من الذين أسقطتهم الانتخابات ومن الذين رفعتهم؟ القبس تكشف صورة قيادة العراق الـجديدة
من الذين أسقطتهم الانتخابات ومن الذين رفعتهم؟ القبس تكشف صورة قيادة العراق الـجديدة
بغداد - د . جمال حسين- القبس:
الأمواج التي كانت تلــطم شــواطئ العراق، والرجال الذين ذاع صيتــهم والقــادة الفخــورون بخــلودهم، حطمتهم الانتخابات ونتائجــها وإرادة الشــعب وتضحياته.
فـ« شمعة» المنتصرين التي اختارها «الائتلاف العراقي الموحد»، أضاءت غموض الأيام المقبلة وارتداداتها، ورصعتها بنجوم جدد سيدخلون الحلبة السياسية التنفيذية بعضلات الشرعية الهائلة التي دقت قاعدتها للمرة الأولى في العراق.
توفرت لـ«القبس» حصيلة من أسرار بناء الجمهورية الشرعية الأولى والسادسة بعد حكم خمس جمهوريات من الجنرالات، أنارتها «الشمعة» بدءا، لكي يحكي قصصها الفتيان تحت شمس أشهر كتابة الدستور وحياكة وهج العراق. دون أن نلفت العناية إلى أن الشطب والحك والدس والتدليس أمر مسموح به، في واحدة من أخطر مراحل العراق وأكثرها حساسية.
الفائز رقم 1
السيد عبد العزيز الحكيم على رأس قائمة «الائتلاف العراقي الموحد» التي تضم نحو 16 تنظيما آخر الى جانب حركته، لكن الصحافة والمراقبين غير المجربين أسموا القائمة باسمه باعتياد غير محترف ولا موضوعي. فكل ما سيحصل عليه نحو 14 مقعدا من مجموع 150 مقعد تقريبا، سيجلس عليها شركاؤه في القائمة في الجمعية الوطنية المنتخبة. بمعنى أن السيد الحكيم لا يمتلك قوة التأثير داخل الائتلاف أكثر من 10 % في أحسن أحوال الاقتراع.
لكن رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق له ثقل لا يقدر بعدد المقاعد التي حصل عليها، وصوته مسموع أكثر من أي وقت مضى، وحياده وحكمته وترفّعه عن المناصب ولعب الأدوار الأولى وتواضعه الإعلامي والإنساني أكسبته احترام حتى غرائمه التقليديين في داخل الائتلاف نفسه ونقصد حزب الدعوة بشطريه (إبراهيم الجعفري وتنظيم العراق) والتيار الصدري بشطريه (حزب الفضيلة لليعقوبي و جماعة السيد مقتدى الصدر).
الرئيس جلال
وللسبب هذا لا تحاك قضية أو يسن قرار أو يحلو لسياسي بوزن جلال الطالباني ترشيح نفسه للرئاسة بدون أن يجلس في «ديوانية الحكيم» ليمنح هناك «المباركة.
هنا وفي هذا المكان بالذات، سيصير بعد حين قليل جلال الطالباني أول رئيس كردي لجمهورية العراق.
وعلاقة الطالبانيين والحكيميين مصيرية، فهم قاتلوا النظام السابق في الشمال والجنوب، وجلال الطالباني بالذات من قرّب المجلس الأعلى الى الاميركان وأسقط عنهم التهمة الاميركية التقليدية التي ما زالت قائمة بالسر وهي موالاتهم لإيران.
وكان الاحتضان متبادلا، فمرة يحتضن آل الحكيم الطالباني ومرة يعتني الطالبانيون بآل الحكيم، وكانت الأسلحة تصل الى الاتحاد الوطني الكردستاني بأيادي مقاتلي بدر طوال أكثر من عقدين من الحروب والمعارك والضرب بالكيماوي والانتفاضات وحرب العصابات والدبلوماسية والسياسة ومؤتمرات المعارضة والبيانات الحالمة.
ولشيعة «الائتلاف العراقي الموحد» أولويات وأساسيات، لم يعلنوها كلها في برنامجهم (سنسلط عليها الضوء بالتفصيل في رسالة لاحقة ولا يهمهم كثيرا من يكون رئيسا للجمهورية، طالما اتفق على أن مقاليد الأمور ستكون بيد مجلس الوزراء.
ضربة المعلم
زد على ذلك مسألة بالغة الأهمية وقد تكون أهم من تاريخ العلاقة ما بين الطرفين (الشيعي والكردي أو الحكيميين والطالبانيين بتعبير أدق) في موافقة الائتلاف الشيعي على اختيار جلال الطالباني رئيسا للجمهورية، وهي أن الشيعة (العرب) وبعد تحفظهم الشهير على قانون إدارة الدولة ورحلة الشيعة الـ 13 الى السيد علي السيستاني مشتكين ومستفسرين وطالبين النصح، لن يكرروا الخطأ نفسه ولن ينصبوا كرديا رئيسا لبرلمان سيكتب الدستور العراقي (!!) .
ولعلهم ضربوا العصافير الجائعة والعطشانة بمنتهى الحرفية، عندما يقدمون الى رئاسة البرلمان سنيا مهما كان قويا، فهم الذين سيعينونه!.
رئيس البرلمان
سيوافقون على تعيين الشيخ غازي الياور رئيسا للبرلمان، وإذا حصل أمر ما (عدم موافقته وانسحابه من الحياة السياسية) لديهم فواز الجربا وهو ابن عم الشيخ الياور وزعيم لشمر أيضا وعميد في الجيش طرده صدام بعد اشتراكه بانتفاضة مارس 1991 وهو أيضا واحد من 6 سنة داخل قائمة «الائتلاف العراقي الموحد.
الميل يسير حتى الآن نحو غازي الياور لرئاسة البرلمان، لطمأنة شركائه في الحزب الإسلامي العراقي وقبيلته الكبيرة والسنة العراقيين عموما، ولتوجيه الضربة القاضية النهائية الى الدكتور عدنان الباجه جي وإنهاء حياته السياسية الى الأبد.
سقوط علاوي
في اجتماعين مهمين جرى الأول الجمعة وأعقبه الثاني السبت، تم الاتفاق على قاعدة قوية لا يتزحزح المنتصرون عنها مهما حصل وهي:
1- أن رئيس الوزراء يجب أن يكون ضمن المرشحين في قائمة «الائتلاف العراقي الموحد.
)2- لن يكون أياد علاوي رئيسا للحكومة تحت أي ظرف (فيتو غليظ
)3- إغلاق ملف عدنان الباجه جي نهائيا وعدم منحه أي منصب أو موقع ولا تعامل معه. (فيتو غليظ.
)4- تحويل ملف حازم الشعلان الى القضاء حال تشكيل الحكومة الجديدة بشأن تجاوزات مالية (والمثير: اتهامه مع مجموعة من البعثيين باغتيال السيد عبد المجيد الخوئي!!
5- منع وزراء في حكومة علاوي ومسؤولين كبار من السفر لحين التحقيق بأمور «فساد مالي.
ومهما كانت المقاعد التي ستحصل عليها قائمة علاوي «القائمة العراقية» (يتوقع أن تحرز 10 - 15% من مقاعد الجمعية)، فان غرائمه في «الائتلاف العراقي الموحد» يخططون لكي يكون سقوطه مدويا.
)6- لا حوار مع البعثيين مجرمين وطيبين (فيتو غليظ.
المدّعون بالخلافة
مصادر لائحة الائتلاف لا تنصح بالبحث عن رئيس وزراء خارج «الائتلاف» فالمسألة كما تقول تلك المصادر، حسمت نهائيا. وبقى فقط النظر بالمدعين لخلافة ولاية علاوي نستعرض في البدء من قدم نفسه ومن طرح ترشيحه شخصيا دون أن يرشحه أحد وهم حسب الظهور: عادل عبد المهدي، حسين الشهرستاني و إبراهيم الجعفري.
الثوابت الحازمة
ولدراسة حظوظ كل منهم لابد من التأكيد على مسائل أساسية جداً في مستقبل العملية السياسية العراقية:
1- لن تتدخل الولايات المتحدة ولا حلفاؤها في العملية الجاري طبخها الآن ولم يكن اجتماع السفير جون نيغروبونتي مع الفصائل السياسية الرئيسية في البلاد، أكثر من أدائه مهامه الوظيفية للتعرف على ما يجري في الوسط السياسي. وتدرك الولايات المتحدة بأن أي تدخل منها مهما كان طفيفا ينذر بعواقب وخيمة، أقلها انسحاب المنتصرين من العملية السياسية وإعادة الانتخابات وتحويل المدافع لقمع «انتفاضة الجنوب.
2- لن يسمح المنتصرون في «الائتلاف العراقي الموحد» وحلفاؤهم الكثيرون جدا (سيتحالف معهم الجميع حسب المنطق والبراغماتية وسياسة الأمر الواقع والممكن) للولايات المتحدة ولا لحلفائها بالتدخل في شؤون الجمعية الوطنية ولا بتوزيع المناصب ولا بالتعيين ولا بالفصل ولا بالإقصاء ولا بالتهميش ولا بفتح الملفات للبعض ولا غلقها للبعض الآخر.
3- كل ما يتفق عليه داخل «الائتلاف العراقي الموحد» سيتم تنفيذه بحذافيره ولا مجال لمفاجآت داخل اجتماعات الجمعية. بمعنى أكثر سياسية: توحيد الحركات المنضوية في الائتلاف وتحديد المبادئ التي تجعلهم قوة واحدة وكتلة برلمانية متماسكة داخل الجمعية الوطنية.
في الحظوظ
اتفقوا بأن مرحلة العراق الحالية المشاكسة والمعقدة لا تتعطش لعالم نووي كالدكتور حسين الشهرستاني الذي طرح نفسه لمنصب رئيس الحكومة متمنيا الأمر مع بعض مستشاري المرجع الأعلى السيد علي السيستاني.
وعادل عبد المهدي هو الآخر طرح ترشيحه بنفسه وغير صحيح أنه مرشح المجلس الأعلى. والسيد عبد العزيز الحكيم الذي لغاية لقاء السبت يكتفي بسماع «الرغبات» ولم يدل برأيه أبدا (عدا دفعه لترشيح الطالباني لرئاسة الجمهورية).
أما إبراهيم الجعفري فقد طرح ترشيح نفسه في اجتماع في بيته، متحدثا عن تاريخه النضالي وأحقيته أكثر من غيره لشغل منصب رئاسة الحكومة. وعلى الرغم من الخلاف بينه كممثل لحزب الدعوة، وبين الشطر الآخر للحزب تنظيم العراق، فإن السيد عبد الكريم العنزي يفضل ترشيح رفيقه الجعفري لهذا المنصب، وعندئذ حظى الجعفري بموافقة حزب الدعوة بشطريه الذي تتوزع مقاعده كالتالي: جماعة الجعفري 12 مقعداً وتنظيم العراق 8 مقاعد. أي أن لديهم وفق الحسبة الرياضية 20 صوتا من 150 خاصة فقط بالائتلاف. وهي غير كافية للفوز داخل الائتلاف، ناهيك عن الجمعية برمتها (وفق مبدأ التوافق داخل الائتلاف فلا يستطيع الجعفري المرور بهذه النسبة أيضا).
القادم من الخلف
اذا كانت هذه حظوظ الثلاثة، فمن بين الاسماء الواردة للمنصب الاول في العراق احمد الجلبي، الذي عمل لهذا اليوم ابان صمت المرشحين الثلاثة المذكورين ابان قتال الصدريين الضاري مع القوات الاميركية وحلفائها. وحسب مصادر الائتلاف فان الجلبي يقدمه المجلس السياسي الشيعي والشيخ عبد الكريم المحمداوي ويجمع عليه الصدريون بشقيهم وتبقى له فقط موافقة السيد عبد العزيز الحكيم.
جلسا مطولا، بحضور الحاج أبو حاتم في منزل الحكيم وحدد الثلاثة (الحكيم والجلبي والمحمداوي) الزملاء السابقون في مجلس الحكم مساء الجمعة الرابع من فبراير، شكل السياسة العراقية في المرحلة المقبلة، مفاتيحها و أبوابها ونوافذها، خيرها وشرها، مدافعها ونافوراتها، حدائقها ومسالكها وما الذي سيفعلونه في المرحلة المقبلة.
وتبين أن الذي ارتضى أن يكون اسمه برقم 10 في قائمة المنتصرين، ان يكون الأول في المرحلة الملتهبة المقبلة!
المرشح القوي
ستجري المشاورات في شأن اختيار رئيس الحكومة بشكل يومي لغاية العاشر من فبراير موعد إعلان النتائج النهائية غير المصدقة (سيصادق عليها من قبل المفوضية بعد 9 أيام وهي فترة النظر بالطعون ونعتقد بأن نتائج العاشر من فبراير نهائية وتوقف الأيام التسعة شكليا من الناحية العملية وقانونيا من وجهة النظر البيروقراطية – الإدارية).
وسيحصل الشيخ عبد الكريم المحمداوي الذي يتبنى ترشيح الجلبي المزيد من أصوات «المستضعفين» في الائتلاف. وسيؤثر المجلس السياسي الشيعي والصدريون الكثير جدا، كما يخطط المحمداوي على الأقل، في الآخرين في القائمة ولاسيما المستقلين وتنظيم العراق والمجلس الأعلى، ليحصلوا في نهاية المطاف، أيضا كما يخطط المحمداوي، على ما يحبون تسميته «التوافق» على تقديم ترشيح الجلبي كرئيس للوزراء للجمعية الوطنية.
الخطة البديلة
وإذا لم ينجح المجلس السياسي الشيعي والصدريون بالحصول على توافق الآخرين في «الائتلاف» وإصرار عبد المهدي والجعفري والشهرستاني على ترشيح أنفسهم؟ ستطرح المسألة (ترشيح رئيس الوزراء) للاقتراع السري بين أعضاء قائمة «الائتلاف» الفائزين، عندها سيتعين على الجميع الموافقة على رأي الأغلبية في الاقتراع.
ويتوقع مقربون من الجلبي انه في حال مثل هذا التصويت فهو سيحصل على 65 صوتا، وعادل عبدالمهدي على 14 صوتا، والجعفري على 20 صوتا، ولن تتجاوز حصة الشهرستاني العشرة اصوات.
توافق ومناصب
ماذا ستكون عليه الصورة لو تحقق هذا السيناريو؟
بالتوافق سيرضون إبراهيم الجعفري بإبقائه في منصب نائب رئيس الجمهورية، وبواسطته أيضا سيمنحون عادل عبد المهدي وزارة سيادية قد تكون الخارجية، في حالة انسحاب علي الأديب (أبو بلال الأديب الشخص الثاني في حزب الدعوة بعد الجعفري) من ترشيحه القوي لوزارة الخارجية، فيما سيتركون لهوشيار زيباري منصبا شرفيا هو نائب رئيس الوزراء للشؤون الخارجية.
وبالمناسبة سيكون هناك ثلاثة نواب لرئيس الوزراء وليس اثنين كالسابق واحد للخارجية وآخر للشؤون الأمنية سيشرف على وزارتي الداخلية والدفاع والمخابرات، فيما الثالث سيكون للشؤون المالية. والنواب الثلاثة سيكونون كالهيئة الرئاسية (شيعي - سني – كردي).
المناصب السيادية والأمنية (الداخلية والدفاع والخارجية والمخابرات والنفط والمالية) لن تخرج عن الائتلاف العراقي الموحد» وحلفائه ويتردد أنهم سيكونون من المفاجآت المثيرة في التشكيل الحكومي القادم.
ومن المرجح أن يعود الدكتور إبراهيم بحر العلوم الى وزارة النفط والدكتور كامل الكيلاني الى وزارة المالية (من قائمة الائتلاف ووزراء سابقين في أول وزارة شكلها مجلس الحكم).
وبهذا المخطط يسيطر «الائتلاف العراقي الموحد» على وزارات السيادة والقوة في الحكومة بالإضافة الى رئاستها، موظفا انتصاره وشعبيته على أفضل وجه.
http://www.alqabas.com.kw/news_detai...d=100456&cat=2