العراقي إشكالية الهوية وأزمة الإنتماء
العراقي إشكالية الهوية وأزمة الإنتماء
الجزء الأول
طور بعض علماء الإجتماع ما عرف بنظرية الهوية الإجتماعية، وتتأسس هذه النظرية على ثلاثة أفكار مهمة
التصنيف والتعرف والمقارنة.
وتقوم فكرة التصنيف على أساس أن الإنسان بطبعه يتجه إلى تصنيف الأشياء التي يتعامل معها يومياً كي يسهل عليه فهمها وبالتالي التعامل معها. وبنفس الطريقة يصنف الآخرين الذين يتعامل معهم أيضاً، كالأقارب أو غير الأقارب، أو الجيران أو غير الجيران، أو الطلاب أو غير الطلاب أوالمسلمين أو الغير مسلمين وهكذا دواليك. ووفقاً لهذه العملية فإن الإنسان يستطيع أن يتعرف بشكل أفضل على نفسه من خلال إختيار المجموعة أو المهنة أوالعرق أو الدين الذي ينتمي إليه. إختيار الجماعة التي تحتويه.
أما التعرف أو التوحد –كمصطلح إجتماعي وليس كمصطلح نفسي فردي- فهو حسب تعريف مجمع اللغة العربية في القاهرة " آلية ذهنية غير واعية يتوحد بها الشخص مع شخص آخر باتخاذ صفات هذا الشخص وخصائصه وإضفائها على نفسه. أو تشكل شخصية على شاكلة شخصية أخرى، وفي هذه الحالة نجد أن الشخصية القائمة بالتوحد تشعر وتنفعل وتهتم بنفس ما يشعر وينفعل به ويهتم به من تقوم بالتوحد معه، كتوجد الإبن بأبيه. ويتم التوحد على مستوى لا شعوري دون أن يدركه الفرد وهذا ما يفرقه عن المحاكاة".
ويحتوي التعرف أو التوحد على جزئين مهمين، الجزء الأول هو أن تكويننا يتعلق بإنتمائنا للجماعة، إذ أننا ننظر أحياناً إلى أنفسنا بعين الجزء من كل، من خلال إحساسنا بالإنتماء إلى جماعة أكبر تحتوي كياننا، هذه النظرة هي التي تجعلنا نفكر بأنفسنا أحياناً بأننا "نحن" ، والآخرين "هم"، أو "نحن" والآخرين"أنتم". إذ تبدو هذه الهوية الجماعية أكثر وضوحاً مقابل الهوية الفردية التي نطلقها لغوياً بشكل "أنا" و"أنت" أو "هو" و"هي". يبقى أن هذه الهوية الجماعية أو الفردية ليست ثابتة وتكون ي كثير من الأحيان نسبية ،ـ فهي تتغير حسب الظروف، وتقوى أو تضعف حسب المتغيرات التي تحيط بالإنسان، وبالأوضاع التي يمر بها.
أما الجزء الثاني فيتعلق بمستوى القرب أو مستوى التطابق الذي نشعره تجاه أفراد الجماعة. فعندما نقول أحياناً أننا نتشابه مع الآخرين في الجماعة، فإننا إنما نقول بمعنى آخر أن أفراد الجماعة الآخرين هم الذين يشبهوننا بشكل أو بآخر والعكس صحيح. ولنأخذ مثال الحروب والمجموعات القتالية، فإن الذين ينتمون إلى المجموعات القتالية، ينظرون إلى المجموعات المعادية التي يحاربونها على أن افرادها متطابقون. ألم نسمع لفظة "كلهم نفس الشيئ"، هذه النظرة لا تميز بين فرد وآخر في الجماعة التي تحارب الأخرى. ويعتقد علماء الإجتماع أن هذه النظرة ليست شيئاً غريباً أو شاذاً في سوك الجماعات البشرية أو المنتمين إليها, إذ أنها تصرفات تبدو طبيعية جداً في ظروف العداء والصراع المسلح ؟
العامل الثالث المحدد للهوية الإجتماعية حسب نظرية الهوية الإجتماعية هو عامل المقارنة. حيث يشعر أغلب الناس بنوع من تحقيق الذات والفخر من خلال إنتمائهم لجماعة تشعر بالتميز وعلو الشأن. ولكن من اين يأتي هذا الإحساس لدى أعضاء هذه الجماعة بأنهم متميزون. يجيب أصحاب هذه النظرية أن هذا الإحساس يعتمد بشكل رئيسي على عملية مقارنة مستمرة يقوم بها هؤلاء بين جماعتهم وبين الجماعات الأخرى، من أجل أن تتكون لديهم صورة إيجابية عن الجماعة التي ينتمون إليها، مقارنة تأخذ في الحسبان مدى رقي أو تطور الجماعة بالجماعات الأخرى. ينبغي التنبه هنا إلى أن علماء الإجتماع، وعلم النفس الإجتماعي يقولون أن الناس بطبعهم يتجهون إلى النظر إلى الجماعة التي ينتمون إليها على أنها أفضل نسبياً من الجماعات التي تمتلك تشابهاً مع جماعتهم . غذ كلما إزداد التشابه كلما إزداد إحساس الجماعة بدرجة التفوق على الجماعة المتشابهة الصفات. كما أن الجماعات الأقل مستوى من الأخرى تتجه إلى نقليل الإختلافات التي تجعلها في مستوى أقل من الأخرى بما يضمن إستمرار النظرة الإيجابية في عيون أفرادها. فقد ترى بعض الجماعات –سواء أكانت كبيرة أم صغيرة- أنها متميزة بتقدم علمي أو عسكري أو ماشابه مقارنة بالجماعات الأخرى، ومع ذلك فإن الجماعات الأخرى التي تشعر بمستوى أقل من هذه الجماعات تحاول التقليل من شأن هذا الضعف من خلال إبراز صفات أو مواقف أخرى لا تملكها تلك الجماعات. مثل القول أن نمط حياتها أفضل من تلك التي تمتلك التفوق المادي لأنها تمتلك تفوقاً روحياً مثلاً.
ماذا يعني هذا الكلام على مستوى واقعنا العراقي ؟
هل هناك مشكلة إنتماء لدى الفرد العراقي، وهل هناك أزمة هوية لدى الإنسان العراقي، وهل هناك عدة هويات إجتماعية لدى العراقيين، بشكلها المرضي والسلبي طبعاً. مما يؤثر على وضع البلد، والإنسان، وكل شيئ.
البقية في الجزء الثاني
لمزيد من التعمق بنظرية الهوية الإجتماعية
[align=left]Social identity theory
Henri Tajfel and John Turner
, Categorization
Identification
Comparison [/align]