علاوي يعزي الأمة بوفاة خادم الحرمين
فهد .. صديقنا الذي رحل
أعبر عن شديد حزني واسفي لرحيل رجل الحكمة والمواقف المبدئية الصلبة وحامي حمى العرب والمسلمين. لقد فاجأنا الخبر المؤسف والامتين العربية والاسلامية تمر في ظروف صعبة كان المغفور له يتصدى لها بحكمة وبروح الاب الحريص على عائلته.
اعتبر هذا الرحيل خسارة كبيرة للشعب السعودي الشقيق وللامتين العربية والاسلامية، فقد كان المدافع الحاد في مواقفه والمستميت عن كل هموم وآلام العرب والمنطقة، وقد دافع بكل شرف ورجولة ونبل ومسؤولية عن هموم أمته امام المحافل الاقليمية والدولية.
نعم، اعود وأكرر القول بان رحيل الملك فهد بن عبد العزيز يشكل خسارة كبيرة في ظل ظروف نحن احوج ما نكون إليه بها، وكلي ثقة وايمان بان الملك عبد الله بن عبد العزيز والقيادة السعودية ستواصل المسيرة على نهج سلفهم الصالح لخدمة مصالح الامتين لعربية والاسلامية.
ولا ادري هل نعزي انفسنا لهذه الخسارة أم نعزي الاخ الملك عبد الله بن عبد العزيز والاسرة المالكة في المملكة العربية السعودية والشعب السعودي او نعزي العرب والمسلمين اينما كانو في هذه المعمورة لرحيل قائد حكيم ومهم من قادة هذه الامة، ونأمل ان كل ما انجزه على الصعيد الوطني والعربي والاسلامي والدولي وما تحلى به من مواقف سامية ونبيلة ان تبقى بمثابة المنار الذي نستدل به في قضايانا المصيرية.
لقد كان لي الشرف بلقاء الراحل لاكثر من مرة. المرة الاولى عندما كان المغفور له وليا للعهد في عهد الملك خالد بن عبد العزيز، رحمه الله، ومرة ثانية في عام 1991، وآخر مرة كتب لي شرف لقائه كانت في العام الماضي خلال فترة رئاستي للحكومة العراقية حيث التقيته مع الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان وليا للعهد.
لقد كان الراحل الجليل من السباقين لدعم قضايا الشعب العراقي ضد الظلم والديكتاتورية، فقد كانت مواقفه صلبة ضد نظام صدام حسين الجائر، وقد دعم الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، المعارضة العراقية بصورة كبيرة ولم يبخل عليها بشيء.
ومن الجدير والمفيد هنا ان اذكر، ومن باب العرفان بالجميل، ان الملك فهد كان أول من اقترح على المعارضة العراقية اقامة حكومة في المنفى على ارض كردستان العراق وذلك عام 1994، وكان مقترحه هذا اهم موقف يعبر فيه قائد عربي مسلم عن دعمه الواضح لقضية الشعب العراقي، وتعهد بدعم هذه الحكومة في المحافل الاقليمية والدولية. كما دعم مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت ودعم المعارضين للنظام العراقي السابق فاحتضنتهم المملكة العربية السعودية، وهناك من المعارضين ممن ما زالوا يعيشون بين اشقائهم السعوديين حتى اليوم، والاكثر من هذا كان المغفور له داعما للمعارضة العراقية في كل مكان من العالم وفي أي وقت تحتاج فيه المعارضة مساعدته التي ما بخل بها في أي يوم من اجل تحرر الشعب العراقي من الظلم والاستعباد.
لقد وقف الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، بصلابة وقوة بوجه النظام العراقي السابق وفي اوقات حرجة وصعبة. في اوقات لم نكن نتخيل بها ان يقف معنا قائد عربي مثلما وقف الملك فهد وذلك لضمان استقرار وأمن العراق والمنطقة لأنه كان يؤمن ان معاناة أي عربي ومسلم وفي أي مكان انما تعنيه ويجب الوقوف مع المظلومين ومساعدتهم.
ان هذه المواقف نتذكرها بكل فخر واعتزاز وشرف ولن ننساها باعتبارها مواقف رجولية من المغفور له ومن القيادة السعودية الحكيمة ومن الشعب السعودي الشقيق.
ويشرفني ان اقول هنا اننا والاشقاء السعوديين شعبان شقيقان ونمثل عمقين لبعضنا البعض. المملكة العربية السعودية والشعب السعودي عمقنا العربي التاريخي، والعراق والعراقيون هم العمق العربي الاكيد للمملكة العربية السعودية ولشعبها الاصيل. لقد وقّعنا العام الماضي، عندما كان الملك عبد الله بن عبد العزيز وليا للعهد وانا عندما كنت رئيسا للحكومة العراقية، اتفاقيات مهمة تصب في صالح البلدين والشعبين، واتمنى على الحكومة العراقية الحالية الحرص على متابعتها وتنفيذها.
أخيرا اود القول ان اية كلمات لا تعبر عن مشاعر العزاء لرحيل الملك فهد بن عبد العزيز، وعزاؤنا بخلفه الصالح الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي عرف هو الآخر بمواقفه العربية والاسلامية الصلبة والنبيلة ومنها مواقفه الطيبة من قضايا الشعب العراقي التي دعمها بحرص بالغ. نسأل الله تعالى ان يسكن الفقيد فسيح جناته وندعوه ان يكتب كل الخير والعز والتقدم للمملكة العربية السعودية ولقيادتها الشريفة ولشعبها الشقيق تحت ظل الملك عبد الله بن عبد العزيز.
* رئيس الوزراء العراقي السابق
http://www.asharqalawsat.com/leader....680&issue=9745
