ماذا يريد سـُنـة العراق ؟!
[font=Tahoma]ماذا يريد سُنـَّة العراق ؟ [/font]
عند سقوط النظام عام 2003 ، سارع سُـنـَّـة ُ العراق الى الإختفاء من الساحة ، والإنسحاب من الحياة العامة بشكل واضح ، حتى إنهم هجروا الكثير من مساجدهم وإمتنعوا عن الصلاة فيها وخصوصاً تلك التي كان لها دور في دعم النظام .. وقد كان هذا الموقف مبنياً على الخوف من أن يكون لدى الشيعة ردود فعل عنيفة ضدهم بإعتبارهم كانوا مرتكز النظام وقاعدته القوية وأداته القمعية في إضطهاد الشيعة والكرد والتركمان وبعض الأقليات على السواء ..
لقد كان هذا الخوف كبيراً ومروعاً لدى السنة بحيث رأينا أن رجال الدين وشيوخ العشائر في الرمادي والفلوجة وتكريت وسامراء قد سارعوا لإستقبال القوات الأمريكية على مشارف ومداخل مدنهم معلنين الولاء والطاعة بشرط عدم دخول الشيعة أو الأكراد الى تلك المدن ..
ولكن ما إن أحسوا بالأمان ، وإطمأنوا إلى أن الشيعة ليست لديهم مثل هذه النوايا الثأرية أو الإنتقامية ، بل على العكس ، سمعوا منهم شعارات ودعوات للأخوة والوحدة العربية والإسلامية ، حتى إنقلبوا على أعقابهم وعادوا لإستخدام نفس المفردات التي كان الطاغية يستخدمها ضد الشيعة الذين هم بنظره عملاء وخونة وفرس ومجوس وإن قياداتهم فارسية جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية .. الى غير ذلك من التهم الباطلة السخيفة التي تثير غضب الشيعة وتستفز مشاعرهم وتطعن في عروبتهم ووطنيتهم ..
كانت هذه هي الخطوة الأولى التي تبعتها الخطوة الثانية التي تمثلت بالتحالف الطبيعي وغير المعلن بين ابناء السنة من جهة وبين البعثيين والتكفيريين بإعتبارهم فصائل سنية من جهة أخرى ، فساعدوهم على تنفيذ مخططاتهم الإجرامية ضد الشعب والوطن تحت ذريعة المقاومة والجهاد والعمل على إخراج المحتل في حين كان الفعل الإجرامي برمته موجهاً الى الشيعة ورموزهم وقياداتهم ومساجدهم وأسواقهم وتجمعاتهم السكانية ..
إن المشكلة الحقيقية للسنة العراقيين والمعادلة الصعبة التي يواجهونها ، هي أنهم أقلية ، وإن الديمقراطية والإنتخابات قد تستطيع تأمين حياة حرة وكريمة لهم ، ولكنها لا تستطيع مساعدتهم على الإستحواذ على الحكم الذي تعودوا عليه طيلة قرون مرة أخرى ، ثم أن الجيش قد جرى حله وذهبت معه إمكانية القيام بإنقلاب عسكري وإستعادة السلطة ناهيك عن وجود الجيوش الأجنبية في العراق مما يعيق إمكانية حصول مثل هذا الأنقلاب .. ومع كل هذه الملابسات فإن لديهم رغبة جامحة وملحة بالسلطة ، فالسلطة وكراسي الحكم لا تليق إلا بهم ، ولا يجوز أن يصبح رئيساً للجمهورية شخصٌ إسمه عبدالزهرة كما قال أحدهم على إحدى الفضائيات ؟ حيث لا تليق بهذا المنصب إلا أسماء كـ ( صطام ودحام وكعود وفهد وضاري وبعير وجليب ) ... فما هو العمل إذن ؟ لا بد من حل ...
لقد أصبح الحل الوحيد أمامهم هو في فرض شروط تعسفية لا يقبلون عنها تراجعاً ولا يجدون تحقيق مصالحهم إلا بها ، لأنها الورقة الأخيرة التي قد تمكنهم من إستعادة السلطة ، وقد ثمثلت هذه الشروط بـ :
01 الغاء قانون إجتثاث البعث لضمان عودة القيادات السنية الى الحكم ..
02 إعادة الجيش السابق بإعتبار 95 % من ضباطه وقياداته سنية ، وإن العقيدة العسكرية لهذا الجيش هي عقيدة الإنقلابات التي تربى ونشأ عليها منذ تأسيسه ، وسيغتنم هذا الجيش أول فرصة سانحة للإنقضاض على الحكم وإعادة الإستيلاء على السلطة ...
03 إنسحاب القوات الأجنبية فوراً أو تدريجياً ، وطبعاً الهدف هو ليس التحرير كما هو معلن ، وإنما تهيئة المناخات المناسبة لإستعادة الحكم .. وفي الحقيقة هي أن السلطة لو كانت بأيديهم اليوم لوقعوا للقوات الأجنبية بالبقاء في العراق الى الأبد كما يفعل غيرهم من سنة الوطن العربي ...
إنهم لا زالوا يتصرفون ويتصورون ويضعون الشروط والخطط ، وكأنهم اللاعب الوحيد أو الأقوى على الساحة العراقية .. ولم ينتبهوا أو لا يريدون أن ينتبهوا إلى أن الشعب العراقي قد بلغ رشده ، وأمسك بزمام حريته ، ولن يفرط بالمكاسب التي حققها ولو أبيد عن آخره ، وعلى القيادات السنية أن تستوعب ذلك ، وأن تفهم أن لا عودة للدكتاتورية ولا للتسلط على رقاب أبناء هذا الشعب الذين أعدم منهم الطاغية خمسة ملايين وأربعمائة ألف إنسان بريء ، وما عليهم إلا أن يندرجوا في العملية السياسية وينخرطوا مع باقي العراقيين في عملية إعادة بناء وترميم العراق الجديد ، وأن يقتنعوا أن هذا هو طريقهم الوحيد الممكن وإلا فهم الخاسرون ...