المخطط الجحش -الهدف ميليس -المنفذ الضارط
لم يعد خافياً أن حارث الضارط وعصابته هيئة السفاحين هي الجناح السياسي للمدعو زرقاوي في العراق. ولم يعد خافياً أن هذا الضارط يتبنى استراتيجية الإغتيال والعنف البشع لتنفيذ مآربه في السيطرة على العراق وبمساعدة مباشرة من زرقاوي والقوى التي تدعمه.
الإرهاب السني في العراق يبدو أنه تكشف على بعد دولي وإقليمي في الآونة الأخيرة، ورغم أن التحالف الغير معلن بين الإرهاب السني عراقياً وبين أنظمة إرهابية لم يكن مكشوفاً إلى العلن بشكل واضح إلا أن الأزمة التي تعرض لها نظام بشارالجحش في سوريا وبعد عملية إغتيال الحريري في لبنان وأخذ هذه الأزمة بعداً دولياً قد كشف الخيوط التي كانت تحاول هذه الجهات إخفاءها. الخيوط التي تربط بين الإرهاب السني عراقياً والضارط وزرقاوي ونظام الجحش بالطبع.
في حديث مع محلل سياسي كبير ذكر هذا المحلل أن الذي كشف هذه الخيوط ثلاثة أمور هامة قد تدخل في في تأزيم المعضلة السياسية التي يجد فيها النظام السوري نفسه وبشكل أكثر تعقيداً. الخيوط الثلاثة هي
الخيط الأول: دخول ميليس القاضي الألماني على خط التحقيق الدولي المختص بقضية الحريري، وما تلا هذا الدخول من تقرير هام يدين النظام السوري بشكل مباشر في قضية قتل الحريري، وما ستتبع هذا التقرير من آثار هامة على مستقبل النظام السوري. التقرير لم يرض النظام السوري بالطبع، وكان متوقعاً أن شيئاً ما سيثيره النظام للفت الأنظار عن هذا التقرير أولاً ومن ثم الإلتفاف بشكل من الأشكال على التقرير لتحييد آثاره.
الخيط الثاني: يضيف المحلل السياسي أن العلاقة بين النظام السوري وقوى الإرهاب السني في العراق هي علاقة ذات منحى استراتيجي، ورغم أن العمليات في العراق لها طابع تكتيكي بحت، إلا أن الإستغلال السوري لهذه العمليات له بعد استرتيجي في طبيعة تعامله مع القوى التي يرى نفسه في صراع معها، أو تلك التي يحاول ابتزازها. ويعرف عن النظام اسوري عدم ارتياحه من إقامة نظام ديمقراطي مستقر في العراق. هذه العلاقة أدت إلى أن يتحول النظام السوري إلى قاعدة دعم لوجستي وعملياتي هامة لقوى الإرهاب السني بشقيه الطائفي الإسلاموي كالقاعدة وزرقاوي والشق البعثي. وقد رصد المحللون زيارات متواصلة علنية وسرية بين هذه القيادات من العراق إلى سوريا وبالعكس، وكان آخرها زيارة حارث الضاري إلى دمشق قادماً من قاعدة دعم إرهابي أخرى هي اليمن.
الخيط الثالث: العلاقة بين السوريين وأطراف الإرهاب السني أفرزت علاقة يصفها المحلل السياسي بعلاقة ادفع ثم نفذ، مذكراً بكيفية تحول التنظيمات الفلسطينية إلى منظمات تعمل مقابل أجرة، وكانت الكثير من عمليات القتل والإختطاف والتخريب تقوم بها التنظيمات الفلسطينية لحساب جهات عربية وأجنبية مقابل أموال ضخمة تنزل في حسابات قادتها، وكان أهم الفاعلين في هذا المجال هما النظامان السوري والعراقي. ومن هنا نستطيع الربط بين تقرير ميليس الألماني الجنسية وبين خطف عدد من الغربيين في وقت مقارب لتقديم ميليس لتقريره عن نتائج تحقيقه، والأهم في ذلك أن من هؤلاء المختطفين عالمة الآثار الألمانية سوزان اوستوف، التي لم يعرف عنها أي نشاط غير مشجع للأطراف السنية، أو أنها كانت تؤيد التواجد الأجنبي في العراق، كما أن موقف الحكومة الألمانية هو موقف غير مساند بمجمله للتغيير الحاصل في العراق. ومن هنا فسر المحلل السياسي أن خطف السيدة سوزان له علاقة مباشرة بتقرير ميليس.
الذي حصل أن ميليس تعرض إلى ضغوط ألمانية داخلية أدت إلى أن يقدم استقالته عن الإستمرار في التحقيق "لأسباب عائلية" كما أعلن حينها، مما يؤكد أن من أهداف الخاطفين عرقلة التحقيق في موضوع إغتيال الحريري. الذي نراه أيضاً تردد حارث الضاري إضافة إلى شخصيات سنية أخرى لها علاقة بالإرهاب السني على العاصمة السورية وطرحها مسألة الرهائن الغربيين كأسلوب ضغط ربما على الدول التي تؤيد التحقيق الدولي في مسألة إغتيال الحريري.
محصلة كلام المحلل السياسي أن أغلب اعمال الخطف والقتل والقتل الجماعي لا تتعلق بأجندة عراقية وإنما لها خيوط إقليمية ترتبط في كثير من العواصم المحيطة في العراق ومصالحها.