"البوشية": قاموس لهفوات الرئيس الأمريكي العلنية بين الضحك والتناقض
"البوشية": قاموس لهفوات الرئيس الأمريكي العلنية بين الضحك والتناقض
لم تكن "هفوة" الرئيس الامريكي جورج بوش الأخيرة، حين خلط في حديثه بين بن لادن وصدام حسين، أول خطأ يقع فيه، بل أنها لا تشكل سوى حلقة من مسلسل أخطاء كثيرة، يطلق عليها المثقفون الأمريكيون اسم "البوشية" Bushism.
تطلق هذه التسمية على مجموعة من "الهفوات" التي رواها الرئيس الأمريكي في أحاديثه المنشورة والمتلفزة، ومنها عبارات تناقض بعضها بعضاً، أو جمل غير مفهومة المعنى ولا الجدوى.
أما الأكثر "تداولاً" على لسان رئيس أقوى دولة في العالم فهي العبارات التي تعني عكس المقصود منها، والتي يحسبها المراقبون نقاطاً إضافية في رصيدهم تسجل على رئيسهم "الكثير الهفوات".
... ليس آخراًآخر" خطأ" للرئيس الأمريكي، كان حين "خلط" بين صدام حسين وأسامة بن لادن. فقد "زل لسانه" خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض الثلاثاء 20-12-2005، أثناء تبريره قرار اباحة التنصت من دون تفويض قضائي، باسم مكافحة الإرهاب.
فقال: "في نهاية التسعينيات كانت حكومتنا تتتبع أسامة بن لادن لأنه كان يستخدم هاتفا من نوع معين", دون أن يلتفت لأن زعيم تنظيم القاعدة لم يكن، بعد، عدواً للأمريكين.
وتابع: "غير أن قضية التنصت على بن لادن كشفت آنذاك. وما الذي حصل عندها؟"، يجيب: "فإن صدام"، فيما يبدو أنه لاحظ خلطه بين الرجلين، لكنه قرر المضي في الخطأ وتابع: ".. أسامة بن لادن بدل سلوكه وغير طريقة الاتصال التي كان يعتمدها".
ومن سلسة الهفوات "البوشية" الأخرى، ما قاله أثناء إعلان إقرار ميزانية العام الماضي بأن "أعداؤنا مجدون ولديهم دهاء وحيلة، وكذلك نحن، إنهم لن يكفوا عن دراسة سبل جديدة لإيذاء بلدنا وشعبنا، وكذلك نحن"، أي أنه سيشارك الأعداء في إيذاء شعبه، بينما كان يقصد القول بأن إدارته لديها دهاء وحيلة لإيذاء أعداء أميركا.
لم تسلم الشؤون الأمريكية الداخلية من هفوات وزلات بوش، ويتذكر الامريكيون تعليق رئسيهم على عامه الاول في الرئاسة، حين قال: "بالإجمال، كانت سنة رائعة لنا، أنا ولورا". يتوضح داعي الإستغراب حين نعرف أن العام الذي يتحدث عنه بوش كان في 2001، وتحديداً بعد 3 أشهر على هجمات نيويورك في 9-11-2001.
لكن، يبدو أن بوش يبيح لنفسه التفوه بأي كلام يرغب به، وقد عبر عن ذلك بوضوح حين قال، رداً على سؤال صحافي: " أنا الرئيس. ترى: لست مضطراً لإعطاء التفسيرات. ولست مضطراً لتفسير لماذا أقول أموراً. هذا المميز في أن تكون رئيساً".
كما يقول، في تصريح في 4-6-2003: "لست تحليلياً جداً. كما تعلم، أنا لا أمضي الكثير من الوقت لأفكر بنفسي، وعن سبب قيامي بالأمور".
أخطاء "ضارة" و"حميدة"
يمكن، إجمالاً، تقسيم زلات بوش العلنية إلى نوعين: أولاهما النوع "الضار"، وهي التصريحات التي يعلن فيها الرئيس عكس من يرغب فعلاً بقوله، ما يؤدى إلى فهم عكسي للأمور، كما في أحد أحاديثه عن مكافحة مرض الإيدز، حين قال: "يوجد قلق كبير من انتشار الإيدز في البيت الأبيض"، بما يوحي ان المرض يتفشى بين موظفي البيت الأبيض، بينما كان يقصد التعبير عن "قلق البيت الأبيض من انتشار الإيدز".
أما النوع الثاني من زلاته فهي "الأخطاء الحميدة"، وهي لا تؤذي، بل ربما تستتبع ضحكة واسعة، لفراغ معناها، وعدم جدوى التفوه بها.
ومن هذه الأخطاء حين قال في إحدى خطبه، عن الصادرات الأمريكية: "إن معظم مستورداتنا تأتي من دول خارجية وليس من داخل الولايات المتحدة"، وكأنه يمكن لدولة أن تصدّر لنفسها.
أو في خطابه في أوهايو منتصف ابريل 2005: "إن جزء من الواقع أن نفهم أن لدينا مشكلة، وجزء من الواقع، أيضاً، هو ما سنقوم به لحلها"، دون أن نعرف ما هي المشكلة، ولا حلها.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي يسلّم بمعرفته المحدودة، إذ يقول في حديث عن إعادة بناء منطقة نيو اورلينز، رداً على سؤال عما تنوي الدولة القيام به لمواجهة ما خلفه الإعصار: "ما أفكر به، هو أننا سنستعين بواحد من الذي يعرفون عما يتكلمون حين يتحدثوا عن إعادة البناء".
وفي أحد تصريحاته الإقتصادية، يقول بوش: "أعتقد أن العاملين الشبان وُعدوا بإعانات من الحكومة. حسناً، لقد قدمنا الوعود، لكننا لن نقدم المساعدات".
كما علق على عمل مواطنة التقاها بثلاث وظائف بالقول: "تعملين في ثلاثة وظائف؟ أنت امريكية استثنائية أليس كذلك؟"، ليستدرك قائلاً: "أقصد أن ما تقومين به رائع". يُشار إلى أن التعليق كان موجهاً لأم مطلقة، تعيل 3 أطفال.
ويبدو أن كونه رجلاً لم يمنعه من إمتلاك "شعور الأمومة"، إذ يقول: "سأخصص الكثير من الوقت لتحسين نظام الضمان الإجتماعي. أنا أستمتع بذلك, وأستمتع ببحث هذه المسألة. أعتقد أنها "حاسة الأمومة لدي".
هفوات "عالمية"
لا تقتصر هفوات الرئيس الأمريكي على مناقشة أمور بلاده الداخلية، بل نجد الكثير من التعليقات "الفارغة" التي أطلقها، في زيارات رسمية بإسم الولايات الأمريكية المتحدة.
مثال ذلك حين كان في زيارة للبرازيل، حيث اطلع للمرة الأولى، فيما يبدو، على خريطة هذا البلد، إذ كان تعليقه بعد مشاهدته للبرازيل على الخريطة: "واو، البرازيل كبيرة!".
وفي رد عن توقعاته من زيارة يقوم بها إلى الدانمرك، في 29 يوليو 2005 قال: " أنا أتطلع لليلة من النوم الهانئ، في بلد صديق".
وفي تعليق من السويد، قال: "إننا نمضي الكثير من الوقت في الحديث عن أفريقيا، وهذا ما يتوجب علينا. فهي أمة تعاني من أمراض رهيبة".
ومن الإجابات "الطريفة" على سؤال لأحد الصحافيين عما هو مشترك بينه وبين طوني بلير، رد بوش: "كلانا نستعمل (معجون الأسنان) كولغيت".
كما أجاب طفل بريطاني عما يبدو عليه البيت الأبيض، بـ : "إنه.. أبيض"!.
http://www.alarabiya.net/Articles/2005/12/23/19732.htm
