دول اسكندنافية تشهد حملات منظمة ضد الأقليات المسلمة فيها
يعتبرون الإسلام "نوعا من العدو الجديد"
دول اسكندنافية تشهد حملات منظمة ضد الأقليات المسلمة فيها
كوبنهاجن-رويترز
شهدت معظم الدول الاسكندنافية تغييرات كبيرة تجاه الأقليات المسلمة التي تعيش فيها وسط سكان يدين أغلبهم بالمسيحية البروتستانتية اللوثرية، فمنذ هجمات 11 سبتمبر/ايلول عام 2001 وتفجيرات لندن في يوليو/تموز الى جانب ممارسات أخرى من جانب مسلمين متطرفين، تغيرت نظرة سكان هذه الدول تجاه الاقلية المسلمة هناك وأثرت سلبا على موقفهم.
ويقول فراس محمود وهو طالب عمره 28 عاما جاء الى الدنمرك قادما من الامارات العربية المتحدة قبل 18 عاما "انه ينطوي على مفارقة كبيرة".
ويضيف محمود ان الجاليات الاسلامية تستفيد من التوجهات الليبرالية في كل الدول الاسكندنافية. كما أن المسلمين أحرار في ممارسة شعائر دينهم كما يرغبون وهم قادرون على الاعراب عن ارائهم في المحافل الاجتماعية أكثر من أي مكان اخر. ويقول فاهي أبوكار رئيس الجمعية الاسلامية في فنلندا وهو من مواليد الصومال ان الناس بالمنطقة يفهمون الاسلام.
وأضاف أبوكار ان المنطقة الاسكندنافية "هي أفضل مكان يمكن ممارسة فيه شعائر ديننا". ويعيش أبوكار في فنلندا منذ عشر سنوات كما أنه أشاد بنظام الرعاية في المنطقة الذي يكفل مستوى طيبا من التعليم والرعاية الصحية للجميع.
ولكن السكان الذين يدينون بالمسيحية البروتستانتية اللوثرية، بدأت تغير موقفها تجاه الأقلية المسلمةبعد هجمات 11 سبتمبروتفجيرات لندن .
وقال محمود وهو يقدم معلبا من مشروب مكة كولا "الناس لا يتدخلون فيما لا يعنيهم ولكن في بعض الاحيان اذا ما علم الناس أنك مسلم تنهال كل أنواع الاتهامات". وهو يقول انه سئم من وقوفه في موقف الدفاع دائما.
وتزايدت الهجمات العنصرية في الدنمرك التي احتجزت ثمانية من المسلمين بموجب قانون مكافحة الارهاب منذ سبتمبر ايلول بواقع الثلث خلال أول ثمانية أشهر من العام الحالي مقارنة بعام 2004.
وفي أكتوبر تشرين الاول أثارت صحيفة ايلاندز بوستن الدنمركية الكبرى مشاعر المسلمين عندما نشرت رسومات كاريكاتيرية للنبي محمد (ص) في صور مختلفة من بينها صورة له وقد تحولت عمامته الى شكل قنبلة.
وفي النرويج فاز الحزب التقدمي المناهض للمهاجرين بنحو 22 في المئة من مقاعد البرلمان في الانتخابات التي أجريت في سبتمبر أيلول وهي نسبة قياسية.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس الاندماج بالسويد في سبتمبر ايلول أنه في حين أن البلاد أكثر تسامحا تجاه الاجانب فان موقفها أصبح أقل تقبلا للمسلمين وذكر 40 في المئة انهم لا يريدون وجود مسجد في حيهم.
وقالت هيلينا بينودا رئيسة المجلس الاسلامي السويدي عندما نشر الاستطلاع "أصبح الاسلام في أدنى الهيكل الاجتماعي... نوع من العدو الجديد...أخشى أن يزيد الامر تدهورا بعد الهجمات االارهابية في لندن هذا الصيف".
وبعد أن قتل أربعة مسلمين بريطانيين أنفسهم في عملية انتحارية الى جانب 52 اخرين في العاصمة البريطانية أعلنت مجموعة زعمت صلتها بالقاعدة ومسوؤوليتها عن هجمات لندن اعتبار الدنمرك الهدف القادم.
وأرسلت الدنمرك نحو 500 جندي الى العراق بين القوات التي تقودها الولايات المتحدة كما أن هناك جنودا منتشرين في أفغانستان. ويقول أحمد أبو لبن وهو امام دنمركي شهير ان هجوما مماثلا يقوم به السكان المسلمون في الدنمرك أمر غير مرجح لان نظام الرعاية الاجتماعية يشملهم كما أن الجالية ما زالت صغيرة وجديدة نسبيا على البلاد.
ولكن اخرين من الاقلية المسلمة في الدنمرك التي تمثل نحو ثلاثة أو أربعة في المئة من السكان لهم رأي اخر ويقولون انه طالما واصلت وسائل الاعلام اصدار أحكام عامة أو اساءة تصوير الديانة الاسلامية وما دام للدنمرك جنود في العراق فلا تزال البلاد مستهدفة.
وقال الامام عبد الواحد بيدرسن وهو دنمركي اعتنق الاسلام قبل 24 عاما "نحن موجودون هناك نستخدم الاسلحة في بلد أجنبي وبالنسبة لمن يحرضون على الارهاب فان هذا يمثل وقودا لارسال نشطائهم هناك لينفذوا المهام".
ويشير محمود الذي يحمل الجنسية الدنمركية انه لم يكن بوسعه قبل ذلك تخيل وقوع هجوم على الدنمرك ولكن تفجيرات لندن جعلته يغير رأيه. وأضاف أن رأي ابو لبن من حيث استبعاد وقوع هجوم هناك يستند الى الخبرة الشخصية لهذا الرجل الاكبر سنا وقد لا تنطبق على الدنمركيين المسلمين الشبان.
ومضى يقول "انه يعلم ما الذي فر منه في بلده. من ولدوا وعاشوا هنا لا يعلمون أن هناك أوضاعا أسوأ في أماكن أخرى... ان أمرا اخر هو الذي يثير حنقهم... هجوم الصحف والتعميم وما يحدث في الشرق الاوسط".
وربما تكون الصدمة التي سببتها هجمات لندن قد ساعدت في تشدد الموقف تجاه المسلمين في الدول الاسكندنافية ولكنها ساعدت أيضا في جعل الساسة الدنمركيين وزعماء المسلمين يتحدثون الى بعضهم بعضا.
وقال بيدرسن (51 عاما) الذي يطلق لحيته "أشعر بأسف بالغ أنه كان لا بد من وقوع ضحايا قبل أن تتولد الرغبة لدى الساسة الدنمركيين للتحدث الينا ولكنهم بدأوا بالفعل في التحدث الينا لذلك فانها خطوة الى الامام نوعا ما".
وقال رئيس الوزراء اندرس فو راسموسن بعد اجتماع مع زعماء مسلمين في سبتمبر أيلول ان الائمة يشعرون بأن هناك مسؤولية مشتركة لضمان عدم انخراط الشباب المسلم في اعمال متشددة.
وذكر راسموسن "يجب ألا نعمم أبدا أو نقدم صورة عن الاسلام باعتباره ديانة مثيرة للمشاكل أو أن كل المسلمين يمثلون خطرا ارهابيا محتملا. ليست تلك هي الحال. الاغلبية الكبيرة الساحقة للمسلمين تريد العيش في سلام".
وفي السويد التي عارضت فيها الحكومة الحرب في العراق وحيث يمثل المسلمون نحو خمسة في المئة من السكان قال كلاس بيرجنشتراند المدير العام لجهاز الامن الداخلي لرويترز انه يمكن دائما العثور على عناصر متطرفة عندما لا تكون هناك رابطة ما تجمع بين الناس.
وقال مدير جهاز الامن "ولكن الانتقال من التطرف الى الارهاب هو خطوة أخري" مضيفا أن السلطة لديها علاقات وثيقة وطيبة مع الجالية الاسلامية بالسويد كما تعقد اجتماعات منتظمة في المساجد.
وذكر بيدرسن ان بعض الدنمركيين يشعرون الان أنهم يريدون ألا تكون لهم علاقة بالاسلام ولكنه يتمنى أن يتغير هذا الامر. وأردف قائلا "أعتقد أننا سنجتاز هذه المرحلة لان الشعب الدنمركي لديه الوعي الكافي. ان لم نتمكن من حل هذا الامر فلا قيمة لنا اذن".
المصدر عن العربية نت