الرئيس الطلباني مرة اخرى .. واخرى !!
[align=center]الرئيس الطلباني مرة اخرى .. واخرى !![/align]
محمد الوادي
al-wadi@hotmail.com
عرف عن الرئيس الطلباني خفة دمه ودبلوماسيته في كثير من المواقف يضاف اليها مواقف انسانية غاية في الروعة , وهذه الصفة الاخيرة بالذات لم تنحصر وهو في منصب رئيس جمهورية العراق , بل هي مؤشرة منذ ان كان يعمل معارضآ للنظام الساقط من كردستان العراق , وليس المجال هنا لذكر بعضها . وهو رجل مناضل قديم لااجل قضيته لاجدال على ذلك , ونحن من الذين بشر وطالب في مقالات وتصريحات موثقة في كثير من الصحف والمواقع ووسائل الاعلام ,بانتخاب هذا الرجل الى منصبه الحالي التاريخي والكبير وذلك قبل شهور طويلة من تسلمه للمنصب,رغم معارضة البعض على اساس ان العراق عربي باغلبيته الساحقة ولايجوز ان يضاف الى وزير الخارجية الكردي رئيس كردي , وكان راينا باصرار لايمكن التعامل بهذه التقسيمات بل يجب ان تكون الاسبقية لتقيم الشخص في تاريخه ونضاله ومواقفه الوطنية وعراقيته الصادقة .وحسبنا أن هذا رأينا كان صحيح ومازال !!
تسلم الطلباني المنصب وكنا من اول الفرحين والمهنئين مع يقيننا ان هذا المنصب انما هو تشريف كبير له لان هذا العراق وليس غيره ولن اضيف فالعراق لايضاف له بل يوخذ منه ومن عطايه تصنع الابداعات والتاريخ لانه أرض خصبة بكل شيء كريم .
الذي يجمعنا مع اخوتنا الكرد العراقيين هو الظلم المزمن الذي عانينا منه سويآ على مدى تاريخ طويل وعريض من الحكومات الطائفية والعنصرية , فكان جرحنا ونضالنا وهدفنا واحد , وهكذا تولدت الالفة والتحالفات والتعاطف الشعبي قبل الرسمي بين الكرد العراقيين واخوانهم من شركاء المظلومية والذبح المستباح شيعة العراق , ولم يكن هذا التحالف بالضرورة موجه ضد اهلنا سنة العراق فمنهم من كان في صف المظلومين من النظام الساقط ايضآ. لكن هكذا هي الحياة مثل المركب تجمع الكثير الذين قد لايتشابهون لكن وجهة الهدف تجمعهم .
و يبدوا ان ظروف وتاريخ العراق السياسي على وجه الخصوص مازال محفورآ في الاذهان , لذلك مثلا رغم ان الدستور وحتى قانون ادراة الدولة المؤقت يحدد صلاحية ومساحة تحرك رئيس العراق , لكن الرئيس الطلباني مازال مصرآ وهو مدعوم من بعض الجهات السياسية الكردية وحتى في بغداد من بعض الجهات السياسية الانتهازية من غير الكردية , على تجاوز مثل هذه الحدود التي حددت بشكل واضح لايقبل اللبس " أن منصب رئيس الدولة هو منصب تشريفي " وقد وصلت الامور ذروتها عندما طالب الرئيس الطلباني بتغير هذه المادة في الدستور العراقي الجديد المصوت عليه حديثآ بما يلائم رغباته الشخصية !!
وعندما جوبه بموجة من الرفض والاستغراب على اعتبار ان حبر كتابة الدستور لم يجف بعد , فكيف بهذا التغير الجوهري الكبير , أعلن هو شخصيآ " ان لايتم ذلك من خلال تغير الدستور بل من خلال الاتفاقات والتوافقات الجانبية !!" وانا شخصيآ لاافهم هذا الطرح الاكونه تفصيلآ للدستور على مقاسات شخصية او الالتفاف عليه بطرق اخرى غير دستورية او شرعية !!
وهذا يقودنا الى اشكالية كبيرة يوم كان دستور العراق " مجرد ورقة نكتبها ونغيرها وقت ما نشاء " حسب ماكان الصنم يقول
هذا الصنم الذي كان الرئيس الطلباني من اشد اعدائه والمناضلين لسقوطه , فكيف يتم السير على خطأه التي اوصلت العراق وأهله الخيرين الى متاهات لازالوا حتى يومنا هذا يدفعون ثمنها من ارواحهم ودمائهم وثرواتهم .
واذا كان هذا الجانب محل نقاش لحد الان , لكن يبدوا ان التصرفات والتصريحات العلنية قد سبقت النقاش بشكل كبير , لم يعد ممكن معها اخفى الاختلافات مع الاخرين والرغبات الشخصية , وحقيقة الامر هذا تجني كبير وواضح على القانون والدستور وحتى على الواقع الحقيقي على الارض بل وحتى على " الكياسة " المطلوبة للمناصب المتقدمة في الدولة . وهذه اشكالية كبيرة لسببين . اولهما ان البعض مازال يتصرف وكانه رئيس لفصيل معارض في الخارج , وليس كرجال دولة مثل العراق!!
والاخر ان هذا تجاوز كبير على مشاعر العراقيين وجعلهم في زاوية جدآ ضيقة من اصحاب الافق الضيق !! ولن ابالغ اذا قلت ان بعضنا اصبح يعاني من تعرضه لحالات من التندر من الاخرين من خارج العراق وهم يتفرجون على وضعنا السياسي النادر والفريد !! خاصة عندما يصر رئيس الجمهورية السيد الطلباني على نقل خلافاته ووجهات نظره الشخصية مع رئيس الحكومة السيد الجعفري الى العلن والاعلام , لتضاف اعباء اخرى على الوضع العراق المتأزم والمتاخر اصلآ من كل النواحي , والخاسر الوحيد في كل هذا وغيره هو المواطن البسيط الذي اصبحت حياته جحيم متنوع ومتعدد الوجهات .
لقد كان من النادر والغريب ان يستهدف رئيس الجمهورية في وقت سابق السيد الدكتور ليث كبة الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية وبشكل علني ومن امام شاشات التلفاز , على " اعتبار ان هذا الشخص لايحب الاكراد " ولااعرف صحة هذه الاخبار من اين جاءت وكيف تألفت ! , لكني متاكد من خلق واخلاق والوطنية والمهنية والعراقية الرائعة التي يتمتع بها د. كبة , كل هذه الصفات لم تاتي من فراغ بل انه رجل مبدئي ناضل وسجن وعذب وشرد من النظام الساقط , وهذه وحدها علامات تستحق الاحترام والتقدير لشخصه , وسجله الشخصي احسن بكثير من بعض الذين يعملون" مستشارين" في الدولة العراقية الحالية اما ان له راي شخصي في مسالة معينة فهذا لايجعله هدف بهذه الطريقة الغريبة !! ثم انه معين من قبل رئيس السلطة التنفيذية في العراق الذي هو رئيس الحكومة بغض النظر عن اسمه او الجهة التي يمثلها , لكنه بالتاكيد شخص منتخب من الاغلبية .
وايضآ بعد ذلك بفترة ليست بعيدة هاجم الرئيس الطلباني الرئيس الجعفري على اعتبار " انه يتخذ قرارات فردية دون الرجوع الى مجلس الرئاسة وانه لايمكن الاستمرار بهذا الوضع " . وليس نحن هنا بصدد تقيم العلاقة بين الاثنين ولابموضع الصواب والخطاء اين! لكننا نؤشر الى موضع الخطورة عندما يتم معالجة امور حساسة في بلد وضعه متردي من خلال وسائل الاعلام , وكأن كل ابواب المخاطبة والحوار بينهما قد اقفلت ولن تبقى سوى قناة الجزيرة والعربية وغيرها لتكون الوسيط بنقل الرسائل المتبادلة بين اعلى جهتين رسمية في الدولة العراقية !! ولااعرف ماذا كان يتوقع السيد الطلباني ان تكون الصورة امام الدول الاخرى !! خاصة بعد ان اضيفت لها ايضآ مسالة الشكوى من السيد الجعفري حول عدم تطبيقه للمادة الخاصة بتطبيع الاوضاع في كركوك وايضآ عن طريق وسائل الاعلام الى حد التهديد بعدم الموافقة على اعادة انتخاب الجعفري الى منصب رئيس الحكومة مرة اخرى !! وكان العراق واموره اصبحت مناطة فقط بالقائمة الكردستانية , وتناسى البعض ان على الرئيس الطلباني ان يضمن اولآ موافقة قائمة الائتلاف على ترشيحه لمنصب الرئيس وبدون ذلك لاتمشي الامور . وهنا لابد من الاشارة الى انه لو اجتمعت كل القوائم الاخرى في قائمة واحدة فلم تستطيع ان تجمع الثلثين بدون قائمة الائتلاف وبالتالي لن تكون هناك حكومة , لكن باستطاعة الائتلاف ان يتحد مع اي قائمة اخرى لتوفير الثلثين , ناهيك عن حجم الدعم الشعبي وحركة الشارع العراقي التي تدعم قائمة الائتلاف الوطني . اشير لهذه الحقيقة الدستورية والقانونية والواقعية للتذكير ليس الا .. لان البعض بدأ بشطح فكره بعيدآ عن الواقع على الارض !! يوم الثلاثاء 28/5 لم يمضي بسلام دون قنبلة مدوية من خلال بيان صادر باسم الرئيس الطلباني يعرب عن " استغرابه بسفر السيد رئيس الحكومة الى تركيا دون علم الاطراف الحكومية الاخرى , لذلك نحن نعلن ان العراق غير ملزم باي اتفاق يوقعه رئيس الحكومة مع تركيا !!!" هذه البدعة العراقية الجديدة لايوجد منها حتى في جزيرة الواق واق ولابحكايات الف ليلة وليلة ولااتصور ان السندباد البحري قد مر على مثلها في رحلاته المكوكية !! ماهكذا تساق الابل وماهكذا الدول تؤسس وتبنى ياسادة ياكرام , مثل هذه الامور لها غرفها المغلقة وطاولتها المدورة للنقاش والمحاججة القانونية او حتى العتب على الطريقة العراقية , وليس من مجالاتها ابدآ وسائل الاعلام وهذا العلنية المخجلة والتي بصراحة اكثر لاترفع الراس بعراق جديد !! وهي ايضآ ليست شفافية بل فضائح معيبة بحق العراق , في الوقت الذي يتم فيع تغيب الشفافية الحقيقية عن كثير من الامور الجوهرية في البلد وثرواته وطرق التصرف بها, وايضآ بالتستر على بعض الحرامية الكبار امثال الشعلان ومشعان الجبوري !! نحن لانعرف مع من الخطاء او الصواب وليس في وارد الحكم على ذلك . لكننا ابناء هذا العراق قبل ان تكونواانتم مسؤليين فيه . ولاننا نحرص على صورته المبعثرة والمدمرة مسبقآ فان تصريحات وتصرفات مثل هذه تستفزنا وتحزننا وتثير بنا كل عراقيتنا الاصيلة . وعلى حد علمي ان السيد الجعفري يشكو من الوزراء الاكراد في الحكومة يسافرون ويرجعون بدون علمه ولاامره , لكني لم اسمع ذلك منه على وسائل الاعلام وايضآ الرئيس الطلباني لايعطيه العلم عندما يسافر للخارج !! ومثال بسيط في مؤتمر الوفاق الوطني بالقاهرة غادر من هناك السيد برهم صالح مع الرئيس الطلباني الى طهران دون علم رئيسه المباشر السيد الجعفري , اضافة الى امثلة اخرى كثيرة لااريد الخوض فيها . لكني فقط اريد اشير الى وجود هذا الخلل الرسمي دون العمل على تحديده وعدم تكراره او ايجاد الضوابط اللازمة له . وايضآ لايمكن التصور ان يصدر بيان من رئيس الدولة وكأنه يتكلم عن موظف صغير في مكتبه بهذه الطريقة , لا عن رئيس حكومة العراق المنتخب الذي كان يجلس بذات الوقت مع رئيس الحكومة التركية ووسائل الاعلام تتناقل هذه الكارثة الحقيقة !! هذه نكتة وسابقة عراقية خالصة دون منافس من اي دولة اخرى لنا فيها وهي لم تحدث لافي جمهوريات الموز ولاحتى في دويلات القبائل الصومالية ولاحتى بين زعماء الحرب الافغان ولا عصابات المافيا !! بل هي من واقع يبدوا ان اساسه فيه الكثير من الخطاء لذلك القادم لايبشر بالخير للعراقيين الكرام , المهم السا سة الجدد يثبتون احجامهم و ينفسون مابداخلهم ويستعرضون عضلاتهم علنآ على الجزيرة والعربية , وبعد ذلك لايهم شيئآ ولتنزل صورة العراق الى حيث ماتنزل , ولتصل دماء العراقيين من الارصفة التي شبعت منها وحتى السماء , ولتنتهك حرمات واعراض الناس وتذبح الاطفال وتفجر المقدسات وليحرق كل العراق من راسه حتى قديميه " اذا بقي فيه شيء لم يحرق " كل ذلك يجب ان يهون ويصغر ويستباح امام رغبات هذا التقاطع الغريب والهجين ... ولك الله ياعراق .