..العنف والارهاب في العراق أجندة أمريكية..............................طاهر الخزاعي..
[align=center]العنف والارهاب في العراق أجندة أمريكية
أرض السواد : طاهر الخزاعي[/align]
طالما خنقت قلمي وحبست صوتي منذ احتلال العراق - الذي يسميه من يرغب تحريرا - , من أجل إعطاء الفرصة الكافية كي تتضح معالم الصورة التي ولدت مشوهة وعمدت على تكريس التشويه أطراف عدة في مقدمتها أمريكا .. ومن أجل أن تكون بوصلة الكتابة متجهة نحو البعثيين والتكفيريين الذين التحفوا لحاف الاحتلال لتنفيذ مآرابهم بصورة مباشرة تارة وغير مباشرة تارة أخرى , مع أني أدرك تمام الايمان وعلى يقين من أن أمريكا ما جاءت للعراق الا لتبقى , وآليات البقاء كثيرة , .. ولأن العقل يقول بتقديم الأهم على المهم قدمت قرابة ثلاث سنوات مضت التصدي لفضح البعثيين القدامى والجدد منهم , والاصطفاف مع العملية السياسية في العراق من أجل تفويت الفرصة على عودة البعثيين .. لأن الأهم هو التخلص من عدو داخلي يتربص بك الفرص ويخترق صفوفك بواجهات ولافتات عديدة , وهو مقدم على الأمر المهم المتثمل بالتخلص من العدو الخارجي الواضح المشخص على شكل جيش محتل بجنوده ومعداته .. وأغلب العراقيين نهجوا هذا المنهج لخبرتهم وتجاربهم المريرة مع البعثيين .
كنت أمني النفس باستقرار العراق على مستوى مقبول في العام الأول أو الثاني أو حتى هذا العام الثالث بعد التغيير الذي حصل وفق الطريقة الامريكية في العراق , بالرغم من وضوح كل المعطيات والدلائل التي تقول أن الاستقرار في العراق يعني الهزيمة الأمريكية والعكس بالعكس ! .. وقد يبدو هذا الطرح غريبا نوعا ما , إذ هو على خلاف ما تعلنه أمريكا من وجودها في العراق ! .. نعم لو رجعنا الى بعض الأحداث لوجدنا أن أمريكا لا تريد استقرار العراق وهي باختصار :
** الغاء وزارات الاعلام والدفاع والداخلية بكل مؤسساتها . وهو أمر لا يعني سوى إشاعة الفوضى والتشجيع على الجريمة وجعل مئات الآلاف في صفوف المعارضة للوضع الجديد جراء الضرر المادي لهؤلاء .. ونحن نعلم جميعا أن غالبية الجيش العراقي المنحل والوزارات المنحلة لم يكونوا بمجرمين أو من البعثيين الكبار , فالبعثيون يشملهم قرار خاص بهم .. فلماذا اذاً قامت أمريكا بحل هذه الوزارات ؟
الدوائر الأمنية في النظام السابق هو دوائر مجرمة ولكن قرار حل تلك الدوائر لم يصب في صالح الشعب العراقي , وكان الأجدر أن لا تُحل تلك المؤسسات ويُسمح لمنتسبيها الالتحاق بدوائرهم من أجل معرفتهم أولاً من خلال جردهم ومعرفة الكثير من المعلومات المهمة التي تؤدي الى استقرار العراق فضلاً من الوصول الى المجرمين بكل سهولة والسيطرة عليهم .. بينما الحال الآن أن تدير هذه العناصر عمليات الإجرام والقتل على نطاقين الأول من خلال تنظيمات سرية تكاثرت وتناسقت مع التكفيريين . والثاني من خلال تواجد بعضهم في وزارتي الداخلية والدفاع بعد أن أعادهم بريمر ثانية !! .
** العمل وبقوة من أجل عدم تفعيل قرار اجتثاث البعثيين . إن اجتثاث البعث هو قرار أمريكي تزامن مع قرار حل الوزارات المذكورة , لكن تطبيق القرار وبشكل جدي وحقيقي يعني أن الاستقرار سيحل في ربوع العراق وهو ما لا تصبو اليه أمريكا كما سنرى . وأكثر من ذلك فقد تم استغلال قرار اجتثاث البعث بقوة لإدامة العنف والاجرام في العراق وصار البعثيون ورقة ضاغطة يكابر من ينكرها في الساحة العراقية اليوم ! .
** ترك الحدود العراقية المترامية الأطراف مع ست دول مجاورة مفتوحة لكل من هب ودب ولأكثر من سنة , مما أعطى فرصة ذهبية للبعثيين المجرمين أن يجلبوا التكفيريين للعراق ويكونوا لهم دليلا وموجها لتنفيذ أبشع العمليات الاجرامية بحق الشعب العراقي . فالحدود العراقية كانت عاملا مهما في عدم استقرار الساحة العراقية طيلة هذه الفترة , ولا زالت . وقصص كثيرة يعرفها العراقيون الذين سافروا عبرها , وهذا الكلام عن النقاط الرسمية فماذا عن المساحات الشاسعة المتروكة ! ولا زالت القوات الامريكية هي المسؤولة عن الحدود كما لا زالت مسؤولة عن كامل الملف الأمني في العراق !!! .
** القضاء العراقي الذي أصبح مستقلاً يعبث فيه البعثيون الذين أعادهم بريمر , ولهذا لا نستغرب عندما نرى ونسمع المجرمين يعترفون بذبحهم للابرياء وتفجيرهم المفخخات وسط أشلاء العراقيين وغيرها من جرائم يندى لها جبين الحيوان قبل الانسان , ثم كل ما فعله القضاء العراقي بعض أحكام خجولة لبضعة سنين في السجون ! .
** ملفات الاقتصاد والاعمار والفساد المالي الذي أصبح أشهر من النار على العلم في العراق , ولعل اختفاء 9 - 14 مليار دولار في زمن الحكومة الأمريكية أكبر دليل على ذلك , ثم تلتها الحكومة الامريكية الثانية التي نصبها بريمر وأرقام الاختلاسات والفساد المالي المهولة التي أعلنت عنها لجنة النزاهة . كل ذلك بتعمد وسايق إصرار أمريكي .
** الاستفزازت الأمريكية والبريطانية الكثيرة التي تحصل هنا وهناك , سواء في الاعتقالات والمداهمات ومعاملات السجناء أم على مستوى التصرفات المشبوهة الغامضة من قبيل البريطانيين بالزي المدني في مهمات أستخباراتية كما يزعمون في البصرة ! . فضلاً عن المحاولات الكثيرة في جر التيار الصدري لحمل السلاح ثم الاجهاز عليهم بالدبابات والطائرات !.
وأمور كثيرة معروفة لنا جميعا .. تُرى لماذا عملت أمريكا وتعمل كل هذا ولماذ اتخذت كل تلك القرارات التي لا تؤدي الى الاستقرار في العراق , بل على العكس تماما , فمثل هذه القرارات هي التي صبت ولا زالت تصب النار على الزيت في العراق ؟
هل من المقنع أن نقول أنها حسابات أمريكية خاطئة ؟ ثم لماذا لا يتم تصحيح الخطأ اذا تنزلنا عند هذا التبرير ؟
لا يمكن بحال من الاحوال قبول مثل هذه التبريرات , وكل القرارات والتصرفات أعلاه كانت مدروسة ومعدة بشكل ينسجم والاجندة الامريكية . وأجندة أمريكا هو البقاء في العراق لفترة ليست بالقصيرة وهو ما يصرح به الرئيس الامريكي جورج بوش مرارا وتكرارا , وحتى الآن ترفض أمريكا رفضا قاطعا أية جدولة لانسحاب قواتها من العراق .
المسألة ببساطة أن أمريكا لم تتمكن من فرض من تريد لحكم العراق ولو بطريق الانتخابات , وفوجئت بمطالبة كل العراقيين على اختلافهم بانسحابها من العراق مع الاختلاف في آلية الانسحاب , ويمكن القول أنه لا يوجد فصيل عراقي واحد يطالب ببقاء القوات الامريكية في العراق , الأمر الذي يعني أن استقرار العراق هو رحيل أوتوماتيكي وقسري للقوات الأمريكية من العراق وهذا ما لا ينسجم والمشروع الأمريكي في المنطقة في المستقبل المنظور على أقل التقادير , فملف ايران ساخن وملف سوريا أكثر سخونة , والاستقرار لا ينسجم وإعلان أمريكا بنقل المعركة مع الارهاب الى العراق !!! .
وكلما تقدم العراقيون خطوة باتجاه النجاح واستتباب الأمن نجد البصمات الأمريكية واضحة في تخريب هذه الانجازات العراقية . ويقع في هذا المضمار التحرك الأمريكي منذ أكثر من سنة الاتصالات الأمريكية ومفاوضاتها مع البعثيين وما يسمون بالمقاومة وعبر وسائط عديدة ! .. ولقد توجت أمريكية مساعيها التخريبية يوم فبركت قصة ملجأ الجادرية وانتهاك حقوق سبعة من عتاة المجرمين القتلة الذين أشبعوا العراقيين مفخخات وسفكوا دماء الاطفال والنساء والشيوخ في المطاعم والشوارع والمساجد والأضرحة والمآتم والأعراس !! .. وذهبت أمريكا بعيدا في غيها وسعيها التخريبي في العراق من أجل تأجيج القتل والعنف في العراق عندما كرر سفيرها (القائم مقام المندوب السامي) تصريحه حول طائفية وزارة الداخلية ! ولعمري هو أسوء تصريح بل التحريض على الارهاب بعينه , ولا أعتقد ان عراقيا لا يفهم مغزى كلام السفير الأمريكي بهذا الشأن ! .
ولعل آخر المساعي الأمريكية من أجل أن يشيع العنف والارهاب في العراق وأن لا تؤول الامور الى الاستقرار الذي يفضي منطقيا الى انسحابها , ضغوطها على وزارتي الدفاع والداخلية ومنعهما من اداء مهامها الأمنية في الأيام التي تلت الانتخابات وحتى الآن ! ورأينا كيف شاع القتل في العراق من كل حدب وصوب ! متزامنا مع الدعم الأمريكي للأصوات المشككة بالانتخابات الأخيرة وتأخير اعلان النتائج , فضلا عن الرحلات المكوكية بين بغداد - لندن - واشنطن والسعي لإشراك الغث والسمين في الحكومة العراقية القادمة تحت مسمى الوحدة الوطنية , تلك الوحدة التي عبثت بها أمريكا أيما عبث ! ..
ستسعى أمريكا جاهدة وبمثل هذه الاساليب من أجل إشاعة اللااستقرار في العراق , وهو ما يكفل لها بقاءً أطول وتحكما أكثر في العراق . وقد نقرأ بعد عشرات السنين عن تاريخ هذه المرحلة أن لأمريكا يدا مباشرة في ما يجري الآن من قتل في العراق ّ . ولا أجدني مبالغا اذا ما قلت أن السعي حثيث من أجل أن تكون الحرب الأهلية أمرا واقعا في العراق كي تفضي الى التقسيم الذي لا مفر منه وقتها وبالتالي يتحقق البقاء الأكيد الذي تصبو اليه أمريكا ! .. وفي وسط كل هذا تتناسى أمريكا ويتناسى الجميع أن المسؤول الأول عن أمن العراقيين هي أمريكا نفسها وفقا للقوانين الدولية ! . ومن هنا يموت العراقيون بالمفخخات والأحزمة الناسفة البعثية والتكفيرية وفقاً لاجندة أمريكية , لا لذنب فعلوه إنما مصلحة أمريكا لا تتأتى بالاستقرار وقد انسجمت ومصلحة البعثيين الذين يعتبرون استقرار العراق هو اجتثاثهم الحقيقي . kza_tahir@yahoo.com