ، وقد كشف السيد الخرسان عن حجب كتب الضلال !!
٤ / اتصل أحد الأصدقاء بالسيد علاء الموسوي للوقوف على الموضوع ، فكان ردّه ان قرار المنع من الحوزة !!!!
وهذا اعتراف واضح جداً ..
٥ / وجود عدد من الكتب للسيد فضل الله لاينفي قرار المنع ، إذ إعتادت بعض دور النشر عدم الالتزام ، خصوصاً إذا كانت النسخ مطبوعة بغير ترخيص..
٦ / نشرت بعض الصور لبيع كتب السيد فضل الله ، وقد لاحظت أن معظمها لايكشف عن الدار ، وبعض الصور تعود لمعرض كربلاء في السنة الماضية كما علّق لي بعض الأخوة..
٧ / هناك بعض التسريبات تفيد أن الكتب أحضرت من بعض مكتبات سوق الحويش ..
٨ / هناك محاولات لإقناع هذه المراكز التي شُملت بالإقصاء بالمشاركة ولو متاخرة ، وذلك لتفادي هذه المشكلة ..
أظن أن ماوقع ليس قراراً من الحوزة ، كما ادعى السيد الموسوي ، وأنما من أطراف معيّنة بالحوزة ، معروفة بضيق أفقها الفكري ..وليس بوسع هذه الجهات الحجر على الفكر ، خصوصاً فكر الراحل السيد فضل الله ، بل ستسهم هذه المحاولات في التبشير له ..
قضي الأمر ، ولا حاجة للإحتراب ، في وقت يقاتل فيه أبناء العراق قوى الظلام الداعشية ..
وغفر الله لنا ولإخواننا ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ..(6)
النجفُ لن تخسرَ السيّد فضل الله مرّتين.. وعاد السيد محمد حسين فضل الله إلى النجف التي خسرته يوماً لخروجه منها جسداً، ولم يخرج منها روحاً وفكراً وخفقة قلب… وإن بعُد عنها مسافةً ولكنّها عاشت في قلبه وعلى لسانه ترداداً ولهجةً.
عاد السيّد بعد عقودٍ خمسة، خرج منها مجتهداً عالماً عاملاً باحثاً يحمل منهجاً وروئً وتطلّعات مغايراً لهذه البيئة، وعاد إليها علاّمة مرجعاً مجدّداً ملأ الدنيا وشغل الناس، أنسى من قبله وشغل من عاصره وسيُتعب من بعده...
لم يعد السيدُ إلى النجف غريباً أو باحثاً عن منازل دُرِست آثارها أو أحبّة وأهل مضوا سابقين له إلى ربه… عاد السيد إلى النجف موطن عليٍّ(ع)، وملقى المجتهدين والمراجع والعلماء والمثقفين، وحاملي لواء الإسلام الأصيل في خط أهل البيت(ع)..
عاد ليجد عقولاً ظمأى لفكره، وقلوباً تنبض عشقاً، هوت إلى لقياه وأحبة فتح لهم السيّد كوّةً من نورٍ فكريٍّ ليجدّد به الواقع ويضيء الدروب الموصلة إلى الأصالة والعمق الإسلامي الرائد...
أن يُعقد مؤتمر فكري عن السيد فضل الله(رض) في النجف، وأن يحقق هذا الملتقى نجاحاً وحضوراً مميزاً، من حيث الكثافة والتنوع؛ من علماء وأكاديميين ومثقفين، جاؤوا من مختلف المناطق العراقية باحثين عن متنفّس فكريٍّ منشود انتظروه مطوّلاً، ، له دلالات وأبعاد كبيرة وكثيرة، هذا ناهيك عن حضور فاعل للمرأة العراقية المثقّفة، والتي ظلمتها النظرةُ الدونية التي تحمل أفكاراً جاهلية تجاه المرأة… فهذه المرأة التي أعاد لها السيد إنسانيتها المسلوبة، وكرامتها المضطهدة، وأنصفها بعد قرون من الظلم الواقع عليها من ممارسات وأحكام وفتاوى ألصقت بالدين زوراً...
إن هذه الكوّة التي أحدثها فكر السيد في الجدار الذي بنته بعض المواقع، لن يسدّها شيء ولن تمنعها بعد الآن أي محاولات أن تنشر ضوء ونور هذا الفكر، وأن يمنع اتّساع دائرتها…
وهذا الجيل الذي تربّى على أفكار السيّد ونشأ عليها من خلال ما قرأ وتابع، ولم تعد البيئة (المحافظة) تروي ظمأه أو تشبع نهمه العلمي الفكري الباحث عمّا يلبي طموحاته ومستوى تفكيره...
المطلوب اليوم البناء على هذه الخطوات والمعطيات، والتهيئة لخطوات متتالية وسريعة، فهذا الفكر هو كلمة الله الطيبة التي تؤتي أُكُلها كلّ حين بإذن ربها، والتباطؤ في ملئ هذا الفراغ وريّ هذا الظمأ لهذه الأرضية الخصبة المتعطّشة لهذا الفكر سيؤدّي إلى ملئه بفكر آخر يقصُر عن محاكاة عقولهم.
فالمسؤولية الشرعية الملقاة على عاتقنا من خلال ما مكننا به اللهُ، وقدرتنا على ذلك بإذنه، وحقّ السيّد علينا وهو الذي أفنى عمره في إنتاج هذه البذور الطيبة، أن نسارع لبناء هذا المشروع التوعوي التجديدي مع العلماء والباحثين والمفكّرين في النجف وفي كلّ العراق، لأن هناك من يبني على خطواتنا هذه آمالاً كبيرة لنقلة نوعية تحرّك كل هذا السكون...
وليس من باب المصادفة أن يتزامن هذا المؤتمر وعودة الحملات واستعارها من جديد على السيد، وإطلاق سهام البهتان الشيطانية عشوائياً على كلّ ما ومن يتعلق بالسيد. حيث أفرزت الأقلام الحاقدة والمأجورة والمتخلّفة والتي تنتمي إلى (مدارس) تقدّم جهلاً بغلاف الدّين لا يسمن ولا يغني من جوع، وما لا ينفع من علمه ولا يضرّ من جهله، أفرزت حقداً وجهلاً لم يعد يؤثّر في عقول وقلوب حصّنها السيد بفكر أهل البيت وبلقاح العقل والفكر والمحبّة…
ولأنّ قافلة هذا الفكر انطلقت لن يوقفها من أخلد إلى الأرض، وليتّعظوا ممّن سبقوهم حيث زال ذكرهم وبقي السيّد وفكره يسموان للعلا...
إنّ توكُّلنا على الله يجعلنا على يقين أنّ هذا الفكر سينمو وهذا التيار سيزداد انتشاراً وزخماً.
فكما علّمنا السيد، نقول ونردّد: ما كان لله ينمو، فإن كان هذا العمل لله، فاللهُ كفيلٌ به، وإن لم يكن لله، فليذهب هباءً منثورا...(7)
الهامش:
(1) مهند الساعدي
(2) سليم الحسني
(3) نصير المهدي
(4) الشيخ علي حسين غلوم
(5) د.حسن الحسيني
(6) محمد الحسيني
(7) محمد طراف