الفدراليـــة المرتقبــــة وبوادر التقـسـيــــــم
الفدراليـــة المرتقبــــة وبوادر التقـسـيــــــم
بقلم: علــــي البصـــــري
albasry2003@yahoo.com
جميلة جدا تلك الكلمة ،، الفدرالية ،، فهناك دول فدرالية كثيرة تعيش حالة من الاستقرار بفعل النظام الفدرالي ، ودول فدرالية مزقتها فدراليتها ،فبالنسبة للنوع الاول هناك الاتحاد السويسري ، الاتحاد الالماني ، دولة الامارات العربية المتحدة اضافة الى امريكا ودول اخرى ولقد كانت هذه الدول عبارة عن ولايات وامارات وجزر متفرقة ومشتتة، اتحدت فيما بينها وكونت الدولة الفدرالية ( الاتحادية) فعلى سبيل المثال فان دولة الامارات العربية المتحدة ،كانت عبارة عن مجموعة امارات وجزر استطاع زايد آل نهيان ان يجمع هذا الشتات في اتحاد فدرالي اسمه الامارات العربية المتحدة ، اذن هو نظام حكم ناجح ، اما النوع من الفدراليات الفاشلة فالامثلة عليه كثيرة ايضا ، منها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة ، الاتحاد اليوغسلافي وجمهورية جيكوسلوفاكيا الاشتراكية وغيرها ، ولقد فشل النظام الفدريالي وتقسمت هذه الدول وانفصلت الى ماكانت عليه قبل الاتحاد ، وما يهمنا الان هو العراق فاي نوع ناخذه بعين الاعتبار في حالة تطبيق الفدرالية ؟ هل النظام الفدرالي الناجح ام الفاشل ولماذا ؟ وهل يمكن ان يحكم العراق فدراليا ؟؟ ان المتابع لتأريخ العراق وللحضارات التي نشات في وادي رافدين يلاحظ بان العراق لم يكن بلدا مقسما الى دويلات او امارات او ماشبه ذلك ، بل كان بلدا واحدا يضم ويحتضن القوميات والاديان المختلفة ، ولم نقرأ في التاريخ حالة من الانفصال حصلت في العراق ؟ ان مشروع الفدرالية في العراق هو مشروع امريكي تبنته المعارضة العراقية في مؤتمر لدن ومؤتمر صلاح الدين ، وحتى المعارضة العراقية فانها لم تتفق على صيغة نهائية لنوع الحكم الفدرالي ، ان الفدرالية المرتقبة في العراق هي مشروع امريكي نص عليه قانون ادارة الدولة الانتقالية في مادته الرابعة والتي تنص على ( نظام الحكم في العراق جمهوري إتحادي(فيدرالي)، ديمقراطي تعددّي ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية. ويقوم النظام ألإتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتأريخية والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل أو العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب. ) وتبناه الحاكم المدني للعراق حينها بول بريمر ، لذلك فان الحكم الفدرالي ليس مطلب عراقي بحت ، انما استحقاق امريكي على العراقيين تطبيقه على ارض الواقع .
ان النظام الفدرالي والذي ترغب امريكا تطبيقه لا يصلح لبلد كالعراق وذلك لاسباب عديدة اوجز منها ما يلي:
اولا : كان العراق وما زال بلدا واحدا غير مقسم الى ولايات اوجمهوريات صغيرة ، لذلك لا يمكن ان تطبق حكما فدراليا في بلد بالاصل هو بلد واحد .
ثانيا: يتكون العراق من شرائح متعددة ، فهناك اديان متعددة وطوائف ضمن الدين الواحد وقوميات متعددة ايضا ، لذلك يجب ان يكون الحكم حكما مركزيا يدار من العاصمة، وهذا النظام المركزي في الحكم يؤمن للاقلية حقوقها.
ثالثا: ان اقامة مايسمى بحكم فدرالي في بلد موحد سيؤدي الى تقسيمه وانفصال تلك الفدراليات بكيانات مستقلة ، وهذا ما اكد ويؤكد عليه الاكراد حيث توجهوا بطلب التماس من الامم المتحدة باعلان الدولة الكردية المستقلة وضم كركوك النفطية لها ، وهذا تحد صارخ الى وحدة العراق وغبن الى التركمان وبقية القوميات والذين يتقاربون بنفس العدد السكاني مع الاكراد.
رابعا: ان الفدرالية لا تصلح حتى في الجنوب ،فقبل ايام اجتمعت مجالس محافظات البصرة ، العمارة والناصرية وطالبوا بحكم فدرالي لاقليم الجنوب ، صحيح انهم يؤيدون وحدة العراق وليست لديهم نزعة انفصالية كتلك التي عند الاكراد ، ولكن من يمنع اقليم الجنوب من الانفصال اذا قرر ذلك ؟؟ ام ستلجأ الحكومة الى الاستعانة بامريكا لضرب الجنوب او الشمال اذا اعلن الانفصال!!! .
خامسا: ان الفدرالية الموعودة ستجعل بعض الاقاليم غنية جدا وخاصة البصرة وكركوك لوجود الموارد الطبيعية واخص النفط ، بينما مناطق اخرى ذات فقر فاحش وخاصة مناطق الفرات الاوسط ومحفظاته؟؟ وقد يخطأ من يقول انه سيتم توزيع الموارد بصورة متساوية بين المدن العراقية .
فبالاضافة الى الاسباب اعلاه فان النزعة القومية والدينية والرغبة في الانفصال قد يؤدي الى تفتيت العراق الى كيانات متعددة ، ان تقسيم العراق حدث في عهد المقبور صدام في نهاية سنة 1999 بعد استشهاد السيد محمد صادق الصدر( رض) حيث قسم العراق الى اربعة اقاليم او مناطق وهي المنطقة الشمالية ومنطقة الفرات الاوسط والمنطقة الجنوبية اضافة الى منطقة بغداد علما بان الاكراد كانوا خارج نطاق السيطرة المركزية للدولة ، وجاء هذا التقسيم اثر الانتفاضة التي حصلت بعد استشهاد الصدر الثاني ، والتقسيم الفعلي حدث ايضا قبل الهجوم
الامريكي الاخير واحتلال العراق ، اذن عملية تقسيم العراق مخطط لها وامريكا على علم مسبق بذلك ، وهي تحاول بكل ما تمتلك بان تجعل الحكم في العراق حكما فدراليا ياخذ طابعا انفصاليا وهذا ما يسعى له الكيان الصهيوني ايضا اي تمزيق العراق الى كيانات ومن دويلات صغيرة على مبدأ وشعار،،، فرق تســـد،،، ان النظام والحكم الفدرالي لا يصلح اطلاقا في العراق ، والفدرالية الامريكية المزيفة المزمع تطبيقها في العراق ستؤدي الى عواقب وخيمة لا تحمد عقباها .
هل تضخم العاصمة المركزية شحم ام ورم سرطاني؟
السيد علي البصري..
تقولون:
يتكون العراق من شرائح متعددة ، فهناك اديان متعددة وطوائف ضمن الدين الواحد وقوميات متعددة ايضا ، لذلك يجب ان يكون الحكم حكما مركزيا يدار من العاصمة، وهذا النظام المركزي في الحكم يؤمن للاقلية حقوقها.
وكيف تضمنون ان الحكم المركزي يؤمن للاقلية حقوقها؟ لا يوجد اي ضمان لذلك..
اخالفكم الرأي تماماً هنا..
تقولون ان العراق لم يدر بشكل فدرالي ابداً.. والواقع انه كان هناك طوال العهد العثماني ثلاث ولايات.. بينها روابط ود واتصالات بالطبع. ولكن ثلاث ولايات.. كل منها محكومة بحكامها المسئولين امام الدولة العثمانية، لا امام حاكم بغداد المركزي. والمشاكل في العراق حدثت حين جائت الدولة المركزية وتدخلت في شئون المناطق ونهبت ثرواتها.. ومع الاسف اضاعتها.
وهل تضمن ان اموال الجنوب لن تذهب الى اللصوص في المركز ويعقدون بها الصفقات المشبوهة لشراء السلاح الامريكي، بدلا من ان يتم توزيعها لانجاز مصالح المنطقة المعنية؟ وماذا استفاد ابناء الجنوب من نفط خرج من ديارهم لثلاثة عقود؟ اليس في ما تريده يا سيدي اجحاف بابناء هذا الوطن الذي اعرف انك تريد له الخير وتكن له الحب؟
قضية اخرى مهمة: تعلمون كيف توسعت بغداد وتضخمت.. ولم يعد احد فينا الان لا يميز بين شحمها والورم السرطاني من هذا التضخم.. مشاكل الكهرباء والماء والصرف الصحي والازدحام تنتج عن كثرة اعداد السكان بسبب كون المدينة عاصمة مركزية للبلاد. اما لو كان هناك عواصم للاقاليم، لها ميزانياتها واستقلاليتها، فستجد ان المال سينفق على تلك المناطق، ويبقى اهلها فيها ولا يضطرون للنزوح الى العاصمة.
واخيراً، تقولون ان الاكراد يريدون الاستقلال.. نعم، ولكن ذلك بسبب السلطة المركزية التي قمعتهم. لو كان لهم حرية منذ البداية، وميزانية، وحقوق، لما احتاجوا للتفكير في الاستقال..
وبعد اعتذر للاطالة.. ولكن اهمية الموضوع الذي تطرحوه دفعني للاجابة.
