حرب ضد الإرهاب أم حرب ضد التطرف الاسلامى
حرب ضد الإرهاب أم حرب ضد التطرف الاسلامى
تقرير جديد يرى إدارة بوش في حاجة الي استراتيجية شاملة و… مستقبلية
تقرير واشنطن – ت. س
تم الإعلان منذ عدة أيام في جلسة خاصة بواشنطن عقدها أعضاء لجنة التحقيقات الخاصة بهجمات 11 سبتمبر( أيلول) عن إقامة سلسلة من جلسات الإستماع طوال شهور الصيف لمناقشة وتقييم حالة البلاد الأمنية واستعدادها لمواجهة أي هجوم إرهابي آخر. وأعضاء اللجنة العشرة، نصفهم من الديمقراطيين والنصف الأخر من الجمهوريين ـ رغم انتهاء عمل اللجنة رسميا بإصدار تقريرها الشهير في العام الماضي ـ قرروا أن يستأنفوا مهمتهم في تقييم ما تحقق وما لم يتحقق من التوصيات التي تقدموا بها للإدارة والكونغرس. والمجموعة تعمل حاليا من خلال جماعة أو مؤسسة خاصة-غير حكومية تسمى "The Public Discourse Project مشروع النقاش العام". وتسعى من خلال الخبرة التي اكتسبتها والصلات التي أوجدتها خلال التحقيقات أن تقدم النصيحة والمشورة لأصحاب القرار. وستقوم المجموعة بتقديم طلب للبيت الأبيض لضمان تعاونه في المرحلة المقبلة.
وحسبما أعلنته المجموعة الجديدة فانها تنوي عقد ثمانية لقاءات ـ جلسات مفتوحة لمناقشة جهود الحكومة الامريكية في محاربة الارهاب. وفى الجلستين اللتين تم عقدهما حتى الآن -الأولى عقدت يوم الاثنين 6 يونيو (حزيران)، والجلسة الثانية يوم 13 يونيو (حزيران) الماضي- تم توجيه الإنتقاد لمكتب التحقيقات الفيدرالية FBI لأنه- حسب وصفهم-فشلت في تطوير نفسها حسب إحتياجات ومتطلبات مرحلة مابعد هجمات 11 سبتمبر(ايلول). وأن هذا الجهاز الأمنى تنقصه برامج تدريب متطورة للإفراد العاملين فيه, كما أنه غير قادر على جذب عناصر بشرية إستخبارية مؤهلة للقيام بمهام صعبة وضرورية فى هذه المرحلة. إضافة إلى ذلك وكما تبين أخيرا فان أخطاءا فظيعة قد حدثت فى تطوير برنامج الكمبيوتر الخاص بالـ FBI على الرغم من الاموال الطائلة التي خصصت لهذا التحديث. وكما قال أعضاء اللجنة فإن كافة هذه الأمور تكشف عجز الـFBI وأخطاءه المتتالية وبالتالى ضرورة اصلاحه. وذكرت جيمى غروليك عضو اللجنة أن إستئناف المناقشات وتقييم الاوضاع ضرورية لأن هناك اعتقادا سائدا وشعورا عاما بأنه طالما تمت الموافقة على تشريع ما يخص مشكلة ما فإن المشكلة قد تم حلها. وأضافت غروليك "أننا نأمل (باستئناف المناقشات) أن نجذب من جديد إنتباه الرأى العام".
وأعضاء اللجنة لديهم ثلاثة أهداف أساسية في هذه الفترة:
الأول: يتعلق بالضغط علي الكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب لتبني توصيات التقرير النهائية التي يبلغ عددها 41 توصية تغطي مجالات العمل الإستخباراتي، ومشاركة المعلومات بين أجهزة الحكومة المختلفة وتأمين الولايات المتحدة، بالإضافة لتوصيات تتعامل مع إستراتيجيات السياسة الخارجية الأمريكية. ومن المعروف أن الكونغرس الأمريكي قد عقد 22 جلسة استماع للنظر في تقرير الحادي عشر من سبتمبر و توصياته.
الثاني: العمل علي التواصل مع الشعب الأمريكي من خلال وسائل الإعلام المختلفة والجامعات والغرف التجارية والتجمعات في مختلف أشكالها من أجل حث المواطنين الأمريكيين على الضغط علي ممثليهم في الكونغرس لتبني توصيات التقرير.
الثالث: العمل مع العديد من الجهات الحكومية الأخرى بخلاف الكونغرس، مثل البيت الأبيض، الوزارات المختلفة، من أجل تطبيق التغيرات المقترحة في شأن عمل أجهزة الاستخبارات، ومشاركة المعلومات، فالكثير من التوصيات قد تصبح سارية المفعول إذا قرر الرئيس أخذ المبادرة علي عاتقه، مثلما فعل عندما أوجد منصب مدير وكالة الاستخبارات الوطنية.
وقد تولت اللجنة مهمة التحقيق في أحداث 11-9 وأصدرت تقريرا حمل عنوان "الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة" تكون من 575 صفحة وصدر العام الماضي. وكانت الإدارة الأمريكية قد وفرت للجنة التحقيق 2.5 مليون صفحة من الوثائق، ولبت 500 طلب عن امدادها بمعلومات، بالإضافة إلى إجرائها 900 مقابلة، من ضمنها تلك التي أجريت مع الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني. وأصبح التقرير منذ صدوره العام الماضي علي لائحة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة.
عدو أمريكا: الإرهاب، أم التطرف؟
ويأتي هذا التوجه إلى إستئناف المناقشات حول مرحلة مابعد 11 سبتمبر(ايلول) فى وقت صدرت فيه دراسة جديدة تحت عنوانAmerican Grand Strategy After 9-11: An " Assessment الإستراتيجية الأمريكية بعد 9-11: تقييم عام" وتتضمن تقييما لإستراتيجية أمريكا لتلك المرحلة. والدراسة صدرت عن الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكى وكتبها ستيفن بيدل ٍStephan Biddle. ولعل أبرز ما جاء فى هذا التقييم الصادر عن مصدر مرموق للدراسات الإستراتيجية والعسكرية أن إدارة بوش رغم مرور أكثر من ثلاثة سنوات على خوضها بالحرب ضد الإرهاب فشلت فى تعريف الهدف من هذه الحرب بشكل محدد. وأن عدم وجود إستراتيجية شاملة أدى إلى نتائج سلبية وغير متوقعة مثلما هو الحال في إستمرار وتزايد أعمال المقاومة المسلحة فى العراق.
ويرى التقرير المكون من 50 صفحة أن من ضمن أهم الأسئلة التى لم يتم الإجابة عليها هو السؤال الخاص بالنتائج المرجوة التى يجب أو يمكن تحقيقها في مواجهة ما يسمى ب " الإرهاب الإسلامي" ... وهل الولايات المتحدة تسعى لخفض مستوى الإرهاب الحالي إلى ما كان عليه قبل 11 سبتمبر(أيلول) 2001... أم أنها تسعى لمنع عمل إرهابى آخر في المستقبل قد يكون أكثر شراسة وقد توظف فيه أسلحة الدمار الشامل. ويرى كاتب الدراسة أن أصحاب القرار في الولايات المتحدة يواجهون خيارا صعبا وأنهم أمام قرار حاسم يجب أن يتخذوه في أقرب فرصة. ثم ... إذا كان الهدف هو القضاء على تنظيم القاعدة والحد من المنضمين الجدد إليه فإن على أصحاب القرار الأمريكى أن يضاعفوا من الإلتزام الأمريكى ببناء الدولة في العراق وأيضا من الجهود التى تبذل لإحتواء الأخطار المقبلة فى المنطقة.
ويرى كاتب الدراسة أن الولايات المتحدة فشلت فى تخصيص الموارد المالية اللازمة لتحقيق هدفها المعلن بنشر الديموقراطية فى الشرق الأوسط. وأن الإدارة عليها أن تقرر وبسرعة ما ستفعله بخصوص الموارد المالية وهل سيستمر تخصيصها للعمليات العسكرية والتواجد العسكرى فى المنطقة أم أنها ستوجه لمشروعات وبرامج إصلاح اقتصادية وسياسية. ويشير كاتب الدراسة إلى أن كل خيارات أمريكا فى المنطقة سواء كانت مواجهة الأخطار أو محاولة احتوائها فقط هي خيارات محفوفة بالمخاطر.
وبينما كانت هذه الدراسة الإستراتيجية موضع إهتمام الدوائر السياسية والعسكرية في واشنطن نقلت عن مصادر مسئولة بمجلس الأمن القومي أن إستراتيجية البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب والتي سوف يتبناها المجلس في المستقبل القريب سوف تركز أكثر على التطرف الإسلامى وليس على الإرهاب. وأن الحرب التى وصفت في السنوات الأخيرة بـ "الحرب على الإرهاب" قد توصف قريبا بـ"الحرب على التطرف". وذكرت مجلة "يو إس نيوز US NEWS" الأمريكية أن هذه الخطوة تبين أن المسئولين الأمريكيين بعد نحو أربع سنوات من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) توصلوا أخيرا لتحديد وتعريف من هو العدو. ونقلت المجلة عن مسئول كبير فى الأمن القومى الأمريكى أن "الإرهاب هو الوسيلة.. وليس العدو".
تقرير واشنطن