ليس دفاعا عن ايران .. لكن دور السعودية أقذر يا سعود الفيصل ....طاهر الخزاعي...
[align=center]ليس دفاعا عن ايران .. لكن دور السعودية أقذر يا سعود الفيصل
أرض السواد : طاهر الخزاعي[/align]
تصريحات وزير الخارجية السعودي من الخطر الايراني على العراق تُعتبر تدخلا سافرا بالشأن العراقي وليس شأن الدولة وحسب بل بالشأن الشعبي .. فالتصريحات التي أطلقها الوزير ( الذي ليس باستطاعته السيطرة على حركة رأسه من شدة الافراط في تناول المواد المخدرة والكحولية ) لم تكن تلك التصريحات شيئا جديداً , فالعراقيون يعرفون جيداً الدور القذر الذي لعبته مملكة آل سعود في الوقوف مع صدام لقمع انتفاضة الجنوب العراقي في عام 1991 .. لقد استنجدت مملكة آل سعود بأمريكا وقتها وطلبت منها مد يد العون لصدام لقتل أهل الجنوب المنتفضين .. وتلك نقطة سوداء لا يمكن محوها من ذاكرة أبناء الجنوب العراقي , فلولا السعودية وأمريكا لانتهينا من أمر صدام وحزب البعث منذ عقد ونصف ولما مرت كل تلك الويلات والقتل والدمار للشعب العراقي ولا زالت وكلها بفضل من السعودية وأمريكا ! .. لكن الوزير (شبه السكران) يحاول عبثا أن يُبرر قمعهم لانتفاضة الشعب العراقي بالتدخل الايراني بعد أن أصبحت ايران شماعة العرب وغير العرب للوقوف بوجه ما يصبو اليه الشعب العراقي وبشكل خاص أبناء الجنوب .. الجميع يعلم أن انتفاضة الشعب العراقي لم يكن لايران دراية فيها فضلا عن الدعم - اللهم باستثناء استغلال بعض مطاياهم للصق صورة قادة ايران على جدران البنايات الخارجية ! - , وقد أشعل فتيل الانتفاضة مجموعات محارَبَة من ايران .. وفوق هذا وذاك لا زالت ذاكرة الانتفاضة العراقية تختزن مواقف ايران غير المشرفة تجاه الانتفاضة التي لا تختلف عن موقف السعودية وأمريكا , فقد ذعنت ايران لتهديدات أمريكا وقتها وأغلقت الحدود بوجه العراقيين المقيمين في ايران الذين أرادوا نصرة اخوانهم المنتفضين .. وحصلت الكارثة التي أدت الى المقابر الجماعية الشهيرة .. نعم حصلت الكارثة بتخطيط سعودي أمريكي وإذعان ايراني وتنفيذ صدامي .. لو كان الوزير السعودي صرح بوقوفه مع صدام ضد ايران ابان حرب السنوات لقلنا من حقهم . فايران دولة غير عربية ونظامها اسلامي على غير مذهب الوهابية وابن تيمية ومن الطبيعي أن تقف السعودية مع صدام ضد ايران .. أما ان يتفوه الوزير بكل هذه الوقاحة الصريحة في مشاركته المباشرة بقتل عشرات بل مئات الآلاف من الشعب العراقي فهو ما يقتضي التأمل ويقتضي من الشعب العراقي أخذ الموقف المناسب من حكام السعودية بشكل خاص والحكام العرب بشكل عام . وعلينا كشعب أن ندرك أن لا خير يُرتجى من هؤلاء .
لا أدري هل يعلم الوزير أن تصريحه هذا يعني بوضوح تام أن السعودية كدولة تقف اليوم لتصدير القتلة والتكفيريين للعراق للسبب ذاته وللحجة ذاتها (الوقوف بوجه ايران) ! .. وأكثر من ذلك , فتصريح الوزير يعني وبصورة واضحة أيضا أن الشعب السعودي في المناطق الشرقية الشيعية من أرض الحجاز إنما هم ايرانيون حسب مفهوم الوزير الراعي للفكر الوهابي ! .. إنه لأمر غريب أن يتفوه وزير خارجية دولة بهذه الصيغة الطائفية وفي دولته ملايين من الشيعة .. لكن يبدو بل يقينا أن قد بلغ السيل الزبى وما عاد الأمر يُحتمل بالنسبة للعرب فأعلنوها صراحة أنهم ضد أغلبية الشعب العراقي المتمثلة بالشيعة , ونحن شيعة العراق في فهم الحكومات العربية وكثير من شعوبهم لسنا بعرب بل ولسنا بعراقيين , ولهذا هم يحاربوننا وقوفا منهم بجانب العراق العروبي .. وهذا العراق الذي يقفون بجانبه هو صدام وبعثه والضاري وهيئته والمطلق ومجلسه وعدنان الدليمي ومؤتمره فضلاً عن النطيحة والمتردية وما أكل السبع ممن صادروا قرار أخوتنا السنة في العراق كمشعان الجبوري ومن لف لفه .
لقد كثر الحديث عن التدخل الايراني في الشأن العراقي أكثر من الحديث عن تدخل الاردن ومصر وسوريا والسعودية نفسها وكل من له دابة على أرض العراق ! .. والغريب في الأمر أن الحكومة المؤقتة بقيادة علاوي ورغم تصريحات وزيريها النقيب والشعلان بالتدخل الايراني الخطير لكن الجميع لم يأت ولا بدليل واحد ولم نر ايرانيا واحداً فجر نفسه وسط العراقيين ولا حتى وسط المحتلين ! . على خلاف ما ظهر بالدليل القاطع حول تدخل سوريا والاردن والسعودية ومصر . والتكفيريين الذين ينتحرون وسط الحشود العراقية (الشيعية تحديدا) ومن كل الدول العربية ليكون ذلك دليلا قاطعا على أن التصريح الفيصلي لم يأت عن فراغ بل جاء بعد عامين من تصدير القتلة والمجرمين للعراق وتفخيخهم في مصانع البعث الصدامي في المناطق التي يدافع عنه سعود الفيصل لينتحروا في الحلة وكربلاء والنجف والكاظمية وأحياء وشوارع بغداد , وسكان هذه المناطق كلهم ايرانيون في منطق وزير الأعراب سعود الفيصل !. نتذكر جميعا تصريحات عبدالله الثاني قبيل وبعيد سقوط صدام عن الهلال الشيعي , كما لا زال موقف مصر والجامعة العربية على نفس النهج وموقف سوريا البعث أشهر من نار على علم , فضلاً عن قطر واستضافة الامارات لأزلام صدام .. فضلاً عن عمل المخابرات لكل الدول الاقليمية والمحيطة في الساحة العراقية . وايران واحدة من هذه الدول ويكذب من يدعي ان مخابرات ايران لا تعمل على الساحة العراقية , لكنه كأي عمل مخابراتي سري معلوماتي لصالح دولته , والمخابرات - كل المخابرات - في العالم لا تعرف مصالح الشعوب بقدر ما تلبي مصالح حكوماتها ..
واذا القينا نظرة سريعة على التدخل الايراني في العراق لم نجد غير العمل المخابراتي اضافة الى دعم لبعض مسميات حركات أفرزتها تداعيات مابعد الاحتلال .. أما على مستوى الحزبين الرئيسين في الحركة الاسلامية الشيعية في العراق وهما المجلس الأعلى وحزب الدعوة الاسلامية لابد من القول ان المجلس الأعلى أسدل الستار على مبدأ ولاية الفقيه ودخل العملية السياسية في العراق وهي عملية لا تخرج عن سياق اللعبة الديمقراطية المقننة وبالتالي فلا خوف من العلاقة السابقة بين المجلس الأعلى وايران , تلك العلاقة التي كانت تحكمها ظروف المرحلة وعليها الكثير من التحفظ وقتها .. أما عن حزب الدعوة الاسلامية فمعلوم أن هذا الحزب عند الايرانيين وبشكل رسمي حزبا عراقيا اسلاميا لا يتبن ولاية الفقيه , والايرانيون يضعون حزب الدعوة الاسلامية في خانة (ضد ولاية فقيه) . وهذه الضدية عند الايرانيين خط أحمر لم يتجاوزه الا حزب الدعوة الذي يتبنى الشورى كنظرية في الحكم . هذا فضلاً العلاقة المتوترة بين حزب الدعوة وايران طيلة العقود الماضية لأسباب عديدة وأهمها اصرار الحزب أيام المعارضة على استقلالية قرار المعارضة العراقية وعدم السماح لأي طرف غير عراقي التدخل بمثل هذا الشأن .. لقد زرت العراق زيارتين بعد سقوط صديق سعود الفيصل , وقضيت أكثر من ثلاثة أشهر في الجنوب وفي البصرة تحديداً .. وبصراحة أقول (للأخوة الكتاب الذين يتصورون ويصورون أن البصرة أصبحت ايرانية) أقول : لم أجد ايرانيا واحدا هناك , بل ولم أسمع ولو مرة واحدة كلمة قيلت باللغة الفارسية ! أقول هذا عن شهادة حسية ولست مدافعا عن ايران وايران عندي مثالاً يجب ان لا يُحتذى به في العراق .. إنها مجرد أوهام وتصورات يختلقها البعض من أجل أن يضرب الحالة الاسلامية الشيعية والتي وصلت الى الجمعية الوطنية عن طريق صناديق الاقتراع .. نعم المظاهر العامة في الجنوب العراقي مظاهر اسلامية والساحة الجنوبية ساحة اسلامية من دون منازع وهذه الظاهرة نتيجة طبيعية لدماء مئات الآلاف من الشهداء الذين قدمهم أبناء الجنوب في طريق الاسلام .. وليس من السهولة القضاء على هذه الظاهرة لمجرد اتهامها بالتبعية لايران لتشابه في المذهب أو لامتداد في الجغرافية ! .. ولا يوجد سبب وراء الترويج للوجود الايراني في الجنوب العراقي غير الدعايات السياسية المضادة التي تهدف لتقويض الآخر وهذه لعبة مكشوفة فشل صدام وبعثه وكل مؤسساته القمعية والدعائية في تسويقها للشارع العراقي .. ومن الجدير بالذكر أن الزرقاويين وهيئة الضاري ومجلس المطلق والبعثيين وسعود الفيصل اتفقوا مع الكثير من الكتَّاب العراقيين ممن يدعي العلمانية .
أما لماذا هذا الموقف المعلن من قبل هؤلاء الأعراب ضد شيعة العراق ؟ بالرغم من أنهم - العرب - من قدم كل أنواع الدعم لمجيء القوات الأمريكية المحتلة للعراق ! . والجواب ببساطة شديدة : أرادوا تغيير بعض شخوص النظام الصدامي بعد إصرار أمريكا على الحرب , لكنه إنقلاب السحر على الساحر , وبالحد الآخر من سلاح الديمقراطية وصلت الحركات الاسلامية (الشيعية) الى الحكومة في العراق .. ولأن الشيعة - وحسب اعتراف الوزير السعودي - ايرانيون (وإن لم ينتموا) , كما لان الحكام العرب طائفيون سنة (وهم منتمون) كان لابد من الوقوف بوجه المد الجنوبي الاسلامي الذي قارع صدام أكثر من ثلاثة عقود , ولابد للحكومات العربية أن تحافظ على النظام العربي السائد والمتمثل بحكم العائلات أو الطائفة أو الحزب الواحد , والعراق خرج عن هذا العرف بعد سقوط صدام ! فالانتخابات والدستور وحرية الرأي المرتقبة كلها تقض مضاجع النظام العربي السائد وفي مقدمتها السعودية وسوريا والاردن .. ولهذا السبب وحده يدفع العرب بالعراق الى الحرب الأهلية وعدم الاستقرار في العراق .. إنهم لا يريدون للعراق أن يخرج معافى من ازمته هذه , لأن معافاة العراق تعني سقمهم وسقم العراق تعني معافاتهم - لا عافاهم الله - .
والأنكى من ذلك كله أن مصالحهم التقت مع مصالح أمريكا برغم اختلاف الدوافع , فأمريكا لا تريد للاسلاميين دورا هاما ورئيسا في العراق وإن كان وفقا للدستور الذي يضمن عدم قيام دولة اسلامية لاختلاف وتناقض في أصل الفكر الذي يحمله هؤلاء مع فكر العلمانية الأمريكية التي تهدف الى التبعية الكاملة سياسيا واقتصاديا .. ومن المستبعد أن يكون التصريح السعودي جاء دون تنسيق مسبق مع الأمريكان , فالزمان والمكان يدلان على أن التصريح ثنائي متفق عليه .
ومن هنا وقع الاسلاميون الشيعة بين مطارق وسنادين متعددة بين أمريكا والعرب وايران خارجيا , وبين البعثيين والطائفيين والعلمانيين من العرب وغيرهم داخليا .. ليبقى دائما أبناء الشيعة في العراق لا يمثلون الا مشروعا متآمَر عليه , تتكالب عليه جميع الأطراف , مسلوب حقه ! .. فهل يعي أبناء الشيعة في العراق هذه الحقيقة ليتحدوا ويقولوا لسعود الفيصل وأضرابه كد كيدك واسع سعيك فإنك والله لن تقدر تمحو ذكرنا أو تسلبنا حقنا .. وليمدوا يدهم الى الشرفاء من اخوتهم السنة في العراق لسد الطرق على الأعراب والأعاجم معاً ..
kza_tahir@yahoo.com
