الملاكمة العراقية بحاجة لجهود وخطيط لاءعادة بريقها
الملاكم الكبيرأسماعيل خليل، عنفوان وشموخ وعظمة الملاكمة العراقية، صاحب الانجازات الأكبر في تاريخ الرياضة العراقية والتي تفوق نتائج كل الألعاب الاخرى مجتمعة، بطل القارة الاسيوية ثلاث مرات ( أضافة الى فضيتين وبرونزية)، مثل آسيا في بطولة القارات بكندا عام 1981 وأحرز الوسام البرونزي ،
بطل العالم العسكري عام 1987 (ووسام فضي عام 1980) ، بطل العرب لخمس مرات، بطل العراق منذ العام 1978 الى اعتزاله عام 1992 ، اضافة الى مشاركات وبطولات أخرى، سجل رائع من الانجازات . ينقصه فقط وسام أولمبي كان لثلاث مرات قاب قوسين أوأدنى منه، مستواه الفني الرفيع وبشهادة خبراء دوليين كان يؤهله للحصول على أكثر من وسام أولمبي، لم يحالفه الحظ برغم أنه بذل كل ما بوسعه . يشغل حاليا منصب نائب رئيس أتحاد الملاكمة العراقي ، ورئيس نادي الشباب الرياضي، ألتقته (الصباح) في حديث عن أهم المحطات في مسيرته الرياضية التي تمتد لنحو ربع قرن ملاكما ومعنيا بشؤونها، تحدث بمنتهى الصراحة والعفوية، طلبه الوحيد كان عدم نسيان الابطال الذين أفنوا شبابهم ليرفعوا اسم العراق دوليا.
بداية صعبة ومترددة
عن بدايات رحلته الطويلة في الملاكمة ، يقول الملاكم الذهبي أسماعيل خليل ( 48 عاما) حباني الله تعالى ببنية قوية، وكنت أعمل حدادا في وقت مبكر من حياتي لمساعدة والدي (الأسطة) خليل البناء في أعالة أسرة كبيرة عدد أفرادها ثلاثة عشر شخصا، أنا كبيرهم . ولكن ذلك لم يمنع من أتجه الى (مركز شباب الثورة) وعمري أقل من 15 عاما لأتدرب على رفع الأثقال بغية الدخول في عالم كمال الأجسام الذي كان يستهوني ويستهوي جيلي بشكل عام، ولكن بعد مرور ستة أشهر شعرت بعدم جدوى رفع الأثقال ومللت بسرعة ( لعدم ظهور عضلات كبيرة كالتي يملكها البطل علي الكيار)، وكان بالامكان أن أنصرف كليا عن الرياضة ولا أمت لها باية صلة، لولا صديقي ( عدنان ورور) الذي كان يلعب الملاكمة في (مركز شباب مدينة الثورة) والذي أقنعي ودفعني الى الذهاب معه، وفعلا أنتظمت في التدريب تحت اشراف المدرب ( توفيق منصور) الذي علمني مبادئ الملاكمة ، بقيت أتدرب لأربعة أشهر، أنقطعت بعدها عن التدريب لأنصرف كليا للعمل للظروف الصعبة التي كانت تحيط بنا، والتي كانت السبب في عدم مواصلة دراستي، مكتفيا بشهادة الابتدائية، بعدها دعوت لأداء الخدمة العسكرية الألزامية، وتم سحبي الى (نادي الجيش) بصفة أقرب من (نصف ملاكم) حيث كنت أحمل القفازات، ويستفاد المدرب مني كخصم يطبق عليه الملاكمون ، وكنت في حالة أحباط من أن أكون ملاكما جيدا، ولكن ظروف العسكرية كانت تستدعي الاستمرار، وكان همي أن أقضي الايام يوما بعد أخر على أمل أنتهاء الخدمة العسكرية ، ولكن الذي غير مجرى حياتي هو تنسيبي من قبل ضابط ألعاب الفرقة العاشرة ( باسم الربيعي) الى نادي الزوراء للتدريب تحت أشراف المدرب القدير سعيد عبدالحسين الذي سيكون له أكبر الاثر على حياتي كملاكم ، ولا أخفيك أنني أصبت برهبة وأنا انظر من النوافذ الى أبطال الملاكمة العراقيين وهم يتدربون في نادي الزوراء الذي كان يقع في مكان ( فندق الرشيد) حاليا ، وكانت الملاكمة في العراق تعني نادي الزوراء ومدربه سعيد عبدالحسين من مستوى متقدم وتكنيك عال ، وكانت أسماء ( رعد علي ، اكرم صالح ، قاسم عبد ترف ، سعدي جبار ، سالم صبري وغيرهم) تدب الرعب في قلوب خصومهم من ملاكمين الاندية الاخرى . وتولد عندي أحساس غريب بعد أيام من التدريب بأن الامر سيكون مختلفا هذه المرة في نادي الزوراء وفعلا كان الامر كذلك.
بداية موسم حصاد البطولات
يتابع أسماعيل خليل الحديث عن بداياته ، قائلا شاركت في عام 1976 في أول بطولة وهي بطولة العراق للناشئين وفزت بالمركز الثاني بعد أن خسرت امام الملاكم ( كريم البصري) وقد لعبت لصالح نادي الجيش، وفي نفس السنة فزت بالمركز الاول لبطولة الناشئين ولعبت لنادي الزوراء ، هذه البطولة أكسبتي ثقة كبيرة ودفعا قويا، وبعدها أنصرفت الى التدريب بشكل كلي ، وكنت خلالها تلميذا مجتهدا للمدرب سعيد عبدالحسين الذي أحس بخبرة السنين الطويلة التي يمتلكها أنه أمام (خامة ) جيدة كما قال لي بعد سنين، المحطة المهة والكبيرة في حياتي كانت بطولة العراق للمتقدمين عام 1978، عندما أحزرت أول لقب محلي لي بعد فوزي على الملاكم الدولي الكبير( رعد علي)، وكان جمهوري في تلك المباراة ثلاثة أشخاص من أصدقائي، ولشدة فرحتي وعدم أستيعابي للأمر ، مشيت من نادي الكرخ (حاليا) حيث جرت البطولة الى ساحة النهضة لأخبر بقية أصدقائي بأنني أصبحت بطل العراق في الملاكمة . فرحتي بذلك الفوز لا توصف ولايمكن أن أعبر عنها، وخصمي كان بطلا كبيرا وله مشاركات دولية وأسم يحسب لها حساب في الملاكمة، منذ تلك البطولة أحسست بأني سيصبح لي شأنا في الملاكمة، وقد زاد ذلك الفوز من تمريني ومن شدة تركيزي على ملاحظات ونصائح وأرشادات مدربي سعيد عبدالحسين، وأعتقد الان أن اكبر دافع لي في الاستمرار والتقدم في الملاكمة يعود الى تلك البطولة. وفي العام 1978 أيضا كان المنتخب العراقي في معسكر تدريبي أستعدادا للمشاركة في الدورة الاسيوية في بانكوك ، وبرغم كوني كنت خارج المنتخب، الا أنني لعبت ضمن أستعدادت الفريق مع ملاكم كوبي عملاق طوله 225 سم ، وأصر المدرب سعيد عبدالحسين على أن يكون النزال بلا نتيجة خوفا علي ، ولكني أبليت جيدا مع ذلك العملاق وأشبعته ضربا، الأمر الذي جعل العديد من المسؤولين على الملاكمة يدعون على ضمي الى المنتخب المشارك في الدورة الاسيوية، وتجلت هنا مهنية وخبرة المدرب الكبير سعيد عبدالحسين الذي أصر على عدم ضمي الى المنتخب، موضحا أن أسماعيل ملاكم في بداية الطريق واخاف أن أزجه في هذا الوقت مع ملاكمين دوليين لهم باع طويل يتنافسون كأشد ما يمكن . في نهاية العام 1979 شاركت لاول مرة في بطولة خارجية اقيمت بجاكارتا (بطولة الملك الاندونيسي) وفزت بفضية البطولة. عام 1980 كان عاما مميزا لي وللملاكمة العراقية بصورة عامة، فزت بذهبية بطولة العرب التي أقيمت في بغداد، بعد فوزي على الملاكم الجزائري الكبير( بوشيش محمد)، وتمكنت في الدور قبل الاخير من تلك البطولة من الفوز على الملاكم التونسي (أبراهيم محجوب) وهو من اقوى الملاكمين الذين لعبت ضدهم ، وقد أصابني بقوة في عيني وأفقدني النظر فيها لمدة ثلاثة أيام، وقد قال لي بعد المباراة بروح رياضية أنك لم تفز علي لأنك الاقوى، بل فزت بالتكنيك، وظلت تلك الجملة عالقة في ذهني طويلا . وفي نفس العام 1980 في بطولة العالم العسكرية في بغداد، فزت على ملاكمين كبيرين أحدهما من المانيا والآخر أمريكي، ولكني خسرت نتيجة للضغوط النفسية في المباراة النهائية مع ملاكم (من ساحل العاج) أقل قوة منهما.
المشاركة بثلاث دورات اولمبية
قلت لاسماعيل خليل هل تعلم بأنك ربما تكون صاحب الانجازات الاكبر في تأريخ الرياضة العراقية، ولكنه رد بسرعة كنت بحاجة الى وسام أولمبي واحد لتكتمل فرحتي ، وتابع شاركت في ثلاثة دورات، دورة موسكو عام 1980 ، لوس انجلوس 1984 ، برشلونة عام 1992، وكنت في كامل الاهلية والكفاءة بشهادة خبراء دوليين لأحراز ميدالية أولمبية ، وقد أحرز ملاكمين أقل مني مستوى ميداليات، السبب هو القرعة التي كانت توقعني مع ابطال كبار في اول أو ثاني نزال مما كان يخرجني بدون نتيجة، ولو حدث مرة واحد أن أتجنب هؤلاء الابطال لحصلت على وسام فضي أو برونزي، هذا هو الحظ الذي لم أكن أمتلكه ، اضافة الى أن الوزن الثقيل الذي ألعبه عليه تركيز كبير ومنافسة هائلة . ويكمل اسماعيل حديثه أستدعيت الى الخدمة العسكرية بعد بداية الحرب العراقية الأيرانية، وتم سحبي الى نادي الجيش، وشاركت عام1981 في بطولة ( الجيوش الصديقة ) في المجر وأحرزت الوسام الفضي، وفي العالم 1981 أيضا شاركنا في بطولة القارات ومثلنا آسيا فيها وفزت بالوسام البرونزي مع فاروق جنجون وعامر جبار، أطلقت علينا الصحف العراقية يومها ( الفرسان الثلاثة)، وقد وقفت على المنصة مع الملاكمين الاميركي والروسي وكان ذلك انجازا كبيرا للملاكمة العراقية، ولم تستطع اية دولة عربية للترشح للأدوار النهائية عدا العراق.
مع هوليفيلد في دورة لوس أنجلوس
عن لقاءه مع الملاكم الاميركي إيفاندر هوليفيلد في أولمبياد لوس انجلوس عام 1984 ، يقول هذا النزال أخذ شهرة كبيرة، والى الان يستوقفني بعض الناس ويسألوني عن ذلك النزال وكأنه جرى أمس، هوليفيلد كان على عتبة الدخول في منافسات المحترفين في أميركا، ويعد من خيرة ملاكمي جيله . واود أن اشير الى أن فرصتنا كانت كبيرة في تلك الدورة لأحراز ميدالية لولا سوء الاعداد والحظ، فكان من المفترض أن نبقى في الاتحاد السوفيتي (السابق) شهرين وفي كوبا شهرين آخرين لنتوجه الى لوس أنجلوس، بقينا حوالي الاسبوع في روسيا ، وهيأ لي المدرب سعيد عبدالحسين عدة لقاءات مع ملاكمين كبار في الوزن الثقيل ضمن برنامج أعداد متكامل، ولكن جائتنا برقية من بغداد بضرورة العودة سريعا، أن تكون فترة الاعداد في بغداد ، ولم نفهم جيدا الاسباب التي وقفت وراء ذلك التصرف الخاطئ.
واقع الملاكمة والرياضة
يشغل أسماعيل خليل حاليا منصب نائب رئيس أتحاد الملاكمة العراقي ورئيس الهيئة الادارية لنادي الشباب الرياضي، وبحكم هذين الموقعين يكون قريبا من الملاكمة والرياضة بشكل عام، طلبنا منه تقييما لواقع الملاكمة ، فقال : واقع الرياضة بصورة عامة يتأثر بواقع الحياة اليومية، وكما لايخفى على أحد أننا نعيش في اوضاع لا يحسدنا عليها أحد، وهذه الاوضاع بدأت بالانحدار منذ الحرب العراقية الأيرانية عام 1980، عندما سادت أوضاع غير طبيعية بسبب الحرب، وجاهد الرياضيون العراقيون للتغلب على تلك الاوضاع ، وأثرت سنوات الحرب على مجمل المشاركات الخارجية، وقد توترت علاقة العراق بمحيطه الخارجي بعد حرب الكويت ودخول العراق في نفق الحصار الاقتصادي، وقد قلت المشاركات وأقتصرت على زيارات متبادلة مع بعض الاندية الاردنية، والتي كانت المستفيدة من تلك اللقاءات، وتحولت الملاكمة الى المحلية وحرمت من المشاركة الدولية والقارية، واذا أردنا أن نقيم واقع الملاكمة خلال تلك السنوات ومدى تراجعها، فعلينا عقد مقارنة بسيطة مع دول الجوار وأين كان موقعها مقارنة مع العراق ، ثم أين وصلت هي والى قعر تراجع العراق . جيلنا كان يؤمن بالمثاليات والقيم المعنوية ، وكنا (طيبين النيات) نعتبر مجرد التكريم بساعة أو مبلغ بسيط أنجازا كبيرا، كنا نتدرب وندخل المنافسات من أجل اللعبة نفسها والانجازات، ولم نكن نفكر بالمادة كثيرا، إن أتت فمرحبا ، وأن لم تأت فلا مشكلة، وقد عرض علي عدة مرات أن أحترف في كندا في بطولة القارات وفي تايلند والفلبين، ولكني ولعدة أسباب كنت أرفض ، فقد قضيت أكثر سنوات عمري في العسكرية، ولأني لا أحبذ العيش بعيدا عن العراق وكان بأمكاني أن أصبح مليونيرا في تلك الدول ، لأني كنت في بداية الطريق وكان بامكاني اللعب لأكثر من عشرة سنوات في الاحتراف. توجد الان قاعدة للملاكمة ، ولكنها قاعدة كم وليس نوع ، يأتي شباب في مقتبل أعمارهم الى النادي يتدربون على الملاكمة شهرين او ثلاثة وبعدها يغادرمعظمهم الى الكراتيه أو الكيك بوكس وغيرها من الفنون القتالية الشائعة في الافلام، اللاعب الناشئ الان بلا هدف وبلا طموح ، وهذا يدمر الرياضة ولايمكن أن يأتي بأي أنجاز، أذكر كما قلت لك يوم فزت بأول بطولة للعراق للمتقدمين وعلى الملاكم البطل (رعد علي) لم أستطع النوم، وشعرت بان هدفا كبيرا قد تحقق ، وان وراء هذا الهدف أهدافا أخرى وهكذا أستمرت مسيرة التدريب الشاق والعطاء والانجازات ، أين كل هذا من واقع الملاكمة وبقية الألعاب اليوم . قيمة أية لعبة في مشاركاتها الخارجية ونتائجها ، ولا يمكن أن تستمر المسابقات المحلية الى مالا نهاية ، لابد من المنافسة الخارجية لنعرف أين وصلنا ؟ زاملت ثلاثة أجيال من الملاكمين، وأعتمادنا اليوم على بقايا جيل التسعينات وحتى الثمانينات، لا وجود لمنتخب الظل الذي يمد المنتخب الاول باللاعبين الاكفاء ، علينا النظر بعين الاهمية الى أعداد مدربين جيدين في كافة المستويات، ومن تجربة شخصية اكاد أن اقول أن المسؤولية تقع على عاتق المدربين، وما ان وجد المدرب الكفوء وجدت ميداليات الذهب والفضة والبرونز، والعراق بلد معطاء ولايمكنه لمعينه أن ينضب في كافة المجالات. ثم ان واقع الاندية لا يسر، ونحن أقرب الى حالة الافلاس، ليست لدينا موارد تكفي ، أتكلم عن نادي الشباب الذي تعرض الى (السلب والنهب) بعد السقوط ، وحاولنا كهيئة أدارية من تدبير بعض الاثاث ، موارد النادي هي ساحة وقاعة ومولدة كهربائية ، وايجارات بعض المحال التي يرفض عدد منهم دفعها (بحجة ماكو حكومة)، وزارة الشباب أعطتنا منحة نهاية عام 2003 وأخرى عام 2004 أربعة ملايين وخمسة ملايين ، ولدي 29 مدربا واداريين وحراس ومنظفين ، علينا تدبير رواتبهم . لابد حسب رأيي أن تجتمع القيادات السياسية مع الرياضية ويصلوا الى حل فيما بينهم ، لأننا كلما تأخرنا في ايجاد الحلول، كلما تعقد الحل فيما بعد ، وسنشهد تراجعا في الرياضة ونتائجها.
شكروتقدير
طلب منا الملاكم أسماعيل خليل أن يوجه شكره وعرفانه بالجميل الى مدربه سعيد عبدالحسين ، وقال أود أن اقول له لولاك لما عرف العراق ملاكما أسمه أسماعيل خليل ، ولولا رعايتك وعبقريتك في التدريب لما أستطعت الوصول الى ما وصلت اليه ، فشكرا لك ، وأود ايضا أن أشكر المدربين توفيق عايد ، حافظ محسن، رياض أحمد عبدالفتاح، عماد محمود، عزت عباس، ورئيس الاتحاد غازي عبدالصمد ، والى جمهوري العزيزالوفي . وأود أن أذكر المسؤولين ووسائل الاعلام بعدم نسيان الابطال الذين أفنوا شبابهم لرفع أسم العراق عاليا، وأن هؤلاء الابطال يشعرون بحالة نفسية صعبة خاصة بعد الاعتزال، وغالبا ما تكون الصحافة ووسائل الاعلام المخفف عن معاناتهم.
وقال عنه مدربه سعيد عبدالحسين : ربما سننتظر طويلا لنرى ملاكما فذا مثل أسماعيل خليل
أسماعيل خليل أحسن ملاكم ظهر في تأريخ العراق ، خاصة واذا ذكرنا انه كان يلعب في الوزن الثقيل ، ولم يظهر منذ بداية الملاكمة العراقية مثله ، ويبدو أننا سننتظر طويلا لنرى ملاكما فذا مثله، لأسماعيل ميزات أهمها أتقانه فن الملاكمة المتكاملة ، فهو الملاكم الدولي المتكامل ، وصاحب الاداء المهاري المتكامل الذي يتمثل بالضغط والدفاع ، أهم ما يميزه لغاية أعتزاله عام 1992 ، طاعته الكاملة لمدربه وأرشاداته، أسماعيل خليل من الملاكمين القلائل الذين لديهم قدرة تكنيكية وتنوع في الاسلوب يتكيف حسب نوعية لعب الخصم ، وهذا غير موجود عند الملاكمين العراقيين ، الذين أعتادوا على اللعب حسب أسلوب معين من الصعب تغييره . خاض اسماعيل نزالات كبيرة بكل معنى الكلمة، ولعب ضد أبطال لهم أسمائهم المعروفة وسمعتهم ، اذكر منها ثلاثة ولو أنها كثيرة، فوزه على الملاكم الجزائري الكبير (بوشيش محمد) الذي لعب مع أبطال أوربا في فرنسا ، بالتكنيك وتطبيقه ما كنت اقوله له. وفي بطولة قارة آسيا في اليابان عام 1983، وصل أسماعيل الى المبارة النهائية ضد الملاكم الهندي الكبير( سنك) ، بعد ان فاز على الملاكم الباكستاني الذي يبلغ طوله أكثر من مترين وعشرة سنتمتر ، وعلى بطل كوريا الجنوبية بالقاضية ، وكان سنك قد فاز على أسماعيل مرتين آخرها قبل عام، وهو بطل لاسيا لآكثر من ست مرات، غيرت طريقة لعب اسماعيل المعتادة من الاسلوب الدفاعي الذي ينتظر هجوم الخصم ليرد عليه بقوة الى هجوم مستمر صاعق منذ جرس البداية ، وفعلا تفاجأ سنك بهذا التكتيك الجديد وسقط أرضا ثلاث مرات ليفوز اسماعيل بطلا لاسيا بالوزن الثقيل. النزال الثالث الرائع كان في نهائي بطولة العالم العسكرية في تايلاند عام 1987 ، عندما فاز على الملاكم الاميركي بالضربة القاضية وسط ذهول كل من في القاعة للأداء الرائع والهجوم الصاعق الذي طبقه ببراعة عالية . وهوملاكم قوي وشجاع لم يعرف الخوف يوما مهما كان خصمه قويا ومعروفا ، صبور للغاية في التدريب.
وقد خضع لتدريبات قاسية جدا ، سواء في الحديد أو في الملاكمة، وكنت ألعبه 16 جولة، ولم يصل الى ما وصل أليه الا بالتدريب المتواصل
جريدة الصباح