الطائفية السياسية عار الديمقراطية ..!
مسامير جاسم المطير 857
الطائفية السياسية عار الديمقراطية ..!
احتدم في البرلمان العراقي في جلسته الثانية الصاخبة يوم 29 / 3 / 2005 صراع " ذكوري " بين أعضائه وراء الكواليس وأمامها ..!
كثير من الأعضاء يريد أن يحقق أحلامه الشخصية باسم الشعب ومن على ظهر سفينة الطائفية السياسية ..! الرئيس الياور لا يريد أن " يتنازل " عن كرسي الرئاسة غير " درجة " واحدة ليعلن أنه " يوافق " أن يكون نائبا لرئيس الجمهورية رافضا منصب رئيس البرلمان لأنه لا يليق بالمقام خاصة وأنه تزوج وزيرة خلال فترة رئاسته الأولى للجمهورية العراقية الديمقراطية الجديدة ..!
تذكرت اليوم المرحوم الملك ادوارد ملك بريطانيا العظمى حين أختار قلبه في القرن الماضي قلب مسز سمبثون فقامت عليه احتجاجات شعبه بمعارضة زواجه من امرأة أمريكية مطلقة فما كان أمامه غير التضحية بعرش أعظم دولة في العالم آنذاك " متنازلا " عنه من أجل الحب . حتى في هذه الأيام أعلنت كاميلا باركر خطيبة الأمير تشارلز أنها سوف " تتنازل " عن لقب ملكة بريطانيا العظمى بعد زواجها ..!
هذه هي الدنيا فيها من يتواضع ويتنازل من أجل مصلحة الوطن وفيها من لا يريد غير " التصاعد " على حساب مصلحة الوطن ..!
حال بلادنا بعد صدام حسين مثل حال الإغريق قديما حين بدأ ورثة الأسكندر المقدوني يتسابقون بعد وفاته للفوز بالمكاسب والمناصب ..! فأصحابنا الآن يتسابقون أيضا لاقتسام الإرث السلطوي الوزاري والرئاسي لنظام صدام حسين بواسطة إعلاء شأن " الطائفية السياسية " وبواسطة إحياء " العشائرية السياسية " ..!
قيادات الأحزاب العراقية الفائزة بالانتخابات لا شأن لها بدراسة المستقبل العراقي .. لا توليه عنايتها بعد فوزها الانتخابي .. لا شأن لهم بأهل الفكر ولا بأهل التجربة ولا بأهل التكنوقراط ولا بأهل العقلية العلمية بل يضعون أمورا أخرى نصب أعينهم تتجلى بالمنافع الحزبية والشخصية والعشائرية قبل كل شيء ناسين حتى دروس العلم والأدب والحكمة في تجارب " كليلة ودمنة " ..!
الذي يمكن استنتاجه من " المظاهرة الصامتة " لأعضاء البرلمان في جلسة يوم 29 / 3 القصيرة التي سارت في قاعة قصر المؤتمرات احتجاجا على الخطر الذي يواجه " الديمقراطية الطائفية " المبتكرة حديثا - والتي غابت عن المفكرين المسلمين من أمثال الجاحظ و عبد الله أبن المقفع وعلى المفكرين الغربيين من أمثال جان جاك روسو - حين بحثوا موضوع رئيس البرلمان ونائبيه فقد أصر " القادة الطائفيون " على تنفيذ خطتهم بحرمان أعضاء البرلمان من حقهم في انتخاب من يشاءون .. لا أرادة مستقلة لهم .. ! عليهم " تنفيذ " أوامر القيادات الحزبية المتفاوضة سرا .. أكفأ الناس لرئاسة البرلمان يجب أن يكون سنياً .. وأكفأ الناس لنيابة الرئاسة الأولى يجب أن يكون شيعياً .. وأكفأ الأعضاء لنيابة الرئاسة الثانية يجب أن يكون كرديا .. أما أذا كان هناك رجل مندائي كفوءا حتى ولو خرج الدكتور عبد الجبار عبد الله من قبره فلا يستحق أن يكون في هذا البرلمان الديمقراطي للكَشر غير خشبة موضوعة على خشبة الكرسي البرلماني شأنه شأن ثمانين امرأة ملفعة بالعباءة والحجاب قاعدات على كراسي الصمت لا أحد يعيرهن منصبا لا سياديا ولا غير سيادي باعتبارهن ناقصات عقل ودين من وجهة نظر بعض القادة الإسلاميين الجدد ..!
أين هو الدكتور إبراهيم الجعفري المتحدث اللبق البارع الذي كان خلال العامين الماضيين ينافس على الشاشات التلفزيونية الفضائية قدرات الدكتور الشيخ أحمد الوائلي في الأحاديث الإنسانية المنفتحة من على المنبر الحسيني .. لماذا تتأخر " أفعال " الدكتور إبراهيم الجعفري عن " أقواله " التلفزيونية ونظرياته الديمقراطية ..؟ لماذا لا يشارك بفعالية في عملية مكافحة " الطائفية السياسية " في بلد يمزقه الإرهابيون البعثيون بالحديد والنار في الليل والنهار ولم يعرف حتى سلطات قانونية مستقرة حتى الآن .. وقد مضى شهران كاملان كاد فيهما أن ينفذ صبر الناس العراقيين وصبر الناس المتفرجين من غير العراقيين ..!
أين هم دعاة الديمقراطية العراقية من العلمانيين والإسلاميين ، من مختلف الأحزاب ومن الكتل المستقلة ..؟
ليس من الواضح بعد، كيف ستنتهي أزمة الحكم " الوطني الديمقراطي " في العراق. وكل من يتنبأ بما سيحدث عند صياغة الدستور الدائم – إذا أراد الله - إنما يفعل ذلك في الأحلام فقط ، وقد سبق لغالبية المتنبئين بتوفير الأمن والأمان وبإعادة أعمار العراق أن منيت تنبؤاتهم بالفشل الذريع في السابق. ولا يتبقى، في هذه الأثناء، إلا النظر إلى آمال تشكيل حكومة ديمقراطية ، وربما يحتاج هذا التشكيل ليس إلى اللعب بـ"ورق " الطائفية بل يحتاج إلى نهضة واعية في داخل البرلمان العراقي وخارجه ..!!.
عجبي لشعبنا في القرن الحادي والعشرين .. لماذا لا يصرخ بوجه المستبدين ..!!
-------------------
بصرة لاهاي في 30 – 3 - 2005