عاشوراء.... الأمن و السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك جوانب خفية و أبعاد غير مدروسة في ثورة الامام ابي عبدالله الحسين، (عليه السلام)، الذي استشهد في يوم عاشوراء 61 هـ. هو و أصحابه الكرام و أهل بيته و أولاده، منها البعد السلمي و الأمني، حيث يذكر لنا التاريخ الصحيح أن الامام الحسين لم يكن داعية حرب و دمار، بل كان داعية هداية و صلح و موّدة و سلام، فإنه، (عليه السلام)، تربّى في أحضان جده المصطفى و أبيه المرتضى و أمه فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، و انتقلت الصفات و الخصال الحسنة و الفضائل و المكارم من هؤلاء الآباء، عليهم السلام، الى ولدهم الإمام الحسين، (عليه السلام). فرأى أبو عبدالله الحسين، (عليه السلام)، ان دين الاسلام دين الأمن و المحبة و الاخوة و الصلح و السلام و الشريعة السماوية شريعة سمحة،
حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: «جئتكم بالشريعة السمحة»، ولم يكن الاسلام يوماً ما دين حرب و دمار أو دين عنف و ارهاب و اغتيالات، و لقد استطاع الاسلام المحمدي ان ينتشر بعدل المسلمين و تعاملهم الجيد مع المظلومين و مع الشعوب التي دخلت في دين الله افواجا، و مع البلدان التي كانت تفتح من قبل القوات الاسلامية لأجل ارساء دعائم العدل و الحرية هناك، فكان سكان تلك البلاد يشعرون بالامن و الاستقرار و بالحرية و السلام على اختلاف الوانهم و اشكالهم و قومياتهم و أديانهم، بل كانوا يعلمون بأن الاسلام جاء ليحرر الانسان من العبودية لغير الله، و لأجل تحريرهم من الظلم و العدوان و الطواغيت و المستثمرين و ناهبي ثروات الامة على حساب الطبقة المحرومة المضطهدة. و نستطيع القول ان الاسلام انتشر بجناحين: الاول جناح الأمن و الثاني جناح السلام، من دون اكراه أحد على قبول فكر او عقيدة معينة او ايديولوجية خاصة «لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي»، فالارهاب الفكري او ارهاب الناس و تخويفهم و ارعاب المسلمين حرام في الاسلام.و هذا رسول سيد الشهداء مسلم بن عقيل، سفير الحسين في الكوفة، حين سنحت له الفرصة ان يقتل عدو الحسين، (عليه السلام)، ترفع و ابى عن الاغتيال و حينما سئل البطل الشجاع مسلم بن عقيل عن ذلك قال: قال المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)«الاسلام قيّد الفتك فلا يفتك مسلم» ابتعد عن هذه العملية الجبانة الدنيئة ليبقى مخلدا في سماء المجد و العظمة.
و من هذا المنطلق الاسلامي، و من هذا المفهوم الديني، و من تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، انطلق الحسين و سار على نهج جده المصطفى و ابيه المرتضى يدعو الناس الى الهداية و الصلاح و الاخوة و المحبة، رافعا(عليه السلام)، هذا الشعار المعروف «اني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا و انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، اريد ان امر بالمعروف و أنهى عن المنكر و اسير بسيرة جدي و أبي علي (عليه السلام)» و من هنا يعتبر الإمام داعية سلام لا داعية حرب و عنف و ارهاب و قتال، ولذا امتلك النفوس و الوجدان و اصبحت قلوب الشرفاء و الاحرار و عشاق الفضيلة و الشجاعة محطاً لحُبّ الحسين، و اصبح ضريحه المبارك مهوى لأفئدة المسلمين في العالم حيث يزور آلاف المسلمين في العالم هذا المثوى الطاهر و يترنّم الشعراء بحبه و يتغنّى عشاقه باسمه منادين يا حسين يا حسين.