انتفاضة المنطقة الشرقية بالسعودية

انتفاضـة
المنطقـة الشـرقية
1400هـ ـ 1979م

إعداد
عبد الرحمن الشيخ
صالح الدخيل
عبد الله الزاير
منظمة الثورة الاسلامية في الجزيرة العربية


الطبعة الأولى 1401 هـ 1981 م
بسم الله قاصم الجبارين
انفروا خفافاً وثقالاً
وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم
في سبيل الله
ذلكم خيرٌ لكم
إن كنتم تعلمون



الاهــداء
ـ اليك يا شهيد المروة والصفا..
ـ إليك يا جهيمان المروءة والفداء..
ـ إلى الأحبة الابرار الذين تساقطوا برصاص الغدر والعمالة..
ـ إلى شهدائنا الذين رووا بدمائهم شجرة الحرية والكرامة..
ـ إلى الثكالى والأرامل والايتام الذين فقدوا أعزائهم في تظاهرات المنطقة الشرقية وفي رحاب البيت العتيق..
ـ إلى مناضلينا الصامدين في سجون الطاغوت والاستكبار السعودي..
ـ إلى شعبنا الثائر البطل الذي يقارع سلطة الخيانة والالحاد..
اليكم جميعاً:
نقدم هذا الكتاب هدية متواضعة تسهم في كشف زيف الحكم السعودي الكافر، وليكون تعزية منا لعوائل شهدائنا الأخيار....
منظمة الثورة الاسلامية في الجزيرة العربية

المقدمة
(ما يصير!! انت مجنون تحكي هالكلام!! قندهار قد تتحرك ولكن الاحساء لا يمكن!!).( )
كان هذا هو جواب الأمير احمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية على المخابرة العاجلة التي وردته من قيادة الحرس الوطني في الاحساء تخبره ان هذه المنطقة خرجت عن بكرة ابيها متظاهرة وتستشيره حول حجم الرد المطلوب.
لم يكن النظام السعودي الجاثم على رقاب شعبنا في الجزيرة يتوقع تحركا لهذا الشعب، وتصور أن ما يقارب الثمانين عاماً من الارهاب والحكم البوليسي استطاعت سحق شخصيته وإذابتها في شخصية السلطة.
لقد حسب النظام ان هدوء شعبنا طوال السنوات الماضية يعني موته وانه فقد الروح.. ولكن خابت آماله وتحطمت توقعاته عندما انتفض هذا الشعب وفي مناطق متعدده (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا).

وإذا بالثوار المسلمين في المنطقة الغربية يمسحون توقعات النظام ويكشفون زيف اسلامه عندما يلجأون إلى المسجد الحرام معتصمين به (ومن دخله كان آمنا)، فيقوم النظام السعودي الذي يتمسح بالاسلام ويغسل الكعبة كل عام، بقصف حاقد على المسجد ومنائره، وتنتهك قواته بقيادة خبراء ومستشارين أمريكيين وفرنسيين حرمته.
هزت هذه الانتفاضة أركان الحكم، فلم تترك لهم مجالاً حتى للتنسيق في التهمة التي يوجهونها لهم.. فتارة هم (شرذمة مارقة) وأخرى (أنهم من المعتصبين دينياً) وثالثة (انهم محدودون وسيتم القضاء عليهم بسرعة، ولا ارتباطات لهم في الداخل والخارج) وأخيرة (أنهم يوجهون من قبل الاتحاد السوفياتي وتدربوا في عدن الشيوعية!!).
وهكذا لم تترك لهم صدمة الحرم فرصة للتفكير.. وقبل ان يفيقوا من هول هذه الصدمة واذا بالأرض تتزلزل من تحتهم في المنطقة الشرقية مكمن البترول وموضع مصافيه، وإذا بالألوف تخرج بعد سنين من الصمت هاتفة بصوت واحد (يابن سعود شيل ايديك كل الشعب ما يريدك)..
وجن جنون السلطة التي كانت تتوقع ان تتحرك قندهار قبل أن يتحرك الشعب في الجزيرة العربية فأخذت تضرب على غير هدى بينما كان الشعب يفتح صدره للرصاص شوقاً إلى الشهادة.
وبرغم ضخامة الأحداث، فإن المبالغ التي انفقها النظام من أموال الشعب على وسائل الاعلام من صحف ومجلات كانت اضخم، لذلك لم ينقل بل لم يشر اغلبها إلى الانتفاضة.. وبعض الصحف التي (استلمت) كانت تنقل وجهة نظر الحكومة والتي كانت دوما انه (لا اضطرابات والوضع هادئ ولا صحة للإشاعات التي تبثها وسائل الاعلام الصهيونية المعادية)!!
وايماناً منا بأن نضال شعبنا، وما بذل من جهود، وما قدم من قرابين في طريق الله والحرية والكرامة.
ايماناً منا بأن الدماء الزكية الطاهرة التي عطرت تراب الجزيرة واختلطت بدماء شهداء الاسلام الأوائل، وان آهات الجرحى الذين أصيبوا برصاص الغرب الحاقد على يد جلاوزة النظام الفاسد، وصراخ وعويل الأرامل والثكالى، يجب أن لا تضيع وتنسى..
ولكي تستمر قبضات شعبنا عالية دائماً متحدية ابدا، هاتفة باستمرار (الله أكبر والموت لآل سعود)، كانت هذه الصفحات التي أمامك ـ اخي المجاهد واختي المجاهدة ـ تاريخاً للنظال الذي كتبه شعبنا الأبي، بدمه الزكي، ووقفة اجلال للشهداء والشهيدات الذين افتتحوا بدمائهم سيل الدماء الذي سيغرق بحول الله نظام العمالة في الرياض.. وصدق الله حيث يقول:ـ
(كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز)..
منظمة الثورة الاسلامية في الجزيرة العربية

(1)
جذور الانتفاضة

تمهـيد
انتفاضة المحرم (1400هـ ـ نوفمبر 1979م) في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، حدث لا يمكن ان يكون عفوياً وظاهرة حماس مؤقتة، وتجمع عاطفي وقع في العشر الأولى من شهر محرم ينتهي في حينه، كما صرح بذلك الأمير نايف بن عبد العزيز( ). فالأحداث التاريخية وانتفاضات الشعوب في أي مكان من الأرض انما هي افراز ونتيجة لمجموعة العوامل التي تحيط بهذه الشعوب، فلا يمكن إذن ان تكون عاطفية كما لا يمكن أن تكون مؤقتة مادامت الظروف التي اشعلتها مستمرة.
وبالتالي فمن غير الصحيح أن تقرأ هذه الاحداث كنغمة نشاز في حياة المجتمع، بل لابد من النظر ـ عند محاولة تحليلها ـ إلى مجمل العوامل السياسية، والاجتماعية التي عاشتها الجزيرة العربية والمنطقة الشرقية منها بالذات.
والذين يحاولون فهم أو تفسير انتفاضات الشعوب من خلال الحدث ذاته بغض النظر عن خلفياته والظروف التي مهدت لبروزه، هؤلاء يخطئون في فهم حركة الشعوب. ولذلك فإننا عندما نريد الحديث عن انتفاضة المنطقة الشرقية التي هزت أركان النظام السعودي ودراستها، لابد لنا من الحديث، ولو مختصراً عن مجمل الاوضاع السياسية والاجتماعية التي تعتبر خلفية الانتفاضة.
الأوضاع الدولية
امتنا الاسلامية عاشت في عصرها الحديث فترة ضياع وتخبط، وذلك بعد الانحدار الفكري والاجتماعي الذي رافق حكم الدولة العثمانية، واستمرت وتجذرت سياسياً و ثقافياً بعد سقوط سلاطين آل عثمان.
هذا الانحدار تحول إلى انهزام نفسي في داخل الأمة جعلها تحتقر ذاتها وتفقد الثقة في دينها، وساعد على ذلك ان العدو اوحى لها ان سبب هزيمتها هو التزامها بالاسلام، وانها إذا أرادت التقدم والحضارة فإن عليها ان تبحث عن منهج آخر، لأن الديانة المحمدية ـ كما يقول المستشرق الفرنسي "كيمون" في كتابه باثولوجيا الاسلام: ـ (جذام تفشي بين الناس وأخذ يفتك بهم فتكاً ذريعاً، بل هو مرض سريع، وشلل عام، وجنون ذهولي يبعث الانسان على الخمول والكسل، لا يوقظه من الخمول والكسل إلا ليدفعه لسفك الدماء.. وما قبر محمد إلا عمود كهربائي يبعث الجنون في رؤوس المسلمين)، أو كما قال المبشر (وليم جيفورد): ـ (متى توارى القرآن ومدينة مكة من بلاد العرب، يمكننا حينئذ ان نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية، بعيداً عن محمد وكتابه)( ).
وبالفعل فقد استطاع الاستعمار عن طريق المبشرين واذنابهم أن يؤثروا في فكر الأمة بهذا الاتجاه.( )، فقامت دعوات ودول تعتمد على ركيزة علمانية معادية للإسلام، واستمرت الأمة مع هذه الأفكار والدول لترى نفسها تدور في حلقة مفرغة، فهي تتقدم خطوة لتتراجع خطوتين.
فإيران وتركيا اللتان اعتمدتا الفكر العلماني، رغم مرور سنوات طويلة لم تتقدما ولم تصبحا من الدول الصناعية، ولا يزال التخلف شاملاً ابتداءاً من الانسان وانتهاءاً بالآلة!!، ومع هذا فإن الدعوة العلمانية يفتخر بها أغلب الأنظمة!!.
هنا بدأت الأمة تشكك في هذه الأفكار الدخيلة والأنظمة المستوردة المرتبطة، التي أصبحت في الواقع نافذة دخل منها الاستعمار بشكل مباشر وغير مباشر، واخذت الأمة تنتفض قليلاً قليلاً باحثة عن نفسها وعن طاقاتها، بعد أن عجزت القيم المستوردة عن أن تصنع الانتصار في ثلاثة حروب خاضتها مع الكيان الصهيوني، والتي كان نصيبها فيها الفشل والهزيمة.
ففي عام 48م حاربت امتنا تحت لواء قيادات مرتبطة بالغرب، كان نتيجتها بيع فلسطين، وإقامة الكيان الصهيوني، وجعله حقيقة واقعة على نصف الأرض الفلسطينية.
وفي عام 1967م دخلت الأمة (مرة ثانية) الحرب تحت لواء قيادات موالية للشرق، فقدت على أثرها النصف الآخر من فلسطين، مضافاً إليه أجزاءاً جديدة من الجولان السورية وسيناء مصر، عدا الهزيمة النفسية التي عمت امتنا ذات الملايين الثمانمائة امام اسرائيل المليونين فقط( ).
وبعدها في عام 1973م خسرت امتنا معركة السلام بعد أن فازت جزئياً في معركة الحرب، وكان ذلك ببركة قيادات من كلا النوعين، فتحول النصر إلى هزيمة والسلام إلى ذل وخسارة واستسلام.
هذه التجربة المريرة التي قدمت فيها الأمة عشرات الألوف من الضحايا، أحدثت لديها يأساً مريراً من هذه القيادات، وولد عندها قناعة عميقة تقوم على:ـ أن استيراد القيم والافكار لن يحل المشكلة، وان منهجاً غريباً عنها لا يبعث طاقاتها الروحية الكامنة، ولا يحرك فيها ارادتها الصلبة وايمانها الفطري، غير جدير بقيادتها إلى النصر والتقدم.
ولترسيخ هذه القناعة بدأت جماهير الأمة تزحف جماعات إلى الاسلام كملجأ وحيد وطريق مستقيم نحو الهدف فنشطت الحركات الاسلامية في أنحاء العالم الاسلامي حيث شهدت اقبال الجماهير عليها بعد سقوط اقنعة الخداع عن وجوه القيادات الزائفة، وتحركت مبادرة إلى إسقاط الأنظمة المتحكمة فيها، واستبدالها بأنظمة حكم اسلامية تتمشى مع تطلعاتها لاقامة نظام حضاري يقودها إلى الانتصار بعد سنوات التخلف والانتكاس.
ولم تكن طريق هذه الحركات مزروعة بالرياحين، فقد قامت قيامة الحكومات الطاغوتية التي رأت في التحرك الجديد خطراً جدياً على وجودها، وأخذت تقمعها بقوة ووحشية، حسب أوامر المخابرات الأجنبية وخصوصاً الأمريكية الـ (سي. آي. أيه)، التي افزعتها هذه الحركات الالهية، وقد حذر (بريجنسكي) مستشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر تنامي القوة الدينية، وقال في مقابلة مجلة (يو. اس. نيوز آندوورلد ريبورت): (يمكن للدوامة الدينية في الشرق الأوسط أن تضر فعلا بما نرتبه من ترتيبات ولا سيما ما يخص احتمالات التفاوض مع اسرائيل). واتهم بريجنسكي حركات التحرر الاسلامية المسلحة بالتعصب والعنف، وقد أضاف بقوله هذا حقداً على الحقد الذي انبثق عن تصريح الرئيس الأمريكي السابق كارتر في العام الماضي والذي طلب فيه من كبار مساعديه أن يقدموا له دراسة مستفيضة عن الحركات الاسلامية والانبثاق الاسلامي بهدف معالجته( ).
وامام هذا الخطر الذي يهدد السياسة الأمريكية في المنطقة الاسلامية، اعدت المخابرات الأمريكية مخططاً للقضاء على التحرك الاسلامي، ابتداءاً من رصد الحركات و اجراء الدراسات حولها، وانتهاءاً بانشاء جماعات اسلامية تستغل الصحوة الدينية لتخرب على الحركات الاسلامية الأصيلة، مروراً بإسقاط الأنظمة الصديقة لها ان تطلب الأمر، وتولية القيادات الموالية لها والمتلبسة برداء الاسلام، وإذا لم تنجح هذه الخطط فإن العنف والسحق نصيب المجاهدين،

وحتى الشعوب الاسلامية سيكون نصيبها الكثير من التعسف لوأد الحركة الاسلامية ومنعها من الوصول إلى الحكم( ).
وعلى أية حال فإن الحركات الاسلامية اليوم، سيدة الساحة في كل شبر من أرجاء الوطن الاسلامي الكبير، مما جعل السلطات في حالة رهبة وخوف دائمين، هذا الخوف على الحكم والعرش، جعل الحكام الخونة يواجهون هذه الحركات بكل ما لديهم من قوة وكأن الحرب قائمة اليوم بين هذه الحركات واولئك الحكام.
لقد رأينا كيف تعامل نظام السادات مع الحركة الاسلامية التي كانت طليعة انتفاضة (18 ـ 19 يناير) عام 1977م في مصر، والتي راح ضحيتها أكثر من (80) شهيداً، واعتقال أكثر من سبعمائة آخرين، بالاضافة إلى عشرات الجرحى، وعشرات العوائل الميتمة والثكالى والأرامل، كما رأينا ونرى أعمال السادات في قمعه للمظاهرات الاسلامية التي تنطلق من الجامعات المصرية كجامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وجامعة اسيوط( ).
وإذا تركنا مصر واتجهنا إلى الجنوب حيث السودان الجريح، فإننا نرى مدى الحقد الذي يكنه نظام نميري للحركة الاسلامية، فمسلسل الاغتيالات لم ينته بعد، والمظاهرات المعادية للنظام الفاسد آخذة بالإزدياد كما وكيفا، ولعل جامعة الخرطوم ومظاهرات طلابها المسلمين تكفي لأن تكون أكبر شاهد على دموية نظام نميري وحقده على الإسلام.
وتونس هي الأخرى تشهد تحركا إسلامياً يدعو للفخر والتقدير، وما تنازلات النظام البورقيبي، والتغيير الدائم والمستمر في الوزارات والوزراء، إلا شاهد على عظمة الحركة الاسلامية في تونس الخضراء وقوتها.
وفي حين يستقدم بورقيبه المعارضين له من الخارج ويشركهم في الحكم، يقوم بزج القادة الاسلاميين في السجون والمعتقلات الرهيبة.
ومهما يكن من أمر فإن الحركة الاسلامية تخوض حرباً ضروساً في العراق في مواجهة النظام البعثي الذي يريد أن يترك العراق أو يسلمها أرضاً بدون شعب كما قال صدام نفسه، وفي الأردن، وفي الباكستان، واندونيسيا وكذا في البحرين والجزيرة وباقي إمارات الخليج والمغرب وافغانستان الاسلام، حيث الاحتلال السوفياتي واينما اتجهت فإن الحركة الاسلامية ناهضة نشطة تواجه أقسى الحملات الشوفينية والتعسفية بروح جهادية قل نظيرها، رغم محدودية امكانياتها، وقلة مواردها فالدعم كل الدعم هو الشعب الذي يسندها، ويمدها برافد بشري ومعنوي، يمكنها من الصمود أمام مخططات التصفيات والمؤمرات التي لا تنتهي.
يقول (جب): (ان الحركات الاسلامية تتطور عادة بصورة مذهلة، تدعو إلى الدهشة، فهي تنفجر انفجاراً مفاجئاً قبل أن يتبين المراقبون من امارتها ما يدعوهم إلى الاسترابة في امرها.. فالحركات الاسلامية لا ينقصها الا ظهور صلاح الدين جديد)( ).
ونحن نقول، لقد ظهر صلاح الدين، انه الامام الخميني ولذا فإن كل الأنظمة المرتبطة الكافرة لن تبقى على وجه الأرض وسيعود الاسلام سيد الكون.
كل هذه التحركات الاسلامية الشعبية انما هي فصول من قصة البعث الاسلامي الجديد الذي سبب الهلع والذعر في نفوس الأجانب المستعمرين، والذي يجتاح العالم الاسلامي من اقصاه إلى أقصاه، والذي كان الانتصار الاسلامي في إيران احد فصوله الأخرى.
وتظاهرات المنطقة الشرقية، وانتفاضة الحرم وتظاهرات جدة وعسير، واحتلال محطة الكهرباء الرئيسية في المنطقة الشرقية، ان هذه جميعاً أجزاء مترابطة ضمن تيار الانبعاث الاسلامي الجديد.
ومهما قيل عن ان هذه الاحداث قام بها مهووسون او متطرفون، فإنها لا تغير من الحقيقة شيئاً، فالاسلام اقوى من محاولات التشويه والتحريف، والشعب المسلم في الجزيرة العربية (قد استيقظ، وأخذ يصرخ ها أنذا، أنني لمن امت، ولن اقبل بعد اليوم ان اكون اداة تسيرها العواصم الكبرى ومخابراتها)( ).
الاوضاع المحلية
ان الانتفاضة الجماهيرية التي قام بها الشعب المسلم في الجزيرة العربية، كانت نتيجة تفاعل الجماهير المضطهدة مع عدة أسباب وعوامل داخلية كانت تختمر في نفوس الجماهير، إلى أن حان موعد انفجار هذا التفاعل على شكل انتفاضة جماهيرية عارمة، أما ما هي الاسباب الداخلية التي اشعلت الانتفاضة فيمكن حصرها تحت العناوين التالية:
1/ الوضع السياسي..
2/ الحجر الفكري والثقافي..
3/ الوضع الاقتصادي..
1ـ الوضع السياسي
في هذه الأرض ـ أرض الجزيرة العربية ـ مهبط الوحي ومبعث النور والهدى، امتزجت طموحات المغامرين بعقلية البداوة، بحالة الاستعلاء النفسي، بالغنى المفرط، فعبد العزيز آل سعود الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري دموي في يناير (1902م)، هذا الرجل كان طموحاً إلى حد كبير، وذو عقلية توسعية، وكان يرى أن كل شيء لابد أن يمر تحت يديه، وان أي أمر لا يمكن تحقيقه الاعبر ما سورة البندقية والسيف، وقد قال مرة لجيشه (الاخوان) مذكراً اياهم بطبيعته الارهابية الدموية، وموضحاً كيفية وصوله إلى الحكم، قال: (ولا تنسوا، ان ما من رجل منكم إلا وذبحنا اباه أو أخاه أو ابن عمه، وما ملكناكم إلا بالسيف)( ).
وقد صدق عبد العزيز فيما قال، فالحكم السعودي لم يقم إلا بالسيف، ولم يبن إلا بدماء القتلى، وعلى أشلاء مليون ونصف قتيل، وأكوام من الأيدي والأرجل المقطعة( )، فالمجازر التي قام بها عبد العزيز يصعب على الخيار تصورها، فحادثة واحدة من مئات الحوادث التي قام بها عبد العزيز والتي قتل فيها (40) ألفاً في معركة تربة قرب الطائف وصفها المؤرخ أمين الريحاني نقلاً عن عوف بن هاشم الذي شهد الواقعة، بالقول (رأيت الدم في تربة يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء جارية، أظنها والله حمراء)( ).
وعندما دخلت جيوش عبد العزيز الطائف، قتلوا جميع من فيها من السواح والمواطنين، عدا بضع مئات من الأطفال والعجزة.
بمثل هذا الارهاب شيد عبد العزيز نظامه، وجعله ملكياً، وراثياً، فردياً، مطلق الصلاحيات، فجعل مال الله دولا، وعبيده خولاً.
ومع هذا صبغ النظام السعودي حكمه بالإسلام، وأوحى لمرتزقته والصحافة المتجاوبة معه، من (أن المملكة العربية السعودية، مملكة إسلامية، دستورها ونظام الحكم فيها الشرع الاسلامي)..( )، وأحياناً يقولون ان دستور البلاد هو القرآن، ولا مانع عند الحكام السعوديين أن يرجعوا كل عمل يقومون به، إلى أنه تطبيق لما جاء به القرآن.. مع العلم ان النظام الملكي يعتبر من أشد النقائض لشريعة القرآن! (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة اهلها إذلة وكذلك يفعلون).

ومن وجهة نظر الاسلام يشترط في الحاكم الكفاءة ورضى جمهور الشعب، وملوك الجزيرة لا كفاءة لديهم اللهم إلا في الصيد، وقصص المغامرات مع قبائل البدو كما هو الحال مع الملك خالد الذي وصفه أحد الصحفيين من أنه (رجل صيد أقرب منه إلى رجل سياسة)( )، كما ان نظام الحكم السعودي ـ كما هو معروف ـ وراثي، فمنذ ما يقارب المائة سنة وأسرة آل سعود تتوارث الحكم الولد بعد الأب، والأخ بعد أخيه، فهل هذا من الإسلام؟!
وإذا كان الاسلام يرفض شرعية هذا النظام، فكيف نقبله نحن المسلمون وصياً وحاميا لمصالح الاسلام والمسلمين؟ وهل يقبل الاسلام بالديكتاتورية والكبت والإرهاب؟
ان الله تعالى يأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بمشاورة اصحابه (وشاورهم في الأمر) وفي آية أخرى (وأمرهم شورى بينهم)، والخليفة عمر بن الخطاب يقبل اعتراض امرأة على احد قراراته قائلا: (أصابت امرأة واخطأ عمر)، والامام علي يرفض ان يجبر احداً على مبايعته.. هذا هو الاسلام الصحيح، فأين منه آل سعود؟
الذين جعلوا الحكم ملكاً عضوضاً يتوارثه الواحد تلو الآخر!!( )
أما من الناحية القانونية، ففقهاء القانون يقررون انه لا يجوز فرض حاكم على الشعب بدون رضاه، كما لا يجوز حصر السلطة في أفراد معينين دون النظر إلى أهليتهم، كما هو الحال في النظام الملكي الوراثي السعودي الذي ليس له رصيد من مقومات الدولة الحديثة، التي يجب أن تقوم على الحرية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص، فمنفذ أن وصل هذا النظام إلى الحكم وحتى الآن لم تجر أية انتخابات على الاطلاق.. لا انتخابات الملك أو مجلس الشورى، أو حتى مجلس بلدي، وطبيعي في مثل هذه الأجواء، لا يسمح بتشكيل الأحزاب، ولا يجرؤ أي فرد على المطالبة بمثل هذه الأمور.
ومن الجدير بالذكر أنه ليس هناك دستور أو قانون أساسي ينظم صلاحيات الحكومة، وحقوق وواجبات كل شخص أو هيئة، وبالتالي فليس هناك حدود لصلاحيات الحكومة كما ليس هناك مقياس دقيق للمسموح والممنوع في نظر هذه الحكومة، وكثيراً ما يقول المسؤولون من باب التهرب من أسئلة الصحفيين، حول الدستور (أن القرآن هو دستور الحكومة السعودية)( )، ولكن هذا الجواب فيه من المغالطة شيء كثير.
ان الرأي الشخصي والرغبات الآنية، هي قانون الحكم في بلادنا، فما يراه مسؤول في لحظة صحيحاً يتحول إلى قانون، ولو تغير رأي ذلك المسؤول بعد مدة فإن القانون سيتغير آليا، وربما إلى درجة التناقض مع سابقه، أما عن تضارب وتناقض أفكار وأعمال مسؤولي النظام، فحدث ولا حرج، فكل هناك يغني على ليلاه..( )
والانكر من ذلك فإن الاسرة المالكة تسيطر على جميع أجهزة الدولة، والمناصب العليا فيها، فمن الملك وولي العهد ورئاسة مجلس الوزراء، إلى وزارة الدفاع والطيران، ووزارة الخارجية، والشؤون البلدية والقروية، والاسكان، والاشغال العامة، ورئاسة الحرس الوطني، عدا أمراء المناطق ورؤساء المؤسسات الحكومية كالأندية، والشركات، وغيرها، كل هذه الأجهزة بيد أفراد الأسرة، الذين ليس لديهم ادنى كفاءة لتسنم مثل هذه الوظائف..
ان هذا الجو السياسي المتخلف، اضافة إلى التبعية والعمالة للغرب، ينخر كرامة الانسان، ويفقده استقلاليته، ويفرض على شعبنا أوضاعاً شاذة تنعدم فيها الحرية بمختلف مضامينها، وبالخصوص حرية الكلمة والتعبير عن الرأي. ان هذا الجو يكشف لنا ان الاختناق هو الظاهرة السائدة في البلاد.
وعلى هذا الأساس فإن للأوضاع السياسية المتخلفة وما يرافقها من سحق لكرامة الانسان، دور بارز في انتفاضة شعبنا الباسل في الجزيرة العربية، الذي قدم فيها عشرات الشهداء ومئات الجرحى آملاً في إسقاط الحكم الملكي العفن، وإقامة الحكم الاسلامي الذي ينعم فيه الجميع بالعدل والحرية والمساواة.
2ـ الحجر الثقافي والفكري:
لقد أحاط النظام السعودي الجزيرة العربية بسياح منيع، فارضاً بذلك حصاراً فكرياً وثقافياً رهيباً لم يفرض على أي شعب من الشعوب في العالم.
لقد حرم النظام الشعب من الثقافة الهادفة، ومنع كل كلمة حرة صادقة من التسلل إلى داخل الجزيرة في جنح الظلام، أو مجلة صادقة، أو شريط كاسيت، يحتوي على محاضرة قيمة.. طارد كل ذلك، وزج بكل فرد من الشعب يضبط عنده احدها، في الزنزانات.
وقام النظام السعودي أيضاً بمصادرة الحرية الصحافية، فهناك صحف ومجلات محدودة منحت امتيازاتها للعملاء الذين يسبحون ويقدسون بحمد السلطة، ولا يمكن ابدا نشر كلمة تشم منها المعارضة لسياسة الدولة واتجاهها، بل ان وزارة الاعلام وزعت على المجلات والجرائد المحلية قاموس الكلمات والآيات القرآنية الممنوعة، حتى يطلع عليها كل محرر فيتجنب استعمال الكلمات التي تخالف ذوق أولي الأمر!! ككلمة الثورة والحرية والجماهير أو كآية (أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اعزة اهلها أذلة وكذلك يفعلون).
وقد حكم على أحد الادباء بالاعدام لانه ألف كتاباً يثبت فيه ايمان أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الأديب عبد الله الخنيزي الذي اعتقل على اثر تأليفه لكتاب (أبو طالب مؤمن قريش)، وقد حكم عليه بالاعدام لولا الضغط الذي مارسته الجماهير المسلمة في مختلف بلاد العالم الاسلامي!!
وفي عام 1399هـ اعتقل عدة أشخاص مؤمنين لأنهم ادخلوا بعض الكتب الاسلامية والمجلات الاسلامية الثورية، وقد دام اعتقال احدهم أكثر من ستة أشهر، ومورس بحقه احط أنواع التعذيب النفسي والجسدي، فكان الشتم والضرب بالسياط على الوجه والرجلين من أبسط أنواع التعذيب! وكل ذلك بسبب مجلات اسلامية ليس الا.. وكانت تباع في الكويت وأغلب البلدان العربية والخليجية بشكل خاص.
كما ان الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير الرياض استدعى الكاتب الصحفي محمد رضا نصر الله، لتحريره موضوعاً في جريدة الرياض، تناول فيه دور الرياضة في الهاء الشباب واهتمام الحكومة المتزايد بذلك، وحذره سلمان من مغبة المضي في مثل هذه الكتابات، وهدده بالاعتقال ان كرر ذلك ثانية، إلا أن الصحفي محمد رضا عاد فكتب عن ذلك مرة أخرى، فكان نصيبه الاعتقال وزجه في السجون السعودية المظلمة.
ونشرت جريدة الرياض( ) تحت عنوان (وزارة الاعلام.. والنقد) ما يلي:
(وزارة الاعلام استدعت أمس الزميل سليمان العصيمي المشرف على صفحات الفن والمجتمع في تحقيق استمر نحو ساعة.. واعد له منذ ثلاثة اسابيع..!
والقضية.. ملاحظات نشرت عن الاذاعة والتلفزيون بهدف الاصلاح والنقد البناء..
منها مثلاً ملاحظه عن عدم تعاون التلفزيون مع الصحف بتزويدها بنشره البرامج اليومية.. وكذلك المطالبة بانتاج تلفزيوني أفضل..
ومع ذلك فإن الوزارة بحساسيتها المفرطة تجاه النقد وبخاصة مع جريدة الرياض دون سواها.. اعتبرت هذه الملاحظات قضية كبرى يجب التحقيق فيها..!
ترى لو أن كل الوزارات والجهات الحكومية بلغت بها هذه الحساسية تجاه النقد إلى هذا الحد..
كيف سيكون بمقدور الصحفيين.. التوفيق بين ساعات عملهم.. وساعات (التحقيق).. وكيف تستطيع الصحف.. ممارسة مسؤولياتها واداء رسالتها تجاه هذا الوطن سؤال يفترض أن تكون الاجابة عليه من وزارة الاعلام نفسها!
انتهى كلام صحيفة الرياض وما ذكر لا يحتاج إلى تعليق..
اما البديل عن الكلمة الصادقة المخلصة، والثقافة، الهادفة، والفكر الرصين، فهو انفاق المليارات من الأموال على الصحف والصحفيين الموالين لها، وكذلك الكتاب والمؤرخين الذين يسبحون ويقدسون بحمد النظام والذين يتولون نيابة عنه افساد شبابنا وتحريف أهدافه، وجعل همه فقط الرياضة والجنس ولا شيء غير ذلك.
وقد احتار العالم الاسلامي الكبير (ابو الحسن الندوي) اثناء زيارته الأخيرة للجزيرة، مما شاهده من الفساد والمتناقضات التي رآها في سياسة (المملكة) الاعلامية والتربوية والحضارية.. وتساءل: (هل هي مجرد مفاجآت، أو تصرفات من غير المسئولين؟، أو هي سياسة مخططة من قادة البلاد؟، أو هي سياسة مفروضة موحى إليها من الخارج، ومن الطاقات الكبرى، مقابل ما تقدمه من معونات وتتكفل به من حماية المملكة من الاعداء؟!!)( ).
ونستبيح العالم الفاضل عذراً فنجيب:
بالنسبة للتساؤل الأول فالمفاجئات لا يمكن حدوثها، لا سيما إذا علمنا ان الاعلام يشكل احدى الدعامات التي يعتمد عليها آل سعود في حكمهم، وبالتالي فإن الدقة والتخطيط لا يغيبان عن المسئولين، وبالأولى ان لا يتم أي تصرف من غيرهم فهم أهل الحل والعقد (...) في كل الأمور، فكيف بأجهزة الاعلام..
أما الجواب الصحيح فلم يغب عن الاستاذ الندوي حينما عرض التساؤلين الأخيرين، ففيهما الجواب الصحيح.. حيث ان سياسة الاعلام موحى بها من الخارج، ومخططة من قبل قادة (...) البلاد..
والواقع الفاسد الذي تعيشه البلاد ليس معنى شعرياً، ولا تصوراً خيالياً، ولا مبنياً على التشاؤم أو التهويل، بل هي أمثلة واقعية عايشها الاستاذ الندوي، من مشاهدات عينية وتجارب عملية، ومطالعات للصحف والمجلات، واختلاط بالشعب وسماع لهمساته ونجواه..
ونحن هنا ننقل بعض الأمثلة التي لا يمكن نفيها أو التشكيك فيها ذكرها الندوي نفسه في مجلة الدعوه( ) حيث جاء فيها:
يقول الندوي
نأخذ الاعلام أولا، نخص منها: ـ
1/ كثرة الاغاني والتمثيليات التي اكثرها في الجنسيات، من الحب والغرام، مما لا يليق بأرض الطهر والعفاف.. على سبيل المثال تتولى امرأة برنامجاً تنطلق فيه وراء الطبيعة، وقد تنطلق منها عبارات التخنث والتكسر مما يوحي بعدم الاسلام.
وفي 18/12/78من بعد المغرب بجده عرض في التلفزيون برنامج العرس الباكستاني، فظهرت فتيات بالغات يغنين مع الطبول ويرقص..
2/ كثرت الأفلام التلفزيونية القائمة على الحب والغرام، وعرض المواقف التي يلتقي فيها العاشق بمعشوقته في خلوه، والانحصار دائماً في هذه الأفلام في العاشق الولهان..
3/ أفلام موحية كالأفلام الأمريكية التي تعلم الناس سرقة السيارات، وسرقة الخزائن، وقد بدأت هذه الحوادث تحدث في المملكة في عدد زائد، وصورة هائلة منذرة بتدهور الأخلاق، وامتساخ الشباب العربي المسلم بإجرامي وحشي في غابات افريقيا، أو متسم بالأعمال الاجرامية في مدن أمريكا.. وقد بدأ الأمر إلى الاغراء بالجرائم كاختطاف الاطفال والغلمان، واغتيال الناس الوادعين، خصوصاً من الأجانب، وكثيراً منهم حجاج ومعتمرون، والقضاء على روح الجدية والصبر والاحتمال فضلاعن الفتوة والفروسية التي امتاز بها العرب في جاهليتهم واسلامهم.
انتهى
هذه شهادة من عالم ليس على كل حال من أعداء النظام، توضح مدى استبداد السلطة بأجهزة الاعلام، وتحريف مقاصدها لتدمير شعبنا المسلم، كما توضح التناقض بين ما يعلنه الملك، ويزعمه، ويدعو إليه من الدين الخالص والاسلام الصحيح، وتحكيم الكتاب والسنة، والتمسك بالتعاليم الاسلامية، والقيم الخلقية والتضامن الاسلامي وبين كل ما ينافيه في مجال الاعلام والتربية والمظاهر الاجتماعية( ).
اليست هذه المظاهر الانحرافية في مجال الفكر والثقافة والاعلام، تدعو شعباً انبثق من أرضه النور الوضاء لرسالة الاسلام، وفيها يحتضن أقدس بقعة في الكون إلى الانتفاضة والثورة على هذا الانحراف الخطير عن مبادئ الله؟!

3ـ الوضع الاقتصادي
لقد انعم الله على الجزيرة العربية بثروات طائله فهي تضم في احشائها كنوزاً كالذهب المتواجد في (الدرع العربي الناري)، والفضة المتواجدة في أراضي (الدوادمي والقويعية وحليبان)، والحديد المتواجد بكميات وفيرة في ثلاث مناطق رئيسية وهي (وادي فاطمة ومنطقة الصواوين وجبل دساس).
بالاضافة إلى هذه المعادن هناك النحاس، والفلورايت، والمنغنيسيت، والملح، والجبس، والكبريت، والكروم والميكا، والاسبستوس، والطين الخزفي، والاسمنت، والرصاص والزنك.. الخ( ).
كما أن أرض الجزيرة في أغلبها زراعية، وقد أكد ذلك الخبراء الأجانب، واكدته أيضاً مزارع الفلاحين في المدن والقرى والأرياف، فقد كانت الجزيرة العربية تعتمد (في السابق) على المحاصيل الزراعية كمورد أساسي، أما اليوم فقد تدهورت الزراعة كليا، وأصبحت الاراضي المزروعة تمثل (2 في المائة) من مساحة الجزيرة، رغم التبجح بخطط التنمية المتواصلة، والتي أوصلت البلاد قاع الفقر زراعياً، فباتت تستورد كل شيء من الخارج حتى البصل والبندورة والخضروات، والتي كانت البلاد تنتجها بكميات وفيرة.
وقد كتب احد الخبراء الأمريكيين رسالة الى اسرته يعبر فيها عن الاندهاش حول مقدرة اراضي الجزيرة على العطاء الدائم، كتب هذا الخبير الزراعي: (كل شيء هنا ـ أي في الجزيرة العربية ـ ينمو بطريقة سحرية رغم ريح السموم والعواصف الرملية.. نبات الحلفا، والشعيرة والبندورة، والجزر والبصل، والبطيخ الأصفر والباذنجان، كل هذا ينمو ويتكاثر بغزارة مدهشة. أما حقول القمح فإنها تعطي 17 قنطاراً في الهكتار الواحد بينما لا تزيد النسبة في تكساس عن (الأربعة والنصف، وأما البرسيم ففي وسع المزارع ان يحصده خلال عشرين يوماً فقط، مما يسمح باستخراج 18 موسماً في كل عام، قارنوا هذا بالمواسم عندنا، حيث يتراوح عددها بين (4و5) وحسب)( ).
كان ذلك قبل اكثر من ثلاثين عاماً، اما اليوم فكل شيء تغير، فأصبحت المزارع والحقول والنخيل خاوية على عروشها ـ والبركة في آل سعود ـ (...).
وإذا تركنا كل هذه الثروات جانباً، فإن هناك النفط عصب الحياة، ومحرك الآلة والمصنع، والذي تحوي الجزيرة منه ربع احتياطي العالم، هذا النفط كان وبالا على البلاد أكثر منه ثروة صالحة تدفعها إلى الرقي والتقدم ذلك لأن هذا النفط جلب للبلاد الشركات الأجنبية الاستعمارية الاحتكارية، التي تسيطر على الانتاج والتصدير، وان وجود هذا النفط جعل آل سعود يهملون حقل الزراعة والصناعة، فارتبطنا أكثر بالغرب وصاروا يتحكمون فينا بواسطة منتجاتهم بدل أن نخضعهم بواسطة ثرواتنا.
كما ان النفط أصبح حجر عثرة امام تحرير فلسطين لان الفوائد وفوائض الأموال يستثمرها الصهاينة ليكرسوا احتلالهم لها.. مضافا إليه أن النفط الذي تتحكم فيه الشركات الأجنبية يستخدم ضد المسلمين، فطائرات الفانتوم الاسرائيلية تتزود بوقود من بلادنا نحن، فأصبح بلا شك لعنة على البلاد، حيث استعمرت واستثمرت واستحصرت وتأخرت في كافة المجالات الزراعية والصناعية، ولعنة على المسلمين إذ ما فائدة نفط لا يستخدم في موقعه لإرجاع الحقوق الاسلامية، ولعنة على الشعب فما زال يعيش في فقر، وذل، وحياة مرة وهوان دائم.
قد لا يصدق احد ان المنطقة الشرقية التي تعوم على بحر من البترول، من أكثر المناطق بؤساً وحرماناً، وقد لا يخطر في بال أحد ان في هذا الجزء من رابع اغنى دولة في العالم، يعيش شعب يستنفذ كل فرد فيه جسمه وفكره حتى يحصل على لقمة الخبز، ويكدح ليل نهار ليؤمن له بيتاً يسكن فيه، بينما تلاحقه الديون المقسطة الى لحظات عمره الأخيرة!!
فالاعلام المأجور الذي يقدمه النظام السعودي الى العالم، انما يقدم الصورة المزيفة (للعمران والرفاه الاقتصادي) التي يعرضها كمرآة لحالة الشعب، مما ترك اثراً كبيراً على نظرة العالم لهذا الجزء من الجزيرة العربية.. والميزانيات الضخمة التي ترصدها الأجهزة في وزارة الاعلام وأجهزة المخابرات، تبدو آثارها واضحة على الأجهزة الاعلامية المرتزقة، التي تقدم وضع البلاد من خلال بعض الشوارع والبنايات التي تقف في واجهات المدن والمملوكة للأمراء وحواشيهم، أو من خلال السيارات الأمريكية الفخمة، وما أشبه، بينما تتناثر خلف هذه العمارات أكواخ الصفيح والعشيش التي سورت بجدران الاسمنت المسلح المصقول من الخارج لكي لا يرى من في الخارج حقيقة ما في الداخل، وحتى لا يحس الآخرون بمأساة آلاف العوائل التي تعيش في اكواخها المهترئة على وجل من أن يأتي قرار من أمير أو مدير بمصادرة الأراضي التي أقاموا عليها، بل لاترى آلاف العمال والكادحين الذين تمتص الشركات الأجنبية الكبرى (أرامكو) عرقهم ودموعهم ودماءهم مقابل قليل من المال، وكثير من الازدراء والاهانة وسلب الحقوق.
* في مدينة واحدة هي (الدمام) التي تعتبر العاصمة الادارية والتجارية للمنطقة الشرقية والتي يمتلك فيها الأمراء عشرات من العمارات الضخمة، هناك (1030) عائلة تعيش في بيوت الصفيح، ومهددة بالطرد بين لحظة وأخرى لأنها لا تملك الأرض التي يقوم عليها بيت الصفيح، فملكية الأرض في الجزيرة وقف على أمير أو ذيل أمير.. وإذا عرفنا أن معدل أفراد الأسرة الواحدة لا تقل عن خمسة أفراد، خصوصاً في هذه المناطق التي تتميز بكثرة النسل امكن لنا بعملية بسيطة ان نحسب، ان أكثر من (5550) فرداً في مدينة واحدة لا يمتلكون مأوى ومسكنا يطمأنون إليه.
* في عام 1399 هـ ـ 1979م ادخلت (200) عائلة إلى السجن بتهمة التسول، لأنهم اضطروا إلى المبيت في الشارع بعد ان اخرجتهم البلدية بالقوة من بيوت العشيش التي كانوا يسكنونها بحجة انها اراضي مملوكة للحكومة.
... لا تتوهم اننا نتحدث عن الهند!! وانما عن المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، التي تحتضن بين احشائها (24 في المائة) من مجموع الاحتياطي النفطي العالمي،
وتنتج يومياً من البترول (14) مليون برميل.
* هناك قرار بديء بتنفيذه، يقضي بإزالة (4000) كوخ من الصفيح اقيمت على الشوارع الرئيسية في مدن المنطقة الشرقية، بحجة تشويه شكل المدينة تارة، والتعدي على اراضي حكومية تارة أخرى، ولا يحتاجون إلى حجة في أكثر الاحيان، ويخرج تعساء الحظ هؤلاء ليبحثوا لهم عن أرض يسكنون عليها، ولكنهم يصطدمون بأن الأمراء استولوا حتى على البحر ودفنوه ليبيعوه على المواطنين الذين لا أرض لهم( ).
* في مدينة صفوى، ومن مدخل المدينة ترى مئات البيوت الخشبية على ضفة الشارع، وعلى مسافة أكثر من كيلومترين.. ومع هذا فإن الدولة مازالت تماطل المواطنين بتمليكهم الاراضي منتظرة الفرصة السانحة لتهدمها، وهكذا فعلت، فقد تقدمت الجرارات وبأمر من الشرطة فدمرت عشرات من هذه البيوت، وخرج الاهالي من بيوتهم هلعين مذعورين، خوفاً من أن تدوسهم الجرارات والبلدوزرات.. خرجوا إلى الشوارع يبحثون عن مأوى يركنون إليه( ).
والجدير بالذكر أن أزمة السكن مازالت تزعج أكثر المواطنين وآلاف القرى لحد الآن لم تصل اليها الكهرباء والتليفون، ولا تسل عن الخدمات الصحية والاجتماعية، فمشاهد الاستجداء، ومظاهر البؤس والشقاء تنتشر في كل مكان ومن ظريف ما حدث اثناء زيارة الملكة اليزابيث لما يسمى بالسعودية عام 1979م، ان بلدية الدمام قامت بنشاط مكثف، لكي تبني حاجزاً من الاسمنت المسلح على امتداد الشوارع التي تتواجد على ضفتيها بيوت الصفيح واكواخ الطين، لكي لا تؤلم الملكة مشاهد حياة البؤس والشقاء.
أين تذهب ثروات الشعب؟
1ـ تمويل مصانع الأسلحة الغربية:
لتمويل مصانع الأسلحة الأمريكية والغربية، ففي عام 1979م، كانت ميزانية الحكومة السعودية (160 ألف مليون ريال) خصص منها (48 ألف مليون ريال) للقطاعات العسكرية عدا قطاع الأمن الذي خصص له (8 آلاف مليون ريال)، وكانت السعودية قد تصدرت قائمة المشترين للسلاح في العالم في عام 1978م، حيث بلغت مجمل انفاقاتها العسكرية (4 مليار و 200 دولار، كما جاء في النشرة الاحصائية التي اصدرتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ( ).
وكذلك كانت السعودية الأولى في مجال شراء الأسلحة في عام (79م) حيث بلغ مجمل شراء الأسلحة (5 مليار و 100 مليون دولار) عدا قيمة (60) طائرة (أف ـ 15) بمبلغ (مليارين ونصف المليار من الدولارات)!!.
وبلغت ميزانية الحكومة السعودية عام 1980من (260 مليار ريال) خصص منها ما يقارب (69) مليار ريال للدفاع وشراء الأسلحة!!
كما تعاقدت الحكومة السعودية قبل فترة وجيزة مع الحكومة الفرنسية على شراء معدات عسكرية بحرية تبلغ قيمتها (14 مليار فرنك فرنسي)( ).
وقررت الحكومة السعودية تمويل تصنيع طائرة ميراج (4000) بمليار وخمسمائة مليون دولار، بعدما اخفق (مارسيل داسو) صاحب مصانع (داسو) في اقناع الحكومة الفرنسية بتمويل وتصنيع مثل هذه الطائرات التي تنتجها مصانعه، وفضلت عليها طائرة ميراج (2000)( ).
وفي عام (79) اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية بأنها تعتزم بناء مجمعات رئيسية في المملكة العربية لخدمة طائراتها من نوع (أف ـ 15) والتي يبلغ عددها (60) طائرة، وسيجعل هذا المشروع السعودية تحتل مكاناً بارزاً كمستورد رئيسي للأسلحة الأمريكية، خاصة وأن الولايات المتحدة كانت قد وافقت على طلبات أسلحة للسعودية بقيمة أكثر من (25.6) مليار دولار( ).
وفي سبتمبر (79) ابلغت وزارة الدفاع الأمريكية الكونغرس، انها ستنفق مبلغ (767) مليون دولار لتزويد السعودية بمقر قيادة عسكرية على طراز البنتاغون وغيره من التسهيلات العسكرية الأخرى.
وتقول المصادر الغربية المطلعة أن (23 في المائة) من الانتاج العالمي للسلاح تقوم بشرائه السعودية ودول الخليج( ).
هكذا تصرف ثروات الشعب على شراء الاسلحة لتتحول بعد سنوات قليلة إلى حديد خردة ليس فيه فائدة.. وبالاضافة إلى الخسائر في الأموال، فإن هذه الأسلحة تستلزم الصيانة والخبراء الأجانب، وعن طريق هذا تتحول بلادنا إلى مخزن للسلاح يشرف عليه الأمريكيون من قواعدهم المتواجدة هناك. وعن طريق جواسيسهم المتخفين بإسم الخبراء.
وليت هذه الأسلحة تستخدم لتحرير فلسطين، بلد المقدسات الاسلامية، ولكن لم يحدث مثل هذا، في المعارك التي خاضها العرب ضد العدو الصهيوني، ففي حرب 1967م لم تقدمن الحكومة السعودي جندياً واحداً أو حتى قطعة سلاح، بل انها اشتركت فقط بالاذاعة!!
يقول أحمد الشقيري ـ رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السابق :ـ
(حينما كان الملك فيصل يدعو إلى الجهاد ويعلن أن قواته ستشترك في المعركة الخامس والسادس من حزيران.. كنت أنا بعقلي وجوارحي في غرفة العمليات الاردنية في عمان اتابع تحركات القواعد الأردنية والعراقية في المعركة منذ بدايتها، ولم أعلم أن القوات السعودية قد اشتركت من قريب أو بعيد في المعركة.. والذي اعرفه ان القوات السعودية بقيت مرابطة على الحدود الأردنية وانتهى.. وكان من دواعي الشرف للجيش السعودي الباسل، بل للامة العربية لو انه اخترق الحدود وساهم في القتال.. فقد كانت المعركة في حاجة إلى جندي واحد وإلى طلقة واحدة) ويتابع الشقيري قائلاً: (لست انسى واقعة مثيرة تفرض نفسها على التاريخ.. ذلك أن قسم استماع الاذاعات في القيادة المشتركة في عمان كان يسجل للفريق عبد المنعم رياض كل ما تقوله الاذاعات العربية والأجنبية عن المعركة.. وكان من جملة ما نقله جهاز الاستماع خبراً عن اذاعة مكة يقول: (ان القوات السعودية والعراقية اشتركت مع القوات الأردنية في احتلال جبل المكبر في القدس، وان سلاح الجو السعودي اشترك مع سلاح الجو العراقي وسلاح الجو الأردني في ضرب المنطقة المحتلة) مع العلم ان جبل المكبر في القدس قد سقط بيد اسرائيل قبل اذاعة هذا الخبر، والقوات السعودية بعيدة عن الجبهة مسيرة ايام وأيام.. مما دعا الفريق عبد المنعم رياض بعد قراءته الخبر أن يصيح: "هو نحن ما تعلمناش أي درس من حرب فلسطين عام 48م ـ القوات السعودية متمركزة حتى اليوم في تبوك، من أين جاءت لتحتل جبل المكبر، والطيران السعودي نحن نتمنى ان يكون معنا في المعركة.. انه لايزال في مطارات السعودية..)( ).
هذا ما حدث في حرب 67م، وهذا ما ساهمت به الحكومة السعودية في الحرب، وكذلك كانت مساهماتها في حرب 73م، طعنة في ظهر الأمة الاسلامية، ذلك ان الملك فيصل دفع السادات للصلح والقبول بوقف اطلاق النار، والذي مهد للصلح مع إسرائيل وتوقيع معاهدة كامب ديفيد..
ففي لقاء صحفي لوزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر بتاريخ (17/1/75م) عبر فيه عن الانتصارات التي حققتها وستحققها أمريكا بتمهيد من اصدقائها قال فيه: (الملك فيصل يقول لي الآتي بوضوح: انه على استعداد للقبول بحدود اسرائيل سنة 67م) واردف قائلاً (عندما نأخذ بعين الاعتبار انهم لم يجرأوا قبل ذلك على الموافقة بقبول وجود اسرائيل.. نراهم يصرحون بذلك وعلى اتم الاستعداد للاعتراف بإسرائيل في حدودها الحالية حدود 1967)( ).
اذن هذه الأسلحة التي تشترى بكميات خيالية ليست من أجل الدفاع عن فلسطين وتحريرها من أيدي الصهاينة الغاصبين، ونضرب مثالاً يوضح ذلك أن كان فيما سبق عدم الكفاية:
فرضت الحكومة الأمريكية شروطاً مهينة على بيع الطائرات الأمريكية من نوع (اف ـ 15) والتي باعتها للحكومة السعودية منها: ان تكون هذه الطائرات بعيدة عن الحدود الاسرائيلية، وان توضع تحت اشراف الخبراء الأمريكيين، كما تلتزم الحكومة السعودية من جانبها بعدم نقل الطائرات لأية دولة أخرى ولو قامت حرب بين العرب واسرائيل، اضافة إلى كل ذلك، جردت الادارة الأمريكية الطائرات من اجهزتها الهجومية، وامام هذه الشروط المهينة (ناشد الدكتور محمد مهدي، رئيس لجنة العلاقات الأمريكية ـ العربية الملك خالد (عاهل السعودية) سحب طلبة لشراء الطائرات الأمريكية التي تزيد قيمتها على ألفي مليون دولار، وقال الدكتور في رسالة إلى الملك خالد: ان الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة لانجاز الطلب شروط مهينة (للمملكة العربية السعودية)، وقال: ان لجنة العلاقات الأمريكية ـ العربية تعتبر الصفقة مضيعة للنقود العربية)( ).
وإذا كانت الحكومة السعودية تمتنع عن استخدام الأسلحة في مواجهة اسرائيل، فإنها لا تمانع من استخدامها في هتك حرمة بيت الله الحرام، وقتل المؤمنين فيه( )، ومن أجل تمزيق صدور أجسام ابناء الشعب المتظاهرين ضد الامبريالية الأمريكية في شوارع القطيف وصفوى وسيهات، والمبرز والهفوف!!
2ـ دعم ومساندة الأنظمة العميلة:
المورد الثاني الذي تبدد فيه عائدات الثروات النفطية، هو دعم ومساندة الأنظمة العميلة التي تدور في فلك الامبريالية الأمريكية، فقد جاء في احصائية نشرت في واشنطن: ان السعودية تحتل المركز الأول في مساعدة دول العالم الثالث، حيث انفقت (6 في المائة) من اجمالي دخلها القومي (3) في ذلك الغرض.
وحسب ميزانية عام 1400هـ، تكون الحكومة السعودية قد انفقت ما يقارب 16 مليار ريال سعودي، وهذا المبلغ صرف إلى 23 دولة معظمها تسير ضمن الفلك الأمريكي.
وفيما يلي بعض الدول التي حصلت على مساعدات من النظام السعودي عام 77م:ـ
حصلت اليمن الشمالية على مساعدة قدرها (350) مليون ريال سعودي. (اذاعة لندن ـ 31/1/1977م).
قدمت الحكومة السعودية (250) مليون دولار لحكومة بنغلادش. (الجزيرة ـ 11/3/1977م).
منحت السعودية (50) مليون دولار كمساعدة لجامعة الأمم المتحدة في طوكيو.. (إذاعة الرياض ـ 10/3).
اعطت السعودي لنظام سياد بري حاكم الصومال مبلغاً قدره (400) مليون دولار. (اذاعة اسرائيل ـ 29/5/77).
اقرض النظام السعودي أسبانيا مبلغاً قدره (500) مليون دولار. (الوطن ـ 3/6/77م).
قدمت الحكومة السعودية اعانة مالية لصندوق (ويتبغن) التابع لصندوق النقد الدولي بلغت مليارين وتسعمائة مليون دولار. (اذاعة الشرق الأوسط ـ 3/6).
منح النظام السعودي مصر (50) مليون دولار.
(المجال الكويتية ـ 18/6/77)
قدمت الحكومة السعودية لقابوس عمان (46 ونصف مليون دولار).
(الدستور اللبنانية ـ 30/5).
وبعد شهرين قدمت له منحة قدرها (10) مليون دولار.
(الوحدة الظبيانية ـ 11/7/77م).
قدم الملك خالد اعانة لليمن قدرت بـ (70) مليون ريال سعودي. (الرياض ـ 16/6/77م).
والجدير بالذكر انه في الفترة من 73م ـ 75م زاد مجموع المساعدات التي قدمتها الحكومة السعودية على (37) ألف مليون ريال سعودي..( ).
وفي مقابلة لوزير المالية محمد أبا الخيل مع جريدة الوطن الكويتية اجاب في رده على سؤال حول القروض والمساعدات الخارجية: (ان التزامات المملكة خلال عام 76م بلغت خمسة آلاف وخمسمائة مليون دولار)( ).
ونشر بنك تشيز ما نهاتن: ان المملكة العربية السعودية تحتل المركز الأول في قائمة الدول العربية التي تقدم المعونات، وقد بلغت معوناتها لعام 1977 م (5 في المائة) من مجمل إنتاجها القومي، وأنها قدمت في العام نفسه (10552 مليون دولار) .
عام 78م
ـ قدمت السعودية مساعدة بترولية عاجلة إلى النظام السوداني تقدر قيمتها بما يقارب (175) مليون دولار. (مجلة فلسطين الثورة 27ـ 8 ـ 78م).
ـ أعلن الرئيس الغيني احمد سيكوتوري ان المملكة العربية السعودية منحت منصب عينيا مساعدة بقيمه (100) مليون دولار وكانت المملكة العربية السعودية قد قدمت قبل ذلك مساعدة بقيمة (10) ملايين دولار وستقدم قريباً مبلغ (91) مليون دولار أيضاً. (الرياض 27/8/78م).
ـ قدم النظام السعودي (10) ملايين دولاراً لحكومة السودان. (راديو الرياض 27 ـ 78م).
ـ الحكم السعودي قدمن مبلغ ثمانية مليارات من الريالات لليمن الشمالي. (مجلة اقرأ السعودية 9/7/78م).
ـ (80) مليون دولار مساعدة من الحكم السعودي إلى جيبوتي. (البلاد السعودية 10/8/78م).
وقد بلغ مجموع المساعدات الخارجية لهذا العام حوالي (5/16%) من مجموع ايرادات الدولة من النفط.
عام 79م
ـ دفع النظام السعودي (400) مليون دولار قيمة أسلحة اشترتها اليمن الشمالية من أمريكا. (المدينة 21/3/79م).
ـ مولت الحكومة السعودية صفقتين اسلحة امريكية تم ابرامها لصالح السودان واليمن الشمالية والتي تبلغ قيمتها (1350) مليون دولار. (اكتوبر ـ 18/2/79م).
ـ قدمت الحكومة السعودية مبلغ (100) مليون دولار لمصر لشراء سيارات جيب وشاحنات أمريكية الصنع. (الرأي العام 26/6/79م).
ـ صفقة جديدة من السلاح الأمريكي لسلطة عمان تبلغ قيمتها (1000) مليون دولار تتولى السعودية تمويلها.
(الهدف: 13/11/1979 م).
ـ قدم الصندوق السعودي للتنمية مبلغ (306) مليون ريال سعودي كقرض لحكومة الباكستان ووافق الصندوق على تزويد باكستان بقروض تبلغ قيمتها (662) مليون دولار.. (الجزيرة 2 ـ 6 ـ 78م)..
ـ منح الصندوق السعودي قرضاً طويل الأجل لبنغلادش بلغ (105) مليون دولار (الوطن ـ 4 ـ 6 ـ 79م).
ـ قدم الحكم السعودي (226) مليون دولار إلى الحكومة الموريتانية (العرب 18 ـ 10 ـ 79م)
ـ وقعت السعودية وتركيا اتفاقاً بخصوص تقديم القسط الأول من قرض سعودي لتركيا بقيمة (840) مليون ريال سعودي (الوطن العربي 30 ـ 11 ـ 79م).
وكان وزير المالية قد وقع مع وزير المالية التركي اتفاقية تحصل تركيا بموجبها على قرض سعودي مقداره (250) مليون دولار (النهار العربي والدولي 6 ـ 4 ـ 79).
قدم الصندوق السعودي لجمهورية جزر القمر مبلغاً مقداره (48) مليون ريال سعودي. (العرب ـ 28 ـ 3 ـ 79م).
ـ أعلنت أمريكا موافقتها على امداد اليمن الشمالية بما يعادل (500) مليون دولار من الأسلحة تدفع قيمتها السعودية كاملاً. (اكتوبر 11ـ 3ـ 79م).
ـ وافقت السعودية على دفع (252) مليون دولار ثمن صفقة مقاتلات أمريكية (أف ـ 5) لمصر. (الجمهورية المصرية 19ـ 2ـ 79م).
ـ أعلن في تونس ان البنك التجاري الوطني في جدة قدم قرضاً قدره (75) مليون دولار إلى الشركة المالية العقارية والسياحية التونسية. (الأنباء 31 ـ 10 ـ 79م).
* قدمت عام 80م الحكومة السعودية مساعدة لعمان تقدر بـ (112) مليون ريال عماني (الجزيرة 3/2/1980م).

ـ قدمت الحكومة السعودية قرضاً إلى الحكومة التركية قيمته (250) مليون دولار. (الفجر 2/9/80م)..
ـ حصل النظام الحاكم في السودان على (300) مليون دولار ومليونين طن من النفط و (150) مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية، كما حصل نظام قابوس (عمان) العميل على (600) مليون دولار.
(انتفاضة المحرم في المنطقة الشرقية للمنظمة 30 ـ 1 ـ 1400هـ)..
ـ اثر عجز في ميزان المدفوعات لليابان، دفعت السعودية (200) مليون دولار شهرياً..
(الأنباء 19 ـ 5 ـ 80م).
ذكر مصدر رسمي في صنعاء انه تم تزويد الطيران المدني في اليمن الشمالي مؤخراً، بمعدات حديثة للغاية تبلغ 60 مليون دولار وقامت المملكة العربية السعودية بتمويلها.
وأشار محمد الصيرفي رئيس شركة الطيران المدني في اليمن الشمالي لدى وصوله عائداً من جدة حيث حضر اجتماع لجنة الطيران المدني السعودية ـ اليمنية الشمالية، إلى أن السعوديين قاموا بتدريب 40 فنياً يمنياً على استخدام المعدات الحديثة.
10/7/80 ـ (وكالة الأنباء الفرنسية)
ساهمت المملكة بمبلغ (5/105) مليون دولار في رأسمال الصندوق للتنمية الزراعية..
(اليمامة 18 ـ شوال ـ 1400هـ).
ـ قدمت السعودية قرضاً لألمانيا الغربية قدره (2/3) مليار دولار من مؤسسة النقد العربي السعودي. (الحوادث 25 ـ 4 ـ 1980م)..
وفي الوقت الذي تصرف فيه المساعدات الضخمة للحكومات المرتبطة بالامبريالية يرفض حكام السعودية تقديم مساعدات جوية لدول المواجهة خصوصاً سوريا ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية وننقل هنا حادثة طريفة وقعت في جلسات مؤتمر القمة العربي التاسع.. (لقد اعتذر فهد عن التبرع لسوريا وفلسطين ولبنان بأكثر من (800) مليون دولار حينما زعم بالحرف الواحد قائلاً: ـ (ان تبرعاً هذا ليس الزامي! وان على السعودية التزامات لدول أخرى!
وان هذا المبلغ يبقى سارياً لمدة سنوات يمكن أن يرتفع بعدها في حالة تحسن أوضاع المملكة.
وان المملكة ملتزمة بأكثر من 3/5 مليار دولار للدول العربية الأخرى خلاف هذا المبلغ وقيمة أسلحة لهذه الدول (مصر والسودان واليمن الشمالي) والسعودية ملتزمة بأكثر من (30) ألف مليون دولار للجيش والحرس والدفاع المدني وقوى الأمن مع العلم ـ الاخوان ـ فيه نقص في ميزانية المملكة السعودية ـ 15 ـ ألف مليون هذه هي الأسباب ـ اخوان.. اخوان ـ التي دعت المملكة لا تزيد عن تبرعها إلى ألف مليون( ).
ونحن لا نعترض على تقديم المساعدات للشعوب الاسلامية والشعوب المحرومة ولكن لا نرضى ان تكون اموالنا اداة في يد الحكام العملاء لضرب تحركات الشعوب هذا من جهة ومن جهة اخرى لا نرضى أن يتلاعب هؤلاء الحكام بثرواتنا وشعبنا يعاني الفقر والحرمان وكأن الله أوجب على شعبنا المحروم أن يتحمل نفقات تسيير مصانع السلاح الغربية والحفاظ على الأنظمة الظالمة..
والمضحك المبكي ان دولاً عظمى غنية كاليابان وألمانيا وغيرها من الدول الصناعية الكبرى تقترض أموالنا بدون فائدة وشعبنا في الجزيرة ما زال في الخرائب ويعيش التخلف بكل أنواعه المعيشية والعلمية وغيرها ففي جيم تقترض تلك الدول الأموال لتستمر في تقدمها وازدهارها تسلب أموال شعبنا ليعيش الانحطاط والهزيمة.
3ـ سرقات + فضائح + نفاق
لقد خص الله سبحانه وتعالى الجزيرة العربية بثروات هائلة كان من المفروض ان تستثمر هذه الثروات في حساب النهضة الاجتماعية والصناعية، وترقية شعبنا المسلم الذي يعاني الجهل والتخلف ولكن هذه الثروة الكبيرة لم تحدث أي تغير يذكر في عيشة هؤلاء الناس..
فالثروة بددها آل سعود في تسديد فواتير اللهو والترف والمجون الذي تعيشه الأسرة الحاكمة وحواشيها.. من بناء القصور وشراء الفيلات واليخوت الضخمة والطائرات الخاصة، وصرف الملايين على موائد القمار ورحلات اللهو والفساد إلى حفلات الدعارة والرقص والليالي الحمراء..
ان شعبنا يدرك ويسمع الكثير من القصص التي تتسرب من ردهات القصور الملكية ويقرأ الكثير منها على صفحات المجلات والجرائد المحلية والعالمية، ولدينا منها ما يملأ المجلدات، ولكننا نكتفي بذكر بعض منها ليكون القارئ على بصيرة بما تمارسه الأسرة المالكة والوزراء من فسق وتبذير وفجور.. واليك بعض ما نشرته الصحف والمجلات العالمية:ـ
أ ـ سرقات الأمراء
* اعلن في امستردام عن انجاز يخت الملك خالد الذي يبلغ طوله (212) قدم، وبلغت تكاليفه (14) مليون دولار، وهو مزود بغرفة للعمليات الجراحية وغرفة للانعاش في حالة الاصابة بمرض القلب وصالون للحلاقة وغرفتين للضيافة والاستقبال، وبركة سباحة، وعدة حمامات مزودة بحنفيات من الذهب الخالص، وسيسمى (هذا اليخت) بالرياض، ويذكر ان شركة بوينغ الأمريكية أعلنت مؤخراً عن بناء اضخم وافخم طائرة خاصة في العالم، وقد أوصى بها الملك خالد لاستخدامها في الرحلات الخاصة.. والطائرة مزودة بغرفة عمليات خاصة وميزات أخرى غير موجودة في طائرات العالم.. وكلفت هذه الطائرة (150) مليون دولار فقط( ) وكله من كد يمينه وعرق جبينه!!.
* نشرت جريدة الخليج صورة لسيارة صيد ذات ست عجلات، ومزودة بخزان للماء العذب، يسع (150) لتراً، وخزان للجازولين يسع (350) ليتراً، وصمم المقعد الذي يجلس عليه الصياد بشكل يمكن رفعه آليا إلى ارتفاع (80 سم) ليتمكن من رؤية أفضل لمواقع الصيد، والثمن الزهيد لهذه السيارة (280) ألف فرنك سويسري( ) كما ان الملك خالد يمتلك عشرات من السيارات الكاديلاك والرولزرايس. من ضمنها اطول سيارة في العالم..
* ودفع الملك خالد مبلغ ثلاثة ملايين جنيه استرليني لسماسرة العقارات في لندن لشراء منزل سابق لمليونير بريطاني وهو المستر (رافي تيكر) وأصبح هذا العقار مقراً لاقامة احد اقربائه الأمراء( ) أما اصحاب العشش فلهم الله!!.
والجدير بالذكر ان الملك خالد يمتلك عدداً من القصور في اغلب مدن الجزيرة والبلدان الأوروبية، ومع هذا يبدو الملك خالد زاهداً بالمقارنة مع الأمراء الآخرين، على حد وصف مجلة النيوزويك الأمريكية( )..
اما الأمير فهد فإن له (جنة) في أسبانيا كلفته ستة مليار دولار (من جيبه الخاص) ويسميها أدباء الجنس (منتجع الفهد) للتقليل من شأنها، إضافة إلى ذلك فإن فهد وآله يملكون بنايات وقصور وشقق في مصر والمغرب وتونس وفرنسا وايطاليا والمانيا وسويسرا وبيروت وانجلترا وأمريكا وغيرها( ) في حين ان طلبة بلدة القارة في الاحساء يدرسون في فصول من الخيام (اليوم ـ 21 ـ صفر 1938).
قام عدد كبير من أمراء الطغمة الحاكمة بشراء القصور والفيلات في الولايات المتحدة وغيرها وآخرها ما صرح به مراسل سلطان وزير الدفاع لاحد الاصدقاء بقيامه بشراء فلة فخمة في "بفرلي هليز" في جنوب كاليفورنيا كلفت خزينة الدولة 2/11 مليون دولار.. فقط! وكان ولي العهد فهد قد اشترى في منطقة الريفيرا الفرنسية قصراً مشهوراً يسمى تشاتو ديل ـ هرايزن ذكرت الخبر في حينه الكثير من المجلات والجرايد مثل جريدة برايد "Parade" الصادرة في 20 يناير 1980. وقد كلف شراء القصر 10 مليون دولار.
واشترى الأمير فهد ـ ولي العهد السعودي ـ ضيعة من أكبر الضياع في جنيف تبلغ قيمتها (61) مليون دولار( ).. بينما يطالب عشرة آلاف مواطن من قبيلة آل حبه (في الجنوب) ومنذ (12) عام بافتتاح مستوصف لخدمة ابناء المنطقة..
(عكاظ ـ 23 ـ 2 ـ 79م)..
وبينما يعيش آلاف من شعبنا في الأكواخ القذرة، ويعانون من شح من الماء والكهرباء ويفتقرون إلى ابسط الخدمات الصحية، ففي بلاد بني مالك في الحجاز ـ فقط ـ هناك مجمعات سكنية تزيد على (400) قرية وكلهم بحاجة إلى صحة وكهرباء واعلام (عكاظ عام 80م) امام هذه الحقائق المزرية نرى ابناء الأسرة الكريمة!! يشترون مجمعاً (سياحياً) في أسبانيا في (بويرتو بانوسي) بالقرب من (مالاغا) بالجنوب بمبلغ (40 مليون) دولار، ويضم كازينو (تورسي دلدوك) ومنطقة (نويفا) الاندلسية ونوادي للغولف بالاضافة إلى أرض تقدر مساحتها بعدة الاف من الهكتارات( ).
* اما الرجل الوسيم ـ احمد زكي يماني ـ وزير النفط الذي يمتلك طائرة خاصة يتنقل بها كالفراشة بين دول اوروبا وتحت حراسة جنود من المخابرات الأمريكية، فإنه يمتلك عدداً من القصور في الطائف وجدة والرياض والظهران، كما يمتلك عدداً آخر منها في دول أوروبا فقد نشرت مجلة الدستور اللبنانية تحت عنوان (وزير بترول ام وزير قصور..؟) قالت فيه ان الشيخ اليماني استدعى من بيروت وعلى الهاتف الفنان اللبناني (لويس انجا) للاجتماع به في (لوزان)، وتبين أن الشيخ يماني قد اشترى قصرا جديداً له في جنيف وعهد إلى السيد (انجا) بإدخال بعض الاصلاحات عليه وتزيينه.. وكان (انجا) بإدخال بعض الاصلاحات عليه وتزيينه.. وكان (انجا) قد تولى اعمال الديكور في القصر اليماني بالسعودية وعدة قصور اخرى( ).. وهكذا يرتوي اليماني من أموال نفط الشعب بينما (أهالي الجنوب يواجهون الموت عطشاً). (المدينة ـ 13/2/79م).
* والجدير بأن لا ينسى ان هناك (700 مليونير) من الأسرة الحاكمة، وان منهم لا ينقص رصيده عن (100) مليون دولار، وإلا فانة يفقد هذا اللقب، كما انه تجثم على مطار جدة فقط اكثر من (100) طائرة خاصة للأمراء، ينتقلون بها إلى أوروبا لقضاء عطلاتهم الاسبوعية..
ب ـ فضائح الأمراء
صرف الملايين من الدولارات على طاولات الخمرة وموائد القمار في لندن وباريس ومنتكارلو.. فإن الاخلاقية السائدة في (السعودية) هي اخلاقية مزدوجة ففي الوقت الذي يحرم فيه على العامة تعاطي المشروبات فإن بيوت الأمراء تتوفر فيها انواع المشروبات والأفلام الداعرة( ).. وفي هذا المجال فإن الأمير فهد حصة الأسد..
* بتاريخ 19/ 10/ 74م كتبت مجلة التايم الأمريكية.. (ان اغنياء النفط ربما كانوا يبتاعون بنوكا بنيويورك ولندن ولكن المحاولة التي بذلوها في الأسبوع الماضي لتحطيم البنك في كازينو القمار بمونتكارلو كانت اقل نجاحاً. عندما خسر ثلاثة من الأمراء السعوديين بينهم وزير الداخلية (في عهد فيصل) الأمير فهد بن عبد العزيز أكثر من ستة ملايين دولار على موائد القمار، أصيب حتى أصحاب الملايين من رواد الكازينو الدائمين بالذهول ـ واضافت ـ وفيما كان الأمراء ينعمون بمبالغ كبيرة كان مئات من الأشخاص يحيطون بهم وخاصة (القحبات) اللواتي تجمعن حولهم كالنحل، وذكر احد الحضور ان الامراء دعوا فتاتين لتناول طعام العشاء معهما ولكن لدهشة الفتاتين لم تتم دعوتهما بعد ذلك لزيارة اجنحة الأمراء في الفندق، غير أن كل واحدة منهن حصلت على بخشيش مقداره (400) دولار..
وكان الأمراء اسخياء مع الكروبييه وخدم الكازينو.. وعندما قام احد الخدم بتفريغ منفضة السجائر التي كانت موضوعة أمام الأمراء من الاعقاب ناوله الأمير فهد ـ بخشيشاً بمبلغ (400) دولار..
وفي إحدى المرات بلغت أرباح الأمراء ـ والكلام ما زال للمجلة ـ نحو مليون دولار ولكنهم قبل أن يغادروا الكازينو، خسروا هذا المبلغ كما خسروا مبلغاً آخر يزيد على (ستة ملايين من الدولارات).. وقد اتضح على أي حال أن الأمراء السعوديين قد جعلوا زياراتهم للكازينو منتظمة رغم خساراتهم الكبيرة، فقد ذكر أحمد سماسرة بيع الأملاك في مونتكارلوا أنهم طلبوا منه البحث لهم عن فيلا كبيرة او ناطحة سحاب صغيرة في إمارة القمار).. انتهى..
كانت هذه احدى مغامرات الأمير فهد بن عبد العزيز ايام كانت المسؤوليات التي يتحملها قليلة اما الآن حيث اصبح ولياً للعهد ونائب خادم الحرمين الشريفين!!
زادت المسؤوليات التي يتحملها لخدمة الاسلام والمسلمين!! ولهذا لم يستطع الأمير أن يحيى مثل هذه الليالي الحمراء الشهرية والاسبوعية فما كان منه إلا أن قام في بيته (بارا) للخمور وكازينو لممارسة لعب القمار.. كما ذكرت النيوزويك الأمريكية( ) وليت شعري كم يكون عدد الذين قطعت أيديهم وأرجلهم وكم من الناس قتلوا ورجموا وجلدوا، والعائلة المالكة وعلى رأسها فهد تصدر الأحكام وهي تخرقها اليوم الف مرة ومرة..
* ومن أواخر الأخبار حول هذا الموضوع خبر نشرته ولحسن الحظ (!!) مجلة مرتبطة بالنظام السعودي العفن وهي مجلة (الحوادث) حيث أوردت في عددها رقم (1201) الصادر بتاريخ 9 نوفمبر 1979 تحت عنوان: "عشاء وسياسة وطرب" كتبت تقول:
بمناسبة بلوغ ابنته الثالثة من عمرها اقام الأمير تركي بن عبد العزيز والسيدة قرينته حفلة عشاء ساهرة في صالة الاحتفالات بفندق انتوكونتننتال بجنيف (سويسرا) حضرها حوالي مائة مدعو كان بينهم خمسة من السفراء العرب من الذين يعتبرهم السفير السعودي في قصر الأمم المتحدة أصدقاء له وللأمير، وكان الشرط الأول على المدعويين هو حضورهم مع زوجاتهم!! وقد احيت الحفلة مجموعة من الفنانين على رأسهم شادية، وفايزه احمد وصباح، وعمر خورشيد، كما رقصت نجوى فؤاد! وتولت العزف فرقتان موسيقيتان!! اما الفرقة الثالثة (فرقة عبود عبد العال) فلم يتسع الوقت لتقديم معزوفاتها!! وقد استمرت السهرة حتى الساعة الخامسة صباحاً، أي صبيحة عيد الأضحى المبارك..
نعم ليلة عيد الأضحى وحيث يعيش الحجيج في وادي المشعر الحرام يعانون من أزمة الماء والخدمات الصحية والاجتماعية!!
* قامت معظم محطات التلفزيون الأمريكي العامة ببث فيلم "موت أميرة" رغم صيحات الاحتجاج من قبل سلطات آل سعود وعملائها. والملاحظ ان أي توتر في العلاقات لم يحدث بين أمريكا وحكومة آل سعود كما حدث مع بريطانيا. وقد أعقب الفيلم مناقشة مفتوحة لاحداث الفيلم، وقد كان من بين الحضور صحفي بريطاني ذكر في مجمل كلامه انه شرب الخمر مع وزير النفط احمد زكي يماني في مكتبه بالسعودية، والوزير يعد من أساطين حملة الاسلام السعودي.( )

ج ـ نفاق الأمراء
تنفق الأموال الطائلة من الهدايا لترضية الاسياد حينا ولشراء الذمم حينا آخر كما فعل الملك فيصل مع الرئيس الغيني احمد سيكوتوري الذي رفض ان يقبل المال الذي اهداه اياه فيصل فرده إلى وزارة المالية الغينية غاضباً. وحيناً ثالثاً سفها وبغياً..
وهذا ليس غريباً على هذه الأسرة وحكامها فعندما زارت (السعودية) الملكة ثريا ملكة ايران السابقة منذ عدة سنوات اهداها الملك سعود من المجوهرات ما يعادل مبلغ (35000) جنيه وعدداً من السيارات المذهبة (47)...
وحينما زارت الملكة اليزابيث السعودية عام (79م) اهديت الملكة (مبخراً) ذهبياً لحرق البخور، وصينيه من الذهب مرصعة بالاحجار الكريمة، ودلة قهوة من الذهب بشكل صقر وفنجانين من الذهب أيضاً يتناسبان مع الصقر، كما حصل الأمير فيليب زوج الملكة على عدد من السيوف الذهبية المرصعة بالجواهر.. وقد صعقت الملكة من التبذير من الهدايا الممنوحة لها من الشيوخ والأمراء المرحبين بها( ).
والطريف ان الأمير فهد صرح عندما سأله صحفي عن هذه الأموال بالقول:
(ان الكثير يصوروننا على اننا دولة أمراء وبس، والحقيقة ان أي امير لا يستطيع أن يأمر بصرف قرش واحد من خزينة الدولة او من أي مجال آخر!! ويتابع الأمير فيقول.. لعل الصورة بقيت ثابتة في أذهان الناس عنا وافترضوا ان الأمير يستطيع ان يفعل ما يريد بغير ان يتعرض لأي حساب!!.. لكن الحقيقة أن الأمير لا يستطيع ان يفعل ما يريده.. والله ما يصنع مثل ما يريد!! وأقول لكم أكثر.. ان اكثرنا كعائلة لا يتمتع بواحدة في المائة مما يتمتع به الكثير.. الكثير من المواطنين، لا من ناحية السكن ولا من ناحية المعيشة.. انظروا إلى بيتي هذا.. هل يوجد أي شيء غير عادي؟ ان بعض طبقات المواطنين تعيش في بحبوحة من العيش اكثر بما لا يقاس من الأمراء، لكن من الصعب تغير الصورة الثابتة).
(السفير 25/2/1980)..
والكلام لا يحتاج إلى رد فالحقيقة يعرفها الكل مهما كذب وخادع الأمير فهد الذي اسكرته ثورة الحرم والمنطقة الشرقية فافقدته صوابه، وتصور ان الشعب يصدق كلامه ويتجاوب معه، كما تصدقه الغانيات في لندن وهو على مائدة الخمر ثملاً يوزع الكلام هنا وهناك..
فهل من الخطأ إذا قال الشعب انها دولة أمراء وهو يرى ان كل الأراضي حتى البحر والصحاري ملكت للأمراء وان أغلب الوزراء والمسؤولين من العائلة الحاكمة؟!!..
ام هل من الخطأ ان يطلق الشعب على الدولة بأنها دولة أمراء، ووزارة المالية يسرق ما فيها لتنمية جيوب الأمراء؟!
وهل من المعقول ان يصدق الشعب حقيقة فهد الزائفة من ان العائلة لا تتمتع بواحد في المائة مما يتمتع به الكثير من المواطنين وهم يقرأون ويسمعون مغامرات فهد ومشتقاته في لندن وموناكو ومدريد؟..
وكيف يصدق من يعيش في الأكواخ في حزم صفوى والدمام والظهران ومن يعيش في الخيام في قرى الجنوب وفي الرياض نفسها من أن الكثير من بعض طبقات المواطنين تعيش في بحبوحة من العيش اكثر بما لا يقاس من الأمراء.. اللهم الا حاشية الأمير فهد وسماسرته أمثال احمد زكي يماني وزير النفط وطاهر عبد الهادي رئيس مؤسسة بترومين، وعدنان خاشقجي شريك فهد في أعماله وغيرهم.. وغيرهم..
ولو أن كلام الأمير فيه ذرة من الصدق لما حذفته جريدة الرياض حينما نقلت المقابلة عن جريدة السفير في عددها المؤرخ (25/2/80م).. ونقلت الأجزاء التي تتلاءم مع صحوة الأمير بعد السكرة والهذيان!!..
ان الأمير يعرف ان لا أحد يصدقه في كلامه الصادق جداً فكيف بكلامه المراوغ الكاذب؟!! ولذا لجأ الأمير إلى الحلف والقسم بالله ـ لو كان يعرف الله ـ ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت!!. فالأمير لا يخجل من اعطاء مثل هذه التصريحات لذر الرماد في العيون ـ كما يقولون ـ، كما لا يخجل من ان يناقض قوله السابق فقد سبق للأمير ان اعطى تصريحات متناقضه مع التي ذكرت قبل شهر ونصف تقريباً، ونشرته مجلة الحوادث بتاريخ (11/1/1980م)، فاقرأوا اجابة الأمير على أسئلة سليم اللوزي والذي اعترف فيها بفساد الأسرة المالكة من الرأس إلى القدم: ـ
سليم اللوزي: الاترون يا صاحب السمو ان مشاركة الأمراء والوزراء والمسؤولون واولادهم في مناقصات الدولة يخلق مناخاً مضراً بسمعة الدولة في الداخل والخارج؟ وهل تنوون عمل شيء في هذا الموضوع؟.
فهد:ـ أفراد العائلة المالكة في السعودية ليسوا مائة أو مائتين بل بضعة آلاف وبالتالي فليس بالإمكان ان يكونوا كلهم موظفين في الدولة أو مسؤولين فيها.. فهل يمكن منع الذي خارج السلطة من تعاطي التجارة الحرة؟! اما الذين داخل المسئولية والسلطة فلا يحق لهم ممارسة أي عمل تجاري، وهذا ينطبق على الامراء كما ينطبق على الوزراء. (عجبي!!)..
سليم اللوزي: ـ ولكن الذي يجري مختلف عن هذه الروح.. لقد قرأت في جريدة (أم القرى) الجريدة الرسمية للدولة السعودية عن تأليف شركة اعضاؤها مجموعة من أولاد بعض الوزراء.. الطريف ان بعضهم لم يتجاوز التاسعة من عمره.. وهذا يعني ان الشركة سيديرها الاباء بإسم الأبناء.. الا يعتبر هذا استغلالاً للنفوذ؟..
فهد: ـ تنبهت لهذه الواقعة في (ام القرى) وسنعالج هذا الموضوع.. ـ بعد عمر طويل انشاء الله ـ ويتابع الأمير قوله: فلا يجوز بأي حال من الأحوال ان يحدث مثل هذا الاحتيال على القوانين. المشاكل كثيرة من هذا النوع.. وكلما تعرضنا لمشكلة منها سنمنعها ونمنع أي شخص يريد استغلال السلطة بواسطة قريب او ابن.. لقد سمحنا في الماضي للمسؤولين بالمساهمة في الشركات على ان لا يكونوا في مركز رئيس الشركة، في موقع يستطيع استغلال سلطاته.. كل ما نريد، تحقيقه هو خلق جو في البلاد تتعادل فيه الفرص بين الناس(!!) واي خلل في هذه المعادلة واية محاولة لاستغلال النفوذ والسلطة سنتصدى لها بقوة القوانين.. (ولكن اية قوانين)!!.
سليم اللوزي: والسفه يا سيدي.. السفه في استعمال المال، وهدره على الملذات السخيفة والتبذير الجاهل الأحمق.. هل سمعت بالمسؤول السعودي في مؤسسة بترومين الذي استأجر طائرة دعا اليها اصدقاؤه وزوجاتهم لقضاء عيد رأس السنة في باريس!!، وهل سمعت عن ذلك المسؤول السابق الذي فعل نفس الشيء ولكن الدعوة كانت الى لندن!!
فهد: ـ سمعت وآلمني ما سمعت!! هذا النوع من السفه اصبح ظاهرة مرضية لابد من معالجتها. وانا افكر في وضع تعليمات تلصق بجوازات سفر السعوديين تذكرهم عندما يخرجون من المملكة إلى انهم ينتمون إلى بلد مسلم له تقاليده وله مكانته وسمعته وان عليهم واجب صيانتها. ولن نكتفي بالتعليمات والتوصيات.. (فماذا ستفعل؟).. بل سنقيم رقابة على هذا النوع من السفه والخروج على المألوف.. لقد سمعت ان بعض من أثرى (والأمير طبعاً ليس من ضمنهم!!) يظهر في الملاهي في باريس ولندن ويغرق المغنين والراقصات بأوراق النقد.. هل هذا شيء يمكن السكوت عليه؟.. المال سلاح، على من يقتنيه ان يحسن استعماله لا ان يعبث به ويجرح سمعته وسمعة بلده وأهله( ).. انتهى..
ولكن هل لطخ سمعة البلاد غير فهد واضرابه الذين مات الحس في نفوسهم، فلم يعد للقوانين اية فائدة، بعد ان انتفى الضمير وطارت الأخلاق.. وإلا فماذا تفيد التعليمات التي تلصق في الجوازات؟ وهل الأمير فهد سيتقيد بها وهو رب الأسرة الملعونة؟! ولكن ماذا عسانا ان نقول غير:ـ
من يهن يسل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام والآن.. حينما ينظر الشعب إلى ثرواته يتلاعب بها لانتهاك حرمة الاسلام وتبدد في كل مكان بينما يعيش هو الحرمان والبؤس والشقاء.. اليس من الطبيعي ان يسلك طريق الثورة، وان يمارس العنف ويستمر في النضال من أجل استعادة حقوقه وحماية دينه وثرواته من الخونة آل سعود الناهبين؟..
(2)
الثورة الاسلامية ودورها
تمهـيد
كان لانتصار الشعب المسلم في إيران في ثورته المظفرة ضد نظام الشاه الفاسد عظيم الأثر على جميع الشعوب المستضعفة، ذلك لأن الثورة الاسلامية أعطت للإسلام وجهه الحقيقي وصورته الأصلية النقية، كما انها بلورت الفكر الاسلامي الثوري الذي حرك الجماهير وفجر طاقاتها وتحدى الامبريالية عمليا وليس بالشعارات الفارغة..
لقد أعادت الثورة الاسلامية في إيران الثقة للمسلمين برسالتهم وبأنفسهم وأعطتهم الأمل بالنصر القريب مهما كانت امكانياتهم بسيطة قبال أجهزة الحكومات الطاغوتية وذلك حينما رأوا صمود الجماهير المؤمنة في إيران والتي لم تكن تملك شيئاً إلا الايمان، انها استطاعت ان تحطم أقوى عروش الديكتاتورية والاستبداد وأن تتحدى إرادة أمريكا تلك القوة العظمى التي يركع لها أغلبية حكام الدول الاسلامية..
حينما رأى المستضعفون أفعال الشعب المسلم في إيران ارتفعت معنوياتهم في كل مكان، واصبحوا يعتقدون ويتيقنون بأن في إمكانهم اسقاط الحكومات الطاغوتية ومناوئة قوى الاستعمار..
وفي الجزيرة العربية حيث انطلقت الثورة الاسلامية الأولى على يد الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، كان للبركان الاسلامي الذي تفجر في إيران اثر أكبر وذلك للتشابه الكبير بين من كان يحكم ايران ومن هو متسلط على شعب الجزيرة المسلم..
فإذا كان الشعب المسلم في إيران قد حارب في ساحته أحد الطغاة المستكبرين فإن شعبنا يخوض في أرض المقدسات حرباً مع مجموعة من (الشياه) (الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً)، والذين لا يقل تجبرهم وقسوتهم على الشعب عما كان يمارسه شاه إيران المقبور فالسجون ممتلئة بالأبرياء الذين يرزحون تحت سياط جلادي الطغاة، ورجال المباحث صنائع المخابرات الأمريكية (سي آي أيه) يبحثون عن عثرة لسان ليحولوها وبالا على صاحبها وأسرته. فالذي يتحدث حول أمور سياسية انما هو مواطن منحرف قد تدخل فيما لا يعنيه، لأن الأمراء أبخص!!
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأيدي الخبيثة التي كانت تحرك محمد رضا بهلوي في إيران هي ذاتها التي تتلاعب بشؤون البلاد وثرواتها، وكذلك نظام الحكم الامبراطوري الذي كان قائماً في إيران هو نفس النظام الملكي القائم على أرض الاسلام ومهبط الوحي..
اذن فإن من الطبيعي جداً أن يكون لثورة الاسلام في ايران تأثيرها العميق في ساحة الجزيرة العربية ونفوس ابنائها المؤمنين، فمنذ ان اندلعت الاحداث في إيران كان الشعب في الجزيرة يرقبها ويتتبع أخبارها بكل لهفة، وكان يشعر أن الحرب دائرة رحاها ليس في إيران وليس بين الشعب الايراني وطاغيته، وانما هنا على أرضه حيث تتجسد الطاغوتية الفرعونية في هذا النظام الجائر..
وعندما توالت انتصارات الشعب المسلم في إيران كانت قلوب شعبنا تخفق فرحا لها لأنه يراها انتصاراته وبعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران، وهرب الشاه إلى الخارج مصحوباً باللعنات التي تقذفها حناجر المستضعفين، اتضح الطريق امام شعبنا، انه مهما كانت قوة الطغاة كبيرة.. ومهما كان جلاوزتهم أشداء.. ومهما كانت أسلحتهم حديثة.. ورشاشاتهم فتاكة.. وأسيادهم مخططون حكماء.. مهما كان كل ذلك فإنه لا حول لهم ولا قوة أمام التحدي والصمود الجماهيري الرسالي الموجه..
(فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم.
موقف آل سعود المناوئ للثورة
لقد كان من الطبيعي أن تتخذ السلطة السعودية موقفاً مناوئاً للثورة الاسلامية في إيران بحكم ارتباطها بالامبريالية الأمريكية، وذلك منذ انطلاقتها حيث كان الاعلام السعودي يكيل التهم ويخلق الافتراءات ضد الثوار المسلمين أيام نضالهم ضد النظام الشاهنشاهي العميل فكان يصف الثورة بأنها شيوعية الاتجاه ويتهم الثوار بأنهم ماركسيون فقد قال ولي العهد السعودي.. فهد بن عبد العزيز: (ان ما يحدث في إيران خطراً على الاسلام والمسلمين) ونعت الثورة الاسلامية بالثورة الشوفينية التي تهدد المنطقة..( ).
وتحدث راديو الرياض بكل وقاحة في تعليقه السياسي فقال: (لقد أكدت الاحداث توقعات حكومتنا الرشيدة بأن أحداث الشغب التي تجري في إيران ليست إسلامية ولكنها أصابع سوفيتية من أجل اقامة حكم ماركسي في إيران).
وقبل يوم واحد من مغادرة الشاه لأرض ايران الاسلام تناقلت وكالات الأنباء والصحف تصريحاً للأمير فهد.. ولي العهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ـ قال فيه: (اننا ندعم الشرعية في إيران والشاه يمثل هذه الشرعية).
وقد سطرت جريدة الوطن الكويتية بالمانشيت العريض تصريح فهد تحت عنوان (السعودية: نحن مع الشاه ـ الخميني :ـ حكومة بختيار غير شرعية) قالت فيه: (أن السعودية أعلنت أمس على لسان الأمير فهد ولي العهد ـ دعمها للشاه وقالت ان حكمه شرعي وقانوني( ).
في مقابلة للأمير سلطان بن عبد العزيز في جريدة السياسة الكويتية وضح سلطان موقفه المناوئ للثورة واصفاً اياها بالشيوعية وان اليسار العالمي قد خلقها فقال (إن جلالة شاه إيران قد قدم الكثير الكثير لشعبه وأنه بنى مرافق حضارية متقدمة وفي غاية الأهمية للشعب الايراني غير أن الشيوعية الدولية واليسار العالمي لا يريدون للعالم أن يهدأ وخصوصاً هذه المنطقة فهم يعتقدون أن ما حدث في أفغانستان( ) يمكن أن يمتد ويتسع جغرافياً.. وأضاف سموه.. أن أحداث إيران مقلقة ولها ضحايا وسلبيات غير أن الذين يعيشون الجبهة الداخلية في إيران يدركون أن الشاه ومعه الجيش والبوليس ومن القوى المثقفة وكذلك رجال الاقتصاد الوطني وكل الذين عرفوا أن الشاه حقق الكثير لهم.. كلهم معه.. ولذلك فإنه لا يمكن لقلة أن تقلب موازين الأوضاع (لاحظ كلمة قلة)، وان كان كما قلنا يمكن ان يكون هناك ضحايا كثيرون.. وأجاب سموه عن سؤال حول تأثير الأحداث في إيران على المنطقة، فقال: ـ إن الموقف سيكون خطيراً ليس على ايران وحدها وانما على المنطقة ككل لو أن الذي تحرك في إيران هو الجيش أو انها كانت حركة الأغلبية الشعبية هناك غير أنه من جانبي كعسكري فإني أرى أنها مجرد زوبعة سيجتازها جلالة الشاه (لاحظ أيضاً كلمة زوبعة وجلالة)..( ). انتهى
وكانت الحكومة السعودية تخشى سقوط الشاه وانتصار الثورة فقد ذكرت جريدة السفير البيروتية تحت عنوان (السعودية والكويت قلقتان على نظام الشاه في إيران وتتخوفان من احتمال تغييره): ـ (اعرب الأمير فهد ولي عهد السعودية ـ والشيخ سعد العبد الله عن قلقهما من الاثار التي قد تنجم عن تغيير النظام في إيران على الدولة المطلة على الخليج( ) وأوضح فهد مدى خوفه من الانعكاسات التي ستجرها انتصارات الثورة الاسلامية على الأوضاع الداخلية في البلاد، فقال: (أي حدث يقع في دولة من دول المنطقة لابد أن يترك آثار مباشرة أو غير مباشرة فيها فالأحداث كالأحجار التي تلقى في البحيرات تخلق موجات تصل إلى كل شواطئها وما وقع في إيران حدث ضخم وقد حرصنا منذ البداية اعلان احترامنا لإرادة الشعب الإيراني( )...
لقد أراد الأمير فهد أن يبرز نفسه كمدافع عن الثورة ومحترماً لها، متجاهلاً جماهيرنا التي مازالت تتذكر تصريحاته السابقة التي أراد منها تضليل الشعب بكلام مرتبك ليس له أساس من الصحة كتصريحه بعد أن أحس بحرارة النار القادمة وكأنها في قصره (ليس هكذا تسوي الأمور بين الرعية وقادتها) منتقداً في ذلك أعمال ومظاهرات الشعب الايراني ضد الشاه المقبور..
ولا ندري بأية عقلية يفكر هذا الرجل؟
وهل من المعقول انه يعتد بأن الجماهير تنطلي عليها مقولته؟ وهي ترى محمد رضا الخائن يقوم بالمجازر الدموية لاخوتهم المجاهدين..
أو هل من المعقول أن الأمير يعتقد بأن الجماهير المسلمة في إيران تنظر للشاه ـ ذلك المجرم الطاغي على أنه قائدها؟ (ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) صدق الله العظيم.
ورغم الجهود المكثفة التي بذلت لاجهاض الثورة الاسلامية في إيران وقتلها في قلوب الملايين من الشعب المسلم في ايران، رغم كل ذلك انتصرت الثورة وأعلنتها جمهورية اسلامية فزادت مخاوف السعوديين، (فسقوط الشاه في إيران أرعب السعوديين كثيراً وأخاف الرياض من أن ترفع أمريكا يدها عندما تواجه السعودية أزمة من الأزمات( ).
وقد شعرت المملكة العربية السعودية بهذه الثورة الاسلامية في إيران أكثر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط على حد قول مجلة نيوزويك الأمريكية( ).
أمام هذا الخوف الذي سيطر على القادة السعوديين من إيران اتخذوا اسلوبين في التعامل معها:ـ
1ـ التأييد الظاهري
للجمهورية الاسلامية كالاعتراف بالثورة وإرسال برقيات التهنئة لقادتها والاشادة بها في المقابلات، وادانة العملية العسكرية الأمريكية على إيران في طبس.. الخ..
ففي الاجابة للأمير فهد بن عبد العزيز على سؤال من قبل رئيس تحرير مجلة السفير البيروتية، عن العلاقات بين الثورة الاسلامية والحكومة السعودية واحتمالات تطورها في المستقبل قال: (ليس لنا أية مشاكل مع إيران في الوقت الحاضر ونحن مرتاحون تماماً من هذه الناحية بعكس ما كنا عليه خلال أيام الشاه) وأضاف (ما يهمنا حقا!! هو أن تستقر الأوضاع في إيران التي ننظر اليها نظرتنا الى بلد مسلم وصديق)( )....
وفي مقابلة اخرى مع سليم اللوزي (رئيس تحرير مجلة الحوادث السابق) عن نوعية العلاقات مع إيران أجاب: (( نحن نعيش في منطقة واحدة مع إيران ولا مصلحة لنا ولا لها أن يكون هناك سوء تفاهم لا سيما وان الحكم الجديد في إيران يعمل تحت شعار العقيدة الاسلامية وهو شعارنا في المملكة العربية السعودية) وسأله سليم اللوزي: ـ هل سمعت بما قاله الرئيس السادات عن علاقاتكم بإيران؟ لقد قال انكم تخافون من مواجهة الخميني؟
أجاب فهد: ـ (يريد السادات أن يجرنا إلى سياسة نحن لا نؤمن بجدواها بالاضافة إلى أن موقفه من الامام الخميني موقف متحامل ان علاقته بإيران سيئة وليس لدينا رغبة، ولا نرى مصلحة عربية في مجاراته، ولا استعداد لدينا لأخذ كلامه مأخذ الجد.. نحن نحترم قناعات الامام ولن نغير نظرتنا إليه وإلى ايران كما يريد السادات...)( )
ولنا هنا عدة ملاحظات على هذه التصريحات: ـ
لقد عبر الأمير فهد عن ارتياحه للعلاقات مع إيران الثورة (نحن مرتاحون) واشمئزازه من علاقات حكومته بالشاه (بعكس ما كنا عليه خلال أيام الشاه)..
هذا الارتياح من الثورة والاشمئزاز من الشاه يناقض طبيعة صلات الود والاخوة التي عبرت عنها البيانات المشتركة بين السعودية وإيران الشاه( ).
ان العلاقات السعودية الايرانية لم تكن في يوم من الأيام معرضة للخطر بل (تحتل ولله الحمد مكاناً طيباً بين الأشقاء، كما انها تاريخية وتنمو بصفة مطردة، والمجالات التي تجمع بين البلدين كبيرة وعديدة وهي في نمو مستمر!!)( ) كما عبر عن ذلك سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بعد زيارته التي قام بها لإيران في عام 1975م.
وقد عبر الطرف المقابل شاه ايران عن العلاقات الودية والمتقاربة مع السعودية في تصريح ادلى به لصحيفة السياسة الكويتية قال: ((السعوديون لم ينتقدوا وجودنا في عمان وعلاقتنا مع السعودية ودية ومتقاربة... وإذا كانت السعودية على استعداد للتطوع والحلول محلنا فإننا سنرحب بذلك ومعلوماتي أنهم سعداء لما نعمل هناك)( ).
وفي مقابلة مع (محمد حسنين هيكل) وصف الشاه الملك خالد (بأنه يريد أن يفتح الأبواب امام التقدم والأمير فهد بجانبه وهو قادر على أن يقوم بعمل كبير)( )..
أمام هذه العلاقات الطيبة والمخلصة، مالذي يدعو الأمير فهد لعدم الارتياح؟!
والحقيقة التي لم يذكرها الأمير فهد والشاه هي انهما كانا يشكلان حلفاً استعمارياً لحماية المصالح الأمريكية في الخليج وضرب الثورات التحررية في المنطقة، وإذا كان الشاه وفهد لم يعترفا بالحقيقة فإن السناتور الأمريكي هنري جاكسون قد أوضح دورهما بقوله (ان على كل من ايران والسعودية ان تقودا التعاون الاقليمي بين دول الخليج لضمان الاستقرار لهذه المنطقة) لأن في استقرار المنطقة ضمان لاستمرار تدفق النفط للدول الاستعمارية..
إذن ما الهدف من هذه التصريحات المؤيدة لإيران الثورة؟ ان هذا التأييد للثورة الاسلامية ليس إلا كما يقول المثل ((كلام كالعسل وفعل كالاسل)).
وما هي إلاّ لاسباب في نفوس يعقوب.. والأسباب هي:ـ
1ـ ان الثورة الاسلامية في إيران قد اثبتت بحق صدق اسلامها، فإذا وقف حكام السعودية ضد إيران، فإن الآخرين سيكتشفون ببساطة الاسلامي الأمريكي المزيف، لأنه لا يستطيع الصمود أمام الاسلام الذي دعا اليه الرسول محمد ..(ص) ولهذا تحاشى آل سعود مواجهة الثورة وجها لوجه خوفاً ان تسقط الورقة الاسلامية المزيفة والتي تستخدمها الحكومة السعودية كورقة أساسية تعتمد عليها في تثبيت كيانها وبقاء سلطانها..
2ـ ان الحكومة السعودية لا تستطيع مواجهة الثورة الاسلامية علنا لأن هناك دعم شعبي وتأييد منقطع النظير لثورة المستضعفين حتى بين جماهير الجزيرة العربية.

3ـ ان السياسة السعودية كما يصفها المحللون السياسيون هي سياسة (ما تحت الانفاق وما وراء الكواليس) فهي تقول ما لا تفعل وتفعل مالا تقول، وهذا التأييد للثورة ليس بعيداً عن هذه السياسة لقد أراد النظام السعودي من التأييد خيراً ولكن (ماكل بارقة تجود بمائها)..
2ـ محاولة القضاء على الثورة اولا اقل تحجيمها داخل حدود ايران فقط فقامت بالاعمال التالية المعادية للإسلام والثورة الاسلامية: ـ
1/ قبيل انتصار الثورة هربت إلى مطار الظهران عدد من الطائرات (( ف ـ 14)) الأمريكية لتضاف إلى القاعدة العسكرية التابعة لسلاح الجو الأمريكي في الظهران.
2/ استقبلت السلطات السعودية ما يزيد على ـ 950 ـ موظفاً أمريكياً كانوا يعملون في إيران عين منهم في أرامكو ((شركة الزيت العربية الأمريكية (700) موظفاً والبقية ضموا إلى إدارة الهاتف الالي كما ان آخرين وصلوا بعد ذلك وانضموا إلى فرع شركة نورتروب الأمريكية.
3/ حينما قامت الجمهورية الاسلامية في إيران على رغم أنف الدول الكبرى وبدأت مؤامرات الاستعمار تخلق المصاعب والعقبات في طريق الثورة الاسلامية لم تكن أموال النظام غائبة عن المنظمات القومية المنحرفة في خوزستان وكردستان كما كشفت بعض المصادر الوثيقة.
4/ وقفت الحكومة السعودية موقف المعارض للجمهورية الاسلامية في المؤتمرات الاقليمية والدولية، ففي مؤتمر الاقطار العربية المصدرة للنفط (اوبك) والذي انعقد في الكويت عام ـ 1399هـ ـ، طلبت كل من ليبيا وسوريا مساعدة دول المنظمة لإيران في صراعها مع الامبريالية الأمريكية فاعترض احمد زكي يماني وزير النفط السعودي وانسحب من المؤتمر وعاد إلى الرياض قبل أن ينهي المؤتمر أعماله..
وموقف آخر للنظام السعودي حينما أرسل مجلس قيادة الثورة الاسلامية وفداً لشرح ظروف الصراع لمؤتمر القمة العربي العاشر المنعقد في تونس في نوفمبر 1979م....
وكان الأمير فهد في طليعة المعترضين على حضور الوفد الايراني للمؤتمر!!، حتى أنه حصلت مشادة لفظية بينه وبين السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بسبب ذلك.
5/ منذ أن دخلت المواجهة السياسية بين الامبريالية الأمريكية والثورة الاسلامية في مرحلة جديدة طرحت ايران من جديد على نحو حاد قضية تعديل أسعار البترول كأسلوب لمحافظة شعوب الأقطار البترولية على حقها في ثرواتها الوطنية، الا أن الأنظمة الرجعية العميلة كالنظام السعودي والأنظمة الأخرى التي تدور في فلك الامبريالية الأمريكية وقفت حجر عثرة أمام زيادة أسعار النفط، واستبدال الدولار بسلة للعملات ففي مؤتمر (كاركاس) الذي عقد في العاصمة الفنزويلية بتاريخ ـ 17 ـ كانون الأول عام 1979) تزعمت السعودية الاتجاه المعارض ضد الاتجاه الذي تزعمته ايران ومعها ليبيا والجزائر والذي يدعو إلى الوقوف ضد المصالح الأمريكية ويطالب بأحداث تصحيحات جدية في أسعار البترول( ).
6/ كانت الأيدي السعودية الخبيثة وراء كثير من المؤامرات والانقلابات كان آخرها الانقلاب الفاشل الذي كان من أهدافه قصف بيت الامام القائد (الخميني الكبير) وقصف مقر الرئاسة وأيضاً قصف الملايين من المصلين في صلاة الجمعة، وقد اعترف بذلك الضابط (ناصر ركني) الطيار في القوة الجوية وأحد المقربين لقادة الانقلاب العسكري الفاشل والمنسق الفعلي للقوة الجوية المنفذة لعملية الانقلاب، اعترف هذا الشخص بأنه حصل على جملة مساعدات من دول المجاورة تقدر بـ 10 مليون دولار قسم كبير منها من السلطات السعودية( ).
7/ في غمرة التهديدات الأمريكية لايران الثورة بعد احتجاز الرهائن الجواسيس، وحين كانت الأساطيل الأمريكية تتحرك باتجاه ايران وصلت إلى مطار الظهران فرقة من الكوماندس الأمريكي، ذكرت تلك صحيفة (جمهوري اسلامي) حيث أضافت أن ثمة وجود عسكري في الشرق الأوسط وان قسماً من القوات الأمريكية مستقر في الوقت الحاضر في السعودية وثلاث دول خليجية مجاورة، كما نقلت الصحيفة عن جريدة (الايكونومست) ان سربين من الطائرات الأمريكية تستفيد من المطارات السعودية اضافة إلى الخدمات التي يؤديها وجود بعض المستشارين الفنيين والعسكريين الأمريكيين وكما يعتقد ان ما يقارب من ألف جندي ومعهم فنيين عسكريين متواجدين الآن في السعودية..( ).
8/ ويتجلى الموقف السعودي المناوئ لإيران الاسلام في وقوفه إلى جانب صدام حسين سافك الدماء وقاتل الأحرار، ومن المواقف المعلنة ما يثبت ذلك:ـ
ففي مكالمة هاتفية أبدت الحكومة السعودية تأييدها لصدام حسين في حربه ضد الجمهورية الاسلامية وجاء في المكالمة التي تمت بين الملك خالد وصدام: (اننا معكم في السابق والحاضر واننا معكم في حربكم العادلة لاستعادة سيادتكم على أراضيكم المسلوبة وسيطرتكم الكاملة والشرعية عليها)( ).
اكد وزير الداخلية العراقي (سعدون شاكر) إن الحكومة السعودية جددت دعمها للحكومة العراقية بعد إرسال برقية التأييد، وقال:ـ إن الحكومة السعودية تعهدت بتزويد العراق بتجهيزات للدفاع المدني العراقي، وان مدير الدفاع المدني السعودي قد وصل للعراق لبحث إمكانية المساعدات في قضايا الأمن التي يستطيع تقديمها، وذلك تطبيقاً لمقررات مؤتمر وزراء الداخلية العرب المنعقد مؤخراً في الطائف.( )
أكدت مصادر المنظمة الموثوقة عن احد قادة المقاومة الفلسطينية ان السعودية تعهدت بتعويض العراق عن كل ما يلحق به من خسائر أثناء حربه مع إيران.
جاء في النشرة الاخبارية الاسبوعية التي يصدرها المركز الاعلامي التابع لمنظمة الثورة الاسلامية.
الاخبار الداخلية التالية: ـ
* مطار الرياض ومطار الظهران كانا مغلقين يوم ثاني الحرب للحرب العراقية على ايران وكانت حجة المسؤولين انها لظروف الجو ولكن هذه الظروف لم تمنع الطيارات الحربية من التحليق.
* طائرات حربية سعودية تقوم بطلعات مكثفة يومية وفي منتصف الليل منذ بداية الحرب العراقية الايرانية.
* الصحف السعودية والكويتية تكتب بعنف ضد الثورة الاسلامية وتؤيد العراق وتصف الامام الخميني بالشاه المعمم.
* شاهد كثير من المواطنين أكثر من مئة دبابة محملة على شاحنات تسير إلى العراق عن طريق الكويت.. ويتكرر دائماً اغلاق طريق مطار الظهران لعبور شاحنات الأسلحة.
* زودت السعودية الحكومة العراقية السفاكة بـ (250) شاحنة محملة بالنفط و (150) ناقلة محملة بالأنابيب ولوازم الصيانة..
* طلبت الحكومة السعودية من عمال أرامكو الذهاب إلى العراق لاصلاح المنشآت النفطية العراقية التي لم تصب بأذى كبير من قبل الطائرات الايرانية.. لكن العمال رفضوا ذلك.
* أجبرت الحكومة السعودية الجنود والموظفين العسكريين على التبرع بالدم لارسالها إلى العراق.
* أرسلت الحكومة السعودية المواد الغذائية والأدوية التي يفتقر اليها النظام البعثي.
وخلاصة القول ان المواقف العدائية المفضوحة التي وقفتها عصابة آل سعود في وجه الجمهورية الاسلامية كثيرة وما خفي كان أعظم، ولقد أججت هذه المواقف نقمة الشعب المسلم في الجزيرة العربية على الحكومة السعودية الباغية ودفعته إلى الثورة والانتفاضة.
الاعلام الاسلامي
كانت جميع الأجهزة الاعلامية في العالم من وكالات أنباء وصحف ومجلات وإذاعات ومحطات تلفزيون وما زالت تشحن الأجواء بحملات اعلامية محمومة ضد الثورة الاسلامية وحتى تلك التي كانت تمدحها وتتملق اليها أثناء الأحداث له لغرض في نفسها، عادت لتقف في المعسكر المعادي ويكفي ان نعرف مدى شراسة الحملة الاعلامية على ايران، من خلال معرفة ان لكل من أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي وفرنسا ومصر والسعودية والكويت والعراق، برامج خاصة موجهة ضد الجمهورية الاسلامية باللغة الفارسية وسبع لغات اخرى..
ناهيك عن الاعلام الموجه ضد الجمهورية الاسلامية من قبل الدول الرجعية العربية، عن اذاعاتها و صحفها ومجلاتها التابعة لها أو المرتبطة بها، كالصحف والمجلات التي تصدر في كل من باريس ولندن..
ان المخابرات المركزية تؤمن بوسيلة (الزن على الاذن) ولذا فقد وافق كارتر أخيراً على خطه بتوسيع وزيادة الاذاعات الموجهة للعالم الاسلامي باللغة الفارسية وسبع لغات اخرى.. هي اغلب اللغات التي يتحدث بها العالم الاسلامي وبالاضافة إلى ذلك تسعى الحكومة الامريكية إلى شراء وقت اذاعي من اذاعات السعودية ومصر ودول الخليج حتى تستطيع ان تبث عليه اذاعات إلى المسلمين، وفي نفس الوقت وافقت الحكومة الأمريكية على انفاق مليونين من الدولارات لتقوية وتحسين برامج راديو الحرية الموجه إلى المسلمين السوفيت وتستطيع ان تعرف دلالة زيادة الاذاعات الأمريكية الموجهة إلى العالم الاسلامي إذا عرفت انها ترجع إلى جهود (بول هينزي) مستشار مجلس الأمن القومي ورئيس مكتب المخابرات المركزية السابق في تركيا!!
وبالطبع.. فقد دأبت الاذاعة الأمريكية نفسها من خلال هذه الاذاعات على بث التلفيقات والتزوير، يؤكد ذلك العميل المنشق على المخابرات المركزية الأمريكية (فيليب أجي) الذي تعتبره الوكالة عدوها الأول حين قال: ـ
ان المخابرات المركزية قد اتفقت مع وكالات الانباء على اذاعة أخبار معينة تكون من صنع المخابرات حتى تستطيع ان تحصل على تأثير معين في العالم اجمع او تتجنب تأثيراً آخر لا تريده( ).
وبصيغة أخرى تريد الولايات المتحدة وعملاؤها في المنطقة كالسعودية تجنب تأثير الثورة الاسلامية في ايران على شعوب البلاد الاسلامية، وصنع تأثير معين وتيار مضاد للثورة..
ومع ذلك فمهما لعبوا وخططوا ووضعوا الاكاذيب والتهم فإن البعد الايماني الذي أفرزته الثورة الاسلامية صهر الشعوب الاسلامية التي عجنت بالرسالة المحمدية، والشخصية الاسلامية للثورة ستظل شامخة مهما حاولوا تذويبها وهذا كفيل باحباط الاعيبهم..
ولهذا، التفت الجماهير المسلمة حول صوت الحق صوت الثورة المدوي الذي يصم آذان الطغاة، حيث اخذت كل كلمة منه تمحو برامج وصحف بأكملها، بفضل الجهود التي بذلتها الكوادر المثقفة الثائرة، التي راحت تصيغ البرامج الصادقة الملتهبة والمجسدة للمبادئ الاسلامية الحقيقية..
وفي الجزيرة العربية، حيث الهراء والطنين يملأ الآفاق يمتزج بالغازات السامة المتصاعدة من آبار النفط.. راحت جماهيرنا تلهث وراء كل بصيص يأتي من إيران الثورة، فاكتسحت اذاعة الثورة اذاعات الطواغيت، واظهرتها على حقيقتها ولقد بلغ شغف الجماهير لاستماع راديو طهران إلى حد ان الكثير منهم ممن لا يتمكنون في بعض الاحيان من الاستماع إلى بعض البرامج اخذوا يوصون اصدقائهم ومعارفهم بتسجيل البرامج التي تفوتهم، وحتى ان احدهم دخل السجن بالراديو وراح هو وزملاؤه من المعتقلين يستمعون إلى صوت الجمهورية الاسلامية خلسة وخوفاً من جلاوزة النظام..
ومع ان سلطات آل سعود كبقية السلطات البغيضة في المنطقة، راحت تشدد الرقابة عند حدودها فتمنع كل شيء مرتبط بإيران وثورتها، واتبعت سياسة تعتيم اعلامي محكم، إلا أن الجماهير لم تأل جهداً في جلب كل ما تعثر عليه من مجلات وكتب وكاسيتات وصور للإمام متحملة في سبيل ذلك الصعوبات التي تصنعها وتخلقها السلطات السعودية الكافرة.. وكان الناس كلما حصلوا على شيء من ذلك يستفيدون منه بأسرع وقت ممكن ومن ثم يعطونه للأخوة الآخرين..
اما النظام فقد كان يعتقل كل من يجد بحوزته أي شيء يتعلق بإيران من كتب او مجلات أو صور فقد اعتقل العشرات من المؤمنين بسبب محاولتهم ادخال مجلة الشهيد (صوت الثورة الاسلامية) بل ان صور الامام الخميني كانت ترعبهم فتثور ثائرتهم على من يجدونها لديه فينكلوا به تنكيلا، ولكن بلا جدوى فقد كان ذلك يجعلهم مثاراً للاستهزاء والسخرية وأخيراً بلغ الحال بالطغاة ملاحقة كل من يسمع صوت الجمهورية الاسلامية فقد ساق الحرس الوطني ستة اشخاص من مدينة صفوى الصامدة كانوا يستمعون الاذاعة الاسلامية إلى المعتقل كما راحوا يطاردون الطلبة الجامعيين داخل غرفهم بحثاً عن من يتعاطف منهم مع الاسلام، واخذوا يهددون كل من يعثر عنده على صورة للإمام، ويضعون اسمه في قائمتهم السوداء.
وأخيرا: فقد ترك الاعلام الاسلامي بصماته الواضحة على قلوب الملايين من الشعوب الاسلامية عامة، وشعب الجزيرة بشكل خاص، وكان له ابلغ الاثر في تحسيس الشعوب بواقعها الفاسد ودفعها للتمرد عليه وازالته..
النشاط الرسالي في الحج
موسم الحج لعام 1399هـ امتاز بحيوية سياسية بفضل تواجد الحجاج المسلمين الايرانيين الذين قدموا وكلهم ثورة.. الأمر الذي جعل هذا الموسم بالفعل مؤتمراً اسلامياً جماهيرياً، عبر فيه الحجاج من شتى اقطار العالم عن تضامنهم ورغبتهم في الوحدة، وسخطهم على الأنظمة الفاسدة.. ولقد كانت الأجواء التي سبقت الموسم مشحونة توحي بأن شيئاً ما سوف يتمخض عنه حج هذا العام خصوصاً ان الموسم يأتي بعد انتصار الثورة الاسلامية بشهور.
وكان شعبنا في الجزيرة العربية يتلهف لهذا اللقاء ويستعجل الوقت ليصافح الضيوف الثوار وبالفعل تم له ذلك... فتصافحت القلوب الثائرة مع القلوب الصامدة في جو ثوري غاضب مصممة على المضي معا في درب الجهاد.
البعثات الاسلامية
لعبت البعثات الدينية الايرانية في الحج دوراً فعالاً جداً في التعريف بثورة المستضعفين، ونقل افكارها لجميع الشعوب الاسلامية المغلوبة على أمرها، ولقد كان التجاوب من قبل الشعب المحروم في الجزيرة العربية عظيماً حيث انهالت جماهيرنا زرافات على مراكز تلك البعثات، وراحت تطرح قضيتها بكل مرارة معاهدة اخوتها المسلمين الايرانيين على متاعبة الزحف المقدس الذي انطلق من (قم) المقدسة حتى يحرر الكعبة الشريفة والمسجد الأقصى..
والعجيب.. هو انه على الرغم من ملاحقة السلطات الكافرة للحجاج الايرانيين وتشديد الرقابة عليهم عند دخولهم الحدود وسلبهم من كل ما يحملون من بيانات وصور لقائد الأمة، إلا أن البعثات كانت تعج ببيانات وصور القائد، والملصقات الثورية المعبرة التي كانت تخيف السلطة.
وكان تسابق شعبنا لاقتناء صور الامام القائد وبياناته موضحاً ومعبراً عن ولائه للثورة الاسلامية وتحديه القوي لكل من يقف أمامه.. ومن ناحية أخرى كان التصاق الحجاج الايرانيين واخوانهم في الجزيرة قوياً في مراكز البعثات في مكة والمدينة المنورة ومنى، وغيرها من الأماكن المقدسة التي كانت مفتوحة لكل مسلم، حتى أصبحت ملتقى المسلمين من شتى الجنسيات يتبادلون فيها أفكارهم ويشرحون اوضاعهم المأساوية التي يعيشونها في بلادهم، ويتبادلون التجارب التي مر بها كل منهم ويدرسون كيفية تحطيم العقبات التي تواجههم في عملهم الرسالي، على ضوء التجربة الاسلامية المظفرة في إيران الثورة.. وكان من الطبيعي ان يكون لشعبنا الدور الأكبر في تلك اللقاءات الثائرة لأنه الذي يكابد أوجع الطعنات والجرائم البشعة على أيدي أذناب البيت الأبيض.
وفي خارج البعثات وعلى المستوى العام كان الاخ من الجزيرة والآخر من ايران، ومع عدم معرفة كل منهما بلغة الآخر إلا انهم كانوا في غنى عن تلك، فلقد كان كل منهما على علم مسبق بكل ما يريد الآخر توضيحه فالظروف واحدة.. والطاغوت واحد.. والفكر واحد.. وكذلك كان القلب واحداً.. والخندق واحداً.. والهدف أيضاً واحد.. الا وهو دك الحصون الكافرة ودحر قوى الظلم إلى الأبد، وان أهم شيء اعطته هذه اللقاءات على جميع مستوياتها هو إذابة الخلافات المذهبية الوهمية التي زرعها المستعمر الدنيء بين صفوف الاخوة المسلمين، وكان لبيانات الامام الخميني أعظم الأثر في هذا المجال، فقد جاء في بيانه الهام إلى المسلمين والحجاج بمناسبة موسم الحج لعام 1399هـ قوله:
ايها المسلمون، يا اتباع التوحيد، ان السبب الرئيسي وراء كل مشاكلنا هو اختلاف كلمتنا وعدم التعاون فيما بيننا، وان رمز نهضتنا وحدة الكلمة، وتوحيد العمل، كما قال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، إن الاعتصام بحبل الله هو توحيد الكلمة في ظل الاسلام ومن أجل الاسلام، ولصالح المسلمين والابتعاد عن التفرقة التي هي أساس كل مشاكلنا وتخلفنا)( ).
صفحة 45

المسيرات درس ثوري
لم يقف الحجاح المسلمون الايرانيون عند هذا الحد من النشاط.. بل وكما هو معهود من مواقفهم الثورية التي لا تعرف المهادنة ولا المجاملات، راحت قبضاتهم الصلبة تلوح في سماء مكة المكرمة معلنة الحرب على مستكبري الجزيرة العربية مسقط رأس المستضعفين الأوائل، فعلى أثر دعوة البعثات الايرانية جابت شوارع مكة المكرمة في اليوم (السادس من ذي الحجة) مسيرة ضخمة سميت بمسيرة الوحدة الاسلامية شاركت فيها جموع الحجيج من شتى البقاع، عبروا فيها عن استعدادهم للاتحاد الاسلامي والوقوف صفا واحداً في جبهة واحدة أمام كل متآمر.
وكم كانت غبطة ابناء الجزيرة عظيمة، وهم يشاهدون قوات الأمن البربرية وهي تراقب المسيرة عن كثب ولا تستطيع تحريك ساكن، فقد كانت محرجة جداً أمام هذه (المشكلة العويصة) التي لم تواجهها من قبل.. وعلى رغم ارادة عملاء البيت الأبيض، تابعت الجماهير مسيرتها المباركة حتى التحمت بجموع المصلين في البيت العتيق..
وإذا كانت للمسيرة هذه، طابعها الصامت فإن التظاهرات التي خرجت في الاماكن المقدسة الأخرى لم تكن كذلك، فقد كانت هناك شعارات مجلجلة جمع بينها الشعار الذي لا يعلى عليه (الله أكبر.. الله أكبر) وكان المتظاهرون كلما مروا بفوج من الحجاج تعالت الصيحات بالتكبير فينضم بعضهم للمسيرة والآخرين يؤيدونها بترديد الشعار.
وحينما تمر المسيرات الصاخبة بعناصر القمع السلطوي تتضاعف صيحات التحدي في وجوههم فيأكل الغيظ قلوبهم.. ولكن هل يستطيعون التحدي والوقوف، أمام هذا التيار الاسلامي الجارف؟.. فلو فعلوا لكانت القاضية لهم، ولمصالح أسيادهم في هذه الديار وكان من بين الصيحات والهتافات ما يلي:
الله أكبر.. نصر من الله وفتح قريب...
يا أيها المسلمون قوموا إلى فلسطين..
الإمام الخميني ينادي بالوحدة والثورة..
النصر لفلسطين والموت لإسرائيل..
الله واحد.. الخميني قائد..
ثورة.. ثورة.. حتى النصر..
لا شرقية.. لا غربية.. جمهورية اسلامية..
ولم تكن هذه الشعارات تدوي فقط في الهواء، بل قام الثوار بتسطيرها على الجدران وتحويلها إلى صحف حائطية ثائرة على الظلم والكبت الذي تمارسه سلطة آل سعود الباغية، كانت تلك الشعارات الحائطية تزعج السلطات إلى حد كبير، فجندت العديد من اذنابها ليقوموا بإزالة كل ما يكتب.. ولكن دون أي فائدة تذكر، فكلما طمسوا شعاراً استجدت ثلاثة.
ومن بين الشعارات التي ازدانت بها جدران المدن والأماكن المقدسة: ـ
الموت لأمريكا... الموت لآل سعود.
الموت لكارتر... ثوروا ينصركم الله.
الله واحد... خميني قائد.
كان أغبياء النظام عندما يزيلون هذه الشعارات يقومون بغباوه ـ كعادتهم ـ فيمسحوا الشطر الأخير فقط من الشعار فكان ذلك مدعاة للسخرية ومثاراً للضحك من قبل الحجاج، وقد ألقت السلطات السعودية القبض على بعض الايرانيين المجاهدين الذين كانوا يلاحقون الطغاة ويلصقون صور الامام على سيارات النظام الرسمية واحتجزتهم في أحد مراكز الشرطة في مكة المكرمة، فما كان من الحجاج الايرانيين وغيرهم الا ان تجمهروا امام ذلك المركز، حيث رفعت صور الامام وتعالت صيحات الله أكبر... وغطت صور الامام سيارات الشرطة هناك..
امام هذا التحدي الكبير لم يكن بوسع الطواغيت إلا الاذعان والرضوخ للجماهير المسلمة فأفرجوا عن المعتقلين صاغرين.. بل كان لسان حالهم يحمد الله ـ ان كانوا يعرفون الله ـ على عدم وجود أوامر أخرى.. وحول ما ذكر تحدث حجة الاسلام العلامة (هادي غفاري) عضو مجلس الشورى الاسلامي، واحد القيادات الفذة للكفاح المسلح ضد النظام البائد، في لقاء له مع مجلة الشهيد( ) عن حجة في عام 1399هـ عن المظاهرات واعتقال السلطة السعودية له موضحاً غباء مسؤولي جهاز الأمن فقال: (اقمنا مظاهرات كبيرة من الحجاج وكانت الشرطة السعودية تعترض على ذلك، بل انهم اعترضوا على تعليق لافتة على مكتب بعثتنا الدينية تحمل اسم الامام الخميني، وفي الحج استطعنا استنساخ بيان الامام الخميني بواسطة اجهزة الاستنساخ التي هيأناها هناك، وترجم البيان ووزع بلغات عديدة بالاضافة إلى العربية.
وقد اعتقلت عدة مرات واستعطت الهرب فيها جميعاً، وفي أحد الأيام اعتقلني ضابط سعودي برتبة عميد من جهاز الأمن، وكان في جيبي ملصق للعلم الأمريكي وهو ممزق ويخرج منه طائر أبيض فسألني الضابط: ما هذا؟ قلت له: انها رايتنا في المستقبل، فاقتنع الضابط!! ولكن في الحقيقة حتى الأطفال في إيران يفهمون ان هذا هو العلم الأمريكي والطائر الأبيض هو رمز الحرية والمعنى الكلي للملصق هو تحرر الشعوب من هيمنة الامبريالية الأمريكية..
وفي احد المرات، اعتقلتني اجهزة الأمن السعودي، مع مجموعة اخرى، وفي الزنزانات هتفنا جميعاً (الله أكبر.. الله أكبر) فقال احد العملاء من الضباط السعوديين: هل (الله أكبر) هذه هي نفسها التي تهتفون بها في إيران؟ فقلنا: نعم، فقال: ان (الله أكبر) الايرانية تعني لنا معنى خاصاً، واطلق سراحنا جميعاً.. ولا أدري ما هو المعنى الخاص الذي فهمه هذا الضابط.. واما بالنسبة للوعي السياسي والاجتماعي فإنه قد ارتفع كثيراً بالمقارنة مع ما كان عليه قبل سنتين عندما كنت في الحج هناك، وانا متفائل جداً من هذه الناحية..
الخطب الشجاعة تفضح
مواقف السلطة الخبيثة
في الحرم المدني الشريف، وعند قبر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، كان للجماهير المسلمة في كل ليلة لقاء رسالي مع قادة الحجاج الايرانيين الذين كانت خطبهم الثورية الصادقة تستقطب جميع الحجاج، فينهالون على مكان التجمع، الذي يغصص بالحجاج الايرانيين الذين كانوا يفسحون المجال أمام اخوتهم الحجاج المسلمين العرب حيث كانت الخطب تلقى باللغة العربية وبين الفينة والأخرى تضج ساحة الحرم المدني الشريف وكذلك الحرم المكي المبارك بصرخات (الله أكبر) تعبيراً عن تأييدها للثورة الاسلامية.
ولقد فضحت تلك الخطب الكثير من المواقف الخبيثة لسلطة آل سعود الأمريكية وكشفتها، واسلامها الأمريكي على حقيقتها، وفي كل ليلة كان رجال دين السلطة يجهدون انفسهم لعرقلة تلك المبادرات الاسلامية ويتذرعون بشتى الحجج الواهية ليسكتوا صوت الحق.. ولكن هيهات ان يتراجع الحق وانصاره.. وعندما يعجز أولئك من السيطرة على الموقف يستنجدون برجال القمع ولكن ماذا تكون النتيجة؟
تثور ثائرة الحجيج فيقفون حائلاً بينهم وبين الخطيب ولولا احترامهم لحرمة الحرمين لما تأخروا عن تهشيم الجماجم مظلومة.
في تلك المواقف لا يصدق الإنسان كيف يحارب المسلمون والاسلام في اقدس بيوته؟ ومن قبل من؟ من قبل اناس يدعون انهم حماته والذائدون عن حياضه!! انه لأمر غريب!! وجرائم حقاً بشعة ليس أمر منها الا ما يدور في غياهب السجون السعودية الرهيبة.
كل ما تقدم من النتائج التي افرزها انتصار الثورة والموقف السعودي المناوئ لها والنشاط الثوري في الحج من قبل الحجاج الايرانيين شحن اجواء الجزيرة من ادناها إلى أقصاها بالثورة والتحدي وهيأت نفسياتهم للمواجهة.. والثورة..
(3)
يوميات الانتفاضة
تمهيد
لقد كانت الثورة الاسلامية في إيران تواجه اعتى نظام ديكتاتوري في المنطقة يضرب بجذوره قرونا في استعباد الجماهير، ويملك ترسانة من الأسلحة خلقت له خامس أقوى جيش في العالم، ومؤسسة مخابرات (الساواك) بلغت القمة في جرائم الارهاب ويتمتع بدعم قوي من دول الشرق والغرب..
غير انه تحت الضربات المركزة التي كالتها الجماهير المؤمنة بقيادة الأمام آية الله الخميني، تهاوى كما تتهاوى أوراق الخريف.. وكما انتصرت الجماهير على ديكتاتورية الشاه أفشلت محاولات الاستعمار لتمييع الثورة وتحوير أهدافها الرئيسية.
أحدث انتصار الثورة الاسلامية زلزالاً في المنطقة ـ كما صرح بذلك بيغن ـ، وتحولت الرياح الاسلامية إلى عواصف تهب باتجاه منطقة الخليج فجأة في هذه الإمارة أو تلك، حتى ان منطقة الخليج لم تشهد طوال العقود الثلاثة الماضية حالة من التوتر والصراع كالذي تشهده في هذه الآونة( )، مما جعل الطواغيت الاقزام يعيشون حالة من الذعر والخوف لا توصف، فبدأوا يحاولون تطويق المد الثوري القادم وحماية عرشهم، بشراء الأسلحة حيث لا يمضي يوم دون ان يتلقى (كامينغز) وهو اكبر تاجر للسلاح، تلكسا أو برقية من احدى دول الشرق الأوسط والخليج، تطلب رشاشات ومسدسات وبنادق حربية ولم يحصل مثل هذا الهلع في سوق السلاح منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن اتجاهات ريح السلاح تشير لدى (كامينغز) ان الشرق الأوسط مقبل على اضطرابات خطيرة خلال سنة، يمكن أن تصل إلى حدّها الأقصى في مدى خمس سنوات، وهو لا يستطيع معرفة مكان هذا الانفجار لكن يقدر أن منطقة الخليج ستكون الساحة الرئيسية( )...
وفي المجال الأمني سارعت الأنظمة إلى التنسيق فيما بينها بعقد المؤتمرات والتحالفات الأمنية فقد شهدت المنطقة تحركات مكثفة لمسؤولي وزارات الداخلية والمخابرات لتنسيق العمليات المضادة للثورة، أو التشويش عليها، ولمواجهة مبشرى (آيات الله) على حد قول مجلة النهار العربي والدولي( ).... فتحركت السعودية لتنسيق المواقف العربية ضد التحديات التي تشهدها المنطقة فزار وزير الخارجية السعودي العراق والبحرين واليمن الشمالي( )، بينما اكد قادة الكويت والبحرين انهما ستقاومان أية محاولة لإثارة الفتن والاضطرابات كما ستقفان بحزم وصلابة في وجه أية تدخل في شؤونهما الداخلية أجاء هذا التدخل من ايران أم من غيرها؟! ( ).
في حين ان اللواء عبد اللطيف الثويني وكيل وزارة الداخلية الكويتي، طار إلى السعودية لبحث سبل التعاون الأمني بين البلدين (الشقيقين) عبر لقاءاته مع عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية السعودية( )!!.
وقام وزير خارجية البحرين (دينامو الخليج!!) ـ كما يصفونه ـ بالالتقاء مع سفيري بريطانيا في البحرين والسعودية، وكان اللقاء مطولاً جداً مما جعل المعلقين والمحللين والمراقبين يطرحون قضية الأمن الخليجي.. خاصة وان الاعلام البريطاني كان قد وصف رحلة الملكة انها جاءت بعد سقوط الشاه مما اعطى دعماً معنوياً لأهل الخليج.. إذ اقنعهم انهم ليسوا وحدهم في هذا العالم وتمنى محمد المبارك وزير الخارجية، التنسيق الاقليمي والتكتل من عمان إلى العراق ضد الاطماع!! لأن الشاه لم يسقط بعدوان خارجي حتى يقال انه كان بحاجة إلى حماية أمريكية!!( ).
كما طار الوزير سراً إلى سلطنة عمان وعقد اجتماعات مع المسئولين في مسقط تناولت الأوضاع في الخليج( ).
كما عقد وزير الدفاع ووزير الخارجية الكويتي بالنيابة، سالم الصباح مباحثات ايجابية ومهمة حول تطورات الأوضاع في المنطقة الخليجية وفي نفس الوقت وصل العميد محمد الحمد مدير الامن العام الكويتي إلى المنامة واجتمع مع رئيس الوزراء بحضور وزير الداخلية، وقبل يوم من هذه الزيارات تسلم الشيخ عيسى بن سلمان ثلاث رسائل مهمة، اثنتان من الملك خالد والأمير فهد والثالثة من الرئيس العراقي.. وفي هذا الجو الزياراتي زار وفد عسكري بحري كويتي البحرين يقال ان لها طبيعة فنية( )!! (والله أعلم)..
وإذا كانت كل دولة في شبه الجزيرة قد بدأت تتداول احتمالات وأوجه تأثير التطورات الايرانية على هذه المنطقة فإن ردة الفعل في الامارات قد جاءت بالمقارنة متميزة بكون الموضوع قد طرح وبشكل صريح للتداول دون الخشية من الحساسيات التي تعتقد أوساط عديدة في أبو ظبي ودبي انها حساسيات، لامبرر للوقوف امامها بصمت( ).
والجدير بالذكر ان وزراء الداخلية لدول الخليج قد اجتمعوا اكثر من مرة علانية لبحث الأمن والله أعلم كم كان عدد الاجتماعات السرية!!..
وبعد هذه الزيارات واللقاءات والمؤتمرات وسيول الرسائل والبرقيات ظهرت الاحلاف الأمنية المشتركة منذ زيارة (هارولد براون) وزير الدفاع الأمريكي لدول الخليج لتطمينها فطرحت عمان مشروعها الأمني للخليج والذي يقضي بالتعاون مع أمريكا ودول أوروبية أخرى لحمايته ووافقت دول المنطقة على ذلك حيث ابلغت حكومة سلطنة عمان رسميا باستعداد الدول الخليجية ومن بينها العربية السعودية والكويت لرصد المبلغ المطلوب لشراء معدات حماية مضيق هرمز( ).. كما قالت مجلة (نيوزويك): ان الولايات المتحدة والسعودية وعمان يعملون معا لحماية مضيق هرمز وان السعودية تساهم بـ (100) مليون دولار لشراء أسلحة أمريكية لعمان وبمبلغ (500) مليون دولار لشق طريق يربط بين مسقط وصلالة( )..
ولا ندري ممن الخوف على الخليج وأمنه؟. هل من أمريكا وهي الشريك في الحماية والتي لها قواعدها في كل المنطقة في (الظهران) وفي الجفير في البحرين، ومصيرة ورأس مسندم في عمان، وغيرها من القواعد، أليس الحق هو ما قاله الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي من أن الخوف على أمن الخليج هو من أنفسنا لا من الأمريكيين ولا من الروس).. ( ) اذاً بات من الواضح ان دول الخليج لا تبدو قلقة من التهديدات الأمريكية وتحبذ فقط ان يتم الدور الأمريكي بهدوء ودون ضجيج اعلامي وعلى حد تعبير احد المسؤلين الأمريكيين (بأنهم يريدون مساعدتنا لكنهم لا يريدون ذلك علنا، ولا يريدون قراءة ذلك في الصحف( ) بينما صفارات

صفحة 51

نكمل البقية لاحقا ان شاء الله

أحسنت أختي الكريمة . .