رسالة إلى القرضاوي من ربى سامراء
حسين علي جليح * - 8 / 3 / 2006م - 6:01 م
وما زالت الدعوات الطائفية المستهجنة الممررة عبر طيف القداسة «منبر الجمعة» مباركة من أفواه الذين يفترض أنهم عقلاء الأمة وكبارها من نخب ومتخصصين في قضايا الفكر ومسائل العصر وتحدياته، وروائح النتانة أصبحت مشمئزة ومخطط المؤامرة أضحى كالكتاب المفتوح وانفضاح الحقيقي من النظرة تجاه الشيعة بدأ ينكشف ليبان لكل ذي عينين ومن لم تجرفه أعاصير العصبيات المذهبية ومن لم تغره دوائر التشنج الضيقة التي لا يقف تأثيراتها عليهم بل تتجاوز إلى غيرهم من الرعاع والعوام الذين لاحظ لهم من الفهم أو التعقل ونحن هنا نشير إلى ما سمعناه بتاريخ 2422006 من الشيخ القرضاوي كردة فعل وكإعطاء موقف تعليقي على تفجيرات سامراء المشرفة بدأ خطبته بخطاب ناكئ للجراح ومؤجج للقوى الاجتماعية السنية وبتوجيه أصابع الاتهام نحو الشيعة وكيل الاتهامات لهم بأنهم اعتدوا على مساجد أهل السنة وأحرقوا الصحف وفعلوا ما فعلوا ويستنتج لذلك فيكمل ليقول بأن السيستاني ومن معه من آيات النجف الكبار دعوا الناس والأتباع إلى التظاهر وكان عليهم أن يكونوا أشد حزما ًوأكثر صرامةً فلا يدعوهم إلى التظاهر أو التنديد بنعيق النواصب الذي كان على ربى سامراء وتواطؤ زلماي خليل زاده السفياني وما لحق بتصريحاته من أُثر فجر معه الساحة.
مأزق القرضاوي وتناقضاته المحيرة:
1- ألم يسمع القرضاوي او يقرأ ويشاهد بيانات المراجع الشيعية في العالم قاطبة ليشهد على أريحية ورحابة صدرهم وسعة أفقهم وتحملهم لمسؤوليتهم بتحريمهم الرد العنفي والصدامي على كل ما يرمز إلى أهل السنة من مساجد وشخصيات وأهالي مدنيين؟! ثم أليس التظاهر حق طبيعي وبادرة إنسانية لأي شعب حضاري وجماعة مؤمنة تعرض سادتهم وأئمتهم إلى الإهانة والهجوم السمج؟! أهناك قانون مضاد وتشريع سماوي أو أرضي يتصدى ولا يسمح بذلك؟!
2- أولم تدعو أنت نفسك يا شيخ جمهور المسلمين إلى التظاهر لإبداء غضبتهم للنبي محمد بتاريخ 4 محرم الموافق 3 فبراير 2006 وقلت بأن هناك دياييث يقبلون أن تهان كرامة نبيهم وأصول دينهم ولا يحركون ساكناً؟! فكيف تريدنا أن نكون دياييث وأوباش وسلبيين ليس لنا وقفة أو تضامن مع أهل البيت !!
3- زعمت بأنه كان بين المتظاهرين أناس مأجورين ومندسين قد دفع «بضم الدال» لهم الحساب وقبضوا أجورهم وتسلموا مستحقاتهم من الذي وجههم لما فعلوه.
أقول: بشكل مطلق بدون أية معطيات ميدانية على الأرض ما أدراك بأن المندسين شيعة على وجه الخصوص؟؟ ثم لماذا يتناسى ما جرى في مظاهرة الأشرفية عندما تم الاعتداء على كنائس وإحراق سيارات وتخريب للمنشآت المدنية وهو من دعا لها؟؟!! هناك يعني في لبنان اتهم مندسين بالإطلاق ولم يسميهم بينما في العراق الجريح رفع عقيرته متباكياً بشكل مسرحي تلفيقي بأن الشيعة ودون أدنى تردد وبغير قرينة مقنعة أو شاهد مؤكد هم كانوا وراء ما جرى!
4- لماذا كان صوت إدانته هزيلاً لا يسمع وبيان حنقه وغيرته على مقدسات الأمة خافتاً لا يطرحه بقوة عندما فجرت القبة النوراء واستبيح الحرم المفدى وروع أتباع أهل البيت ؟! وأين هو من تهديدات الزرقاوي عندما حدد خصومه: وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2004، أصدر تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين بياناً أشار إلى السكان الشيعة بأنهم «العقبة الكأداء والأفعى المتربصة والعقرب المكار والمخادع والعدو المتجسس والسم الزعاف... إنهم العدو. فاحذروهم. وقاتلوهم، والله، إنهم يكذبون... والحل الوحيد هو أن نضرب كوادرهم الدينية والعسكرية وغيرها من الكوادر في صفوف الشيعة ضربة تلو الأخرى إلى أن ينحنوا أمام السنة...»[1] وقال البيان نفسه إن هناك أربع مجموعات من الناس في العراق يشكلون «أعداءً» - وهم الأمريكيون والأكراد والشيعة وقوات الأمن العراقية. وفيما يتعلق بالأكراد قال البيان: «إنهم غصة «في الحلق» وشوكة لم يأت بعد وقت نزعها. فهم الأخيرون على القائمة، رغم أننا نبذل جهوداً لإيذاء بعض رموزهم، بمشيئة الله».[2]
وفي 18 مايو/ أيار 2005 دافع أبو مصعب الزرقاوي عن قتل المسلمين في الهجمات الانتحارية التي تُشن ضد القوات متعددة الجنسية التي تقودها الولايات المتحدة، وفقاً لشريط مسجل نُسب إليه. وقد صرح قائلاً إن: «قتل الكفار بأية وسيلة كانت بما فيها عمليات الشهادة قد حظي بمباركة العديد من العلماء حتى إذا كان يعني قتل مسلمين أبرياء. وقد تم الاتفاق على هذه الشرعية... حتى لا يتعطل الجهاد... فحماية الدين أهم من حماية أرواح «المسلمين» أو شرفهم أو ثروتهم... وسفك دماء المسلمين... مباح من أجل تجنب الشر الأكبر المتمثل بتعطيل الجهاد».
الشيعة عقبة كأداء وشر مطلق ومكر شرير وخبث لا يتوقف مداه ولا شيء منك يا وحدوي ويا صاحب المبادرات الخلاقة التي هي محصورة باتجاه دون الآخر.
4- أليس أنت يا شيخ كما وصفك الأكاديميون المسلمون كما سموا أنفسهم من لاهو تي الحروب في الوثيقة التي رفعوها إلى منظمة الأمم المتحدة في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2004؟! وقد كتب عبد الرحمن الراشد مقالأ يطالب فيه القرضاوي بالكف عن استدراج الأطفال لتفخيخ عقولهم وتفجير أنفسهم وتدمير مستقبلهم والسير نحو المجهول الأسود الذي سيجر الوبال عليهم وعلى غيرهم من الأبرياء المستضعفين[3] .
5- لا نلوم الشيخ في ازدواجيته المفضوحة بشرط مضحك وهو عندما نقلب أوراق كتابه «تاريخنا المفترى عليه» فقد أشاد بالحجاج وبرأه من تهمه وجعله طاهراً مطهراً كيوم ولدته أمه لإثبات أن الشريعة لم تطبق في عهد الخلفاء الراشدين فقط في صدر الإسلام وإنما امتدت المدينة الفاضلة والمجتمع الإسلامي الأكمل واليوتوبيا العجيبة في الخلافة الأموية العادلة الفتية دوماً والعهد العباسي القوي العتيد، مادح الحجاج والذي نصب نفسه محكاً برتبة جارد وكاشف التاريخ المفترى عليه وكيل الله في أرضه لا يلام كثيراً لأنه من لم يعتبر جيداً ويتدبر ملياً في الماضي والأيام الخوالي لن يفلح في مساعيه لفهم دواخل ومجريات ومضاعفات الواقع المعاش.
6- الشيخ القرضاوي ومعه الدليمي الذي تفضل هو الأخر بتصريح هو: «ما تعرضت له مساجدنا أكبر ذنباً من تفجير قبة الإمام الهادي»[4] لم يعيا حقيقة مهمة هي من هما الإمام العسكريين ؟؟
الإمام علي بن محمد الهادي :
قال الخطيب: أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله إلى بغداد، ثمّ إلى سرّ من رأى، فقدمها وأقام فيها عشرين سنة وتسعة أشهر، ولذا عرف بالعسكري[5] ، وقال الذهبي: كان المتوكل فيه نصب وانحراف[6] ، وقد شهد أعلام أهل السنّة بفقه الامام الهادي وعبادته وزهده، قال اليافعي: كان الامام علي الهادي متعبّداً فقيهاً إماماً[7] ، وقال ابن كثير: كان عابداً زاهداً[8] ، وكان أعلم علماء عصره، وقد ظهرت منزلته العلميّة في قضيّة اتّفقت للمتوكل عجز العلماء عن إعطاء الرأي الصحيح فيها، وكان الرأي في تلك القضية للامام ، ذكر القضيّة الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد[9] .
الإمام الحسن بن علي العسكري :
كان أكثر عمره تحت النظر، وكان الناس ممنوعين من الالتقاء به، والاستفادة منه، وحال الحكام دون أن تظهر علوم هذا الامام للاُمّة، ومع ذلك فقد ظهرت منه فوائد، وظهرت منه كرامات، ونقلت عنه روايات كثيرة، وبإمكانكم المراجعة إلى كتاب حلية الأولياء وإلى لسان الميزان[10] ، إلى الفصول المهمّة في معرفة الائمّة[11] وإلى الصواعق المحرقة[12] وإلى نور الابصار[13] والى روض الرياحين لليافعي[14] وإلى جامع كرامات الأولياء للنبهاني[15] ، وغير هذه الكتب[16] .
وأيضا أين الدليمي عن قانون تبعية المراقد المشرفة والأماكن المقدسة الذي يحدد أي جهة التي تديرها وتشرف عليها وتقف عند احتياجاتها؟![17]
ومضة ختامية:
عالمنا الإسلامي اليوم أحوج إلى العدل منه إلى صب النار على الزيت، والرجال الأوفياء مواقف عند الإحن والمحن لا تأخذهم الأهواء ولا ترميهم رياح الانصياع لرغبات شخوص التطرف النشط الذي سيغرس في جنبات العقل فقط إذا أهمل علاجه وتمادى البعض في غيه وتناسيه للجاني وقصده تبديل الخانات ليكون المجني عليه هو الجاني، ولكن سيقبل يوم يكون الفارس فيه هو الراعي للقسط والحاكم به والداعي له والمحافظ عليه هو آية الرحمة وكلمة التقوى وترجمان القرآن الحي إمامنا وسيدنا محمد بن الحسن العسكري «أرواحنا لتراب مقدمه الفداء» الذي سنظل ننتظره بعيون مترقبة لنكون معه في سبيل الله لا البعض الذين تزحلقوا فتحالفوا مع شياطين الإنس والجن ولكن كما قال أمير المؤمنين :«الحرب جولة».
http://rasid.com/artc.php?id=10211