-
تأبين السيد الراحل المقدس في قرية المرخ -البحرين
-
الحفل التأبيني الذي أقامته ثقافية مأتم المـرخ :
السيد فضـل الله ... رجـل فـي أُمـّـة
مأتم المرخ - S.Jaber
" كيف يتوقف قلبكَ وأنت القلبُ النابضُ بالعطفِ والإحسان، وكيف تغيب وأنت الحاضر قلباً يحتضنُ الأمة، وروحاً تقاسمُها همومها وعطاءاً يتخذُ الإسلام فكراً وسلوكاً ومنهجَ حياة .. أيها الأبُ الذي اختصر في حركته ومساراته العملية تطلعات الأمة وحمل في قلبه الكبير مشروعه الإنساني، الذي رسّخ الثوابت الدينية، وقيم الحق والعدل، والدفاع عن قضايا المظلومين والمحرومين .. ما تزال شواطئك مبللةً بماء الفيض الربّاني ومبادرات العمل الإنساني وما تزال مساحاتك معمورةً بذكر الله، فتحيةُ الله على أوردتكَ المسكونة بأشجاء التفاني والحنان، والسلام عليك يوم وُلدت ويوم رَحلت ويوم تبعث حيا ".
بهذه الكلمات العظيمة المُعنونة بـ " قبسٌ من وَحيِك "، خاطب الشاعر القدير مجتبى التتان سماحة المرجع الكبير والفقيد الراحل آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (قدس) في الحفل التأبيني الذي أقامته ثقافية مأتم المرخ مساء السبت الماضي، إذ استهّل قصيدته بمقدمة قصيرة ولكنها كبيرة بمحتواها، إذ حملت الأفضال والصفات العظيمة التي كان يتحلّى بها الراحل الكبير
الحفل التأبيني الذي لم يتعدى التسعون دقيقة، والذي اشتمل على قصيدة وكلمة وإنشودة وفلم مبسّط، لم يكن كافياً بالتأكيد للتطرق إلى كل أفضال وصفات هذه الشخصية الكبيرة، التي خلّفت وارئها تاريخاً ناصعاً وحافلاً بالعطاء وسيرةً محمودة وثابتة على الخط الإسلامي، ترك فيها بصماته الواضحة في مجالات مختلفة سياسياً واجتماعياً وثقافياً، حتى بات أمة في رجل.
وفي الوقت الذي استُذكرَت فيه مناقب وأفضال المرجع الراحل في فقرات الحفل التي تخلّلتها مقاطع صوتية لبعض أذكاره، رأى سماحة السيد مرتضى السندي خلال كلمته في الحفل أنه " لولا الهجمة الشرسة الكبيرة التي نالت منه ما نالت لكان الشخصية الإسلامية الأولى على المستوى الإسلامي ".
وقال السندي : " كان يعض على جراحه وآلامه، وكان يُخفي الجراح عن أحبائه لكي لا يتأذّى محبّوه، ولكي لا يفرح أعدائه الذين هم أعداء الإسلام "، مستذكراً مقولته الشهيرة :" إني لا أحمل في قلبي حقداً على أحد، أحبكم جميعاً لأننا نعيش معاً من أجل الأخوة في الله، ومن أجل أن نتعاون على أن يكون الحب للجميع، أن نحب كل الناس، أن نحب الذين يتفقون معنا لنتعاون معهم، ونحب الذين يختلفون معنا لنتحاور معهم "، ومقولة أخرى : " إن الحياة قصيرة قصيرة، فلنجعلها عميقة عميقة وواسعة واسعة، وذلك بأن نجعلها كلها لله ".
ووسط حضور جيد من أهالي القرية، بدأ الحفل بآيات عطرة من الذكر الحكيم تلاها القارئ السيد نزار كاظم، فيما تم عرض فلم بسيط عن حياة الفقيد الراحل، تناول جوانب شخصيته ودوره السياسي الكبير الذي جعله الزعيم الروحي لحزب الله في لبنان.
ومن ثم استهل الشاعر التتان قصيدته في الحفل بمقدمة بسيطة، قال فيها : " منذ أن وُلدتَ، في نوفمبر تشرين الثاني من العام 1935م، وُلِدت معكَ صباحاتُ التجديد والفكر الإسلامي المستنير، وسادت بين يديكَ أنهارُ الرحمة، فتفتّحت حولها أزاخيرُ الإنفتاح والإعتدال، والتقريب بين المذاهب والأجيال، أيها الرجل الأمة، لم تغادر تفاصيلك ذاكرة الوطن، الوطن الذي أنضجت فيه حركات النضال وخطوط المقاومة، داعماً ومنظماً ومرشداً روحياً ومجاهداً ينشد العزة والكرامة، ويرفع لواء الحرية والتغيير، إن في كل نفسٍ من أنفاسك، تسكن حكايا العقل المتنوّر والتسامح والحوار والرؤية الحضارية المنفتحة التي تستوعب الآخَرَ ولا تُؤذيه "، وبعدها استرسل صادحاً بقصيدته الرائعة وكان منها :
ما زال لُطفُ الله فيكَ مُجَسّداً .. ولأنت فضلُ الواحد الرزّاقِ
ما زلت فضلُ الله أقدسُ آيةٍ .. فيها تسافرُ مُنية المشتاقِ
بعد قصيدة التتان الرائعة، توقف سماحة السيد مرتضى السندي أمام الحضور متناولاً بعض من صفات وأفضال الفقيد الراحل، فيما اختتمت فقرات الحفل بإنشودة رائعة في سماحة المرجع الراحل لفرقة النبأ من قرية بني جمرة، وبعدها تناول الحضور وجبة سحور.