ماوراء التيار..................... طلال صابر النعيمي
ontونحن نعيش في خضم تيارات مختلفة , واتجهات متباينة . اصبحنا , وبفضل التطور العلمي في الاتصالات , نتكلم ونكتب , عكس التيار , وضد الاتجاه .. مهما كان هذا التيار , واي كان ذلك الاتجاه .. سياسيا كان التيار , ام دينيا كان الاتجاه , او غير ذلك .
المهم , استطعنا ان نقاوم تيار .. ونتحدى اتجاه ! , بشكل اوسع واقوى وادق من ذي قبل .. وان نكشف حقائق مخفية كانت تقيدنا وتعذبنا في تيارات بالية , استحوذت على عقولنا قرون من الزمن المظلم .. او اخرى , جديدة , فرضت علينا بوسيلة او اخرى .
ومما لاشك فيه , فقد نالت الفضائيات وشبكات (الانترنيت ) قصب السبق في ذلك ..بعد ان امتلأت الفضائيات بقنوات المعارضة , واكتظت شبكات ( الانترنيت ) بمواقع تتحدث بكل حرية وطلاقة دون ان يخيفها شرطي امن ..او يقلقها مقص رقيب ! وفي غمرة تفاعلنا مع هذا المنحى الجديد والجرئ .. بتنا لانرى الا ذلك التيار وضده , ولا نشاهد الا ذلك الاتجاه وعكسه .. وتحمسنا وتعصبنا للضد وللعكس , بقدر مانفرنا من تيارات واتجاهات سائدة .. لأن التجديد يستهوينا , والمخالفة تطربنا , والمقاومة تثلج صدورنا , والتحدي يريحنا ... كما ان الحقائق تحينا , والرأي الصائب يسعدنا ! ...
ولكن ونحن نعيش حالاتنا السياسية والفكرية , في غمرة هذا التحدي , ومحاولات التغيير الجرئ , كان علينا ان نلتفت الى ما وراء التيار , والى ما خلف الاتجاه ..
فأذا كان هناك تيار معين فرض علينا ليوجه سياستنا نحو جهة معينة , فعكس هذا التيار سيحدد هذه الجهة , ويفضحه ويخالفه ,وصولا الى جهة او هدف اخر اصح وافضل , ولكن ... استكشاف واستقراء ما وراء هذا التيار سيوضح لنا كل شئ عنه .. بخفاياه .. بالعوامل المساعدة له , بكل خطوطه , وبكل ما يتصل به من قريب او بعيد ... صحيح ان لكل تيار أ و اتجاه , مميزاته ومقوماته , لكن , هناك اشياء تقف خلفه , علينا القاء الضوء عليها , وعدم ابقائها في العتمة ...
لنأخذ تيار الأرهاب - مثلا - فهنالك من مؤيد له وعامل به , ومن مخالف , والمخالفين له , الجميع الا الفئة القليلة الباغية , فنحن ندرس حالة الارهاب , ونتعرف على خطوطه .. مميزاته .. والاسس التي ينطلق منها , ويتحرك عليها , وعندما نريد ان نتحرك ضد تيار الارهاب هذا , فاننا سنقوم في البدء بفضح الانحرافات والويلات التي يسببها , ونأتي بما يخالف هذا التيار الشاذ من افكار سليمة ترتكز على عقيدة صحيحة سمحاء .. وهذا ما حدث ويحدث , وان كان بشكل مضطرب يفتقر الى الجدية والاخلاص ! .. ولكننا راضون عنه ونتوقع اننا سنكون بتحركنا هذا بمفازة عن الاخطار في مستقبل قريب .. هكذا نعتقد , او هكذا يخيل لنا على ما يبدو ...
ولكن هذا ليس كل شئ ! ... لأن ما وراء تيار الارهاب هو الاهم في مسألة المواجهة ... وعلينا ان نبحث بجد وجدية عن الاسس التي تقف خلف تيار الارهاب ... وأن ما وراء تيار الارهاب هذا قد لايحدد بشئ واحد اوحالة معينة , بل بأشياء وحالات متعددة , علينا الاحاطة بها , والانطلاق من خلالها في مسألة مكافحة الارهاب .. ولايخفى على احد , ان وراء تيار الارهاب افكار وعقيدة قوية وصلبة , تدفع بالارهابي الى ان يقدم روحه رخيصة من اجل تحقيق اهدافه ! .. وهنا المأساة ...
واننا لو بحثنا في هذا التيار , لوجدنا ان وراءه عقيدة يستقي منها افكاره , ويمارس من خلالها ممارساته الاجرامية المرفوضة شرعا وعرفا , ولوجدنا ان هذه العقيدة تمتزج بمنهجين خبيثتين , منهج ( المتنطعين )الذي دعا عليهم رسول الانسانية محمد - صلى الله عليه واله - بالهلاك , حين قال -ثلاثا- الاهلك المتنطعون ...ومنهج الوهابية القائم على تكفير المسلمين وقتلهم ..
وهكذا , فأن تيار الارهاب بحد ذاته -الذي يمارسه مايسمى بتنظيم القاعدة - هو فرع من اصل ... اصل يكمن وراءه ويمده بالقوة , ويحثه على الاستمرار بنهج التكفير والتقتيل , والاجرام .. ومن هذا الاصل علينا ان نبدأ في مكافحتنا للارهاب ...
وفي الحرب الحالية التي تقودها - الولايات المتحدة الامريكية - نجد ان الجهد كله منصب على مكافحة العمليات الارهابية , دون الالتفات الى ماوراء ذلك , وهو العقيدة الوهابية الفاسدة , وهذا خلل كبير في عملية المجابهة هذه , لان الارهاب حالة وما وراءه اصل , واذا ما قضينا على تيار ارهابي , انما قضينا على فرع , لايلبث ان ينبت مكانه فرع اخر او فروع , طالما شجرته موجودة ,وجذورها متأصلة في عمق الزمن .................................................. .........
.....................طلال صابر النعيمي
