قرأت لك-الفوضى او الديموقراطية يسببان عدم الأستقرار في السعودية
التقرير بعث به مراسل نيويورك تايمز باتريك تايلر من الرياض ونشرته الجريدة اليوم. وهو يسلط الضوء على حيرة النظام السعودي ازاء الحرب المرتقبة على العراق ويكشف بعض خبايا التعمل السعودي مع الشأن العراقي.
الفوضى او الديموقراطية يسببان عدم الأستقرار في السعودية
الرياض- السعودية 21 كانون ثاني 2003. من الصعب تحديد ما يخشاه الأمير السعودي اكثر، الفوضى التي قد تسببها الحرب على العراق او الديمقراطية التي قد تكون احد نتائجها. احد افراد العائلة السعودية المالكة واحد المستشارين للأمير عبدالله يقول بأن الفوضى التي قد تعقب الحرب ستكون لها نتائج وخيمة على السعودية. وقد حاول الأمير السعودي اقناع بوش بأن يستخدم "خطة الساعة الحادية عشرة". وهي تعني ان تذهب اميركا لحرب العراق وتعقبها بتوقف لعمل دبلوماسي مكثف مما يعني اعطاء الفرصة لمحاولة انقلاب لأزالة صدام حسين. ولكن في نفس الوقت فان الكثير من السعوديين مقتنعون بان لو نجح بوش بأزالة صدام حسين من السلطة فان ظهور دولة عراقية حديثة الى الوجود متحالفة مع الغرب ومستقوية بالثروة النفطية الهائلة وتمتلك قوة اقتصادية وعسكرية ضخمة في المنطقة يعني هبوب رياح تغيير قوية في المنطقة مصدرها العراق. الرياح ستؤدي الى استبدال ملوك وامراء وقوى تقليدية اخرى بأنظمة ديمقراطية.
الأمة السعودية تعيش تحت نظام عشائري تقليدي مرتبط بعمق بنظام اسلامي ايديولوجي يضطهد النساء ويمنع تأثر المجتمع بالأفكار الأجنبية. هذا النظام يعاني ايضا من فساد واسع الأنتشار مرتيط بشكل مباشر بالثروة النفطية الهائلة.
قال احد المتنفذين السعوديين واحد اصدقاء الأمير عبدالله القدامى" انني متأكد فيما لو تحول العراق الى دولة ديمقراطية من طراز جديد في المنطقة، فأن الشعب العراقي سوف يمارس ضغطا شديدا على هذه الأنظمة، هذه الأنظمة يجب عليها اما ان تتغير او ان تزول". وقد حاول هذا الشخص اقناع صديقه الأمير بممارسة عملية انفتاح في المجتمع وخلق حالة من الشفافية والديمقراطية في النظام السعودي. وقد اشترط المتحدث الا يذكر اسمه في التقرير. واضاف " عندما يتغير النظام في العراق فان هذا التغيير سيكون نقطة حاسمة في تاريخ الشرق الأوسط. سيقلص مرتبتنا نحن السعوديين لدى اميركا". بعض الأمراء يقللون من ابراز خوفهم من التغيير القادم في العراق. حيث تحدث احد الأمراء وهو يعدل رداء راسه( شماغه) "بأنه يفضل ان يهدد بالديمقراطية على ان يهدد بالحرب". وكان اكثر ما يخيف هذا الأمير هو تقسيم العراق بسبب الحرب. حيث ان العراق وحسب رايه متقسم دينيا وعرقيا وعشائريا وهذا النسيج الغير متجانس قد حيك بطريقة عنيفة عبر التاريخ.
وسأل" اذا ما كسرت النظام الموجود في العراق فكيف يمكن ان تعيد البلد الى ما كان عليه ؟ واذا دمرت النظام العسكري والأمني العراقي فكيف ستتمكن من المحافظة على الأمن والنظام وكيف تستطيع منع نزف الدماء؟ من يستطيع ان يحافظ على استمرارية انتاج النفط هناك؟".
وفيما كان الملك عبدالعزيز السعود يعمل سيفه في القبائل العربية المتمردة في شبه الجزيرة العربية اثناء اقتراب الحرب العالمية الأولى من نهايتها كانت سلطة الأنتداب البريطانية تشكل الدولة العراقية الحديثة بواسطة ضم الولايات العثمانية السابقة، البصرة وبغداد والموصل بعضها الى بعض. المملكة السعودية اعتقدت دائما باستخدام القبضة الحديدية ضد التركيبة العرقية والطائفية العراقية المتكونة من الشيعة والسنة والأكراد للمحافظة على وحدة العراق. وقد قال احد الأمراء "بان العراق يستطيع ان يقق الديمقراطية فقط بواسطة انتقال سلمي للسلطة، ولن يستطيع النجاة من الفوضى الا اذا تمت المحافظة على المؤسسات المدنية". وهو يتوقع حدوث خلافات بين هذه الفئات او الطوائف التي ستتطور الى قتال بسبب نزاع على الأراضي وموارد النفط وفي هذه الظروف ستتدخل كل من ايران وتركيا لتحقيق اطماعها القديمة في العراق.
ومن جانب آخر ذكر احد الأمراء السعوديين بان المخابرات السعودية تعمل ولمدة طويلة مع القبائل العراقية التي لها امتدادات في السعودية. وهذا التحرك السعودي يقوم بتشجيع هذه القبائل بأحتواء اية حالات فوضى قد تحدث اذا ما عزلت العمليات العسكرية بغداد عن باقي المحافظات. ومن خلال هذه الشبكة العشائرية التي تحركها السعودية فان رسائل قد ارسلت الى قادة عسكريين عراقيين بالأنشقاق عن نظام صدام حسين في مقابل حصولهم على وعود من بوش او الأمم المتحدة بمغادرة العراق لتجنب الحرب. وقد قال الامير السعودي وهو المسؤول عن دمج المعلومات المخابراتية والبلوماسية" لقد عرفنا كم كان صدام حسين يدفع للقبائل ودفعنا اكثر، لقد باع رؤساء العشائر العراقية صدام حسين وهو لا يعلم بذلك".
يمتلك العراق ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم بما يعادل 10% من احتياطيات العالم المؤكدة. وينظر الكثير من المحللين بنظرة تشاؤمية على وضع العراق المستقبلي وكيفية المحافظة على كيانه متوحدا بعد زوال "القبضة الحديدية". ولكن ان يزدهر العراق احتمال قائم ايضا. وماذا لو حدث ذلك؟. وخلال عقدين من الزمن تحدثت العائلة المالكة السعودية كثيرا عن التغيير ولكنها لم تفعل شيئا. ووبينما يترنح الملك فهد في مرضه يقوم الأمير عبدالله بادارة البلد بكفاءة وفيما لا يستطيع المواطن السعودي معرفة كيف يتم صرف الموارد التي تجمع من بيع ما يقدر بثمانية ملايين برميل من النفط يوميا. ولا احد يعلم على وجه التحديد كم من مليارات الدولارات تخبئها العائلة الحاكمة السعودية للأستخدام الشخصي. وقد اخبرني احد المهندسين المعماريين الذين صمموا بعضا من المشاريع المعمارية الناجحة في السعودية "بان لولا وجود العائلة الحاكمة لكانت السعودية اليوم عدة امارات يقاتل بعضها بعضا، ولكن يجب ان يتم تغيير هنا. ولي العهد يعلم ذلك ولكنه في التاسعة والسبعين من العمر"
هل يستطيع هو واولاد عبدالعزيز المتبقين عمل ذلك، الآخرون يأملون بان عراقا ديمقراطيا يمكن ان يعطي الأمراء صفعة.
الموضوع مترجم
العنوان الأصلي
Chaos, or Democracy; in Iraq Could be Unsettling to Saudies
By Patrick E. Tyler