بيان مقتدى الصدر لزيارة المبعث دلالة على نبذه البعث والنواصب
بيان رقم8 صادر من مكتب العلاقات الخارجية للسيد الشهيد الصدر حول مجزرة الكاظمية
الشيخ حسن الزركاني
بسمه تعالى
نعزي صاحب العصر والزمان (عج) والعالم الاسلامي وعوائل الشهداء الابرار بهذا المصاب الجلل الذي اصاب مؤمني العراق بعقيدتهم بانسانيتهم وبامنهم وامانهم وباجسادهم الطاهرة ودمائهم النبيلة ونتقدم لهم بوافر العزاء بقلوب ملؤها الالم ونفوس يملأها الشجى والحزن والاسى .... ونقول هناك امور لابد من المرور عليها وكشفها للجميع كي تساعد بفهم الحقيقة وتساهم في تبيان الجهات المسؤولة وتوضح المواقف للامانة وللتاريخ .
حقائق لا تقبل الجدل :
اولا : لم تستطع الكتب ولم تنجح محاولات المؤرخين ان توضح للعالم اجمع حجم وشكل الظلم الفاجع المتوالي والمتلاحق الذي لم يعرف هوادة للنيل من محبي اهل البيت المؤمنين الصابرين، اسوة بما لاقاه أئمتهم المعصومين (عليهم السلام) من اعداء الله والانسانية والدين وجاءت هذه المصائب المتتابعة في عالم ثورة الفضائيات كدليل واقعي وملموس لكشف هذه الحقيقة المرة .. وما فاجعة اليوم الا دليل على تكامل محبي آل محمد وتسافل اعدائهم ودليل على استمرا نفس الية الظلم وذات الطريقة التي علم الناس فيها بمصاب الامام المظلوم المغيب بالسجون موسى بن جعفر (صلوات الله عليه) حيث القي بجسده الطاهر على الجسر، كذلك اليوم يكون نفس الجسر مسرح لنفس الجريمة وفي نفس الزمان من الشهر الحرام ونفس الفاجعة والالم الذي اصاب مذهب ال البيت تجدد اليوم بهذه المصيبة التي اصابت محبيهم.
ثانيا: على الرغم من كل المحاولات الاثيمة التي كانت تطال اهل الحق من قبل المتعاونين على الاثم والعدوان من اعداء الحياة والحرية والانسانية واستمرارهم على هذا النهج الى يومنا هذا يستمر عشاق الدين والشهادة من شيعة امير المؤمنين بالتمسك بالوحدة الاسلامية والثوابت الاخوية وينفتحون على الانسانية بصدورهم المضحية واجسادهم المتشضية وعظامهم المهشمة سواء في سجون الظالمين او بالمقابر الجماعية ومجزار الابادة المؤية، ويستمر اصحاب الدين السليم بالثبات على عقائدهم التي اقضت مضاجع الظلمة في كل حين ولم ولن يتراجعوا عن مسيرتهم مهما زاد بحقهم اجرام المجرمين بدليل استمرار مراسم الزيارة والعزاء في هذا اليوم على الرغم من قتل مئات المحبين والموالين الزائرين وجرح المئات منهم واغراق المئات وألحاق الضرر بالاف المتعلقين. وهذا اصدق دليل لكل محاول لا يفتر عن اشغال هؤلاء المؤمنين عن طريق الحق والنور والهداية من الاولين والاخرين بان هذا المذهب ولود وسقايته من دماء شهدائه ابتداء من رسول الله (صلى الله عليه واله) والى شهداء جسرالأئمة . لذا فزياراتنا للائمة مستمرة وعشقنا للدين ما له مثيل وتمسكنا بولاية الأئمة مضرب للامثال وسنستمر في زياراتناولسان حالنا يقول كما قال الشاعر :
لو قطعوا ارجلنا واليدين نأتيك زحفا سيدي ياحسين
سيدي يا رسول الله ..سيدي يا موسى بن جعفر سيدي يا امير المؤمنين.. ولن يثنينا عنكم وعن حبكم وزيارتكم كل ظلم الارض ومن عليها علما ان سماحة السيد مقتدى الصدر (دام عزه) قد وجه بيانا الى المؤمنين قال فيه انكم في حل من دعوتي لزيارة المبعث حتى لا تكون هناك فرصة لاعداء الدين والوطن للنيل منكم ولكني لا امنعكم من الزيارة وخذوا حذركم .
هل الحادث مدبر أم قضاء وقدر؟
تكفينا أرقام الشهداء والجرحى والغرقى أن نثبت وبكل سهولة ويسر أن الحادث مدبر ومخطط من حيث الزمان والمكان فاختيار الزمان كان بدقة لحصد اكبر عدد ممكن من الضحايا العزل الأبرياء نتيجة الزحمة والتجمع في أماكن معينة وفي هذه المناسبة الخاصة لإثارة أكثر من مشكلة وإصابة أكثر من هدف. وقد مهد لهذه الحالة بسابقة قريبة قبل أيام قلائل حيث أطلقت صواريخ على مدينة الكاظمية لخلق إيحاء نفسي بان التفجير والاستهداف حالة محتملة بشكل أكيد لذلك استغل الجناة هذه الحالة بإثارة الرعب في قلوب الزوار وخلق الفوضى التي ضاعفت عدد الضحايا بإشاعة خبر وجود إرهابي ومتفجرات فحدثت الفاجعة وتدافع الناس وبسبب وجود صخرات كونكريتية على الجسر زادت الحادث سوءاً .. أما من حيث المكان فاختيار المكان كان بدقة وحكمة إجرامية حيث أن كل زوار المدينة الكاظمية المقدسة يمرون فوق هذا الجسر وعليه فهو المرر الوحيد تقريبا والذي يسلكه أبناء الرصافة للوصول إليها وتكون عليه كثافة عددية غير متوقعة ولا يوجد فيه منافذ للهرب غير النهر الذي سقط فيه المئات من الذين لا يجيدون السباحة فكانوا ضحية الغرق وقد ورد في تصريحات المسؤولين في الحكومة أن هناك تعرض سبق الحادث وذلك في ساحة الزهراء حيث تعرض الزوار لقذائف أسقطت منهم سبعة شهداء وعشرات الجرحى، ثم ان وزيري الداخلية والدفاع قد اكدا وجود اكثر من سيارة مفخخة قد مسكت قبل توجها الى الكاظمية كما ان مسالة الانتحاريين لم يتم نفيها بشكل قاطع لان هناك احتمالية حقيقية لوجودهما وليست فقط كذبة لارباك الناس وما يعزز هذه القناعات البيان الذي صدر عن جماعة التوحيد والجهاد الذي يحمل النفس الانتقامي المقيت.
ويؤسفنا ما استمعنا إليه من تصريحات بعض رجال الدين والسياسيين الذين يتسابقون في لقاءاتهم الإعلامية بان يتجاوزوا على عذابات العراقيين وجراحاهم وبالخصوص ذوي الضحايا بقولهم إن ما حصل هو قضاء وقدر وكل التقارير الأمنية تؤكد وتوضح بان هناك صواريخ كاتيوشا قد قصفت المنطقة من جهة وتوزيع مياه وأطعمة مسمومة من جهة أخرى، فهل هذه أيضا قضاء وقدر، نقول لهؤلاء الساسة المتسلقين من خلال نفخهم ببوق الطائفية انكم بمحاولاتكم هذه تسيؤن للعراقيين وتتعالون على دماء الشهداء فبدلا من أن تضعوا أنفسكم في زاوية الاتهام وتحاولوا دفع التهمة عنكم وعن الذين تمثلون بأي شكل من الاشكال، او بالقاءها على القضاء والقدر أو بالتبادل السمج للتهم فيما بينكم، كان عليكم أن تطالبوا وبقوة معرفة الحقيقة والكشف عن الأيدي الأثيمة التي طالت أبناء بلدكم وسفكت كل هذه الدماء.
تحديد المسبب
نحن نرى ونشخص أربعة أطراف نحملها المسؤولية في ما حصل على جسر ألائمة ومدينة الكاظمية :
الطرف الأول (الجناة): وهم صنفان لا يختلفان بالوسائل والأساليب الأول البعثيين الصداميين والثاني المجرمين التكفيريين، وكعراقيين لنا خبرة طويلة وقد عشنا الكثير من الممارسات البعثية الصدامية التي نشم رائحتها النتنة في هذه الحادثة الأخيرة التي هي من سنخ كل الممارسات الصدامية التي ذقنا مراراتها في مواسم الطقوس والمراسيم الحسينية وصلوات الجمعة . أما التكفيريين المتطرفين فهم في غنى عن التعريف وقد شاهد العالم اجمع حقدهم المقيت على الشعب العراقي عموما ومحبي أهل البيت خصوصا وقد سقينا من كأسهم المر بعد سقوط الصنم ما يعلمه الجميع فلم تمر مناسبة شيعية لها علاقة بال رسول الله(ص) الا وكان لهم أكثر من انتحاري وأكثر من سيارة مفخخة ويحصدون عشرات بل مئات الأرواح البريئة وهؤلاء لا يتورعون عن هذه الجرائم الخطيرة انطلاقا من عقائدهم الفاسدة .
الطرف الثاني(الحماة): وهي الأجهزة الأمنية للحكومة العراقيية ونعني بذلك وزارتي الداخلية والدفاع ووزارة الامن القومي ايضا، حيث ان هذه الوزارات قد قصرت كثيرا في حفظ الامن وشكفت بخطتها الامنية الركيكة ظهر الزوار العزل وجعلتهم ضحية للجريمة المنظمة واذا كانت هذه الوزارات تتذرع بقلة الامكانيات كان عليها ان تنظم خطة امنية بالتعاون مع اهالي المناطق التي يمر بها الزائرون.
الطرف الثالث (المحتل): علينا ان لا ننسى هذا الطرف الأساسي المسؤول عن كل ما يحصل بالعراق ولم نصنفه على احد الاتجاهين المتقدمين لاننا نراه طرف اساسي في الاتجاه الاول وكذلك الثاني حيث انهم قد يكونون الفاعل الاساسي لهذه الجريمة الشنعاء، وان لم يكونوا كذلك فهم متواطؤن بشكل ملحوظ مع الفصائل الاجرامية البعثيية منها والارهابية هذا من جهة ومن جهة ثانية فهم المسؤولون عن الامن في هذا البلد المحتل وكل ما يحصل لا بد ان يتحملوا تبعاته لانهم لم يوفروا الامن ولم يسندوا الاجهزة الامنية لتحقيق هذا الهدف.
الطرف الرابع(الغلاة): وهؤلاء هم فتيل الازمة ووقودها النافخين ببوق الطائفية المروجون للمذهبية الذين لم يبالوا بالاحتقان المستمر والمستعر والذي من شأنه ان يلبي ويخدم رغبات كل المتربصين بالعراق واهله .
مطالب مشروعة
ندعوا الى التهدئة وعدم اللجوء الى الحالات الانفعالية كرد فعل على ما حصل من فاجعة حتى لا يذهب ضحية الغضب اناس ابرياء لاذنب لهم في هذه الجريمة، ولابد من ضبط النفس والتحلي بالحكمة العالية لنتجاوز الفتنة كي نخرج منها اقوياء.وهذا لا يعني التهاون والخنوع بل لابد من البحث وبقوة عن الجناة وتشخيصهم باسرع وقت ومعرفة الجهات التي تقف ورائهم لايقاع اقصى انواع العقوبة بهم ولابد للشباب المؤمن والطليعة المخلصة من ابناء هذا البلد الابي ان ياخذوا دورهم وبجدارة ولا ينتضروا من المحتل او الاجهزة الامنية الفاشلة في تامين الحماية لاعضاء حكومتها ان تاخذ بحقهم المشروع لان العراقيين هم المستهدفون وعليهم الدفاع عن انفسهم والا سوف نكون ضحايا مستقبلية لعمليات اجرامية اخرى .
نطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تحوي اطراف متعددة لظمان نزاهتها وعدم انحيازها ولا بد ان تمنح كافة الامكانيات لتحقيق هدفها وعلينا ان لا نتهاون في هذا الامر فكل يوم فاجعة وكل يوم جريمة والشعب وحده هو الذي ينزف فلابد من وضع حد لهذه التصفية المستمرة ومعرفة الاعداء الحقيقين حتى يكون للشعب وقفته المناسبة .
ندعوا الشعب العراقي اجمع الى عدم التصويت على الدستور ان لم تحسم هذه القضية ويشخص الجناة والداعمين لهم .
نطالب كل القوى الدينية والسياسية ان تؤدي دورها الواعي تجاه ابناء شعبها وتندد بهذه الجريمة البشعة ويخطوا خطوات حثيثة في المطالبة بمعرفة الحقيقة وان تساهم جميعها بتسهيل عملية التحقيق.
نتمنى على العرب الذين اقمنا الدنيا واقعدناها لاجلهم اعتراضا على فقرة الدستور التي لم تجعل العراق جزء من الامة العربية ان تعلن الحداد لمدة ثلاث ايام على ارواح العراقيين وكذلك دول العالم الاسلامي اجمع حتى نتيقن فعلا باننا جزء من الامتين العربية والاسلامية ولدحض التهم التي تروج على بعض الدول العربية والاسلامية بانها الداعمة للارهاب.
اخيرا نتسائل اين الامم المتحدة ومنظمة الدول الاسلامية والجامعة العربية ماهو دوركم واين انتم والعراق يذبح على مقصلة الديمقراطية.
الشيخ حسن الزركاني
مسؤول العلاقات الخارجية
25/رجب/1426
31/8/2005