حينها كان المعلم يسمى (ملّه) (الكتاتيب) اول مؤسسات التعليم في العراق
محمد عبدالجليل
[align=center]من البديهي ان حضارة وادي الرافدين هي اهم واقدم الحضارات في العالم وان من ابرز مميزاتها هي كانت اول حضارة مهمة بالحرف وكتابته فالعراق هو اول من علم العالم الكتابة والدلائل التاريخية مثل الرقم الطينية والمخطوطات القديمة تشير الى ان هناك نظام دقيق للتعليم انذاك حيث المدارس المتطورة واسس التعليم الدقيق الذي يشمل عمل هذه المدارس والاشراف عليها. لكن الحال لم يستمر على ذلك فكثرة الحروب والغزوات التي مر بها العراق جعل العراقيون يمرون بمراحل من التخلف والاحتلال والامية. وعند مجيء الاسلام بدأت الامور تأخذ مسارا جديدا وخاصة في مجال العلم والتعليم فالاسلام هو دين العلم والمعرفة وتجسد ذلك بقول القرآن الكريم (هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون) وقول رسول الله محمد (ص) حين قال (اطلبوا العلم من المهد الى اللحد)
وبعد موقعة بدر الكبرى طلب الرسول الكريم (ص) من اسرى قريش ممن يعرفون القراءة والكتابة تعليم عشرة من المسلمين مقابل اطلاق سراحهم . وهذه تعد اول خطوة لمحو الامية وتناولت بعد ذلك حلقات التدريس وكانت معظمها في المساجد والجوامع والبيوت. ولم تقتصر دعوة الرسول الكريم (ص) للتعلم الى الرجال دون النساء حيث ان التعلم اصبح فريضة على كل مسلم ومسلمة. اما المكانات التي كان يدرس فيها التلاميذ فهي المساجد والجوامع كما اسلفنا وبعد هذه المرحلة اتسعت حلقات الدرس فكان من البديهي ان يحتاج المعلمون الاوائل الى مكانات اوسع لاستيعاب الاعداد الكبيرة من الطلاب. فأنشأت الكتاتيب التي تعتبر المؤسسات الاولى المتخصصة للتعليم فقد انتشر لهذه الكتاتيب في بلدنا العراق وكانت متركزة في المدن مثل بغداد والحلة والنجف وكربلاء... الخ . وقد برز عدد المعلمين في تلك الفترات لهم صيتهم وشهرتهم في ارجاء البلاد فالمعلم الجيد هو الذي يعرف كيف يوصل المعلومة للطلاب بأمانة وسهولة فقد كان المعلمون الاوائل يعلمون في كتابهم علوم القرآن والعلوم الاخرى ولازال بعض كبار السن يتذكرون الكتاب ومعلميهم وكيف كان لكل معلم اسلوبه الخاص به. وكيف كان الطالب المقصر عن واجبه يتحمل عصى المعلم (الملا) حيث كان يسمى كذلك. لقد انجبت المدن العراقية عشرات من الملاي من النساء والرجال . خاصة في بغداد منطقة الكاظمية وباب الشيخ والمناطق القديمة الاخرى. اما بالنسبة للنساء فكانت بيوت الملالي هي بمثابة حلقات دراسية (فالملاية) او (الملا) وهذه الكلمة مشتركة للنساء والرجال تعلم طالباتها علوم القرآن والقراءة والكتابة وكذلك فنون الخياطة والتطريز واصول الطبخ كذلك. ان اغلب المعلمين والمعلمات اي (الملالي) لم يتخرجوا من مدارس او معاهد منحتهم صفة التعليم ولكنهم عادة ينحدرون من بيوتات علمية وادبية فأن هؤلاء هم الذين رسموا فيما بعد الخطوط الاولى لتاريخ التعليم الحديث في العراق ونذكر من هذه العوائل عائلة ابو شعابث في مدينة الحلة حيث برز فيها مجموعة كبيرة من الملالي من النساء والرجال الذين ذاع صيتهم في ذلك الوقت. وعلى العموم فقد بقيت هذه الكتاتيب تعمل عمل المدارس حتى انتشارها في العراق. وكانت تعمل بجانب هذه المدارس التي كانت قليلة جدا ولا توفر زخم التلاميذ الوافدين اليها. حيث كان عدد المدارس في عموم العراق عشرون مدرسة فقط وهذا كان عام 1889 م. ولكن بعد انتشار المدارس فيما بعد تقلص عمل الكتاتيب حتى تلاشى بمرور الوقت ولكن ظلت هذه هي المؤسسات الاولى التي وضعت اسس التعليم الحديث الذي صار فيما بعد سمة العالم العصري المتحضر.[/align]