وعادت الطيور المهجرة الى وطن الحب ..... رحلة بين القصب والبردي في اهوار الناصرية
الناصرية - علي الشاعر
[align=justify]الريف ذلك الهدوء المفعم بالحياة والتأمل والشاعرية.. وتلك النسمات التي تتهادى مع الاصوات التي تطلقها قصبات البردي الممتدة عبر الجزرات المتناهية في السحر والجاذبية ويزيد في جمال هذه الصورة عفوية الناس الذين احبوا الاهوار وعشقوا ايامها ولياليها واصبحت جزءا من حياتهم ان لم نقل كل حياتهم حتى تلك الشوارع التي خلفتها الطبيعة والتي تتكون في ممر مائي يتكون على جانبيه القصب والبردي وبين هذا وذاك تتهادى اصوات البوذيه والموال باصوات شجية عذبة كعذوبة تلك الاماكن وساكنيها وقبل ايام اخذني الحنين والشوق والحب الاول لزيارة اهلنا في الناصرية وكانت الرحلة طويلة ورغم طولها كانت ممتعة لهذا ذهبت الى الاهوار التي حاول النظام البائد ان يقضي على الحياة فيها اراد ان يقطع جذور البردي والقصب..
اراد ان يميت اصوات الضفادع .. ويقتل حنين الطيور المهاجرة اراد ان يبيد سمك البني والشبوط لقد دمر كل شيء ولكن الله ابى ان يعيد الحياة من جديد لتلك الاهوار.. ويعيد الابتسامة لوجوه ابنائها وعاد معها صوت الراحل داخل حسن وحضيري ابو عزيز وحسين نعمة وهما يشدوان بحزن شفاف قل نظيره ما تخفيه الروح والقلب من معاني انسانية صادقة معبرة.
جولة بين القصب والبردي
وبمساعدة العم جليل حمادي الذي رافقنا في جولتنا في الاهوار ركبنا الواسطة النهرية والتي تسمى (المشحوف) ورغم برودة الجو الا ان الرحلة كانت ممتعة بين شوارع تلك الاهوار والتي لاتقل تعظيما عن شوارعنا في المدن الكبيرة الا ان الفرق هو ان تلك الشوارع مائية وشوارع المدن تصنع من الاسفلت ركبنا تلك المشحوف وكانت الاصوات العذبة ورغم اختلافها وكثرتها الا انها تلتقي في شيء واحد وهو الجمال .
وكان اللقاء الاول بين المياه والبردي بالسيد عدنان حسين جبر حيث تحدث عن تلك الاهوار قائلا لقد شاء الله ان تعود الاهوار من جديد وتعود الحياة لنا.. لان الاهوار حياتنا عدنا نعيشها من جديد نصطاد الطيور والسمك ونبني اجمل البيوت والكراسي والمفروشات وعن طبيعة الجو يقول.. لقد اعتدنا على هذه الاجواء في الشتاء والصيف خاصة ونحن قد تعايشنا مع الطبيعة بعد سنوات الحرمان التي عشناها بعيدا عن اهوارنا..
سيارات مائية
تعتبر المشاحيف او ما يعرف (بالكفة) احد اهم وسائل النقل في الاهوار حتى ان البعض يفضلها على السيارات حيث يتضمن في تصميمها فمنهم من يضع (الماطور) للسرعة في السير والبعض الاخر يستخدم (المردي) وهو عمود خشبي يستخدم بدفع الماء بالاتجاه المعاكس حتى يتقدم المشحوف الى الامام. والمشحوف عكس (البلم) او الزورق فان المشحوف لا يستطيع حمل اكثر من اثنين او ثلاثة وكثيرا ما يستخدم هذا المشحوف في لقاءات العشاق والمحبين حيث يقول المواطن ابو راشد ان طبيعة المكان والانسان تفرض عليه نوع من البساطة في كل شيء والمشحوف هو قمة البساطة في التنقل لهذا نجد الاحبة والعشاق يستعملون هذه المشاحيف في مواعيدهم ولقاءاتهم حتى يستخدم المشحوف في الزفاف حيث يستقل العريسين مشحوف وما تبقى من المشاحيف تيسر واحدا بعد الاخر كما تفعل السيارات في الشوارع العامة في مثل هذه المناسبات.
مصدر الرزق
بعض المشاحيف وجدت فيها اجهزة منبه صوت واجهزة مذياع وتسجيل متطور والبعض الاخر يقلب عليها الالوان المختلفة بالرغم من ان هذه المشاحيف لا تستخدم فقط لتنقل الاشخاص لتنقل ما تحتاجه العائلة من تغذية كما ان هناك شيء لابد من ذكره ان البعض من سكنة الاهوار لا توجد عندهم مشاحيف والبعض الاخر يمتلك مشحوف واكثر وهذا ما يحدث في المدينة فالبعض يمتلك سيارة او سيارتين واخر لا يمتلك وقد يضطر البعض من استئجار مشحوف في حالات معينة عندما يحدث شيء طاريء كالمرض وسبب هذا الواقع فان اكثر الناس في مناطق الاهوار يجيد السباحة وصيد الطيور والاسماك اما النساء فانهن يشتركن كما الرجال في اعمال الصيد وخاصة الاسماك وكذلك يتفنن في صناعة السلال والحصران والكراسي كما يعتبر الهور المصدر الرئيسي لبيع القصب والسمك للمدينة ومصدر العيش الوحيد.
صحون واجهزة موبايل
ونحن نتجول في الاهوار شعرنا ان اهل هذه المنطقة لم يكونوا منقطعين عن العالم فهناك اجهزة التلفزيون واكثرها الصحون اللاقطة وهذا يعني انتشار اجهزة الستلايت والتي حاول البعض ان يجد لها منصات كبيرة حتى يستطيع حمايتها من الماء كما شاهدنا بعض المقاهي المنتشرة هنا وهناك والتي يزورها الشباب وكبار السن واطرف ما شاهدته تلك المرأة المتقدمة في السن وهي تستخدم جهاز الموبايل كما ان انشغال الكبار في اعمال الصيد والهور في هذه المناطق لاتعني ان الصغار لايذهبون الى المدارس فلقد شاهدت بعض التلاميذ الصغار وهم يعودون الى بيوتهم المتواضعة مستخدمين الزوارق والمشاحيف التي تكون بانتظارهم وانا اختم هذه الزيارة اقول ان اهلنا في تلك الاهوار قد اكدوا ان اهوارنا مضاءة ليلا البعض استطاع ان يوصل التيار الكهربائي والاخر استخدم المولدات وانا اودع تلك الساعات الجميلة في اهوارنا وجنوبنا الدافي واعود الى نقطة انطلاقي الاولى..
شعرت باني اودع الهدوء والحب والدفء والطيبة والعلاقات الحميمة التي تربط بين سكان الاهوار والاجمل من كل ذلك البساطة واكثر من ذلك انهم يمتلكون حسا وطنيا لاني وجدتهم متابعين لما يحدث في العراق ولهم نفس الامنيات والامال في ان يعيش العراق بأمن وسلام وحب بكل مكوناته واطيافه العرقية والدينية.[/align]
