][®][^][®][أنا ذبــَّـاح سيدي !!!][®][^][®][ .....طاهر الخزاعي....
[align=center]
أنا ذبــَّـاح سيدي !!![/align]
[align=center]أرض السواد - طاهر الخزاعي[/align]
مشهدُ ما عاد يفارق ذاكرتي .. مشهدٌ يقطع كل آصرة يمكن أن تدعي الانتماء الى شيء اسمه الانسانية .. لا , بل لم أجده ينتمي الى شيء اسمه منطق الغاب أو في قواميس أكلة لحوم البشر !! .. مشهدٌ طالما تأملت به علَّ وعسى أن أجد مجالاً للتأويل , أو فُسحة للتحليل , أو صنفا من مخلوقات الباري تعالى كي أنسب اليه هذا الــــ (ذبــــَّاح) .. ما زلت أبحث , ولا زلت حائرا .. وها أنا ذا أكتب حول حيرتي متوسلا الوصول الى كنه هذه المهمة الجديدة في العراق ! .
في قناة العراقية وفي البرنامج الذي يعرض جرائم المجرمين (عفواً أقصد المقاومين) , وهي اللقطة التي تعيدها قناة الفيحاء كثيراً حول أفعال هؤلاء الذين يدعون المقاومة .. اللقطة أيها السادة جميعكم رآها وسمعها , تلك التي يسأل فيها المحقق عن واجب المتهم ودوره في مجموعته التي يعمل بها .. يسأل المحقق : ماهو واجبك ؟ .. يأتيه الجواب : ( أنا ذبـــَّاح سيدي ) !! .. ولعل الأمرَّ والأدهى من الجواب نفسه هو أن يأتي الجواب بكل هدوء واستقرار نفسي .. يقولها السيد المقاوم وهو على بصيرة من أمره .. دون اكتراث أو ما يشبه الخجل أو ذرة من حياء ! ..
ليس بدعا في الإجرام أن يكون شخص ما قاتلا ويسرف في القتل فيزهق أروح عشرات الأبرياء ومن كافة الفئات العمرية .. قتلا بالرصاص أو دساً للسم في أكل وشرب ! .. بل حتى طعنا في سيف أو مدية أو رمح .. ولكل هذا أسبابه النفسية , وعادة ما يكون صاحبها مُصاب بحالة من أحوال الجنون يؤدي به لاتخاذ القتل الجماعي هذا , وهنا يكون الفارق كبيرا مع ما نحن فيه .
حتى في الحروب التي حصلت في عصر الجاهلية لم نجد المحارب ذباحاً .. إن واجبه الحربي في الدفاع والهجوم أن يقتل العدو بالسلاح الذي يستخدمه , والقتل في تلك العصور هو الطعن بالرمح والسيف والرمي بالسهام والنبال .. وما حدثنا تاريخ العصر الجاهلي أن تكون وظيفة أحد أفراد هذه القبيلة أو تلك هو الذبح لجنود العدو . وهنا أيضا الفارق كبير جدا مع ما نحن فيه . فلم يقم ذباحونا الجدد بذبح العدو المتمثل بالمحتل وإنما لأبناء جلدتهم من شرطة وحرس ومترجمين وحتى الحلاقين ! .. وذباحونا الجدد لا ينتمون الى العصر الجاهلي ولا الى القرون الوسطى ولا هم من سكان الكهوف .. إنهم يعيشون في عصرنا وبين ظهرانينا , وهم عرب أقحاح يدينون بالاسلام - ظاهرا - ويعلنون الانتماء الى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وأسماء تنظيماتهم كلها منتقاة وتدور في دائرة (أنصار السنة وأنصار الاسلام , وسرايا الجهاد , وقاعدة الجهاد في بلاد الرافدين .. الخ ) . وهنا ازددت حيرة وأخذت مني الدهشة مأخذاً .. فقمت من مجلسي ووجهت وجهي شطر القبلة محدثا رب البيت الحرام والشهر الحرام والدم الحرام : أن كيف أكون أنا والذباحون الجدد من ملة واحدة .. الهنا واحد , ديننا واحد , نبينا واحد , قبلتنا واحدة .. أصلي ويصلي الذباح ! .. أصوم ويصوم الذباحون .. أقصد البيت الحرام حاجاً ويقصده هؤلاء .. كيف أكون اسلاميا وهذا الذي يمتهن ذباحة البشر كذلك ؟! ..
ذهبت بي سفن الخيال بعيداً .. وداعبت رياح الشكوك أشرعتي .. وصرت قاب قوسين أو أدنى من الكفر بهذا الدين الذي أرسل لنا الرسول رحمة للعالمين ! .. وهنا فقط احتكمت الى الدليل .. وكان لزاما عليَّ أن أرجع الى سنة الرسول التي يدعي هؤلاء الذباحون أنهم أنصارها , لأجد ما اذا كان هناك مكان لامتهان الذباحة البشرية وتحت أي ذريعة كانت في سنة الرسول؟ . راجعت معلوماتي الدينية وسرعان ما قفزت الى ذهني مسألة ما يحسبه الدين الاسلامي مكروها من المهن .. فتذكرت أنه يُكره للمسلم أن يعمل قصَّابا ! .. والقصاب هنا كما هو معلوم من يقوم بذبح الماشية وبيع لحومها الحلال للمسلمين .. ولعل في الأمر غرابة إذ لماذا هذه الكراهة والقصاب يقدم خدمة للمسلمين لقاء أجر في عمل حلال يُفيد به ويستفيد منه .. ولكن أروع جواب يقدمه الشارع الاسلامي في هذه المسألة - مسألة كراهة أن يكون الانسان قصابا - هو العلة المنظورة من وراء هذه الكراهة التي تقول : الكراهة هنا متأتية من القسوة التي يمكن أن تُكتسب من امتهان عمل القصاب <الذبح> , فإن الدوام على ذبح الحيوان وبشكل يومي قد يُكسب هذا الانسان القسوة , وبالتالي تنعكس سلباً على سلوكه داخل المجتمع ..
هدأ روعي , واستغفرت ربي , وانجلت شكوكي , وأيقنت أن الاسلام رحمة , والدين نعمة .. وأن الذباحين الجدد في العراق ليس لهم دين ولا سنة , ولم يجمعني وإياهم أصل أو فرع .. فهم لا ينتمون الا الى سنة فدائيي صدام وأنصار البعث .. وما وجدت الا في دين البعثيين وحدهم استحباب مهنة الذباحة البشرية ..
ardhalsawad@yahoo.com